«حرب» تمثيل الفلسطينيين

الفصائل تسيطر على كل شيء في حياتهم... وتتقاتل اليوم على منظمة التحرير

«حرب» تمثيل الفلسطينيين
TT

«حرب» تمثيل الفلسطينيين

«حرب» تمثيل الفلسطينيين

تدير الفصائل الفلسطينية الصراع مع إسرائيل منذ نحو 6 عقود.
ليس هذا فقط، وإنما كل شيء في حياة الفلسطينيين... سياسيا واجتماعياً واقتصاديا، لأنها ببساطة تهيمن على كل شيء: ابتداءً من منظمة التحرير، والحكومة، والوزارات المتخصصة، مروراً بإدارات الجامعات والمجالس الطلابية، والاتحادات والجمعيات والنقابات والبلديات والمجالس والسلطات التشريعية والقضائية والتنفيذية، وانتهاء بالمساجد. وحتى عندما باشر الفلسطينيون بناء دولتهم المرجوة، بدأت الفصائل عملية البناء، وسرعان ما تقسمت «الدولة» بفعل هذه الفصائل إلى «دويلتين»... كل واحدة منها يحكمها فصيل كبير، يمثل بدوره تيارا متناميا ومتحكماً. الأول علماني في الضفة (حركة فتح) والثاني إسلامي في غزة (حركة حماس)، وبينهما كثير من الفصائل القديمة والجديدة والمتجددة.
ببساطة كل حياة الفلسطينيين... فصائل. والمعركة اليوم تتركز على الظفر بـ«أم الفصائل»، أي منظمة التحرير.
ليس سراً أن حركة فتح تقود العمل السياسي الفلسطيني منذ انطلاقتها عام 1965. ومنذ ذلك التاريخ تحوّل رئيسها الراحل ياسر عرفات إلى رمز للنضال الفلسطيني.
صحيح أن معظم الفلسطينيين قدّموا أمثلة كبيرة في القيادة والتضحية، لكن عرفات الذي قاد «الحركة الأم» كما وصفه الشاعر الراحل محمود درويش شكّل الفصل الأطول في حياة الفلسطينيين. لقد سيطر عرفات بـ«الكاريزما» الخاصة التي كان يتمتع بها على كل شيء... فتح ومنظمة التحرير والسلطة الفلسطينية... السلاح والمال والعلاقات.
كان ممثل الفلسطينيين الوحيد ثم رئيسهم الأول ورمز نضالهم.
وإبان فترة وجود عرفات تجاوزت فتح معه مفهوم الحركة، إلى مشروع كبير يمثل عدداً غير محدود من الفلسطينيين، وليس سرا أن الحركة التي دفعت أثمانا كبيرة من أجل ذلك لم يكن يتسنى لها كل هذه الديمومة من دون السيطرة على منظمة التحرير الفلسطينية، المنظمة التي يحتدم حولها صراع كبير، إقليمي - فلسطيني، وفلسطيني - فلسطيني كذلك.
إن الذي امتلكه عرفات في يوم ما، تسعى خلفه كل الفصائل الفلسطينية اليوم، أي التمثيل الشرعي والمال. وكسبهما أسهل ما يكون يتحقق بالسيطرة على المنظمة التي يعترف بها كل العالم ممثلاً شرعياً ووحيداً للشعب الفلسطيني، وهي التي بالأساس أنشأت السلطة الوطنية الفلسطينية.
- منظمة التحرير... النشأة والمكانة
بدأت فكرة تأسيس منظمة التحرير الفلسطينية (م. ت. ف.) بتوصية من وزارة الخارجية المصرية إلى مجلس جامعة الدول العربية، في مارس (آذار) 1959. بإبراز كيان فلسطيني، يمثل الفلسطينيين. لكن الفكرة لم تبصر النور سوى في مؤتمر القمة العربي بالقاهرة خلال يناير (كانون الثاني) 1964، حين خوّلت الجامعة أحمد الشقيري، ممثل فلسطين في الجامعة العربية، بتمثيل الفلسطينيين في كيان.
وعقد الشقيري لاحقاً 30 مؤتمراً وأعلن من القدس في 24 فبراير (شباط) 1964 مشروع «الميثاق القومي الفلسطيني» والنظام الأساسي باسم «منظمة تحرير فلسطين». وفي 28 مايو (أيار) 1964، عقد أول «مجلس وطني فلسطيني» جلسته الأولى في فندق الكونتيننتال بمدينة القدس، وشهد خطاباً ألقاه العاهل الأردني ينادي به بتحرير فلسطين.
لقد حظيت الخطوة بتأييد فلسطيني ومعارضة كذلك. لكن حركة فتح بدأت تخطط كيف يمكن السيطرة على المنظمة وتحويلها إلى كيان ثوري بدلاً من كيان سياسي بوصاية عربية. وحظيت المنظمة في مؤتمر القمة العربي الثاني (5 - 11 سبتمبر/ أيلول 1964 في الإسكندرية) باعتراف عربي وعومل الشقيري بصفته رئيساً لها. ووفق مركز المعلومات الفلسطيني لم تكن منظمة التحرير الفلسطينية في سنواتها الأولى مستقلة ذاتياً، بل كانت بحاجة إلى المداورة بحذر، لكي تضمن بقاءها؛ وهو ما نجح أحمد الشقيري في إنجازه، قائلا: «ولدت المنظمة على فراش مؤتمر القمة، أسيرة الظروف العربية».
- ما بعد يونيو 67
وفي الخامس من يونيو (حزيران) 1967، شنت إسرائيل عدوانها على مصر والأردن وسوريا. واحتلت سيناء وهضبة الجولان والضفة الغربية بما فيها القدس الشرقية، وقطاع غزة. وبالتالي، أصبحت فلسطين كلها «محتلة». شكل هذا التطور ضربة للمنظمة ورعاتها، لكنه عزز مكانة المنظمات الفدائية التي اكتسبت «صفة تمثيلية جماهيرية».
