جمعية مصرية تجمع كتباً ولعب أطفال لدور الأيتام

ترفع شعار «أنقذ كتاباً... حرر طفلاً»

متطوعون يقومون بإصلاح لعب الأطفال قبل توزيعها
متطوعون يقومون بإصلاح لعب الأطفال قبل توزيعها
TT

جمعية مصرية تجمع كتباً ولعب أطفال لدور الأيتام

متطوعون يقومون بإصلاح لعب الأطفال قبل توزيعها
متطوعون يقومون بإصلاح لعب الأطفال قبل توزيعها

في مبادرة، تفتح آفاقاً جديدة للعمل التطوعي في مصر، دشن فريق من المتطوعين الشباب حملة لجمع كتب الأطفال القديمة وتوزيعها على ملاجئ الأيتام ودور الرعاية، بهدف مساعدة الأطفال على بناء وعيهم، وجاء شعار الحملة «أنقذ كتاباً... حرر طفلاً... كتابك القديم صديقي الجديد»، ليتضمن تحفيزاً للمواطنين للتبرع بكتبهم القديمة التي يتولى الفريق ترميمها قبل توزيعها على الأطفال.
ينظم الحملة فريق من المتطوعين الشباب يطلقون عليه اسم «فريق أحمس» نسبة إلى أحد أشهر الملوك الفراعنة في الدولة المصرية القديمة، الملك أحمس الأول، مؤسس الأسرة الثامنة عشرة، الذي اشتهر بين المصريين بلقب «قاهر الهكسوس».
الشعار التحفيزي للحملة، كان له أثر كبير في تفاعل، وإقبال الكثير على التبرع بكتبهم القديمة، ونجحت الحملة في جمع أكثر من 5 آلاف كتاب خلال أيام قليلة، حيث سيجري ترميم القديمة منها، وفرز عناوينها ما بين كتب قصصية، أو تعليمية، وتربوية، أو قصص مصورة ليتم توزيعها على الأطفال في ملاجئ الأيتام، ولم يقتصر الإقبال على التبرع بالكتب القديمة، بل بادرت الكثير من المكتبات الكبرى بالتبرع بكتب جديدة متنوعة.
تقول نهى سالم، منسق الحملة، ومسؤول العلاقات العامة بـ«فريق أحمس»، لـ«الشرق الأوسط»: «نحاول مساعدة الأطفال بطريقة مختلفة، فمعظم المساعدات الاجتماعية تتركز على الطعام والمأوى وأشياء من هذا القبيل، لكننا نسعى إلى مساعدتهم على بناء وعيهم من خلال القراءة، كي يتمكنوا من مساعدة أنفسهم، وتحسين حياتهم من خلال الوعي والثقافة فيصبحوا أعضاء فاعلين أكثر في المجتمع». وتضيف: «الحملة لاقت إقبالاً وتفاعلاً كبيراً على مستويات مختلفة، وتمكنا من جمع أكثر من خمسة آلاف كتاب في الأيام الأولى، سواء من مواطنين أو مكتبات كبيرة بادرت بالتبرع بمجموعات كبيرة من الكتب، ومع استمرار تدفق الكتب من المتبرعين نعمل في الوقت الراهن على فرزها وتصنيفها وترميم القديمة منها، لنقوم بتوزيعها على ملاجئ الأيتام، وإذا تبقت نسخ زائدة سنقوم بتوزيعها على المدارس الابتدائية التي لا يوجد بها مكتبات».
ويضم «فريق أحمس» مجموعة من الشباب، ينتمون إلى خلفيات اجتماعية وتعليمية متنوعة، فبينهم طلاب جامعات وأطباء، ومهندسون، يعملون بشكل مستقل، ضمن أنشطة جمعية «ملتقى الحضارات بين مصر والعالم»، وهي جمعية أهلية مصرية، تهتم بنشر الثقافة والفنون والعلوم، ومد جسور الحوار بين الحضارات المختلفة، ويتبنى الفريق رؤية في العمل التطوعي، تسعى تقديم المساعدة بشكل فعال لكل من يحتاج إليها.
في السياق نفسه، نفذ الفريق عدداً من المبادرات والحملات المختلفة، بينها حملة لجمع لعب الأطفال القديمة وإصلاحها لتوزيعها على ملاجئ الأيتام، ومبادرة لتنظيم برامج ترفيهية لكبار السن في دور المسنين، كما قام أعضاء الفريق بتمثيل إحدى المسرحيات التي يقومون بعرضها في ملاجئ الأطفال، وقاموا أيضاً بتنفيذ حملة لإزالة المخاطر من المدارس الحكومية، حيث يقومون بإصلاح وتأمين السلالم والأسوار، التي تشكل خطراً على التلاميذ، وتغطية أسلاك الكهرباء العارية، وإصلاح دورات المياه، ورفع القمامة والتشجير.
وترى نهى سالم، أنه على الرغم من عدم انتشار ثقافة العمل التطوعي في مصر، فإن الناس يتفاعلون مع أي مبادرات تطوعية يشعرون بأنها ستقدم مساعدة حقيقية، وتضيف: «نسعى إلى نشر ثقافة العمل التطوعي، وتعزيز الوعي الأخلاقي الذي يجعل الإنسان يشعر بالآخر ومعاناته، ويسعى بدافع من ضميره الإنساني إلى المساعدة، وننظم الكثير من الدورات المتعلقة بالعمل التطوعي لبناء تجمع أكبر وإقناع المزيد من الشبان والفتيات بالانضمام إلينا، ونحن كفريق نسعى إلى خدمة مجتمعنا وتقديم المساعدة لكل من يحتاج إليها بشكل فاعل».



