«تلفاز 11» من قناة «يوتيوب»... إلى استثمار سعودي بـ9 ملايين دولار

وقعت أمس أكبر صفقة إقليمية للإعلام الرقمي مع صندوق «إس تي في» الاستثماري

من كواليس «ومن كآبة المنظر»
من كواليس «ومن كآبة المنظر»
TT

«تلفاز 11» من قناة «يوتيوب»... إلى استثمار سعودي بـ9 ملايين دولار

من كواليس «ومن كآبة المنظر»
من كواليس «ومن كآبة المنظر»

من قناة «يوتيوب» انطلقت عام 2011 إلى مشروع استثماري يقدر بحجم 33.75 مليون ريال (9 ملايين دولار).. هكذا جاءت قصة «تلفاز11»، الذي أطلقه مجموعة من الشباب السعودي قبل 7 سنوات، وقدم عدة برامج تنوعت بين الكوميديا والتوك شوز وألعاب الفيديو، ليُعلن أمس عن تحولها إلى وجهة استثمارية عملاقة، في واحدة من أكبر صفقات الإعلام الرقمي في المنطقة.
إذ كشف الستار صندوق «إس تي في» الاستثماري عن أولى خطواته للاستثمار في منظومة إعلامية جديدة لسوق الشرق الأوسط من خلال «تلفاز 11»، علما بأن «إس تي في» هو أكبر صندوق رأسمال جريء في الشرق الأوسط، تأسس بـ550 مليون دولار من شركة الاتصالات السعودية، وهو صندوق استثماري مستقل بذاته، يستثمر في التقنيات والقطاعات الرقمية الواعدة، وبالأخص المجالات التي يمكن لها الاستفادة من الوصول والبنية التحتية لشركة الاتصالات السعودية.
من جهته، يوضح الدكتور هاني عناية، الشريك في «إس تي في»، أن هذه الصفقة الاستثمارية تعد من أكبر الصفقات المحلية في صناعة وتطوير الإعلام الرقمي على الصعيد الإقليمي، خاصة الإعلام المرئي، الذي يرى أن له مستقبلا واعدا في النمو وتضاعف حجم الاستثمار في السنوات القليلة المقبلة.
وأفاد عناية خلال حديثه لـ«الشرق الأوسط» أن صفقة «تلفاز11» ليست استحواذاً، بل هي استثمار يستهدف لتسريع نمو الشركة وتمكينها من الدخول في مجالات جديدة، مراهنا على أن الإعلام الرقمي السعودي في طريقه لتحقيق قفزات كبيرة تنسجم مع رؤية المملكة 2030 والنقلة النوعية التي تشهدها عجلة الاقتصاد في البلاد. ويضيف: «نرى حجم الفرص ومكونات البناء التي يمكننا ربطها وتغذيتها لصنع عمالقة إعلام جدد في المنطقة».
ويعوّل صندوق «إس تي في» كثيرا على هذه الصفقة الاستثمارية، معتبراً أن الثورة الرقمية غيّرت أنماط استهلاك وصناعة المحتوى عالميا، كما أن قواعد اللعبة في عالم الإعلام تتغير بشكل متسارع، بحسب بيان صحافي أصدره الصندوق أمس. وعن رؤية ذلك يقول البيان: «إن صناعة لاعبين جدد وقياديين في منظومة الإعلام الرقمي، يربطون سلسلة القيمة في المنطقة (ما بين منصات التوزيع الرقمي إلى محركات صنع المحتوى الأصلي) أصبحت حتمية؛ وفرصة كبيرة».
يأتي ذلك في ظل ارتفاع كمية الطلب الموجودة في السوق، والتي يصفها الصندوق بـ«المذهلة»، مضيفاً: «الشرق الأوسط ثاني أكبر منطقة تغذي كمية مشاهدات لعدد من أكبر منصات الفيديو العالمية، كما أن نسب النمو الاستهلاكية عالية جداً مقارنة بالمتوسط العالمي (تتصدر السعودية عدد المشاهدات عالميا للفرد) والكثير من هذا الطلب يتم عن طريق الأجهزة الذكية (السعودية في مصاف دول متقدمة مثل كوريا وأميركا في استهلاك المحتوى عن طريق الأجهزة الذكية)».
لكن من ناحية أخرى، يرى صندوق «إس تي في» أن كمية العرض التي توازي هذا الطلب ضعيفة نسبياً. كما أن الكثير من المحطات والقنوات وصانعي المحتوى التقليديين في المنطقة والعالم يحاولون اللحاق بهذه المتغيرات. ويقول: «التعامل مع التغيير الرقمي في أي صناعة أمر صعب، لكننا نرى عدداً من المحركات الجديدة في المنطقة التي أثبتت أن لديها رؤى وقدرات قوية لصنع أنواع جديدة من القيمة في السوق ومواكبة هذه المتغيرات، بل والقدرة على القفز عليها إقليمياً».
جدير بالذكر أن «تلفاز11» هي إحدى هذه المحركات الرائدة التي تأسست أواخر عام 2011 في الرياض على يد كل من علاء فادن، وعلي الكلثمي، وإبراهيم الخير الله. وتمكنت وبشكل مستمر من صنع محتوى عالي الجودة وتطويع منصات التوزيع الرقمية بشكل فعال يعكس فهم الفريق العميق لديناميكيات الصناعة الجديدة وثقافة السوق والمستهلك في المنطقة.
وتضم شبكة «تلفاز11» اليوم أكثر من 12 مليون متابع وأكثر من مليار مشاهدة على «يوتيوب»، علما بأنه جاء استلهام اسمها من جهاز التلفزيون «تلفاز»، أما الرقم «11» فيشير إلى عام 2011 الذي يمثل بداية عصر جديد من التعبير الإبداعي في العالم العربي، وهو أيضاً العام الذي وضع فيه «تلفاز11» قدمه في الفضاء الرقمي العالمي، في مهمة تهدف إلى تغيير المفاهيم حول محتوى الإبداع والترفيه المحلي عبر الإنترنت.