في حينه، اشتبكت فتح مع الشقيري واتهمته بتضليل الجماهير، وبعد عام من الهزيمة استقال أعضاء اللجنة التنفيذية للمنظمة، ما اضطر الشقيري إلى الاستقالة. وقررت اللجنة التنفيذية أن يتولى يحيى حمودة، أحد أعضائها رئاسة المنظمة بالوكالة، وفي يناير 1968 دخلت فتح إلى المنظمة ومعها الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين. وفي فبراير 1969. انتخبت الدورة الخامسة لجنة تنفيذية بالتزكية، تضم ممثلين عن حركة فتح و«الصاعقة» والمنظمة والمستقلين. وبادرت اللجنة التنفيذية إلى انتخاب ياسر عرفات رئيساً، وإبراهيم بكر نائباً له.
ومنذ ذلك الوقت رفع عرفات شعار «القرار الفلسطيني المستقل» ودخل في صراعات مع أنظمة عربية طالما اتهمتها فتح بمحاولة السيطرة على القرار. ولم تكن المعارك سياسية وحسب، بل اشتبكت المنظمة مع دول، وحوصرت ودخلت في معارك دامية.
لقد دفعت فتح ثمنا لهذه المكانة «التمثيل» ولهذا الشعار «القرار المستقل» ولم يسمح عرفات لأحد، عربياً كان أو فلسطينياً بالسيطرة على المنظمة، ولكن الحرب لم تتوقف... واليوم بعد 50 سنة يمكن القول بأن المعركة تتجدد، لكن مع خصوم داخليين أكثر شراسة، وفي غياب عرفات.
- حرب السيطرة والأجندات
مع احتدام «حرب السلطة» بين الفريقين الأكبر على الساحة الفلسطينية، أي حركة فتح وحركة حماس، تجد فتح نفسها مجدداً أمام معركة جديدة كانت قد حسمتها في عقد السبعينات من القرن الماضي من أجل الحفاظ على منظمة التحرير.
باختصار شديد، أدى فوز حماس في الانتخابات التشريعية عام 2006. إلى قلب المعادلة الفلسطينية رأسا على عقب. وبعدما كانت فيه فتح مطمئنة إلى أنها تقود الشعب والسلطة والمنظمة، وجدت من يقاسمها السلطة، وعينه أيضاً على المنظمة، متجاوزاً مثلا حالة التنظيم إلى مشروع «إسلامي» مضاد لـ«العلماني» ويقدم برنامجا متناقضا. صارت المعركة أكثر تعقيداً بالنسبة لفتح. حماس بالمرصاد، وفصائل في المنظمة تدعم بقوة دخول حماس إليها. ودول إقليمية تخطط لمرحلة ما بعد الرئيس محمود عباس (رئيس فتح والمنظمة الحالي). وآخرون من فتح، وإن كانوا خارجها، يتناغمون مع هذه التوجهات. انسداد في الأفق السياسي، وصعوبات مالية واقتصادية، ومواجهة مع الولايات المتحدة، وانقسام عميق يسيطر على كل شيء.
قبل ذلك كانت فتح قادرة على ترويض الآخرين. وأمام التحديات الجديدة والكثيرة، لم يجد عباس أفضل من انتخابات داخلية في فتح وفي منظمة التحرير من أجل «تجديد الشرعيات». هذه الخطوة فجرت حروبا تشكيكية كبيرة، فصائلية وشخصية كذلك. وأشعلت مرة أخرى حرباً «تمثيلية» كبيرة، إذ رفضت حركتا حماس والجهاد الإسلامي - وهما من خارج منظمة التحرير - والجبهة الشعبية - من داخل المنظمة - عقد المجلس الوطني الفلسطيني التابع لمنظمة التحرير في رام الله، نهاية الشهر الحالي، واتهمت القوى الثلاث عباس بالتفرد، وطالبته بتأجيل الوطني، معتبرة أنه «لا يمثل الكل الفلسطيني».
الجبهة الشعبية - وكذلك حماس والجهاد – ترى أنه يجب عقد جلسة المجلس الوطني في الخارج بمشاركة الجميع بعد تفعيل الإطار القيادي المؤقت. إلا أن فتح، التنظيم الحاكم للسلطة والمنظمة، رفضت وأصرت على عقد الوطني في رام الله بـ«من حضر». يبدو خلافا متجددا، لكن يلخصه الناطق باسم الرئاسة الفلسطينية نبيل أبو ردينة بقوله بأنها «معركة الحفاظ على القرار المستقل وصد الأجندة». ويتابع أبو ردينة «إن المعركة الدائمة لمنظمة التحرير الفلسطينية هي الحفاظ على القرار الوطني المستقل، وعدم رهنه لأجندات غير وطنية». ثم يضيف قبل أيام فقط من عقد المجلس الوطني الجديد «أن محاولة البعض رهن القرار الوطني الفلسطيني المستقل بأجندات خارجية لا تخدم المصالح العليا لشعبنا الفلسطيني... هي محاولات مرفوضة، وسيثبت فشلها أمام تمسك شعبنا، والتفافه حول «م. ت. ف.»، الممثل الشرعي، والوحيد للشعب الفلسطيني».
- السعي «لانتقال سلس»!
ولطالما اكتسب عقد المجلس الوطني، الذي هو أهم أذرع منظمة التحرير ويعد بمثابة برلمان الفلسطينيين، أهمية كبيرة. ولكن هذه المرة له أهمية استثنائية، والرئيس الفلسطيني محمود عباس يتطلع لانتخاب لجنة تنفيذية جديدة لمنظمة التحرير، باعتبار ذلك آخر وأهم خطوة في مسيرة «تجديد الشرعيات» و«ضخ دماء جديدة» لمواجهة «التحديات الخارجية والداخلية».