رحيل إيلي شويري عاشق لبنان و«أبو الأناشيد الوطنية»

عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
TT

رحيل إيلي شويري عاشق لبنان و«أبو الأناشيد الوطنية»

عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»

إنه «فضلو» في «بياع الخواتم»، و«أبو الأناشيد الوطنية» في مشواره الفني، وأحد عباقرة لبنان الموسيقيين، الذي رحل أول من أمس (الأربعاء) عن عمر ناهز 84 عاماً.
فبعد تعرضه لأزمة صحية نقل على إثرها إلى المستشفى، ودّع الموسيقي إيلي شويري الحياة. وفي حديث لـ«الشرق الأوسط» أكدت ابنته كارول أنها تفاجأت بانتشار الخبر عبر وسائل التواصل الاجتماعي قبل أن تعلم به عائلته. وتتابع: «كنت في المستشفى معه عندما وافاه الأجل. وتوجهت إلى منزلي في ساعة متأخرة لأبدأ بالتدابير اللازمة ومراسم وداعه. وكان الخبر قد ذاع قبل أن أصدر بياناً رسمياً أعلن فيه وفاته».
آخر تكريم رسمي حظي به شويري كان في عام 2017، حين قلده رئيس الجمهورية يومها ميشال عون وسام الأرز الوطني. وكانت له كلمة بالمناسبة أكد فيها أن حياته وعطاءاته ومواهبه الفنية بأجمعها هي كرمى لهذا الوطن.
ولد إيلي شويري عام 1939 في بيروت، وبالتحديد في أحد أحياء منطقة الأشرفية. والده نقولا كان يحضنه وهو يدندن أغنية لمحمد عبد الوهاب. ووالدته تلبسه ثياب المدرسة على صوت الفونوغراف الذي تنساب منه أغاني أم كلثوم مع بزوغ الفجر. أما أقرباؤه وأبناء الجيران والحي الذي يعيش فيه، فكانوا من متذوقي الفن الأصيل، ولذلك اكتمل المشوار، حتى قبل أن تطأ خطواته أول طريق الفن.
- عاشق لبنان
غرق إيلي شويري منذ نعومة أظافره في حبه لوطنه وترجم عشقه لأرضه بأناشيد وطنية نثرها على جبين لبنان، ونبتت في نفوس مواطنيه الذين رددوها في كل زمان ومكان، فصارت لسان حالهم في أيام الحرب والسلم. «بكتب اسمك يا بلادي»، و«صف العسكر» و«تعلا وتتعمر يا دار» و«يا أهل الأرض»... جميعها أغنيات شكلت علامة فارقة في مسيرة شويري الفنية، فميزته عن سواه من أبناء جيله، وذاع صيته في لبنان والعالم العربي وصار مرجعاً معتمداً في قاموس الأغاني الوطنية. اختاره ملك المغرب وأمير قطر ورئيس جمهورية تونس وغيرهم من مختلف أقطار العالم العربي ليضع لهم أجمل معاني الوطن في قالب ملحن لا مثيل له. فإيلي شويري الذي عُرف بـ«أبي الأناشيد الوطنية» كان الفن بالنسبة إليه منذ صغره هَوَساً يعيشه وإحساساً يتلمسه في شكل غير مباشر.
عمل شويري مع الرحابنة لفترة من الزمن حصد منها صداقة وطيدة مع الراحل منصور الرحباني. فكان يسميه «أستاذي» ويستشيره في أي عمل يرغب في القيام به كي يدله على الصح من الخطأ.
حبه للوطن استحوذ على مجمل كتاباته الشعرية حتى لو تناول فيها العشق، «حتى لو رغبت في الكتابة عن أعز الناس عندي، أنطلق من وطني لبنان»، هكذا كان يقول. وإلى هذا الحد كان إيلي شويري عاشقاً للبنان، وهو الذي اعتبر حسه الوطني «قدري وجبلة التراب التي امتزج بها دمي منذ ولادتي».
تعاون مع إيلي شويري أهم نجوم الفن في لبنان، بدءاً بفيروز وسميرة توفيق والراحلين وديع الصافي وصباح، وصولاً إلى ماجدة الرومي. فكان يعدّها من الفنانين اللبنانيين القلائل الملتزمين بالفن الحقيقي. فكتب ولحن لها 9 أغنيات، من بينها «مين إلنا غيرك» و«قوم تحدى» و«كل يغني على ليلاه» و«سقط القناع» و«أنت وأنا» وغيرها. كما غنى له كل من نجوى كرم وراغب علامة وداليدا رحمة.
مشواره مع الأخوين الرحباني بدأ في عام 1962 في مهرجانات بعلبك. وكانت أول أدواره معهم صامتة بحيث يجلس على الدرج ولا ينطق إلا بكلمة واحدة. بعدها انتسب إلى كورس «إذاعة الشرق الأدنى» و«الإذاعة اللبنانية» وتعرّف إلى إلياس الرحباني الذي كان يعمل في الإذاعة، فعرّفه على أخوَيه عاصي ومنصور.

