تراجع قيمة الصفقات في القطاع العقاري السعودي

سجلت التداولات العقارية في السعودية انخفاضات في قيمة الصفقات بشكل سنوي منذ عام 2014 (تصوير: خالد الخميس)
سجلت التداولات العقارية في السعودية انخفاضات في قيمة الصفقات بشكل سنوي منذ عام 2014 (تصوير: خالد الخميس)
TT

تراجع قيمة الصفقات في القطاع العقاري السعودي

سجلت التداولات العقارية في السعودية انخفاضات في قيمة الصفقات بشكل سنوي منذ عام 2014 (تصوير: خالد الخميس)
سجلت التداولات العقارية في السعودية انخفاضات في قيمة الصفقات بشكل سنوي منذ عام 2014 (تصوير: خالد الخميس)

سجل القطاع العقاري السعودي منذ بداية العام انخفاضاً في إجمالي قيمة الصفقات بنسبة قاربت 29.7 في المائة، لتستقر قيمة الصفقات العقارية عند 13.6 مليار دولار، مقارنة بنحو 19.3 مليار دولار خلال الفترة ذاتها من العام الماضي.
ويتضح من خلال المؤشرات العقارية انخفاض كل الأنشطة بلا استثناء مع الاختلاف في نسبها، إلا أن هذا النزول يأتي امتداداً لما يحدث في السوق خلال السنوات الأربع الأخيرة التي بدأت حركة السوق التصحيحية، والتي تسير بشكل عكسي لتحقق انخفاضات متتالية في قيمة وعدد الصفقات.
وألقت رسوم الأراضي وضريبة القيمة المضافة بظلالها على المشهد العقاري العام من ناحية القيمة والعرض والطلب، مدفوعةً بالمستويات المنخفضة أيضاً في الطلب على القطاع التجاري منها، الذي طالما كان بعيداً عن الانخفاضات السوقية حتى بداية العام الماضي، حيث كان محافظاً على مستويات جيدة مقارنة بالسكني الذي تتفاوت حركته اهتزازاً بشكل دوري، كما أن لدخول وزارة الإسكان دوراً كبيراً في الضغط نحو الاتجاه الصحيح عبر فرض التشريعات التقييدية ودخولها مطوراً غير ربحي عبر برنامج «سكني» تحديداً الذي ظل منتظماً في دفعاته للعام الثاني على التوالي.
وأكد ذلك عبد العزيز الشمري المدير العام لشركة المدلول للتطوير العقاري، الذي أشار إلى أن انخفاض قيمة الصفقات متناقص بشكل سنوي منذ عام 2014، والذي يعتبر الأقوى على الإطلاق خصوصاً في العقد الأخير، إذ إن الحديث عن انخفاض قيمة الصفقات لا يعتبر جديداً، بل إنه متزايد من عام لآخر بانتظار انخفاض مناسب للأسعار بعد موجة التضخم التي ضربت السوق خلال السنوات الأخيرة، وبدأ بشكل تدريجي الانحسار، ويتضح ذلك جلياً في الجدول الدوري لأسعار المناطق والمدن في جميع الأنشطة العقارية، وخصوصاً الأراضي التي تأثرت بشكل كبير.
وأضاف الشمري أن السوق تشهد نزولاً ملحوظاً في الأسعار تماشياً مع الطلب لمستويات معقولة ومغرية، خصوصاً أن السوق بدأت فعلياً بدفع فواتير الرسوم، وهو القرار الذي يشهد زخماً كبيراً في السوق والأسعار وقتياً بدليل تسييل كميات كبيرة من الأراضي الفترة الماضية.
وتابع: «إلا أن ما يميز هذا الربع أن هناك انخفاضاً ملحوظاً في القيمة، رغم أنه غير مكافئ للانخفاض في الطلب، ما يوحي بأن هناك انخفاضات مقبلة في القيمة بعد أكبر سلسلة ارتفاعات شهدها القطاع العقاري السعودي»، لافتاً إلى أن ما يحدث الآن ما هو إلا تصحيح للوضع العقاري الذي بدأت ملامح السيطرة عليه تتضح.
وأنهت السوق العقارية المحلية أداءها خلال أبريل (نيسان) من العام الحالي، على انخفاض سنوي في إجمالي قيمة صفقاتها بلغت نسبته 26.0 في المائة، ليستقر إجمالي قيمة الصفقات العقارية بنهاية الشهر عند مستوى 3.3 مليار دولار، مقارنة بمستواه المسجل خلال الشهر نفسه من العام الماضي عند 4.4 مليار دولار، وجاء الانخفاض بنسبة أكبر على حساب قيمة صفقات القطاع التجاري، التي سجلت انخفاضاً سنوياً وصلت نسبته إلى 34.5 في المائة، مقارنة بانخفاض قيمة صفقات القطاع السكني بنسبة 22.9 في المائة.