عباس يريد الانتهاء سريعاً من انتخاب لجنة تنفيذية جديدة للمنظمة، وهي أعلى هيئة قيادية للشعب الفلسطيني في الداخل والخارج، في إطار ترتيباته من أجل «انتقال سلس» للسلطة في حال أي غياب قهري له. ويفترض أن تجرى الانتخابات المرتقبة أثناء انعقاد المجلس الوطني الفلسطيني الذي حددته المنظمة في الـ30 من الشهر الحالي. وللعلم، تأتي هذه الانتخابات بعد نحو عام على انتخابات جرت داخل حركة فتح وانتهت بانتخاب لجنة مركزية جديدة ومجلس ثوري للحركة.
المجلس الوطني عقد منذ تأسيسه 22 مرة، آخرها دورة استثنائية في رام الله عام 2009. انتهت بتعيين وانتخاب 6 أعضاء جدد في المنظمة ليصبح عدد أعضائها 18 عضواً. ويضم الوطني الآن نحو 650 عضواً، من أصل نحو 700 بسبب الذين توفوا، وجميعهم يمثلون الفصائل والقوى والاتحادات الفلسطينية والمجلس التشريعي بجانب أعضاء عسكريين. وسيضمن انتخاب لجنة تنفيذية جديدة التخلص من شخوص والدفع بآخرين لتشكيل قيادة جديدة وقوية.
ولقد حددت حركة فتح 3 من أعضاء لجنتها المركزية مرشحين لانتخابات اللجنة التنفيذية، هم الرئيس محمود عباس وصائب عريقات (أمين سر اللجنة التنفيذية الحالية) وعزام الأحمد (مسؤول ملف المصالحة في الحركة). واختيار هؤلاء يقوي موقفهم أيضا فيما يخص إمكانية خلافة الرئيس عباس الذي كان عين قبل عام محمود العالول نائبا له وأعطاه صلاحيات كبيرة.
غير أن مصادر مطلعة في فتح تقول بأن مسألة خليفة عباس لم تحسم بعد، رغم اختيار الحركة لعريقات والأحمد أعضاء في اللجنة التنفيذية. ويعني انتخاب لجنة تنفيذية جديدة، ضربة أخرى لمعسكر حماس في إطار الحرب على المنظمة، والاحتفاظ مجددا بكل شيء: «التمثيل والقرار والمال».
- حماس بديل للمنظمة؟
يقول الفتحاويون بأن حماس وجدت أصلا كبديل لمنظمة التحرير، وهو اتهام كاد ينساه الفتحاويون أنفسهم قبل أن تشتعل معركة المنظمة من جديد. ولم يتردد عضو المجلس الثوري لحركة فتح والمتحدث باسمها أسامة القواسمي، بالقول بأنه «يوجد مخطط لدى حماس منذ أسست عام 1988 لتكون بديلًا عن منظمة التحرير الفلسطينية». وأضاف: «حاولت حماس قبل هذا منذ عدة أشهر، عقد اجتماعات في الكثير من العواصم لضرب منظمة التحرير، وفشلوا لأنها لا تستطيع خلق كيان بديل لمنطقة التحرير، لما له علاقة بالشرعية الدولية والشرعية الشعبية المستمدة من الشعب الفلسطيني». وتابع القواسمي «حماس لا تتوانى باستغلال أي فرصة لإعادة طرح أفكارها مرة أخرى»، مشيرًا إلى أنه لا يوجد أي مبرر لحركة حماس لمقاطعة جلسات المجلس الوطني، وأن الحركة رفضت المشاركة تحت حجج واهية.
أكثر من ذلك، ذهب مسؤولون آخرون للزعم أن إسرائيل ساعدت في إطلاق حماس لهدم منظمة التحرير، وهذا الاتهام عززه أيضا عضو اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية، محمود إسماعيل، متهما حماس بالعمل على إضعاف المنظمة، متسائلا: «هل تقبل حماس وهي فصيل فلسطيني أن يتقاطع موقفها مع موقف الولايات المتحدة وإسرائيل بإنهاء منظمة التحرير والقضية الفلسطينية برمتها؟». وجاء الهجوم الكبير على حماس بعدما أعلن عضو المكتب السياسي لحركة حماس، حسام بدران، أن حركته تؤيد عقد اجتماعات موازية للمجلس الوطني في العاصمة اللبنانية بيروت وقطاع غزة. لكن حماس تقول رسمياً بأن ذلك لا يشكل بديلا للمنظمة.
وبخلاف الاتهامات الموجهة لحماس بمحاولة خلق بديل للمنظمة يتضح من تصريحات قادة حماس أن عينهم على المنظمة نفسها. إذ قال القيادي في حماس الدكتور موسى أبو مرزوق، رئيس المكتب السياسي للحركة «نحن في حركة حماس نرفض عقد المجلس الوطني تحت هذه الظروف، ونريد أن تكون دورة المجلس الوطني دورة توحيدية، لا دورة تكرس للانقسام الفلسطيني». وأردف «عقد ما يسمى بالمجلس الوطني في رام الله، معناه المباشر نقل الإجماع الوطني حول تمثيل المنظمة لشعبنا الفلسطيني على حصر المجلس، ولن نعترف بمخرجات هذا اللقاء لا اللجنة التنفيذية ولا رئاستها ولا المجلس الوطني». وقبل أبو مرزوق، قال خالد مشعل - زعيم حركة حماس السابق - بأن «المنظمة ممثل الفلسطينيين الشرعي»، وذهب رئيس حماس في غزة يحيى السنوار إلى القول بأن حركته «تتطلع إلى توحيد السلاح في إطار منظمة التحرير». واليوم تؤكد حماس أنها لن تعترف بمخرجات اجتماع الوطني لأنه لا يمثل الجميع وتحذر من التعاطي معه. ومنطق حماس البسيط «أي شرعية لمجلس لا تمثل فيه حماس والجهاد الإسلامي؟».
