افتتاح ليالي «الأوبرا» المصرية في الرياض

في حفلين يقدمهما 45 مطرباً وعازفاً تعزيزاً للتواصل الثقافي

جانب من عروض دار الأوبر المصرية التي اقيمت أمس برعاية وزير الإعلام السعودي ووزيرة الثقافة المصرية (تصوير: بشير صالح)
جانب من عروض دار الأوبر المصرية التي اقيمت أمس برعاية وزير الإعلام السعودي ووزيرة الثقافة المصرية (تصوير: بشير صالح)
TT

افتتاح ليالي «الأوبرا» المصرية في الرياض

جانب من عروض دار الأوبر المصرية التي اقيمت أمس برعاية وزير الإعلام السعودي ووزيرة الثقافة المصرية (تصوير: بشير صالح)
جانب من عروض دار الأوبر المصرية التي اقيمت أمس برعاية وزير الإعلام السعودي ووزيرة الثقافة المصرية (تصوير: بشير صالح)

على وقع أنغام الموسيقى المصرية، افتتح الدكتور عواد العواد، وزير الثقافة والإعلام السعودي، والدكتورة إيناس عبد الدايم، وزيرة الثقافة المصرية، أمس، فعاليات ليالي دار الأوبرا المصرية، في مقر مركز الملك فهد الثقافي.
وشدا مطربو فرقة دار الأوبرا المصرية، بألحان كلاسيكية مبهرة، للجمهور السعودي، في حدث نادر، لم يكن من الممكن تقديمه، لولا نقلة فنية حضارية تشهدها المملكة راهناً. وقدمت فرقة الموسيقى العربية التابعة للدار، أغنيات شهيرة وتراثية، لنجوم الغناء والطرب المصريين، في خطوة وصفتها وزيرة الثقافة المصرية إيناس عبد الدايم، بأنها: «قوة ناعمة لمواجهة الأفكار الظلامية، وصمام أمان للهوية العربية».
ونوه الدكتور عوّاد العواد، وزير الثقافة والإعلام السعودي، في كلمته خلال رعايته حفل الافتتاح، إلى وجود تلاحم ثقافي بين الشعبين السعودي والمصري، وأن استضافة الحدث هي تكامل لثقافة البلدين، التي تتعزز بتوجيهات قيادة البلدين والعمل المتكامل والتنسيق على أعلى المستويات. من جانب آخر، أفادت إيناس عبد الدايم، وزيرة الثقافة المصرية، بأن استضافة هذا الحدث تعكس اهتمام البلدين، وتأتي ضمن الخطوات السريعة لتنمية الحراك الثقافي.
وأدى 45 عازفاً لنجوم الأوبرا برفقة الفرقة الموسيقية أعمالاً إبداعية من لعدد من الفنانين: محمد عبد الوهاب، وأم كلثوم، عبد الحليم حافظ، فريد الأطرش، نجاة الصغيرة، شادية، وغيرهم من نجوم الأغنية المصرية. وبعدد من المقطوعات الموسيقية «يا أعز من عيني، أي والله، ويلك ويلك، إنت الحب، كان أجمل يوم، مضناك، فكروني، وحاجة غريبة، على قد الشوق، موعود، زي الهوى، يا واحشني، شمس الأصيل، القلب يعشق، تمر حنة، أما براوه، قارئة الفنجان».
وقدمت فرقة الموسيقى العربية، بقيادة المايسترو مصطفى حلمي، وبمشاركة من فنانات وفنانين هم: مي فاروق، وأحمد عفت، ونهاد فتحي، وأحمد عصام، والعازفان وحيد ممدوح (غيتار)، وحمادة النجار (بيانو). وأقامت فرقة الأوبرا حفلها أمام أكثر من ثلاثة آلاف مشاهد داخل المسرح، في حين خصص مسؤولو المركز شاشات ضخمة نُصبت خارج القاعة لاستيعاب الجمهور.
وقال محمد منير، مدير عام دار الأوبرا المصرية، لـ«الشرق الأوسط»: إن المعرض الفني المصاحب لليالي الأوبرا المصرية المقام في الرياض يعتبر أول معرض يقام خارج مصر، ويضم صوراً نادرة تحكي تاريخ دار الأوبرا المصرية منذ 155 عاماً، وتحكي الصور الكثير من الأحداث التي تواجدت في دار الأوبرا وصولاً إلى دار الأوبرا الحديثة التي افتتحت عام 1988، مشيراً إلى أن هذا المعرض يحتوي صوراً لزيارة الأمير محمد بن سلمان بن عبد العزيز، ولي العهد نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الدفاع السعودي، مع الرئيس عبد الفتاح السيسي، حينما شاهدا عرضاً مسرحياً داخل دار الأوبرا المصرية.
وأفاد منير بأن إقامة فعاليات دار الأوبرا المصرية يعني الكثير ليس لمصر فحسب، بل للبلدين كونهما جناحي الأمة العربية، موضحاً أن إقامة تلك الفعاليات يثري الساحة الثقافية للبلدين والحفاظ على الهوية العربية.
وتعد فرقة الموسيقى العربية، المكونة من 45 فناناً وعازفاً، بقيادة المايسترو مصطفى حلمي، من أهم فرق دار الأوبرا المصرية الغنائية، كما سبق لها الغناء في عشرات الدول الأوروبية والعربية، مكرّسة إحياء التراث الغنائي لنجوم الفن والطرب المصريين الراحلين، من أمثال أم كلثوم، ومحمد عبد الوهاب، وعبد الحليم حافظ، وفريد الأطرش، ومحمد فوزي، وليلى مراد، وغيرهم من نجوم الطرب المصري، الذين أثروا بروائعهم الغنائية جزءاً من الوجدان الفني للشعوب العربية.
وتطمح الفرقة، كما يقول الدكتور مجدي صابر، رئيس دار الأوبرا المصرية، إلى «توطيد التعاون الفني والثقافي في المستقبل القريب بين مصر والسعودية، وإمتاع الجمهور المتشوق للفن الراقي». وأضاف: «مشتاقون للتواجد الفني بالسعودية في الفترة المقبلة، بعد عقود طويلة من الغياب». ويأتي هذا الحدث البارز بعد حضور ولي العهد السعودي، الأمير محمد بن سلمان، عرضاً مسرحياً بدار الأوبرا المصرية، بصحبة الرئيس عبد الفتاح السيسي، الشهر الماضي.
في السياق نفسه، يصاحب الحفلين، معرض للصور الفوتوغرافية النادرة، يوثق تاريخ الأوبرا، ويسرد للجمهور رحلتها الطويلة التي تقترب من قرن ونصف القرن من الزمان، منذ افتتاح الأوبرا القديمة عام 1869، وأهم العروض التي قدمت على مسرحها، وحتى احتراقها عام 1971، كما تنقل مشاهد من فنون وعروض الأوبرا المصرية منذ افتتاحها عام 1988 وحتى الآن.



ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
TT

ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)

ستيف بركات عازف بيانو كندي من أصل لبناني، ينتج ويغنّي ويلحّن. لفحه حنين للجذور جرّه إلى إصدار مقطوعة «أرض الأجداد» (Motherland) أخيراً. فهو اكتشف لبنان في وقت لاحق من حياته، وينسب حبّه له إلى «خيارات مدروسة وواعية» متجذرة في رحلته. من اكتسابه فهماً متيناً لهويته وتعبيره عن الامتنان لما منحه إياه الإرث من عمق يتردّد صداه كل يوم، تحاوره «الشرق الأوسط» في أصله الإنساني المنساب على النوتة، وما أضفاه إحساسه الدفين بالصلة مع أسلافه من فرادة فنية.
غرست عائلته في داخله مجموعة قيم غنية استقتها من جذورها، رغم أنه مولود في كندا: «شكلت هذه القيم جزءاً من حياتي منذ الطفولة، ولو لم أدركها بوعي في سنّ مبكرة. خلال زيارتي الأولى إلى لبنان في عام 2008. شعرتُ بلهفة الانتماء وبمدى ارتباطي بجذوري. عندها أدركتُ تماماً أنّ جوانب عدة من شخصيتي تأثرت بأصولي اللبنانية».
بين كوبنهاغن وسيول وبلغراد، وصولاً إلى قاعة «كارنيغي» الشهيرة في نيويورك التي قدّم فيها حفلاً للمرة الأولى، يخوض ستيف بركات جولة عالمية طوال العام الحالي، تشمل أيضاً إسبانيا والصين والبرتغال وكوريا الجنوبية واليابان... يتحدث عن «طبيعة الأداء الفردي (Solo) التي تتيح حرية التكيّف مع كل حفل موسيقي وتشكيله بخصوصية. فالجولات تفسح المجال للتواصل مع أشخاص من ثقافات متنوعة والغوص في حضارة البلدان المضيفة وتعلّم إدراك جوهرها، مما يؤثر في المقاربة الموسيقية والفلسفية لكل أمسية».
يتوقف عند ما يمثله العزف على آلات البيانو المختلفة في قاعات العالم من تحدٍ مثير: «أكرّس اهتماماً كبيراً لأن تلائم طريقة عزفي ضمانَ أفضل تجربة فنية ممكنة للجمهور. للقدرة على التكيّف والاستجابة ضمن البيئات المتنوّعة دور حيوي في إنشاء تجربة موسيقية خاصة لا تُنسى. إنني ممتنّ لخيار الجمهور حضور حفلاتي، وهذا امتياز حقيقي لكل فنان. فهم يمنحونني بعضاً من وقتهم الثمين رغم تعدّد ملاهي الحياة».
كيف يستعد ستيف بركات لحفلاته؟ هل يقسو عليه القلق ويصيبه التوتر بإرباك؟ يجيب: «أولويتي هي أن يشعر الحاضر باحتضان دافئ ضمن العالم الموسيقي الذي أقدّمه. أسعى إلى خلق جو تفاعلي بحيث لا يكون مجرد متفرج بل ضيف عزيز. بالإضافة إلى الجانب الموسيقي، أعمل بحرص على تنمية الشعور بالصداقة الحميمة بين الفنان والمتلقي. يستحق الناس أن يلمسوا إحساساً حقيقياً بالضيافة والاستقبال». ويعلّق أهمية على إدارة مستويات التوتّر لديه وضمان الحصول على قسط كافٍ من الراحة: «أراعي ضرورة أن أكون مستعداً تماماً ولائقاً بدنياً من أجل المسرح. في النهاية، الحفلات الموسيقية هي تجارب تتطلب مجهوداً جسدياً وعاطفياً لا تكتمل من دونه».
