النوبات القلبية... الأسباب والعواقب

أقلها خطورة يؤدي إلى نتائج وخيمة

النوبات القلبية... الأسباب والعواقب
TT

النوبات القلبية... الأسباب والعواقب

النوبات القلبية... الأسباب والعواقب

ربما تكون قد سمعت بالنوبات القلبية التي يتم وصفها بطرق مختلفة تتباين بين «معتدلة» و«خطيرة» وصولاً إلى تلك الـ«مسببة للوفاة». مع ذلك ربما تنثر تلك الكلمات بذور الارتباك والقلق.
النبأ السار هو أن أكثر من يصابون بنوبة قلبية يظلون على قيد الحياة، لكن النبأ السيئ هو أن النوبة القلبية قد تكون مهلكة مهما كانت درجتها، أو مكان حدوثها في القلب على حد قول الدكتور جيمس جانوزي، اختصاصي أمراض القلب في مستشفى ماساتشوستس العام التابع لجامعة هارفارد. ويضيف الدكتور جيمس أن الكثيرين لا يفهمون حقيقة النوبة القلبية بشكل صحيح.
النوبة والسكتة
ربما يكمن السبب الأساسي لهذا الخلط في الأمر في الفرق بين النوبة القلبية والسكتة القلبية.
> النوبة القلبية، أو ما يطلق عليه الأطباء «احتشاء عضلة القلب» myocardial infarction MI، هي تضرر جزء من عضلة القلب بسبب عدم وصول ما يكفي من الأكسجين إليه. في أكثر الأحوال، وتحديداً في ما يُعرف باسم النوع الأول من النوبة القلبية، تحدث المشكلة بسبب انسداد في أحد شرايين القلب.
وعادةً ما يحدث هذا الانسداد عندما تنفلق الترسبات المحملة بالكوليسترول الموجودة على باطن شريان ما، وتتكون نتيجة ذلك جلطة تعيق تدفق الدم في ذلك الوعاء. مع ذلك بدأ الأطباء يدركون أن الكثير من النوبات القلبية يحدث بسبب عدم توازن بين كمية الدم المتدفق والطلب عليه، ويمكن معرفة المزيد بقراءة الجزء الخاص بالنوع الثاني من النوبة القلبية في هذا المقال.
السكتة القلبية. في الوقت الذي تبدو فيه النوبة القلبية مثل مشكلة من مشكلات السباكة، تبدو السكتة القلبية مثل مشكلة من مشكلات الكهرباء، حيث تحدث السكتة القلبية عند حدوث خلل في النظام الكهربائي بالقلب مما يؤدي إلى سرعة وعشوائية خفقانه، أو توقفه عن الخفقان تماماً. وإن لم يصل الدم إلى المخ والرئتين وغيرها من الأعضاء الأخرى، فإن الشخص يتنفس بصعوبة، أو يتوقف عن التنفس تماماً، ويُتوفى في ثوانٍ معدودات.
تعد النوبة القلبية من الأسباب الشائعة لحدوث السكتة القلبية، لكن في الوقت نفسه لا تؤدي أكثر النوبات القلبية إلى حدوث سكتة. من الأسباب الأخرى المحتملة لحدوث السكتة القلبية قصور القلب، أو جلطة في الرئتين، أو عدم توازن نسبة البوتاسيوم أو غيرها من المعادن في الدم، أو تناول جرعة زائدة من عقار أو مخدر ما، أو ضربة على الصدر.

نوعٌ ثانٍ من النوبة
ما النوع الثاني من النوبة القلبية؟ يحدث هذا النوع من النوبة القلبية عندما تحدث فجوة بين الدم المعروض والطلب عليه. على سبيل المثال، ربما لا يتمكن شخص أصيب بضيق في الشرايين بسبب مرض في القلب تطور إلى نزيف داخلي، أو إلى انخفاض في ضغط الدم، من توصيل ما يكفي من الدم الذي يوفر كمية الأكسجين المطلوبة للقلب.
على العكس من ذلك، ربما يكون معدل ضربات قلب شخص ما سريعاً جداً، أو يعاني من ارتفاع ضغط الدم، وفي هذه الحالة يمكن للطلب على الدم أن يتجاوز المعروض من الدم. تعد المشكلتان من المشكلات الشائعة لدى الأشخاص الذين يتم نقلهم إلى المستشفى بسبب مشكلات صحية أخرى إلى جانب مرض القلب.
يمكن للنوع الثاني من النوبة القلبية أن يصيب أيضاً الأشخاص الذين لا يعانون من مرض قلبي. بوجه عام يكون أولئك الأشخاص أصغر سناً وصحتهم أفضل لذا تكون أمامهم فرص أكبر للبقاء على قيد الحياة. كذلك يحدث أحياناً انقباض أو تشنج مؤقت في شرايين القلب، وهي حالة تعرف باسم تشنج وعائي تاجي coronary spasm. من الأسباب الأخرى النادرة المحتملة للنوبة القلبية حدوث تمزق في جدار شريان بالقلب، وتُعرف هذه الحالة باسم التسلخ التلقائي للشريان التاجي spontaneous coronary artery dissection.

