تشيني يدافع عن غزو العراق وينتقد السياسية الأميركية الحالية

تشيني يدافع عن غزو العراق وينتقد السياسية الأميركية الحالية
TT

تشيني يدافع عن غزو العراق وينتقد السياسية الأميركية الحالية

تشيني يدافع عن غزو العراق وينتقد السياسية الأميركية الحالية

دافع نائب الرئيس الاميركي السابق ديك تشيني، مهندس غزو العراق في 2003، أمس الثلاثاء، عن خياره آنذاك، وانتقد السياسة الاميركية الحالية التي اعتبر انها تفتح الباب للمقاتلين المسلحين.
وجاء حديث تشيني لشبكة "بي بي اس" التلفزيونية بينما بدأت الدفعة الاولى من المستشارين العسكريين الاميركيين البالغ عددهم الاجمالي 300، مهمتهم في بغداد أمس لمساعدة الجيش العراق، في حين أعلنت وزارة الدفاع الاميركية (البنتاغون) ان القوات الاميركية لن تقوم بدور قتالي.
وستكون المهمة الاولى للمستشارين تقييم وضع القوات العراقية وليس التدخل ضد مقاتلي "الدولة الاسلامية في العراق والشام" الذين يشنون هجوما كاسحا سيطروا فيه على مناطق عدة من شمال وغرب العراق، بحسب المسؤول الاعلامي للبنتاغون.
وفي إشارة الى مقال كتبه مع ابنته ليز تشيني ونشرته صحيفة "وول ستريت جورنال"، قال تشيني "لا نقصد ان نقلل من احترامنا للرئيس (باراك اوباما)، لكنني و(ابنتي) التي شاركتني في اعداد المقال، نشعر فعلا اننا نسير في الاتجاه الخاطئ". واضاف تشيني ان "هذه الادارة تسير في الاتجاه المعاكس تماما لما يجب".
وأضاف أنه يعتقد أن اوباما لم يشأ أبداً ترك جنود في العراق، وان قراره بالانسحاب ادى الى الاضطرابات الحالية.
وتابع تشيني أن "الرئيس لم يرغب، ولا أصدق ذلك، في ترك أي قوة في العراق. لا أعتقد ان ذلك ينسجم مع حملته الانتخابية ضد قواتنا في العراق وتعهد بإعادتهم كلهم خلال الحملة".
ودافع تشيني عن خيارات ادارة الرئيس السابق جورج بوش التي كان جزءا منها، مشددا على انها قامت بالعمل الصحيح في 2003 ، ولو انه تبين لاحقا ان تقارير الاستخبارات التي اكدت ان الرئيس العراقي صدام حسين يملك اسلحة دمار شامل كانت خاطئة.
وردا على سؤال تشيني عن الأخطاء التي ارتكبت، قال "لم تكن حربا معصومة عن الخطأ، لكنني لم أشهد أي حرب لم ترتكب فيها اخطاء حتى الآن".
واضاف تشيني ان تقارير الاستخبارات في اسلحة الدمار الشامل كانت واضحة آنذاك، وان رئيس وكالة الاستخبارات المركزية حينذاك "جورج (تينيت) قال ان الأمر محسوم سيدي الرئيس.. الأمر محسوم".
وتابع تشيني "لا اتردد في الدفاع عما قمنا به. وسواء كان قرار غزو العراق صائبا أم لا، إلا انني مؤمن به ولا أريد ان أجادل بشأنه. الناس مختلفون وآراؤهم مختلفة".
وردا على سؤال عما اذا كان تقدم مقاتلي الدولة الاسلامية في العراق والشام سببه فشل في الاستخبارات الاميركية، قال تشيني "لا افترض تلقائيا ان رجالنا فاتهم ذلك. لست أدري". وأضاف "أعتقد ان هناك احتمالا كبيرا أن ما حدث يناقض رواية أن مشاكل الإرهاب انتهت عند القضاء على أسامة بن لادن".