لكن فتح، التي ترفض أن تفتح باباً لحماس، ترد بمنطقها كذلك «اللي مش عاجبه الوطني يشرب من البحر»، كما قال عضو اللجنة المركزية للحركة عزام الأحمد. كذلك رد الأحمد مباشرة على الحركة قائلا: «لن تكون حماس جزءا من المنظمة قبل إنهاء الانقسام»، داعياً حماس لإنهاء الانقسام بشكل جاد وسريع، مؤكدا «إذا ما تم ذلك، مستعدون لعقد مجلس وطني جديد تشارك فيه كل من حماس والجهاد الإسلامي».
- حركة فتح
> ترمز الأحرف الأولى من كلمات اسمها لـ«حركة التحرير الفلسطينية». وكانت تعني «حتف»، ثم قلبت الأحرف لفتح. ولقد أسست الحركة في أواخر الخمسينات لكنها ظهرت إلى العلن عام 1965.
ظلت فتح حركة سرية، حتى عُقد مؤتمرها العام الموسع، في دمشق، خلال أكتوبر (تشرين الأول) 1964، وحضره قياديوها في البلدان المعادية للاحتلال - وخاصة قطاع غزة والضفة الغربية - واتفقوا على 31 ديسمبر (كانون الأول) 1964، موعداً لأولى عملياتهم العسكرية ضد إسرائيل، والتي اضطلعت بها «العاصفة» - الجناح العسكري للحركة. وأعلنت العملية في البلاغ العسكري، الرقم واحد، في الفاتح من يناير 1965. وكذلك أعلنت بيانها السياسي الأول، الذي أذاعته القيادة العامة لقوات «العاصفة».
لمع نجم فتح بسبب العمليات العسكرية ضد إسرائيل. وفي العام 1967. دخل ياسر عرفات «أبو عمار» الأراضي المحتلة، وأسس بعض الخلايا العسكرية الجديدة لفتح، في الضفة الغربية، ومن هنا بدأت أسطورته بين الفلسطينيين.
وعلى أثر ازدياد العمليات الفدائية، شنت إسرائيل هجومها الواسع على مدينة الكرامة، يوم 21 مارس (آذار) 1968. وفي هذه المعركة، انتصر رجال فتح إلى جانب الجيش الأردني.
لقد كان انتصارا معنويا لفتح وعرفات. وبعد عامين سيطرت فتح على اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية، وانتخب عرفات رئيساً لها؛ وصدر بيان عن الحركة، يَعُدّ منظمة التحرير الفلسطينية إطاراً، يجمع في داخله كافة التنظيمات الفلسطينية العاملة،
بدأت فتح تتوسع مؤسساتياً، وأنشأت الكثير من المؤسسات الاجتماعية، في بداية عام 1961. مثل مؤسسة الشؤون الاجتماعية، ومؤسسة رعاية أُسَر الشهداء، وجمعية الهلال الأحمر الفلسطيني.
وفي العام 1974. اعترف مؤتمر القمة العربي السابع في الرباط، بالمنظمة التي تقودها فتح ممثلاً شرعياً وحيداً للشعب الفلسطيني.
وفي العام نفسه، اعترفت بها، كذلك، الجمعية العامة للأمم المتحدة، بصفة عضو مراقب، وسمحت لها بالاشتراك في كل دوراتها، وكلِّ دورات المؤتمرات الدولية وأعمالها، والتي تعقد برعاية الجمعية العامة، فضلاً عن تلك التي تعقد برعاية هيئات الأمم المتحدة.
- حركة حماس
> أسست حماس (حركة المقاومة الإسلامية) عام 1987 بعد اندلاع الانتفاضة الأولى. وأعلنت عن نفسها آنذاك جناحاً من أجنحة الإخوان المسلمين في فلسطين، قبل أن تعدل الميثاق بوثيقة جديدة العام الماضي وتتنصل من الإخوان في ظل تقارب مع النظام المصري.
تعرّف الحركة نفسها على أنها حركة مقاومة شعبية وطنية تعمل على توفير الظروف الملائمة لتحقيق تحرر الشعب الفلسطيني وخلاصه من الظلم وتحرير أرضه من الاحتلال.
أعلنت الحركة عن تأسيس جناحها العسكري «كتائب الشهيد عز الدين القسام» بنهاية عام 1991، وأخذت نشاطات القسام تتسع وتتصاعد. وعام 1994 أعلنت الحركة «حربا شاملة» ضد إسرائيل، تلتها عدة عمليات تفجيرية قادها المهندس يحيى عياش، الذي اعتبر لعامين بعد ذلك، حتى اغتياله في غزة، بطلاً أقلق أجهزة الأمن الإسرائيلية.
وواجهت الحركة، سلطة الحكم الذاتي، التي جاء بها الرئيس الراحل ياسر عرفات، لكنه كان أكثر جماهيرية ورمزية. وبانطلاق «الانتفاضة الثانية» عام 2000. دخلت حماس مواجهة «كسر العظم» مع الإسرائيليين، بعد تنفيذها عدة عمليات كبيرة في العمق الإسرائيلي، وتميزت عمليات الحركة بإسقاط أكبر عدد من القتلى، فردت إسرائيل بسلسلة اغتيالات طالت قادة ورموز حماس وبينهم الشيخ أحمد ياسين مؤسس الحركة ود. عبد العزيز الرنتيسي الذي قاد حماس بعد ياسين، وصلاح شحادة القائد العام لكتائب القسام. تركز الطرح، السياسي والآيديولوجي لحركة حماس، على فكرة التحرير «من البحر إلى النهر» (أي كلّ فلسطين).


مقالات ذات صلة

لبنان يواجه تحدّيات مصيرية في زمن التحوّلات

حصاد الأسبوع جريمة اغتيال رفيق الحريري (غيتي)

لبنان يواجه تحدّيات مصيرية في زمن التحوّلات

يواجه لبنان جملة من التحديات السياسية والعسكرية والأمنية والاقتصادية، خصوصاً في مرحلة التحوّلات الكبرى التي تشهدها المنطقة وترخي بثقلها على واقعه الصعب

يوسف دياب (بيروت)
حصاد الأسبوع تحت ضغط الفضائح والخلافات انخفضت شعبية يون، وقبل أقل من شهر أظهر استطلاع للرأي أن شعبيته انخفضت إلى 19 % فقط

يون سوك ــ يول... رئيس كوريا الجنوبية أثار زوبعة دعت لعزله في تصويت برلماني

تشهد كوريا الجنوبية، منذ نحو أسبوعين، تطورات متلاحقة لا تلوح لها نهاية حقيقية، شهدت اهتزاز موقع رئيس الجمهورية يون سوك - يول بعد إعلانه في بيان تلفزيوني

براكريتي غوبتا (نيودلهي (الهند))
حصاد الأسبوع تشون دو - هوان (رويترز)

تاريخ مظلم للقيادات في كوريا الجنوبية

إلى جانب يون سوك - يول، فإن أربعة من رؤساء كوريا الجنوبية السبعة إما قد عُزلوا أو سُجنوا بتهمة الفساد منذ انتقال البلاد إلى الديمقراطية في أواخر الثمانينات.

