أثبت اكتشاف البعثة الأثرية العاملة في منطقة تمبوس شمال السودان، لرفات فرس محفوظة بشكل مثالي وما يزال الشّعر على ساقيها، يصل عمرها إلى نحو ثلاثة آلاف سنة، على أهمية الحيوانات في تلك الفترة، مما يُلقي مزيداً من الضوء على علاقة الإنسان بالحيوانات في هذه الفترة من التاريخ، إذ يؤكّد خبراء الآثار المصريون أنّ الفراعنة كانوا يقدسون الحيوانات ويدفنونها بجوار مقابرهم.
ووفقاً للبحث المنشور في مجلة الآثار، فقد كُشف عن رفات الفرس في عام 2011. وأجرى الباحثون من جامعة بوردو اختبارات عليه باستخدام الكربون المشع أظهرت أنّ عمرها يرجع إلى عام 950 قبل الميلاد في الفترة الانتقالية الثالثة، وهي الفترة التي عملت فيها مملكة كوش في النوبة على تشكيل قوة عسكرية واقتصادية، مستغلة حالة الاضطراب في الدولة المصرية وقد دفنت أنثى الحصان في قرية قديمة على حدود الدولة المصرية.
وقالت الدكتورة ميشيل بوزون، أستاذ الأنثروبولوجيا في جامعة بوردو، وأحد المشاركين في البعثة الأثرية بمنطقة تومبوس، إنّ «الفرس دُفنت بشكل رائع، مما يُوضح أنّ عملية الدفن كانت متعمدة»، مشيرة إلى أنّ بقايا قماش على الحوافر «دليل على أنّه كان هناك كفن»، كما أنّ الآثار الموجودة على العظام والقطع الحجرية من اللجام «تشير إلى أنّ الفرس كانت تستخدم لجر عربة»، ويعدّ هذا أول كشف من نوعه في المنطقة، ووفقا للباحثين فإنّ «البقايا الحيوانية في المنطقة نادرة جدا».
ويوجد موقع تمبوس الأثري بالقرب من الشّلال الثالث على نهر النيل في السودان، ويعود تاريخ المقابر المكتشفة به إلى الفترة التاريخية الممتدة من الدولة المصرية الحديثة منتصف الأسرة الـ18 وبين مملكة نبتة، وتوثق العلاقة بين الدولة المصرية وسكان النوبة المحليين، وتُعدّ منطقة تمبوس المكان الذي استقرّ فيه المصريون عام 1500 قبل الميلاد، للسيطرة على طرق التجارة على نهر النيل، وعثر به على أدوات من الفخار ومنحوتات كما دُفن به نحو 200 شخص.
وقال الدكتور زاهي حواس عالم المصريات ووزير الآثار الأسبق، لـ«الشرق الأوسط»: إنّ «المصري القديم لم يعرف الحصان إلّا مع دخول الهكسوس إلى مصر، ولا يوجد أي آثار للعجلة الحربية قبل ذلك»، مشيراً إلى أنّ المصري القديم «استعمل الشيء الذي هزمه، وهو الحصان والعجلة الحربية في هزيمة الأعداء وطرد الهسكوس فيما بعد».
وعن علاقة الكشف الأثري لرفات الحصان بالفراعنة، قال حواس: إنّه «كانت هناك صلة بين الهكسوس ومملكة كوش في النوبة، وكان الهكسوس يرسلون رسلا من منطقة أفاريس إلى ملك كوش يطلبون منه المساعدة في القضاء على الدولة المصرية في طيبة، لذلك من الطبيعي أن نجد رفات حصان في تلك المنطقة حيث كان الرسل يستخدمون الأحصنة».
لكن عدم معرفة الفراعنة بالحصان لا تعني عدم ارتباطهم بالحيوانات، فقد عثر الباحثون على عدد من المقابر والجبانات للحيوانات الأليفة، إمّا بمفردها أو مدفونة بجوار أصحابها.
وقال الدكتور مصطفى وزيري أمين عام المجلس الأعلى للآثار لـ«الشرق الأوسط»، إنّ «المصري القديم اهتم بالحيوانات إمّا لجلب الخير أو لاتّقاء الشّر»، موضحاّ أنّه «قدس البقرة لأنّها مصدر للبن واللحم والخير، وعندما وجد أن (ابن آوى) يفتح مقابره جعله إله الجبانة اتقاء لشره، وكذلك فعل مع التمساح الذي كان يأكل جسمه بعد الموت فجعله إله الحماية».
وأكّد حواس أنّ المصريين اهتموا بالحيوانات «اهتماما خاصا»، مشيراّ إلى أنّ الملك أمنحتب الثاني خصص مقبرتين في وادي الملوك لدفن حيواناته الأليفة التي كانت تعيش معه بالقصر. وقال إنّ «المصري القديم قدّس الحيوانات وجعلها رمزا للآلهة»، مثل القطة (باستت) في مدينة الزقازيق، والبقرة حتحور إلهة الحب، والقرد تحوت إله الحكمة، وغيرها، مضيفاً أنّ «المصري القديم قدّس الحيوانات لكنّه لم يعبدها، بل كان يعتبرها رمزا للآلهة، وبالتالي كان يقدس البقرة مثلا، لكنه يذبحها ويأكلها، وهذا لم يكن موجودا في أي شعب من شعوب العالم».
وأشار حواس إلى أنه عثر خلال حفائره بمنطقة الأهرامات، ومقابر العمال بناة الأهرامات، على تابوت مغلق دفن به كلب، مما يؤكد أن «الحضارة المصرية القديمة اهتمت بالحيوانات وقدستها».
6:58 دقيقه
رفات فرس تؤكد تقديس الفراعنة للحيوانات
https://aawsat.com/home/article/1250246/%D8%B1%D9%81%D8%A7%D8%AA-%D9%81%D8%B1%D8%B3-%D8%AA%D8%A4%D9%83%D8%AF-%D8%AA%D9%82%D8%AF%D9%8A%D8%B3-%D8%A7%D9%84%D9%81%D8%B1%D8%A7%D8%B9%D9%86%D8%A9-%D9%84%D9%84%D8%AD%D9%8A%D9%88%D8%A7%D9%86%D8%A7%D8%AA
رفات فرس تؤكد تقديس الفراعنة للحيوانات
عثر عليها في شمال السودان وعمرها ثلاثة آلاف سنة
رفات الفرس في تمبوس شمال السودان («الشرق الأوسط»)
- القاهرة: فتحية الدخاخني
- القاهرة: فتحية الدخاخني
رفات فرس تؤكد تقديس الفراعنة للحيوانات
رفات الفرس في تمبوس شمال السودان («الشرق الأوسط»)
مقالات ذات صلة
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة

