{الصحة العالمية}: 7 ملايين شخص ضحايا الهواء الملوث سنوياً

مستويات التلوث أعلى 5 مرات في منطقة شرق البحر الأبيض المتوسط

{الصحة العالمية}: 7 ملايين شخص ضحايا الهواء الملوث سنوياً
TT

{الصحة العالمية}: 7 ملايين شخص ضحايا الهواء الملوث سنوياً

{الصحة العالمية}: 7 ملايين شخص ضحايا الهواء الملوث سنوياً

قال تقرير حديث لمنظمة الصحة العالمية، إن نحو 7 ملايين شخص يموتون كل عام بسبب التعرض للهواء الملوث. وأظهرت بيانات جديدة للمنظمة أن 9 من كل 10 أشخاص يتنفسون الهواء الذي يحتوي على مستويات عالية من الملوثات.

تلوث قاتل
وعددت المنظمة في بيانها الصحافي الصادر باللغة الإنجليزية، النتائج الرئيسية لدراستها، وهي:
* 90 في المائة من سكان العالم يتنفسون هواء ملوثا. وقد ظلت مستويات تلوث الهواء الخارجي (خارج المنازل) عالية ومحافظة على استقرار مستوياتها تقريبا، على مدى السنوات الست الأخيرة. وسجل انخفاض لمستويات التلوث في مناطق من أوروبا والأميركيتين.
* سجل أعلى مستوى للتلوث في منطقتي شرق البحر الأبيض المتوسط وجنوب شرقي آسيا، بمتوسط معدلات تزيد في الغالب بـ5 مرات عن المستويات التي حددتها منظمة الصحة العالمية، ثم في المدن منخفضة ومتوسطة الدخل في دول أفريقيا وغرب المحيط الهادي.
* تفتقر أفريقيا إلى بيانات مؤكدة حول التلوث، إذ لم تجمع بيانات عنه سوى في 8 من أصل 47 دولة؛ بينما جمعت في أوروبا أكثر البيانات عن التلوث.
* رصدت أقل مستويات التلوث في الدول الغنية، خاصة في أوروبا والأميركيتين وغرب المحيط الهادي.
* في مدن الدول الغنية، أدى التلوث الجوي إلى خفض متوسط طول العمر، ما بين شهرين إلى سنتين حسب مستويات التلوث.
وحسب تقرير للمنظمة نشر أمس الأربعاء، تسبب تلوث الهواء خارج المنازل وحده في نحو 4.2 مليون حالة وفاة في عام 2016. بينما تسبب تلوث الهواء المنزلي من الطهي باستخدام الوقود والتقنيات الملوثة في وفاة ما يقدر بنحو 3.8 مليون شخص في الفترة نفسها. وتعد هذه الأرقام مماثلة لعدد الوفيات المسجلة في دراسة سابقة نشرت قبل عامين.
ووفقاً لدراسة منظمة الصحة العالمية، لا تزال مستويات تلوث الهواء مرتفعة بشكل خطير في مناطق كثيرة من العالم. ونقلت وكالة الصحافة الألمانية عن المدير العام لمنظمة الصحة العالمية تيدروس أدانوم جبريسوس: «تلوث الهواء يهددنا جميعا؛ لكن أفقر الناس وأكثرهم تهميشا يتحملون العبء الأكبر». وأضاف: «من غير المقبول أن ما يزيد عن 3 مليارات شخص، معظمهم من النساء والأطفال، ما زالوا يتنفسون الدخان القاتل كل يوم من استخدام المواقد الملوثة والوقود في منازلهم. وإذا لم نتخذ إجراءً عاجلاً بشأن تلوث الهواء، فلن نقترب أبداً من تحقيق التنمية المستدامة».