«الشرق الأوسط» (نيودلهي)
حصاد الأسبوع الشرق السودان دخل دوامة الحروب السودانية المتمددة (رويترز)

شرق السودان... نار تحت الرماد

لا يبعد إقليم شرق السودان كثيراً عن تماسّات صراع إقليمي معلن، فالجارة الشرقية إريتريا، عينها على خصمها «اللدود» إثيوبيا، وتتربص كل منهما بالأخرى. كذلك، شرق

أحمد يونس (كمبالا (أوغندا))
الولايات المتحدة​ الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب (أ.ب)

"تايم "تختار دونالد ترمب شخصية العام 2024

اختارت مجلة تايم الأميركية دونالد ترمب الذي انتخب لولاية ثانية على رأس الولايات المتحدة شخصية العام 2024.

«الشرق الأوسط» (نيويورك)

يون سوك ــ يول... رئيس كوريا الجنوبية أثار زوبعة دعت لعزله في تصويت برلماني

تحت ضغط الفضائح والخلافات انخفضت شعبية يون، وقبل أقل من شهر أظهر استطلاع للرأي أن شعبيته انخفضت إلى 19 % فقط
تحت ضغط الفضائح والخلافات انخفضت شعبية يون، وقبل أقل من شهر أظهر استطلاع للرأي أن شعبيته انخفضت إلى 19 % فقط
TT

يون سوك ــ يول... رئيس كوريا الجنوبية أثار زوبعة دعت لعزله في تصويت برلماني

تحت ضغط الفضائح والخلافات انخفضت شعبية يون، وقبل أقل من شهر أظهر استطلاع للرأي أن شعبيته انخفضت إلى 19 % فقط
تحت ضغط الفضائح والخلافات انخفضت شعبية يون، وقبل أقل من شهر أظهر استطلاع للرأي أن شعبيته انخفضت إلى 19 % فقط

تشهد كوريا الجنوبية، منذ نحو أسبوعين، تطورات متلاحقة لا تلوح لها نهاية حقيقية، شهدت اهتزاز موقع رئيس الجمهورية يون سوك - يول بعد إعلانه في بيان تلفزيوني فرض الأحكام العرفية، وتعليق الحكم المدني، وإرساله قوة عسكرية مدعومة بالهيلوكوبترات إلى البرلمان. ثم اضطراره للتراجع عن قراره في وجه معارضة عارمة. بيد أن تراجع الرئيس خلال ساعات قليلة من هذه المغامرة لم يزد المعارضة إلا إصراراً على إطاحته، في أزمة سياسية غير مسبوقة منذ التحوّل الديمقراطي في البلاد عام 1980 بعد فترة من الحكم التسلطي. ولقد تطوّرت الأوضاع خلال الأيام والساعات الأخيرة من الاحتجاجات في الشوارع إلى تصويت برلماني على عزل يون. وبعدما أقر البرلمان عزل الرئيس ردّ الأخير بتأكيد عزمه على المقاومة والبقاء... في أزمة مفتوحة لا تخلو من خطورة على تجربة البلاد الديمقراطية الطريّة العود.

دبلوماسي مخضرم خدم في كوريا الجنوبية قال، قبل بضعة أيام، معلقاً على الأزمة المتصاعدة: «إذا تم تمرير اقتراح العزل، يمكن وقف (الرئيس) يون (سوك - يول) عن مباشرة مهام منصبه لمدة تصل إلى 180 يوماً، بينما تنظر المحكمة الدستورية في القضية. وفي هذا (السيناريو)، يتولى رئيس الوزراء هان دوك سو منصب الرئيس المؤقت، وتُجرى انتخابات جديدة في غضون 60 يوماً».

وبالفعل، دعا هان دونغ - هون، زعيم حزب «قوة الشعب»، الحاكم، إلى تعليق سريع لسلطات الرئيس مستنداً - كما قال - إلى توافر «أدلة موثوقة» على أن يون سعى إلى اعتقال القادة السياسيين بعد إعلانه الأحكام العرفية الذي لم يدُم طويلاً. ومما أورده هان - الذي كان في وقت سابق معارضاً للمساعي الرامية إلى عزل يون - إن «الحقائق الناشئة حديثاً قلبت الموازين ضد يون، بالتالي، ومن أجل حماية كوريا الجنوبية وشعبنا، أعتقد أنه من الضروري منع الرئيس يون من ممارسة سلطاته رئيساً للجمهورية على الفور». وتابع زعيم الحزب الحاكم أن الرئيس لم يعترف بأن إعلانه فرض الأحكام العرفية إجراء غير قانوني وخاطئ، وكان ثمة «خطر كبير» من إمكانية اتخاذ قرار متطرف مماثل مرة أخرى إذا ظل في منصبه.

بالتوازي، ذكرت تقارير إعلامية كورية أن يون يخضع حالياً للتحقيق بتهمة الخيانة إلى جانب وزير الدفاع المستقيل كيم يونغ - هيون، (الذي ذُكر أنه حاول الانتحار)، ورئيس أركان الجيش الجنرال بارك آن - سو، ووزير الداخلية لي سانغ - مين. وحقاً، تمثل الدعوة التي وجهها هان، وهو وزير العدل وأحد أبرز منافسي يون في حزب «قوة الشعب»، تحولاً حاسماً في استجابة الحزب الحاكم للأزمة.