مزيج ترفيهي جذب أكثر من 18 مليون متابع

> معظم السعوديين اطلعوا على برنامج أو أكثر من مشاريع «تلفاز11»، هذه المنصة المرئية الضخمة التي أطلقها 3 شبان سعوديون عام 2011 وابتلعت سوق برامج الترفيه السعودي المعروضة عبر «يوتيوب» لتلتهم الحصة الأكبر من مشاهدات الإعلام المرئي الرقمي في السعودية، بأكثر من مليار مشاهدة، وملايين من نقرات «لايك» التي لطالما رافقت برامج «تلفاز11».
عن البدايات، يوضح علي الكلثمي، أحد مؤسسي «تلفاز11»، أن الفكرة التي ركز عليها هذا المشروع قبل نحو 7 سنوات اعتمدت على صناعة محتوى إبداعي عربي مميز، يستهدف السوق السعودية التي يرى الكلثمي أنها تمتاز بعدة مقومات، من البنية التحتية القوية للإنترنت والطاقات الشبابية والفنية السعودية الهائلة جدا، بحسب قوله.
ويوضح الكلثمي لـ«الشرق الأوسط» أن عدد متابعي «تلفاز11» على «يوتيوب» تجاوز الـ18 مليون متابع، في حين يتراوح عدد البرامج التي قدمتها هذه المنصة بين 20 إلى 25 مشروعاً، بعضها توقف وبعضها مستمر وبعضها سيعود، كما يقول. مضيفاً: «نحن لدينا حس التجربة، ونطرح المشاريع التجريبية من فترة لأخرى لقياس صداها لدى الجمهور».
والكلثمي الذي هو المسؤول الإبداعي في «تلفاز11» يختصر سر النجاح بالقول: «نحن نهتم بأنسنة الأعمال الفنية، وطرحها من منظور إنساني»، مشيرا إلى أن «تلفاز11» يهتم بالجانب الترفيهي وتقديمه بشكل فني وبمنظور شبابي سعودي، مع التركيز على المحتوى المحلي على اعتبار أنه الأكثر مصداقية في الطرح.
وعن الصفقة الاستثمارية الأخيرة مع صندوق «إس تي في»، يقول الكلثمي: «هذا الاستثمار هو ليس فقط استثمار مالي، بل هو استثمار استراتيجي أيضا، لأن (إس تي في) هو شريك ضخم في عالم التقنية»، مشيرا إلى أن هذه الصفقة من شأنها إعطاء «تلفاز11» شراكة استراتيجية لدعم صناع الأفلام والمحتوى الترفيهي والفني في الخليجعموما، والسعودية خاصة، ويضيف: «هذا يعطينا دافعاً للاستمرارية وتوسيع مشاريعنا بشكل أكبر».