وفي صلب الموضوع، أشارت جنا الزعاقي التي تدير عدداً من الاستثمارات العقارية فيما يخص الوحدات السكنية الجاهزة، إلى أن فقد السوق ما يلامس 30 في المائة مقارنة بالفترة ذاتها من العام الماضي، معدل كبير يحتاج إلى تدعيم أكبر من ناحية انخفاض ملائم للسعر، على الرغم من سعي الدولة إلى احتواء الأسعار وإعادتها إلى ما كانت عليه عبر سن التشريعات التي تدعو إلى ذلك.
وأضافت: «إلا أن الحلقة المفقودة تتمثل في ارتفاع أسعار العقار إلى مستويات كبيرة، ما يعكس الحال في السوق التي تعيش أياماً عصيبة في ظل شح السيولة لدى المشترين، خصوصاً للقطاع السكني الذي يعيش أياماً عصيبة في ظل عدم وضوح الرؤية، بانتظار ما تفضي إليه الرسوم عبر انخفاض حقيقي في الأسعار، وبالتالي التمكن من الشراء، وأن المشكلة الحقيقية تكمن في الفجوة بين قدرة المشتري وسعر البائع، وهو ما تحاول الدولة إيجاد توافق فيه بطرق مختلفة».
وزادت الزعاقي: «الحديث عن فتح خيارات تمويل سواء كانت حكومية أو غير حكومية غير مجدٍ في هذا التوقيت بالذات في ظل ارتفاع أسعار العقار لأكثر من قيمته الحقيقية رغم انخفاضها منذ نهاية العام قبل الماضي، إلا أنها ليست ملائمة لحال السوق والمعدلات الحقيقية للطلب المرتبط بالشراء».
ولفتت إلى أن الانخفاض جاء بعد توقف الطلب أو تقلصه إلى حد كبير بضغط من الواقع الذي يعجز المستثمرون على تطويره والسيطرة عليه لتحريك السوق وفتح جبهات استثمارية جديدة، تمكنهم من جني الأرباح بشكل مضاعف، وهو ما لا سيحدث في حال استمرار الأسعار مرتفعة.
وجاءت بقية مؤشرات أداء السوق العقارية الأخرى بنهاية أبريل الماضي، مقارنة بالشهر نفسه من العام الماضي، على النحو الآتي: انخفاض سنوي لأعداد الصفقات العقارية بنسبة 2.5 في المائة، لتستقر بنهاية الشهر عند مستوى 19.9 ألف صفقة عقارية، وانخفاض سنوي لأعداد العقارات المبيعة بنسبة 2.9 في المائة، استقرت معه بنهاية الشهر عند أدنى 19.9 ألف عقار مبيع. في المقابل، سجلت مساحات الصفقات العقارية ارتفاعاً سنوياً بنسبة 2.2 في المائة، واستقرت مع نهاية الشهر عند 455 مليون متر مربع.
من جهته، أشار أحمد الدريس الذي يدير شركة «مستقبل بناء» العقارية، إلى أن الضغوطات ترمي إلى خفض الأسعار لتكون في متناول الجميع وهو ما يحصل الآن، ورغم عدم ملاءمة الأسعار إلى حد كبير مع قدرات المشترين، فإنه يعتبر أن هناك تفاؤلاً نحو واقع جديد، يفتح فرضية وقوع مزيد من الانخفاضات خلال الفترة المقبلة في ظل تبلور الأسباب المؤدية إلى ذلك.
وبين أن الاستجداء بالتمويلات العقارية لن يكون مجدياً، خصوصاً أن جوهر الحركة يكمن في قيمة العقار التي تعتبر مرتفعة وأكبر من قدرة شريحة كبيرة من الراغبين في التملك، وأن الانخفاض الملحوظ في إطلاق المشاريع التجارية التي باتت محدودة بشكل ملحوظ يعكس حال السوق.
وأضاف الدريس أن المستثمرين العقاريين الآن يعيدون النظر في أسعار ما يمتلكونه أو يعرضونه من عقارات بعد انخفاض الطلب لمستويات كبيرة، مبيناً أن المواطنين يتريثون بالشراء في الوقت الحالي لحين البت فيما ستفضي إليه الخطوات الحكومية المقبلة التي باتت تفاجئ المستثمرين وتسحب البساط من تحت أرجلهم، وأن العمليات الحكومية الأخيرة ستثري بشكل كبير في ميزان العرض الذي يعيش تناقصاً كبيراً بالنسبة للطلب الذي يفوق قدرة الجميع.
وبالنسبة إلى الأداء الأسبوعي، ارتفع عدد الصفقات العقارية بنسبة 6.6 في المائة، ليستقر عند مستوى 4645 صفقة عقارية، مقارنة بانخفاضه خلال الأسبوع الأسبق بنسبة 5.6 في المائة. وانخفض عدد العقارات المبيعة خلال الأسبوع بنسبة 2.5 في المائة، ليستقر عند 4819 عقاراً مبيعاً، مقارنة بارتفاعه خلال الأسبوع الأسبق بنسبة 4.4 في المائة. بينما ارتفعت مساحة الصفقات العقارية بنسبة قياسية بلغت 127.6 في المائة، مستقرة عند 116.7 مليون متر مربع، مقارنة بانخفاضها خلال الأسبوع الأسبق بنسبة 66.9 في المائة.