خلفية الأزمة

تولى يون سوك - يول منصبه كرجل دولة جديد على السلطة، واعداً بنهج عصري مختلف في حكم البلاد. إلا أنه في منتصف فترة ولايته الرئاسية الوحيدة التي تمتد لخمس سنوات، شهد حكمه احتكاكات شبه دائمة مع البرلمان الذي تسيطر عليه المعارضة، وتهديدات «بالإبادة» من كوريا الشمالية، ناهيك من سلسلة من الفضائح التي اتهم وعائلته بالتورّط فيها.

وعندما حاول يون في خطابه التلفزيوني تبرير فرض الأحكام العرفية، قال: «أنا أعلن حالة الطوارئ من أجل حماية النظام الدستوري القائم على الحرية، وللقضاء على الجماعات المشينة المناصرة لنظام كوريا الشمالية، التي تسرق الحرية والسعادة من شعبنا»، في إشارة واضحة إلى الحزب الديمقراطي المعارض، مع أنه لم يقدم أي دليل على ادعائه.

إلا أن محللين سياسيين رأوا في الأيام الأخيرة أن الرئيس خطّط على الأرجح لإصدار مرسوم «الأحكام العرفية الخرقاء» أملاً بحرف انتباه الرأي العام بعيداً عن الفضائح المختلفة والإخفاق في معالجة العديد من القضايا المحلية. ولذا اعتبروا أن عليه ألا يطيل أمد حكمه الفاقد الشعبية، بل يبادر من تلقاء نفسه إلى الاستقالة من دون انتظار إجراءات العزل، ومن ثم، السماح للبلاد بانتخاب رئيس جديد.

بطاقة هوية

ولد يون سوك - يول، البالغ من العمر 64 سنة، عام 1960 في العاصمة سيول لعائلة من الأكاديميين اللامعين. إذ كان أبوه يون كي - جونغ أستاذاً للاقتصاد في جامعة يونساي، وأمه تشوي سيونغ - جا محاضرة في جامعة إيوها للنساء قبل زواجها. وحصل يون على شهادته الثانوية عام 1979، وكان يريد في الأصل أن يدرس الاقتصاد ليغدو أستاذاً، كأبيه، ولكن بناءً على نصيحة الأخير درس الحقوق، وحصل على شهادتي الإجازة ثم الماجستير في الحقوق من جامعة سيول الوطنية - التي هي إحدى «جامعات النخبة الثلاث» في كوريا مع جامعتي يونساي وكوريا - وأصبح مدّعياً عاماً بارزاً قاد حملة ناجحة لمكافحة الفساد لمدة 27 سنة.

ووفق وسائل الإعلام الكورية، كانت إحدى محطات حياته عندما كان طالب حقوق عندما لعب دور القاضي في محاكمة صورية للديكتاتور (آنذاك) تشون دو - هوان، الذي نفذ انقلاباً عسكرياً وحُكم عليه بالسجن مدى الحياة. وفي أعقاب ذلك، اضطر يون إلى الفرار إلى الريف مع تمديد جيش تشون الأحكام العرفية ونشر القوات والمدرّعات في الجامعة.

بعدها، عاد يون إلى العاصمة، وصار في نهاية المطاف مدعياً عاماً، وواصل ترقيه الوظيفي ما يقرب من ثلاثة عقود، بانياً صورة له بأنه حازم وصارم لا يتسامح ولا يقدّم تنازلات.

مسيرته القانونية... ثم الرئاسة

قبل تولي يون سوك - يول رئاسة الجمهورية، كان رئيس مكتب الادعاء العام في المنطقة المركزية في سيول، وأتاح له ذلك محاكمة أسلافه من الرؤساء. إذ لعب دوراً فعالاً في إدانة الرئيسة السابقة بارك غيون - هاي التي أُدينت بسوء استخدام السلطة، وعُزلت وأودعت السجن عام 2016. كذلك، وجه الاتهام إلى مون جاي - إن، أحد كبار مساعدي خليفة الرئيسة بارك، في قضية احتيال ورشوة.

أما على الصعيد السياسي، فقد انخرط يون في السياسة الحزبية قبل سنة واحدة فقط من فوزه بالرئاسة، وذلك عندما كان حزب «قوة الشعب» المحافظ - وكان حزب المعارضة يومذاك - معجباً بما رأوه منه كمدّعٍ عام حاكم كبار الشخصيات، وأقنع يون، من ثم، ليصبح مرشح الحزب لمنصب رئاسة الجمهورية.

وفي الانتخابات الرئاسية عام 2022 تغلّب يون على منافسه الليبرالي لي جاي - ميونغ، مرشح الحزب الديمقراطي، بفارق ضئيل بلغ 0.76 في المائة... وهو أدنى فارق على الإطلاق في تاريخ الانتخابات في البلاد.