مقالات ذات صلة

«حالة من الصمت» يحصد «جائزة الشرق الوثائقية»

يوميات الشرق الفيلم يتناول مخاطرة صحافيين بحياتهم لتغطية «سياسات المخدّرات» في المكسيك (الشرق الأوسط)

«حالة من الصمت» يحصد «جائزة الشرق الوثائقية»

فاز الفيلم الوثائقي «حالة من الصمت» للمخرج سانتياغو مازا بالنسخة الثانية من جائزة «الشرق الوثائقية».

«الشرق الأوسط» (جدة)
رياضة عربية المهندس خالد عبد العزيز رئيس المجلس الأعلى للإعلام في مصر (صفحة المجلس على «فيسبوك»)

مصر: قرارات جديدة لمواجهة «فوضى الإعلام الرياضي»

أصدر المجلس الأعلى لتنظيم الإعلام في مصر، برئاسة المهندس خالد عبد العزيز مجموعة قرارات، اعتماداً لتوصيات لجنة ضبط أداء الإعلام الرياضي.

محمد الكفراوي (القاهرة)
أوروبا مراسلات يتحدثن أمام الكاميرات خلال تغطية صحافية في البرازيل (رويترز)

ثلثهم على أيدي الجيش الإسرائيلي... مقتل 54 صحافياً في عام 2024

قُتل 54 صحافياً حول العالم أثناء قيامهم بعملهم أو بسبب مهنتهم في عام 2024، ثلثهم على أيدي القوات الإسرائيلية، وفق ما أظهر تقرير سنوي.

«الشرق الأوسط» (باريس)
يوميات الشرق الصحافي سامح اللبودي والزميلة بيسان الشيخ من «الشرق الأوسط»

«الشرق الأوسط» تفوز ببرونزية «أريج» للصحافة الاستقصائية

فازت «الشرق الأوسط» بالجائزة البرونزية للصحافة الاستقصائية العربية التي تمنحها مؤسسة «أريج»، عن تحقيق: قصة الإبحار الأخير لـ«مركب ملح» سيئ السمعة.

«الشرق الأوسط» (لندن)
يوميات الشرق صورة تذكارية لعدد من أعضاء مجلس الإدارة (الشركة المتحدة)

​مصر: هيكلة جديدة لـ«المتحدة للخدمات الإعلامية»

تسود حالة من الترقب في الأوساط الإعلامية بمصر بعد إعلان «الشركة المتحدة للخدمات الإعلامية» إعادة تشكيل مجلس إدارتها بالتزامن مع قرارات دمج جديدة للكيان.

«الشرق الأوسط» (القاهرة )

تساؤلات بشأن دور التلفزيون في «استعادة الثقة» بالأخبار

شعار «غوغل» (رويترز)
شعار «غوغل» (رويترز)
TT

تساؤلات بشأن دور التلفزيون في «استعادة الثقة» بالأخبار

شعار «غوغل» (رويترز)
شعار «غوغل» (رويترز)

أثارت نتائج دراسة حديثة تساؤلات عدة بشأن دور التلفزيون في استعادة الثقة بالأخبار، وبينما أكد خبراء وجود تراجع للثقة في الإعلام بشكل عام، فإنهم اختلفوا حول الأسباب.

الدراسة، التي نشرها معهد «نيمان لاب» المتخصص في دراسات الإعلام مطلع الشهر الحالي، أشارت إلى أن «الثقة في الأخبار انخفضت بشكل أكبر في البلدان التي انخفضت فيها متابعة الأخبار التلفزيونية، وكذلك في البلدان التي يتجه فيها مزيد من الناس إلى وسائل التواصل الاجتماعي للحصول على الأخبار».