حجم ضرر القلب
تختلف ما تلحقه النوبات القلبية من أضرار باختلاف الأشخاص، ففي أثناء النوبة تفرز عضلة القلب المتضررة البروتين في الدم للإشارة إلى خطورة الأمر. بعد ذلك يمكن أن تكشف الأشعة بالموجات فوق الصوتية على القلب عن حجم الضرر. يقول الدكتور جانوزي: «تؤدي النوبة القلبية الخطيرة إلى ضعف قدرة عضلة القلب على الانقباض».
حين يشار إلى النوبة القلبية بأنها «مسببة للوفاة»، يعني ذلك أنها حدثت نتيجة حدوث انسداد بالقرب من الشريان التاجي الأيسر، وهو الشريان الرئيسي الذي يزود الجزء الأمامي من القلب بالدم. مع ذلك لا تؤدي تلك النوبات القلبية بالضرورة إلى الوفاة، حيث يمكن للإصابة في شرايين أخرى أن تؤدي إلى الوفاة أيضاً.

رصد أعراض النوبة والسكتة
> ما الذي يمكن فعله؟ يمكن الاتصال برقم الطوارئ في حال ظهور أعراض نوبة أو سكتة قلبية عليك أو على شخص قريب منك. من الأعراض الشائعة للنوبة القلبية:
> شعور غير مريح بالضغط أو الانعصار أو الألم في الصدر.
> شعور بألم أو عدم ارتياح في أحد الذراعين أو الظهر أو الرقبة أو الفك أو المعدة.
> ضيق التنفس.
> شعور مفاجئ بالغثيان أو القيء.
> شعور بالدوار.
> شعور غير اعتيادي بالإرهاق.
من جهة أخرى فإن السكتة القلبية هي توقف مفاجئ عن الاستجابة، والتنفس بطريقة غير طبيعية. يمكن عمل إنعاش قلبي رئوي باليدين فقط إلى أن يصل فريق المساعدة. يمكن معرفة كيفية القيام بذلك بزيارة الموقع الإلكتروني لجمعية القلب الأميركية www.heart.org-HandsOnlyCPR

* رسالة هارفارد للقلب
خدمات «تريبيون ميديا»



رحيل إيلي شويري عاشق لبنان و«أبو الأناشيد الوطنية»

عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
TT

رحيل إيلي شويري عاشق لبنان و«أبو الأناشيد الوطنية»

عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»