مع أفراد عائلته عند تقلده وسام الأرز الوطني عام 2017

ويروي عن هذه المرحلة: «الدخول على عاصي ومنصور الرحباني يختلف عن كلّ الاختبارات التي يمكن أن تعيشها في حياتك. أذكر أن منصور جلس خلف البيانو وسألني ماذا تحفظ. فغنيت موالاً بيزنطياً. قال لي عاصي حينها؛ من اليوم ممنوع عليك الخروج من هنا. وهكذا كان».
أسندا إليه دور «فضلو» في مسرحية «بياع الخواتم» عام 1964. وفي الشريط السينمائي الذي وقّعه يوسف شاهين في العام التالي. وكرّت السبحة، فعمل في كلّ المسرحيات التي وقعها الرحابنة، من «دواليب الهوا» إلى «أيام فخر الدين»، و«هالة والملك»، و«الشخص»، وصولاً إلى «ميس الريم».
أغنية «بكتب اسمك يا بلادي» التي ألفها ولحنها تعد أنشودة الأناشيد الوطنية. ويقول شويري إنه كتب هذه الأغنية عندما كان في رحلة سفر مع الراحل نصري شمس الدين. «كانت الساعة تقارب الخامسة والنصف بعد الظهر فلفتني منظر الشمس التي بقيت ساطعة في عز وقت الغروب. وعرفت أن الشمس لا تغيب في السماء ولكننا نعتقد ذلك نحن الذين نراها على الأرض. فولدت كلمات الأغنية (بكتب اسمك يا بلادي عالشمس الما بتغيب)».
- مع جوزيف عازار
غنى «بكتب اسمك يا بلادي» المطرب المخضرم جوزيف عازار. ويخبر «الشرق الأوسط» عنها: «ولدت هذه الأغنية في عام 1974 وعند انتهائنا من تسجيلها توجهت وإيلي إلى وزارة الدفاع، وسلمناها كأمانة لمكتب التوجيه والتعاون»، وتابع: «وفوراً اتصلوا بنا من قناة 11 في تلفزيون لبنان، وتولى هذا الاتصال الراحل رياض شرارة، وسلمناه شريط الأغنية فحضروا لها كليباً مصوراً عن الجيش ومعداته، وعرضت في مناسبة عيد الاستقلال من العام نفسه».
يؤكد عازار أنه لا يستطيع اختصار سيرة حياة إيلي شويري ومشواره الفني معه بكلمات قليلة. ويتابع لـ«الشرق الأوسط»: «لقد خسر لبنان برحيله مبدعاً من بلادي كان رفيق درب وعمر بالنسبة لي. أتذكره بشوشاً وطريفاً ومحباً للناس وشفافاً، صادقاً إلى أبعد حدود. آخر مرة التقيته كان في حفل تكريم عبد الحليم كركلا في الجامعة العربية، بعدها انقطعنا عن الاتصال، إذ تدهورت صحته، وأجرى عملية قلب مفتوح. كما فقد نعمة البصر في إحدى عينيه من جراء ضربة تلقاها بالغلط من أحد أحفاده. فضعف نظره وتراجعت صحته، وما عاد يمارس عمله بالشكل الديناميكي المعروف به».