لم تتمكَّن الدراسة، التي حلَّلت بيانات في 46 دولة، من تحديد السبب الرئيس في «تراجع الثقة»... وهل كان العزوف عن التلفزيون تحديداً أم الاتجاه إلى منصات التواصل الاجتماعي؟ إلا أنها ذكرت أن «الرابط بين استخدام وسائل الإعلام والثقة واضح، لكن من الصعب استخدام البيانات لتحديد التغييرات التي تحدث أولاً، وهل يؤدي انخفاض الثقة إلى دفع الناس إلى تغيير طريقة استخدامهم لوسائل الإعلام، أم أن تغيير عادات استخدام ومتابعة وسائل الإعلام يؤدي إلى انخفاض الثقة».

ومن ثم، رجّحت الدراسة أن يكون سبب تراجع الثقة «مزيجاً من الاثنين معاً: العزوف عن التلفزيون، والاعتماد على منصات التواصل الاجتماعي».

مهران كيالي، الخبير في إدارة وتحليل بيانات «السوشيال ميديا» في دولة الإمارات العربية المتحدة، يتفق جزئياً مع نتائج الدراسة، إذ أوضح لـ«الشرق الأوسط» أن «التلفزيون أصبح في ذيل مصادر الأخبار؛ بسبب طول عملية إنتاج الأخبار وتدقيقها، مقارنة بسرعة مواقع التواصل الاجتماعي وقدرتها على الوصول إلى شرائح متعددة من المتابعين».

وأضاف أن «عدد المحطات التلفزيونية، مهما ازداد، لا يستطيع منافسة الأعداد الهائلة التي تقوم بصناعة ونشر الأخبار في الفضاء الرقمي، وعلى مواقع التواصل الاجتماعي». إلا أنه شدَّد في الوقت نفسه على أن «الصدقية هي العامل الأساسي الذي يبقي القنوات التلفزيونية على قيد الحياة».

كيالي أعرب عن اعتقاده بأن السبب الرئيس في تراجع الثقة يرجع إلى «زيادة الاعتماد على السوشيال ميديا بشكل أكبر من تراجع متابعة التلفزيون». وقال إن ذلك يرجع لأسباب عدة من بينها «غياب الموثوقية والصدقية عن غالبية الناشرين على السوشيال ميديا الذين يسعون إلى زيادة المتابعين والتفاعل من دون التركيز على التدقيق». وأردف: «كثير من المحطات التلفزيونية أصبحت تأتي بأخبارها عن طريق مواقع التواصل الاجتماعي، فتقع بدورها في فخ الصدقية والموثوقية، ناهيك عن صعوبة الوصول إلى التلفزيون وإيجاد الوقت لمشاهدته في الوقت الحالي مقارنة بمواقع التواصل التي باتت في متناول كل إنسان».

وحمَّل كيالي، الهيئات التنظيمية للإعلام مسؤولية استعادة الثقة، قائلاً إن «دور الهيئات هو متابعة ورصد كل الجهات الإعلامية وتنظيمها ضمن قوانين وأطر محددة... وثمة ضرورة لأن تُغيِّر وسائل الإعلام من طريقة عملها وخططها بما يتناسب مع الواقع الحالي».

بالتوازي، أشارت دراسات عدة إلى تراجع الثقة بالإعلام، وقال معهد «رويترز لدراسات الصحافة»، التابع لجامعة أكسفورد البريطانية في أحد تقاريره، إن «معدلات الثقة في الأخبار تراجعت خلال العقود الأخيرة في أجزاء متعددة من العالم». وعلّق خالد البرماوي، الصحافي المصري المتخصص في شؤون الإعلام الرقمي، من جهته بأن نتائج الدراسة «غير مفاجئة»، لكنه في الوقت نفسه أشار إلى السؤال «الشائك»، وهو: هل كان عزوف الجمهور عن التلفزيون، السبب في تراجع الصدقية، أم أن تراجع صدقية الإعلام التلفزيوني دفع الجمهور إلى منصات التواصل الاجتماعي؟

البرماوي رأى في لقاء مع «الشرق الأوسط» أن «تخلّي التلفزيون عن كثير من المعايير المهنية ومعاناته من أزمات اقتصادية، دفعا الجمهور للابتعاد عنه؛ بحثاً عن مصادر بديلة، ووجد الجمهور ضالته في منصات التواصل الاجتماعي». وتابع أن «تراجع الثقة في الإعلام أصبح إشكاليةً واضحةً منذ مدة، وإحدى الأزمات التي تواجه الإعلام... لا سيما مع انتشار الأخبار الزائفة والمضلّلة على منصات التواصل الاجتماعي».