عزف أناشيد نالت مكانة، منها نشيد «اليونيسف» الذي أُطلق من محطة الفضاء الدولية عام 2009 ونال جائزة. ولأنه ملحّن، يتمسّك بالقوة الهائلة للموسيقى لغة عالمية تنقل الرسائل والقيم. لذا حظيت مسيرته بفرص إنشاء مشروعات موسيقية لعلامات تجارية ومؤسسات ومدن؛ ومعاينة تأثير الموسيقى في محاكاة الجمهور على مستوى عاطفي عميق. يصف تأليف نشيد «اليونيسف» بـ«النقطة البارزة في رحلتي»، ويتابع: «التجربة عزّزت رغبتي في التفاني والاستفادة من الموسيقى وسيلة للتواصل ومتابعة الطريق».
تبلغ شراكته مع «يونيفرسال ميوزيك مينا» أوجها بنجاحات وأرقام مشاهدة عالية. هل يؤمن بركات بأن النجاح وليد تربة صالحة مكوّنة من جميع عناصرها، وأنّ الفنان لا يحلّق وحده؟ برأيه: «يمتد جوهر الموسيقى إلى ما وراء الألحان والتناغم، ليكمن في القدرة على تكوين روابط. فالنغمات تمتلك طاقة مذهلة تقرّب الثقافات وتوحّد البشر». ويدرك أيضاً أنّ تنفيذ المشاريع والمشاركة فيها قد يكونان بمثابة وسيلة قوية لتعزيز الروابط السلمية بين الأفراد والدول: «فالثقة والاهتمام الحقيقي بمصالح الآخرين يشكلان أسس العلاقات الدائمة، كما يوفر الانخراط في مشاريع تعاونية خطوات نحو عالم أفضل يسود فيه الانسجام والتفاهم».
بحماسة أطفال عشية الأعياد، يكشف عن حضوره إلى المنطقة العربية خلال نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل: «يسعدني الوجود في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا كجزء من جولة (Néoréalité) العالمية. إنني في مرحلة وضع اللمسات الأخيرة على التفاصيل والتواريخ لنعلن عنها قريباً. تملؤني غبطة تقديم موسيقاي في هذا الحيّز النابض بالحياة والغني ثقافياً، وأتحرّق شوقاً لمشاركة شغفي وفني مع ناسه وإقامة روابط قوامها لغة الموسيقى العالمية».
منذ إطلاق ألبومه «أرض الأجداد»، وهو يراقب جمهوراً متنوعاً من الشرق الأوسط يتفاعل مع فنه. ومن ملاحظته تزايُد الاهتمام العربي بالبيانو وتعلّق المواهب به في رحلاتهم الموسيقية، يُراكم بركات إلهاماً يقوده نحو الامتنان لـ«إتاحة الفرصة لي للمساهمة في المشهد الموسيقي المزدهر في الشرق الأوسط وخارجه».
تشغله هالة الثقافات والتجارب، وهو يجلس أمام 88 مفتاحاً بالأبيض والأسود على المسارح: «إنها تولّد إحساساً بالعودة إلى الوطن، مما يوفر ألفة مريحة تسمح لي بتكثيف مشاعري والتواصل بعمق مع الموسيقى التي أهديها إلى العالم».