تأثيرات «كورونا» تظهر على العقارات المصرية

سوق العقارات المصرية تأثرت بالمخاوف من انشار الفيروس
سوق العقارات المصرية تأثرت بالمخاوف من انشار الفيروس
TT

تأثيرات «كورونا» تظهر على العقارات المصرية

سوق العقارات المصرية تأثرت بالمخاوف من انشار الفيروس
سوق العقارات المصرية تأثرت بالمخاوف من انشار الفيروس

بعد الانتشار المتزايد لفيروس «كورونا المستجد» في معظم أنحاء العالم، يحذّر خبراء الاقتصاد من التداعيات السلبية التي يشهدها الاقتصاد العالمي خصوصاً بعد الإجراءات الاحترازية التي اتخذتها الدول ومن بينها إغلاق الحدود وتعليق الرحلات الجوية والبحرية، وهو ما امتد بدوره إلى قطاع العقارات في مصر، حيث تشهد السوق العقارية في البلاد حالياً تراجعاً في نسب المبيعات، بالإضافة إلى إلغاء فعاليات ومؤتمرات تسويقية عقارية.
ويؤكد مستثمرون عقاريون مصريون من بينهم المهندس ممدوح بدر الدين، رئيس مجلس إدارة شعبة الاستثمار العقاري بالاتحاد العام للغرف التجارية، أن «القطاعات الاقتصادية تشهد تباطؤاً وجموداً حاداً في الآونة الأخيرة، وهذا سيكون له تبعاته على سوق العقار»، ويقول لـ«الشرق الأوسط»: «أتوقع أن تخرج مصر من الأزمة سريعاً، وبأقل الخسائر نتيجة للإجراءات الاحترازية التي اتخذتها أخيراً للحد من انتشار المرض».
وشهدت سوق مبيعات العقارات في مصر «تراجعاً نسبياً منذ بداية أزمة كورونا»، وفق الخبير والمسوق العقاري محمود سامي، الذي قدّر «نسبة التراجع في مستويات البيع والشراء، بنسبة تتراوح من 20 إلى 30%، في بداية الأزمة، لتصل إلى 50% مع نهاية الأسبوع الماضي، مع اتخاذ مصر وعدد من الدول العربية إجراءات احترازية جريئة للحد من انتشار المرض».
ورغم أن مؤشرات الطلب على شراء العقارات التي تقاس وفق حجم الطلب على المواقع الإلكترونية المخصصة لبيع وشراء العقارات، لم تعكس هذا التراجع في شهر فبراير (شباط) الماضي، وفقاً لمؤشر موقع «عقار ماب» المتخصص في السوق العقارية، بعدما سجل ثبات مستوى الطلب على العقارات في شهري يناير (كانون الثاني) وفبراير الماضيين، لكن المؤشر أوضح أنه «كان هناك تزايد في الطلب في النصف الأول من شهر فبراير، إلا أن هذا التزايد تراجع في الأسبوعين الأخيرين ليستقر المؤشر عند نفس معدل الشهر السابق»، ولا توجد إحصائيات واضحة عن شهر مارس (آذار) الجاري، والذي تفاقمت فيه أزمة «كورونا».
وعكس ما يؤكده المسوق العقاري محمود سامي، من وجود تراجع في نسب مبيعات العقارات في مصر، يقول الدكتور ماجد عبد العظيم، أستاذ الاقتصاد والخبير العقاري، أن «السوق العقارية في مصر لم تتأثر حتى الآن بأزمة (كورونا)»، وأضاف لـ«الشرق الأوسط»: «لا يوجد ارتباط بين فيروس (كورونا) والعقارات، فمن يريد شراء شقة سيفعل ذلك»، مشيراً إلى أن «السوق العقارية المصرية تعاني من حالة ركود بدأت منذ نحو أربعة أشهر، وتظهر ملامحها في العروض التسويقية التي تقدمها شركات العقارات، ومن بينها زيادة عمولة المسوقين العقاريين، والإعلان عن تسهيلات في السداد تصل إلى عشر سنوات من دون مقدم، والدفعة الأولى بعد التسلم»، لافتاً إلى أن «حالة الركود هذه سببها الرئيسي زيادة المعروض، وارتفاع الأسعار بشكل مبالغ فيه».