الواقع أن الحملة الانتخابية لعام 2022 كانت واحدةً من الحملات الانتخابية القاسية في تاريخ البلاد الحديث. إذ شبّه يون غريمه لي بـ«هتلر» و«موسوليني». ووصف حلفاء لي الديمقراطيون، يون، بأنه «وحش» و«ديكتاتور»، وسخروا من جراحة التجميل المزعومة لزوجته.

إضافة إلى ذلك، شنّ يون حملته الانتخابية بناء على إلغاء القيود المالية والموقف المناهض للمرأة. لكنه عندما وصل إلى السلطة، ألغى وزارة المساواة بين الجنسين والأسرة، قائلاً إنها «مجرد مقولة قديمة بأن النساء يُعاملن بشكل غير متساوٍ والرجال يُعاملون بشكل أفضل». وللعلم، تعد الفجوة في الأجور بين الجنسين في كوريا الجنوبية الأسوأ حالياً في أي بلد عضو في «منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية».

أيضاً، أدى استخدام يون «الفيتو» تكراراً إلى ركود في العمل الحكومي، بينما أدت تهم الفساد الموجهة إلى زوجته لتفاقم السخط العام ضد حكومته.

تراجع شعبيته

بالتالي، تحت ضغط الفضائح والخلافات، انخفضت شعبية يون، وقبل أقل من شهر أظهر استطلاع للرأي أجرته مؤسسة «غالوب كوريا» أن شعبيته انخفضت إلى 19 في المائة فقط. وتعد «كارثة» الأحكام العرفية الحلقة الأخيرة في سلسلة من الممارسات التي حددت رئاسة يون وأخطائها.

إذ ألقي باللوم على إدارة يون في التضخم الغذائي، وتباطؤ الاقتصاد، والتضييق المتزايد على حرية التعبير. وفي أواخر 2022، بعدما أسفر تدافع حشود في احتفال «الهالوين» (البربارة) في سيول عن سقوط 159 قتيلاً، تعرضت طريقة تعامل الحكومة مع المأساة لانتقادات واسعة.

زوجته في قلب مشاكله!

من جهة ثانية، كانت كيم كيون - هي، زوجة الرئيس منذ عام 2012، سبباً آخر للسخط والانتقادات في وسائل الإعلام الكورية الجنوبية. فقد اتهمت «السيدة الأولى» بالتهرب الضريبي، والحصول على عمولات لاستضافة معارض فنية عن طريق عملها. كذلك واجهت اتهامات بالانتحال الأدبي في أطروحتها لنيل درجة الدكتوراه وغيرها من الأعمال الأكاديمية.

لكن أكبر فضيحة على الإطلاق تورّطت فيها كيم، كانت قبولها عام 2023 هدية هي حقيبة يد بقيمة 1800 جنيه إسترليني سراً من قسيس، الأمر الذي أدى إلى مزاعم بالتصرف غير اللائق وإثارة الغضب العام، لكون الثمن تجاوز الحد الأقصى لما يمكن أن يقبله الساسة في كوريا الجنوبية وشركاؤهم قانونياً لهدية. لكن الرئيس يون ومؤيديه رفضوا هذه المزاعم وعدوها جزءاً من حملة تشويه سياسية.

أيضاً أثيرت تساؤلات حول العديد من القطع الثمينة من المجوهرات التي تملكها «السيدة الأولى»، والتي لم يعلَن عنها كجزء من الأصول الرئاسية الخاصة. وبالمناسبة، عندما فُتح التحقيق في الأمر قبل ست سنوات، كان زوجها رئيس النيابة العامة. أما عن حماته، تشوي يون - سون، فإنها أمضت بالفعل حكماً بالسجن لمدة سنة إثر إدانتها بتزوير وثائق مالية في صفقة عقارية.

يُضاف إلى كل ما سبق، تعرّض الرئيس يون لانتقادات تتعلق باستخدام «الفيتو» الرئاسي في قضايا منها رفض مشروع قانون يمهد الطريق لتحقيق خاص في التلاعب المزعوم بالأسهم من قبل زوجته كيم كيون - هي لصالح شركة «دويتشه موتورز». وأيضاً استخدام «الفيتو» ضد مشروع قانون يفوّض مستشاراً خاصاً بالتحقيق في مزاعم بأن مسؤولين عسكريين ومكتب الرئاسة قد تدخلوا في تحقيق داخلي يتعلق بوفاة جندي بمشاة البحرية الكورية عام 2023.

وهكذا، بعد سنتين ونصف السنة من أداء يون اليمين الدستورية عام 2022، وعلى أثر انتخابات رئاسية مثيرة للانقسام الشديد، انقلبت الأمور ضد الرئيس. وفي خضم ارتباك الأحداث السياسية وتزايد المخاوف الدولية يرزح اقتصاد كوريا الجنوبية تحت ضغوط مقلقة.

أمام هذا المشهد الغامض، تعيش «الحالة الديمقراطية» في كوريا الجنوبية أحد أهم التحديات التي تهددها منذ ظهورها في أواخر القرن العشرين.