رياح اليسار تهب مجدداً على أميركا اللاتينية

رياح اليسار تهب مجدداً على أميركا اللاتينية
TT

رياح اليسار تهب مجدداً على أميركا اللاتينية

رياح اليسار تهب مجدداً على أميركا اللاتينية

هل عادت رياح اليسار تهب من جديد على أميركا اللاتينية بعد موجة الانتصارات الأخيرة التي حصدتها القوى والأحزاب التقدمية في الانتخابات العامة والرئاسية؟
من المكسيك إلى الأرجنتين، ومن تشيلي إلى هندوراس والبيرو، ومؤخراً كولومبيا، خمسة من أقوى الاقتصادات في أميركا اللاتينية أصبحت بيد هذه الأحزاب، فيما تتجه كل الأنظار إلى البرازيل حيث ترجح الاستطلاعات الأولى فوز الرئيس الأسبق لولا دي سيلفا في انتخابات الرئاسة المقبلة، وإقفال الدائرة اليسارية في هذه المنطقة التي تتعاقب عليها منذ عقود شتى أنظمة الاستبداد العسكري والمدني، التي شهدت أبشع الديكتاتوريات اليسارية واليمينية.
بعض هذه الدول عاد إلى حكم اليسار، مثل الأرجنتين وهندوراس وبوليفيا، بعد أن جنح إلى الاعتدال، ودول أخرى لم تكن تتصور أنها ستقع يوماً في قبضة القوى التقدمية، مثل تشيلي وكولومبيا، فيما دول مثل المكسيك وبيرو ترفع لواء اليسار لكن اقتصادها يحتكم إلى أرسخ القواعد الليبرالية.
هذه الموجة تعيد إلى الأذهان تلك التي شهدتها المنطقة مطلع هذا القرن مع صعود هوغو تشافيز في فنزويلا، وتحت الظل الأبدي الوارف لفيديل كاسترو، فيما أطلق عليه يومها «اشتراكية القرن الحادي والعشرين». ومن المفارقة أن الدوافع التي كانت وراء ظهور هذه الموجة، نجدها غالباً في تمايزها عن تلك الموجة السابقة التي كان لارتفاع أسعار المواد الأولية والصادرات النفطية الدور الأساسي في صمودها. فيما محرك التغيير اليوم يتغذى من تدهور الوضع الاجتماعي الذي فجر احتجاجات عام 2019 وتفاقم مع ظهور جائحة «كوفيد». يضاف إلى ذلك أن تطرف القوى اليمينية، كما حصل في الأرجنتين وكولومبيا وتشيلي وبيرو، أضفى على الأحزاب اليسارية هالة من الاعتدال ساعدت على استقطاب قوى الوسط وتطمين المراكز الاقتصادية.
ومن أوجه التباين الأخرى بين الموجتين، أنه لم يعد أي من زعماء الموجة الأولى تقريباً على قيد الحياة، وأن القيادات الجديدة تتميز ببراغماتية ساعدت على توسيع دائرة التحالفات الانتخابية نحو قوى الوسط والاعتدال كما حصل مؤخراً في تشيلي وكولومبيا.
حتى لولا في البرازيل بحث عن حليفه الانتخابي في وسط المشهد السياسي واختار كمرشح لمنصب نائب الرئيس جيرالدو آلكمين، أحد زعماء اليمين المعتدل، الذي سبق أن هزمه في انتخابات عام 2006.
ولى زمن زعماء اليسار التاريخيين مثل الأخوين كاسترو في كوبا، وتشافيز في فنزويلا، وإيفو موراليس في بوليفيا، الذين اعتنقوا أصفى المبادئ الاشتراكية وحاولوا تطويعها مع مقتضيات الظروف المحلية، وجاء عهد قيادات جديدة تحرص على احترام الإطار الدستوري للأنظمة الديمقراطية، وتمتنع عن تجديد الولاية، وتلتزم الدفاع عن حقوق الإنسان والحفاظ على البيئة.
لكن مع ذلك لا يستقيم الحديث عن كيان واحد مشترك تنضوي تحته كل القوى التقدمية الحاكمة حالياً في أميركا اللاتينية، إذ إن أوجه التباين بين طروحاتها الاقتصادية والاجتماعية تزيد عن القواسم المشتركة بينها، الأمر الذي يدفع إلى التساؤل حول طبيعة العلاقات التي ستقيمها هذه القوى التقدمية مع محيطها، وأيضاً مع بقية دول العالم.
وتشير الدلائل الأولى إلى ظهور توتر يتنامى بين رؤية القوى التقدمية الواقعية والمتعددة الأطراف للعلاقات الدولية، والمنظور الجيوستراتيجي للمحور البوليفاري. ومن المرجح أن يشتد في حال فوز لولا في البرازيل، نظراً لتمايز نهجه الدبلوماسي عن خط كوبا وفنزويلا، في الحكم كما في المعارضة.
ويلاحظ أن جميع القوى اليسارية الحاكمة اليوم في أميركا اللاتينية، وخلافاً لتلك التي حكمت خلال الموجة السابقة، تعتمد أسلوباً دفاعياً يهدف إلى صون، أو إحداث، تغييرات معتدلة من موقع السلطة وليس من خلال التعبئة الاجتماعية التي كانت أسلوب الأنظمة اليسارية السابقة، أو البوليفارية التي ما زالت إلى اليوم في الحكم. ولا شك في أن من الأسباب الرئيسية التي تدفع إلى اعتماد هذا الأسلوب الدفاعي، أن القوى اليسارية والتقدمية الحاكمة غير قادرة على ممارسة الهيمنة السياسية والآيديولوجية في بلدانها، وهي تواجه صعوبات كبيرة في تنفيذ برامج تغييرية، أو حتى في الحفاظ على تماسكها الداخلي.
ويتبدى من التحركات والمواقف الأولى التي اتخذتها هذه الحكومات من بعض الأزمات والملفات الإقليمية الشائكة، أن العلاقات مع كوبا ونيكاراغوا وفنزويلا ستكون مصدراً دائماً للتوتر. ومن الأمثلة على ذلك أن الرئيس الكولومبي الجديد غوستافو بيترو، ونظيره التشيلي، اللذين كانا لأشهر قليلة خلت يؤيدان النظام الفنزويلي، اضطرا مؤخراً لإدانة انتهاكات حقوق الإنسان التي يمارسها نظام نيكولاس مادورو، علماً بأن ملايين الفنزويليين لجأوا في السنوات الأخيرة إلى كولومبيا وتشيلي.
وفي انتظار نتائج الانتخابات البرازيلية المقبلة، وبعد تراجع أسهم المكسيكي مانويل لوبيز لوبرادور والتشيلي بوريتش لقيادة الجبهة التقدمية الجديدة في أميركا اللاتينية، برزت مؤخراً صورة الرئيس الكولومبي المنتخب الذي يتولى مهامه الأحد المقبل، والذي كان وضع برنامجه الانتخابي حول محاور رئيسية ثلاثة تمهد لهذا الدور، وهي: الحفاظ على البيئة والموارد الطبيعية وتغير المناخ، والدور المركزي لمنطقة الكاريبي والسكان المتحدرين من أصول أفريقية، والميثاق الإقليمي الجديد الذي لا يقوم على التسليم بريادة الولايات المتحدة في المنطقة لكن يعترف بدورها الأساسي فيها.