ورغم أن العاملين في التسويق العقاري لا ينكرون وجود حالة ركود في السوق، فإنهم يرون أن المسألة تزايدت مع الخوف من انتشار «كورونا»، حتى حدث «انكماش في السوق العقارية»، على حد تعبير سامي الذي أوضح أن «شركات التسويق العقاري تأقلمت مع حالة الركود، ونفّذت عمليات إعادة هيكلة وتقليص لعدد الموظفين والمقرات»، مضيفاً: «ما نشهده الآن مختلف، فهناك حالة شلل لم نشهدها من قبل إلا مع ثورتي 30 يونيو (حزيران) 2013، و25 يناير 2011. وإن كان ما نشهده حالياً أكثر حدة، فهناك إلغاء لحجوزات ومواعيد معاينات للوحدات العقارية، وتأجيل لقرارات الشراء بشكل عام حتى انتهاء الأزمة واتضاح الرؤية».
ولا يقتصر تأثير انتشار «كورونا» على حركة البيع والشراء في قطاع العقارات، بل من المتوقع أن «ينعكس التأثير على اقتصاد الشركات العقارية واستثماراتها» حسب بدر الدين، الذي أشار إلى أن «قطاع النفط تأثر بصورة كبيرة خصوصاً بعد إصرار منظمة (أوبك) على عدم تقليل إنتاجها، ليهبط سعر البرميل إلى أقل من 30 دولاراً، ما سبب خسائر للمستثمرين والصناديق العالمية، وترتبت على ذلك انخفاضات في أسعار مواد البناء وبالتالي فإن أي مستثمر لديه مخزون من هذه السلع، سيحقق خسائر بلا شك».
وتماشياً مع قرارات الحكومة المصرية إلغاء التجمعات، تم تأجيل مؤتمر ومعرض «سيتي سكيب مصر للتسويق العقاري»، الذي يعده الخبراء أحد أكبر معارض التسويق العقاري في مصر، والذي كان من المقرر عقده في منتصف الشهر الجاري، لتكتفي الشركات العقارية بالعروض التسويقية التي تقدمها وتعلن عنها إلكترونياً أو تلفزيونياً.
والتأجيل يحمي شركات العقارات من خسائر متوقعة، نظراً لصعوبة حضور العملاء، مما سيؤثر بشكل سلبي على صورة القطاع العقاري، حسب بدر الدين.
ويخشى العاملون في السوق العقارية من استمرار الأزمة فترة طويلة، وهو ما سيؤدي إلى خسائر كبيرة في القطاع، قد تضطر الشركات إلى عمليات إعادة هيكلة وتخفيض عمالة -على حد تعبير سامي- الذي قال إن «الشركات تأقلمت مع انخفاض المبيعات خلال الشهور الماضية، لكن لو استمر الوضع الحالي لمدة شهر، فالمسألة ستكون صعبة وقد تؤدي إلى إغلاق شركات وتسريح موظفين، حيث ستحتاج كل شركة إلى تخفيض نفقاتها بنسبة 40% على الأقل».
ورغم تأكيدات عبد العظيم أنه لا يوجد تأثير لأزمة «كورونا» على السوق العقارية حتى الآن، فإنه يقول: «إذا تفاقمت أزمة (كورونا) فستكون لها تأثيرات على جوانب الحياة كافة، ومنها العقارات»، وهو ما يؤكده بدر الدين بقوله إن «العالم كله سيشهد تراجعاً في معدلات النمو الاقتصادي».