إنه «فضلو» في «بياع الخواتم»، و«أبو الأناشيد الوطنية» في مشواره الفني، وأحد عباقرة لبنان الموسيقيين، الذي رحل أول من أمس (الأربعاء) عن عمر ناهز 84 عاماً.
فبعد تعرضه لأزمة صحية نقل على إثرها إلى المستشفى، ودّع الموسيقي إيلي شويري الحياة. وفي حديث لـ«الشرق الأوسط» أكدت ابنته كارول أنها تفاجأت بانتشار الخبر عبر وسائل التواصل الاجتماعي قبل أن تعلم به عائلته. وتتابع: «كنت في المستشفى معه عندما وافاه الأجل. وتوجهت إلى منزلي في ساعة متأخرة لأبدأ بالتدابير اللازمة ومراسم وداعه. وكان الخبر قد ذاع قبل أن أصدر بياناً رسمياً أعلن فيه وفاته».
آخر تكريم رسمي حظي به شويري كان في عام 2017، حين قلده رئيس الجمهورية يومها ميشال عون وسام الأرز الوطني. وكانت له كلمة بالمناسبة أكد فيها أن حياته وعطاءاته ومواهبه الفنية بأجمعها هي كرمى لهذا الوطن.
ولد إيلي شويري عام 1939 في بيروت، وبالتحديد في أحد أحياء منطقة الأشرفية. والده نقولا كان يحضنه وهو يدندن أغنية لمحمد عبد الوهاب. ووالدته تلبسه ثياب المدرسة على صوت الفونوغراف الذي تنساب منه أغاني أم كلثوم مع بزوغ الفجر. أما أقرباؤه وأبناء الجيران والحي الذي يعيش فيه، فكانوا من متذوقي الفن الأصيل، ولذلك اكتمل المشوار، حتى قبل أن تطأ خطواته أول طريق الفن.
- عاشق لبنان
غرق إيلي شويري منذ نعومة أظافره في حبه لوطنه وترجم عشقه لأرضه بأناشيد وطنية نثرها على جبين لبنان، ونبتت في نفوس مواطنيه الذين رددوها في كل زمان ومكان، فصارت لسان حالهم في أيام الحرب والسلم. «بكتب اسمك يا بلادي»، و«صف العسكر» و«تعلا وتتعمر يا دار» و«يا أهل الأرض»... جميعها أغنيات شكلت علامة فارقة في مسيرة شويري الفنية، فميزته عن سواه من أبناء جيله، وذاع صيته في لبنان والعالم العربي وصار مرجعاً معتمداً في قاموس الأغاني الوطنية. اختاره ملك المغرب وأمير قطر ورئيس جمهورية تونس وغيرهم من مختلف أقطار العالم العربي ليضع لهم أجمل معاني الوطن في قالب ملحن لا مثيل له. فإيلي شويري الذي عُرف بـ«أبي الأناشيد الوطنية» كان الفن بالنسبة إليه منذ صغره هَوَساً يعيشه وإحساساً يتلمسه في شكل غير مباشر.
عمل شويري مع الرحابنة لفترة من الزمن حصد منها صداقة وطيدة مع الراحل منصور الرحباني. فكان يسميه «أستاذي» ويستشيره في أي عمل يرغب في القيام به كي يدله على الصح من الخطأ.
حبه للوطن استحوذ على مجمل كتاباته الشعرية حتى لو تناول فيها العشق، «حتى لو رغبت في الكتابة عن أعز الناس عندي، أنطلق من وطني لبنان»، هكذا كان يقول. وإلى هذا الحد كان إيلي شويري عاشقاً للبنان، وهو الذي اعتبر حسه الوطني «قدري وجبلة التراب التي امتزج بها دمي منذ ولادتي».
تعاون مع إيلي شويري أهم نجوم الفن في لبنان، بدءاً بفيروز وسميرة توفيق والراحلين وديع الصافي وصباح، وصولاً إلى ماجدة الرومي. فكان يعدّها من الفنانين اللبنانيين القلائل الملتزمين بالفن الحقيقي. فكتب ولحن لها 9 أغنيات، من بينها «مين إلنا غيرك» و«قوم تحدى» و«كل يغني على ليلاه» و«سقط القناع» و«أنت وأنا» وغيرها. كما غنى له كل من نجوى كرم وراغب علامة وداليدا رحمة.
مشواره مع الأخوين الرحباني بدأ في عام 1962 في مهرجانات بعلبك. وكانت أول أدواره معهم صامتة بحيث يجلس على الدرج ولا ينطق إلا بكلمة واحدة. بعدها انتسب إلى كورس «إذاعة الشرق الأدنى» و«الإذاعة اللبنانية» وتعرّف إلى إلياس الرحباني الذي كان يعمل في الإذاعة، فعرّفه على أخوَيه عاصي ومنصور.