مدن ملوثة
وترصد المنظمة مستويات تلوث الهواء الخارجي في أكثر من 4300 مدينة في 108 دول، وقد أضافت أكثر من 1000 مدينة جديدة إلى دراساتها منذ عام 2016. ويجمع الخبراء بيانات عن متوسط تركيز الدقائق الميكرونية (الميكرون واحد من المليون من المتر) العالقة في الهواء، وهي دقائق 10 ميكرونات ودقائق 2.5 ميكرون. وتضم الدقائق الميكرونية الأخيرة ملوثات جوية مثل الكبريتات، والنترات، والكربون الأسود، التي تهدد صحة الإنسان.
وتحدد المنظمة تركيز دقائق 10 ميكرونات بمستوى 20 ميكروغراما لكل متر مكعب سنويا، وتركيز دقائق 2.5 ميكرون بـ10 ميكروغرامات لكل متر مكعب سنويا. ونقل بيان المنظمة عن الدكتورة ماريا نييرا، مديرة قسم الصحة العامة والعوامل الصحية والاجتماعية والبيئية في المنظمة، أن «مستويات من التلوث أعلى بـ5 مرات من المستويات التي حددتها المنظمة، رصدت في كثير من مدن العالم الكبرى، ما يؤدي إلى أخطار صحية على الإنسان».
وتظهر خريطة نشرتها وسائل الإعلام البريطانية الارتفاع الكبير في مستويات التلوث الجوي في جنوب آسيا والصين، إذ احتلت مدينة دلهي المرتبة الأولى في قائمة المدن الأكثر تلوثاً بالجزيئات التي يقل قطرها عن 10 ميكرونات، جاءت بعدها مدن أخرى في دول شرق البحر الأبيض المتوسط، مثل مصر ولبنان وسوريا والأردن وفلسطين وجنوب تركيا، مثل القاهرة، وتبعتها بتركيز أقل شدة مدن الرياض وجدة وبغداد والخليج.
وقال تقرير منظمة الصحة العالمية، إن تلوث الهواء عامل خطر مسبب للأمراض غير المعدية، ويتسبب في 24 في المائة من وفيات البالغين الناجمة عن أمراض القلب، و25 في المائة من السكتات الدماغية، و43 في المائة من مرض الانسداد الرئوي المزمن، و29 في المائة من سرطان الرئة.



ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
TT

ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)

ستيف بركات عازف بيانو كندي من أصل لبناني، ينتج ويغنّي ويلحّن. لفحه حنين للجذور جرّه إلى إصدار مقطوعة «أرض الأجداد» (Motherland) أخيراً. فهو اكتشف لبنان في وقت لاحق من حياته، وينسب حبّه له إلى «خيارات مدروسة وواعية» متجذرة في رحلته. من اكتسابه فهماً متيناً لهويته وتعبيره عن الامتنان لما منحه إياه الإرث من عمق يتردّد صداه كل يوم، تحاوره «الشرق الأوسط» في أصله الإنساني المنساب على النوتة، وما أضفاه إحساسه الدفين بالصلة مع أسلافه من فرادة فنية.
غرست عائلته في داخله مجموعة قيم غنية استقتها من جذورها، رغم أنه مولود في كندا: «شكلت هذه القيم جزءاً من حياتي منذ الطفولة، ولو لم أدركها بوعي في سنّ مبكرة. خلال زيارتي الأولى إلى لبنان في عام 2008. شعرتُ بلهفة الانتماء وبمدى ارتباطي بجذوري. عندها أدركتُ تماماً أنّ جوانب عدة من شخصيتي تأثرت بأصولي اللبنانية».
بين كوبنهاغن وسيول وبلغراد، وصولاً إلى قاعة «كارنيغي» الشهيرة في نيويورك التي قدّم فيها حفلاً للمرة الأولى، يخوض ستيف بركات جولة عالمية طوال العام الحالي، تشمل أيضاً إسبانيا والصين والبرتغال وكوريا الجنوبية واليابان... يتحدث عن «طبيعة الأداء الفردي (Solo) التي تتيح حرية التكيّف مع كل حفل موسيقي وتشكيله بخصوصية. فالجولات تفسح المجال للتواصل مع أشخاص من ثقافات متنوعة والغوص في حضارة البلدان المضيفة وتعلّم إدراك جوهرها، مما يؤثر في المقاربة الموسيقية والفلسفية لكل أمسية».
يتوقف عند ما يمثله العزف على آلات البيانو المختلفة في قاعات العالم من تحدٍ مثير: «أكرّس اهتماماً كبيراً لأن تلائم طريقة عزفي ضمانَ أفضل تجربة فنية ممكنة للجمهور. للقدرة على التكيّف والاستجابة ضمن البيئات المتنوّعة دور حيوي في إنشاء تجربة موسيقية خاصة لا تُنسى. إنني ممتنّ لخيار الجمهور حضور حفلاتي، وهذا امتياز حقيقي لكل فنان. فهم يمنحونني بعضاً من وقتهم الثمين رغم تعدّد ملاهي الحياة».
كيف يستعد ستيف بركات لحفلاته؟ هل يقسو عليه القلق ويصيبه التوتر بإرباك؟ يجيب: «أولويتي هي أن يشعر الحاضر باحتضان دافئ ضمن العالم الموسيقي الذي أقدّمه. أسعى إلى خلق جو تفاعلي بحيث لا يكون مجرد متفرج بل ضيف عزيز. بالإضافة إلى الجانب الموسيقي، أعمل بحرص على تنمية الشعور بالصداقة الحميمة بين الفنان والمتلقي. يستحق الناس أن يلمسوا إحساساً حقيقياً بالضيافة والاستقبال». ويعلّق أهمية على إدارة مستويات التوتّر لديه وضمان الحصول على قسط كافٍ من الراحة: «أراعي ضرورة أن أكون مستعداً تماماً ولائقاً بدنياً من أجل المسرح. في النهاية، الحفلات الموسيقية هي تجارب تتطلب مجهوداً جسدياً وعاطفياً لا تكتمل من دونه».
عزف أناشيد نالت مكانة، منها نشيد «اليونيسف» الذي أُطلق من محطة الفضاء الدولية عام 2009 ونال جائزة. ولأنه ملحّن، يتمسّك بالقوة الهائلة للموسيقى لغة عالمية تنقل الرسائل والقيم. لذا حظيت مسيرته بفرص إنشاء مشروعات موسيقية لعلامات تجارية ومؤسسات ومدن؛ ومعاينة تأثير الموسيقى في محاكاة الجمهور على مستوى عاطفي عميق. يصف تأليف نشيد «اليونيسف» بـ«النقطة البارزة في رحلتي»، ويتابع: «التجربة عزّزت رغبتي في التفاني والاستفادة من الموسيقى وسيلة للتواصل ومتابعة الطريق».
تبلغ شراكته مع «يونيفرسال ميوزيك مينا» أوجها بنجاحات وأرقام مشاهدة عالية. هل يؤمن بركات بأن النجاح وليد تربة صالحة مكوّنة من جميع عناصرها، وأنّ الفنان لا يحلّق وحده؟ برأيه: «يمتد جوهر الموسيقى إلى ما وراء الألحان والتناغم، ليكمن في القدرة على تكوين روابط. فالنغمات تمتلك طاقة مذهلة تقرّب الثقافات وتوحّد البشر». ويدرك أيضاً أنّ تنفيذ المشاريع والمشاركة فيها قد يكونان بمثابة وسيلة قوية لتعزيز الروابط السلمية بين الأفراد والدول: «فالثقة والاهتمام الحقيقي بمصالح الآخرين يشكلان أسس العلاقات الدائمة، كما يوفر الانخراط في مشاريع تعاونية خطوات نحو عالم أفضل يسود فيه الانسجام والتفاهم».
بحماسة أطفال عشية الأعياد، يكشف عن حضوره إلى المنطقة العربية خلال نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل: «يسعدني الوجود في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا كجزء من جولة (Néoréalité) العالمية. إنني في مرحلة وضع اللمسات الأخيرة على التفاصيل والتواريخ لنعلن عنها قريباً. تملؤني غبطة تقديم موسيقاي في هذا الحيّز النابض بالحياة والغني ثقافياً، وأتحرّق شوقاً لمشاركة شغفي وفني مع ناسه وإقامة روابط قوامها لغة الموسيقى العالمية».
منذ إطلاق ألبومه «أرض الأجداد»، وهو يراقب جمهوراً متنوعاً من الشرق الأوسط يتفاعل مع فنه. ومن ملاحظته تزايُد الاهتمام العربي بالبيانو وتعلّق المواهب به في رحلاتهم الموسيقية، يُراكم بركات إلهاماً يقوده نحو الامتنان لـ«إتاحة الفرصة لي للمساهمة في المشهد الموسيقي المزدهر في الشرق الأوسط وخارجه».
تشغله هالة الثقافات والتجارب، وهو يجلس أمام 88 مفتاحاً بالأبيض والأسود على المسارح: «إنها تولّد إحساساً بالعودة إلى الوطن، مما يوفر ألفة مريحة تسمح لي بتكثيف مشاعري والتواصل بعمق مع الموسيقى التي أهديها إلى العالم».