ويتذكر عازار الشهرة الواسعة التي حققتها أغنية «بكتب اسمك يا بلادي»: «كنت أقفل معها أي حفل أنظّمه في لبنان وخارجه. ذاع صيت هذه الأغنية، في بقاع الأرض، وترجمها البرازيليون إلى البرتغالية تحت عنوان (أومينا تيرا)، وأحتفظ بنصّها هذا عندي في المنزل».
- مع غسان صليبا
مع الفنان غسان صليبا أبدع شويري مرة جديدة على الساحة الفنية العربية. وكانت «يا أهل الأرض» واحدة من الأغاني الوطنية التي لا تزال تردد حتى الساعة. ويروي صليبا لـ«الشرق الأوسط»: «كان يعد هذه الأغنية لتصبح شارة لمسلسل فأصررت عليه أن آخذها. وهكذا صار، وحققت نجاحاً منقطع النظير. تعاونت معه في أكثر من عمل. من بينها (كل شيء تغير) و(من يوم ما حبيتك)». ويختم صليبا: «العمالقة كإيلي شويري يغادرونا فقط بالجسد. ولكن بصمتهم الفنية تبقى أبداً ودائماً. لقد كانت تجتمع عنده مواهب مختلفة كملحن وكاتب ومغنٍ وممثل. نادراً ما نشاهدها تحضر عند شخص واحد. مع رحيله خسر لبنان واحداً من عمالقة الفن ومبدعيه. إننا نخسرهم على التوالي، ولكننا واثقون من وجودهم بيننا بأعمالهم الفذة».
لكل أغنية كتبها ولحنها إيلي شويري قصة، إذ كان يستمد موضوعاتها من مواقف ومشاهد حقيقية يعيشها كما كان يردد. لاقت أعماله الانتقادية التي برزت في مسرحية «قاووش الأفراح» و«سهرة شرعية» وغيرهما نجاحاً كبيراً. وفي المقابل، كان يعدها من الأعمال التي ينفذها بقلق. «كنت أخاف أن تخدش الذوق العام بشكل أو بآخر. فكنت ألجأ إلى أستاذي ومعلمي منصور الرحباني كي يرشدني إلى الصح والخطأ فيها».
أما حلم شويري فكان تمنيه أن تحمل له السنوات الباقية من عمره الفرح. فهو كما كان يقول أمضى القسم الأول منها مليئة بالأحزان والدموع. «وبالقليل الذي تبقى لي من سنوات عمري أتمنى أن تحمل لي الابتسامة».