مع أفراد عائلته عند تقلده وسام الأرز الوطني عام 2017

ويروي عن هذه المرحلة: «الدخول على عاصي ومنصور الرحباني يختلف عن كلّ الاختبارات التي يمكن أن تعيشها في حياتك. أذكر أن منصور جلس خلف البيانو وسألني ماذا تحفظ. فغنيت موالاً بيزنطياً. قال لي عاصي حينها؛ من اليوم ممنوع عليك الخروج من هنا. وهكذا كان».
أسندا إليه دور «فضلو» في مسرحية «بياع الخواتم» عام 1964. وفي الشريط السينمائي الذي وقّعه يوسف شاهين في العام التالي. وكرّت السبحة، فعمل في كلّ المسرحيات التي وقعها الرحابنة، من «دواليب الهوا» إلى «أيام فخر الدين»، و«هالة والملك»، و«الشخص»، وصولاً إلى «ميس الريم».
أغنية «بكتب اسمك يا بلادي» التي ألفها ولحنها تعد أنشودة الأناشيد الوطنية. ويقول شويري إنه كتب هذه الأغنية عندما كان في رحلة سفر مع الراحل نصري شمس الدين. «كانت الساعة تقارب الخامسة والنصف بعد الظهر فلفتني منظر الشمس التي بقيت ساطعة في عز وقت الغروب. وعرفت أن الشمس لا تغيب في السماء ولكننا نعتقد ذلك نحن الذين نراها على الأرض. فولدت كلمات الأغنية (بكتب اسمك يا بلادي عالشمس الما بتغيب)».
- مع جوزيف عازار
غنى «بكتب اسمك يا بلادي» المطرب المخضرم جوزيف عازار. ويخبر «الشرق الأوسط» عنها: «ولدت هذه الأغنية في عام 1974 وعند انتهائنا من تسجيلها توجهت وإيلي إلى وزارة الدفاع، وسلمناها كأمانة لمكتب التوجيه والتعاون»، وتابع: «وفوراً اتصلوا بنا من قناة 11 في تلفزيون لبنان، وتولى هذا الاتصال الراحل رياض شرارة، وسلمناه شريط الأغنية فحضروا لها كليباً مصوراً عن الجيش ومعداته، وعرضت في مناسبة عيد الاستقلال من العام نفسه».
يؤكد عازار أنه لا يستطيع اختصار سيرة حياة إيلي شويري ومشواره الفني معه بكلمات قليلة. ويتابع لـ«الشرق الأوسط»: «لقد خسر لبنان برحيله مبدعاً من بلادي كان رفيق درب وعمر بالنسبة لي. أتذكره بشوشاً وطريفاً ومحباً للناس وشفافاً، صادقاً إلى أبعد حدود. آخر مرة التقيته كان في حفل تكريم عبد الحليم كركلا في الجامعة العربية، بعدها انقطعنا عن الاتصال، إذ تدهورت صحته، وأجرى عملية قلب مفتوح. كما فقد نعمة البصر في إحدى عينيه من جراء ضربة تلقاها بالغلط من أحد أحفاده. فضعف نظره وتراجعت صحته، وما عاد يمارس عمله بالشكل الديناميكي المعروف به».
ويتذكر عازار الشهرة الواسعة التي حققتها أغنية «بكتب اسمك يا بلادي»: «كنت أقفل معها أي حفل أنظّمه في لبنان وخارجه. ذاع صيت هذه الأغنية، في بقاع الأرض، وترجمها البرازيليون إلى البرتغالية تحت عنوان (أومينا تيرا)، وأحتفظ بنصّها هذا عندي في المنزل».
- مع غسان صليبا
مع الفنان غسان صليبا أبدع شويري مرة جديدة على الساحة الفنية العربية. وكانت «يا أهل الأرض» واحدة من الأغاني الوطنية التي لا تزال تردد حتى الساعة. ويروي صليبا لـ«الشرق الأوسط»: «كان يعد هذه الأغنية لتصبح شارة لمسلسل فأصررت عليه أن آخذها. وهكذا صار، وحققت نجاحاً منقطع النظير. تعاونت معه في أكثر من عمل. من بينها (كل شيء تغير) و(من يوم ما حبيتك)». ويختم صليبا: «العمالقة كإيلي شويري يغادرونا فقط بالجسد. ولكن بصمتهم الفنية تبقى أبداً ودائماً. لقد كانت تجتمع عنده مواهب مختلفة كملحن وكاتب ومغنٍ وممثل. نادراً ما نشاهدها تحضر عند شخص واحد. مع رحيله خسر لبنان واحداً من عمالقة الفن ومبدعيه. إننا نخسرهم على التوالي، ولكننا واثقون من وجودهم بيننا بأعمالهم الفذة».
لكل أغنية كتبها ولحنها إيلي شويري قصة، إذ كان يستمد موضوعاتها من مواقف ومشاهد حقيقية يعيشها كما كان يردد. لاقت أعماله الانتقادية التي برزت في مسرحية «قاووش الأفراح» و«سهرة شرعية» وغيرهما نجاحاً كبيراً. وفي المقابل، كان يعدها من الأعمال التي ينفذها بقلق. «كنت أخاف أن تخدش الذوق العام بشكل أو بآخر. فكنت ألجأ إلى أستاذي ومعلمي منصور الرحباني كي يرشدني إلى الصح والخطأ فيها».
أما حلم شويري فكان تمنيه أن تحمل له السنوات الباقية من عمره الفرح. فهو كما كان يقول أمضى القسم الأول منها مليئة بالأحزان والدموع. «وبالقليل الذي تبقى لي من سنوات عمري أتمنى أن تحمل لي الابتسامة».