جدل جزائري حول اعتراض بوتفليقة على قانون اقترحه أويحيى

TT

جدل جزائري حول اعتراض بوتفليقة على قانون اقترحه أويحيى

هوَّن رئيس الوزراء الجزائري أحمد أويحيى، من جدل أثارته الصحافة المحلية، يتعلق بإلغاء اجتماع لمجلس الوزراء كان مقرراً أمس للمصادقة على قانون الموازنة التكميلي. فبينما كتبت صحف ومواقع إلكترونية محلية أن الرئيس عبد العزيز بوتفليقة «طلب مراجعة جذرية للقانون»، ذكر أويحيى أن «الأمر لا يعود أن يكون إدخال تحسينات على النص، وستتمم مناقشته في مجلس الوزراء في غضون أسبوعين».
ونقلت مصادر حكومية بأن بوتفليقة تحفظ على مضمون النص القانوني؛ فهو يتناول رسوماً وضرائب إضافية تتحملها فئات واسعة من أصحاب الدخل المتوسط والمحدود، تتعلق بمواد غذائية مستوردة (مشروع القانون يقترح رسماً بـ200 في المائة من قيمة البضاعة المستوردة)، وبوثائق مهمة في الحياة اليومية للمواطنين كـ«البطاقة الرمادية» في حال شراء سيارة جديدة أو مستعملة، ورخصة القيادة، ورسوماً كثيرة على عدة مواد.
ونقلت المصادر عن الرئيس أنه طلب من الحكومة، التفكير في حلول أخرى لمواجهة عجز الخزينة العمومية وميزان المدفوعات، بدل «استهداف جيب المواطن».
ويبدو أويحيى، في هذا الجدل، هو المستهدف بحكم ما عُرِف عنه خلال 4 مرات ترأس فيها الحكومة، من اتخاذ تدابير وإجراءات تكون في الغالب «لا شعبية»، وعلى هذا الأساس يوجد رفض شعبي مبدئي لاحتمال أن يترشح أويحيى للرئاسة، بمناسبة الانتخابات المنتظرة العام المقبل.
وصرَّح رئيس الوزراء أن تحسن أسعار النفط في الأيام الأخيرة، لن يدفع الحكومة إلى التخلي عن سياسة التقشف التي تعمل بها منذ 4 سنوات، فيما لا يظهر في الأفق أي خطة جادة للبحث عن بديل للريع النفطي.
واستبعد أويحيى، في لقاء بصحافيين على هامش انطلاق «معرض الجزائر الدولي» السنوي، للمنتجات، أن يكون الرئيس رفض القانون، وهوَّن من الأمر قائلاً إن بوتفليقة «أراد أن يطلع بتأنٍّ على النصر قبل مناقشته والتصويت عليه بالبرلمان».
ويرى مراقبون بأن اعتراض بوتفليقة على النص الأول لقانون الموازنة التكميلي، يندرج في سياق التحضير لإعلان ترشحه لولاية خامسة، وبالتالي فهو يغازل أصوات الجزائريين بطمأنتهم بأنهم لن يتحمّلوا إرهاصات الأزمة المالية الخانقة، التي تمثلت في تراجع مداخيل البلاد إلى النصف تقريباً (من 60 مليار دولار إلى 33 مليار دولار).
وأعلن الرئيس مطلع العام عن اللجوء إلى «التمويل غير التقليدي» للموازنة عن طريق طبع كمية كبيرة من الأوراق النقدية، مع ما يحمله ذلك من احتمال قوي لارتفاع معدلات التضخم، وما ينجم عنه من ارتفاع المواد الاستهلاكية في السوق.
إلى ذلك، أعلن حزب «طلائع الحريات» المعارض في بيان، أن رئيسه علي بن فليس، وهو رئيس وزراء سابق استقبل أمس بمقر الحزب بالعاصمة سفير بلجيكا لدى الجزائر، وأنه «أحاطه بمواقفه من القضايا الحالية في البلاد».
وتحدث بن فليس خلال اللقاء، عن أهمية «إعادة تشكيل وعصرنة النظام السياسي، في إطار بناء دولة القانون بالمقاييس المعروفة عالمياً».
ودعا، حسب البيان، إلى «التجديد الاقتصادي برفع القيود عن الاقتصاد الوطني، وبناء اقتصاد متفتح ومتنوع، وقادر على المنافسة ومنتج للثروة، ومدمج في الاقتصاد العالمي ومحرر من الضغوط البيروقراطية والرشوة».
وتتضمن رؤية بن فليس، أيضاً، بحسب البيان، «إصلاحاً اجتماعياً بما يستجيب وضرورات التطور والترابط الاجتماعيين، وبما يضمن تساوي الحظوظ، ويولي أهمية قصوى للإنسان الذي يشكل الفاعل المؤسس للتنمية الاقتصادية والاجتماعية»، مشيراً إلى أن «الوضع السياسي والاقتصادي والاجتماعي السائد في بلادنا، يتميز بانسداد سياسي وبأزمة اقتصادية ومالية حادة وبوضع اجتماعي جد صعب».
وحل الأزمة، يكون حسب رئيس «الطلائع»، بـ«إطلاق حوار شامل يجمع ممثلي السلطة السياسية القائمة، والأحزاب والشخصيات السياسية الوطنية وممثلي المجتمع المدني، لإعداد ورقة طريق متفق عليها، من شانها الدفع بالبلاد إلى بناء نظام سياسي ديمقراطي ودولة القانون ومجتمع متضامن».



ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
TT

ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)

احتفل سكان دمشق بسقوط نظام بشار الأسد بعد حرب وحشية استمرت 13 عاماً، لكن أصحاب أماكن السهر في المدينة اعتراهم القلق وهم يعيدون فتح أبواب حاناتهم وملاهيهم.

فقد قادت «هيئة تحرير الشام» فصائل المعارضة التي أطاحت بنظام الأسد، وكانت هناك خشية لدى بعض الناس من أن تمنع الهيئة شرب الكحول.

ظلت حانات دمشق ومحلات بيع الخمور فيها مغلقة لأربعة أيام بعد دخول مقاتلي «هيئة تحرير الشام» المدينة، دون فرضهم أي إجراءات صارمة، والآن أعيد فتح هذه الأماكن مؤقتاً.

ما يريده صافي، صاحب «بابا بار» في أزقة المدينة القديمة، من الجميع أن يهدأوا ويستمتعوا بموسم عيد الميلاد الذي يشهد إقبالاً عادة.

مخاوف بسبب وسائل التواصل

وفي حديث مع «وكالة الصحافة الفرنسية» في حانته، اشتكى صافي، الذي لم يذكر اسم عائلته حتى لا يكشف عن انتمائه الطائفي، من حالة الذعر التي أحدثتها وسائل التواصل الاجتماعي.

فبعدما انتشرت شائعات أن المسلحين المسيطرين على الحي يعتزمون شن حملة على الحانات، توجه إلى مركز الشرطة الذي بات في أيدي الفصائل في ساحة باب توما.

وقال صافي بينما كان يقف وخلفه زجاجات الخمور: «أخبرتهم أنني أملك حانة وأود أن أقيم حفلاً أقدم فيه مشروبات كحولية».

وأضاف أنهم أجابوه: «افتحوا المكان، لا مشكلة. لديكم الحق أن تعملوا وتعيشوا حياتكم الطبيعية كما كانت من قبل»، فيما كانت الموسيقى تصدح في المكان.

ولم تصدر الحكومة، التي تقودها «هيئة تحرير الشام» أي بيان رسمي بشأن الكحول، وقد أغلق العديد من الأشخاص حاناتهم ومطاعمهم بعد سقوط العاصمة.

لكن الحكومة الجديدة أكدت أيضاً أنها إدارة مؤقتة وستكون متسامحة مع كل الفئات الاجتماعية والدينية في سوريا.

وقال مصدر في «هيئة تحرير الشام»، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، طلب عدم كشف هويته، إن «الحديث عن منع الكحول غير صحيح». وبعد الإلحاح عليه بالسؤال شعر بالغضب، مشدداً على أن الحكومة لديها «قضايا أكبر للتعامل معها».

وأعيد فتح «بابا بار» وعدد قليل من الحانات القريبة، لكن العمل محدود ويأمل صافي من الحكومة أن تطمئنهم ببيان يكون أكثر وضوحاً وقوة إلى أنهم آمنون.

في ليلة إعادة الافتتاح، أقام حفلة حتى وقت متأخر حضرها نحو 20 شخصاً، ولكن في الليلة الثانية كانت الأمور أكثر هدوءاً.

وقال إن «الأشخاص الذين حضروا كانوا في حالة من الخوف، كانوا يسهرون لكنهم في الوقت نفسه لم يكونوا سعداء».

وأضاف: «ولكن إذا كانت هناك تطمينات (...) ستجد الجميع قد فتحوا ويقيمون حفلات والناس مسرورون، لأننا الآن في شهر عيد الميلاد، شهر الاحتفالات».

وفي سوريا أقلية مسيحية كبيرة تحتفل بعيد الميلاد، مع تعليق الزينات في دمشق.

في مطعم العلية القريب، كان أحد المغنين يقدم عرضاً بينما يستمتع الحاضرون بأطباق من المقبلات والعرق والبيرة.

لم تكن القاعة ممتلئة، لكن الدكتور محسن أحمد، صاحب الشخصية المرحة والأنيقة، كان مصمماً على قضاء وقت ممتع.

وقال لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «كنا نتوقع فوضى عارمة في الموقف»، فيما كانت الأضواء تنعكس على ديكورات المطعم، مضيفاً: «لكننا عدنا سريعاً إلى حياتنا، حياتنا الليلية، وحقوقنا».

حفلة مع مغنٍ

وقال مدير المطعم يزن شلش إن مقاتلي «هيئة تحرير الشام» حضروا في ليلة إعادة الافتتاح ولم يغلقوا المكان.

وأضاف: «بدأنا العمل أمس. كانت الأمور جيدة جداً. كانت هناك حفلة مع مغنٍ. بدأ الناس بالتوافد، وفي وسط الحفلة حضر عناصر من (هيئة تحرير الشام)»، وأشار إلى أنهم «دخلوا بكل أدب واحترام وتركوا أسلحتهم في الخارج».

وبدلاً من مداهمة المكان، كانت عناصر الهيئة حريصين على طمأنة الجميع أن العمل يمكن أن يستمر.

وتابع: «قالوا للناس: لم نأتِ إلى هنا لنخيف أو نرهب أحداً. جئنا إلى هنا للعيش معاً في سوريا بسلام وحرية كنا ننتظرهما منذ فترة طويلة».

وتابع شلش: «عاملونا بشكل حسن البارحة، نحن حالياً مرتاحون مبدئياً لكنني أخشى أن يكون هذا الأمر آنياً ولا يستمر».

ستمارس الحكومة الانتقالية الجديدة في سوريا بقيادة «هيئة تحرير الشام» عملها حتى الأول من مارس (آذار). بعد ذلك، لا يعرف أصحاب الحانات ماذا يتوقعون.