جامعة كمبردج تتفوق على أكسفورد و«لوفان» الأولى في الابتكار

ضمن جدولين لأفضل الجامعات البريطانية والأوروبية

جامعة كمبردج البريطانية
جامعة كمبردج البريطانية
TT

جامعة كمبردج تتفوق على أكسفورد و«لوفان» الأولى في الابتكار

جامعة كمبردج البريطانية
جامعة كمبردج البريطانية

احتلت جامعتا كمبردج وأكسفورد، الموقعين المتقدمين في أحدث جدول لتصنيف الجامعات الرائدة في بريطانيا، بينما احتلت جامعة لوفان في بلجيكا الموقع الأول في جدول ثان لأفضل 100 جامعة أوروبية متميزة في الابتكار.
وضمن جدول «الدليل الكامل لتصنيف الجامعات لعام 2019» في بريطانيا احتلت جامعة كمبردج الموقع الأول قبل أكسفورد التي جاءت في الموقع الثاني وذلك للسنة الثامنة على التوالي، وذلك استنادا إلى 10 معايير من ضمنها: الأبحاث، ورضا الطلاب، وآفاق عمل الخريجين من الجامعات.
وجاءت «كلية لندن للاقتصاد» في الموقع الثالث تلتها جامعة «إمبريال كوليدج». وأظهر الدليل أن هاتين الجامعتين الأخيرتين تفوقتا في مجالات الأبحاث على جامعتي كمبردج وأكسفورد.
وأظهر الدليل أن نحو 20 جامعة بريطانية تمتاز بموقعها الآن كجامعة من «الصنف العالمي». ونقلت وسائل الإعلام البريطانية عن الدكتور برنارد كنغستون الرئيس المشرف على الدليل أن جامعتي كمبردج وأكسفورد اللتين تحتلان مواقع الصدارة في الدليل قد تشهدان تحديات جديدة في السنوات المقبلة لمكانتهما العلمية. ويستند الدليل الذي نشر لأول مرة عام 2007 إلى بيانات من مؤسسة «مايفيلد يونيفرسيتي كانسالتانتس» التي كانت تشرف على إصدار جدول تصنيف الجامعات للدليل الجامعي لصحيفة «التايمز».
وجاءت في الموقع الخامس جامعة سانت أندروز التي تخرج منها كل من الأمير ويليام حفيد الملكة إليزابيث الثانية وزوجته كايت، تبعتها جامعات درهام ولوفبورو ولانكستر وواريك. واحتلت جامعة «يونيفرسيتي كوليدج لندن» الموقع العاشر.
على صعيد آخر قدمت «رويترز» جدولها الموسوم «أكثر الجامعات الأوروبية في ميدان الابتكار»، الذي صنفت فيه مختلف الجامعات وفقا لدورها في الأبحاث، واختراع التقنيات الجديدة، وخلق أسواق وصناعات جديدة.
واحتلت جامعة لوفان (التي تعرف بالاسم: كيه يو لوفان) التي مقرها في مقاطعة الفلاندر البلجيكية وتدرس باللغة الهولندية، الموقع الأول. وجاءت جامعة «إمبريال كوليدج لندن» في الموقع الثاني تبعتها جامعة كمبردج في الموقع الثالث. وحافظت هذه الجامعات على مواقعها المتقدمة لثلاث سنوات متتالية.
وكانت جامعة لوفان قد تأسست عام 1425 وتميزت بمبتكراتها. وتحتل براءات اختراعات الباحثين في الجامعة موقعا متميزا في إشارات أعمال ونتاجات الباحثين الآخرين والخبراء الصناعيين حول العالم، وهذا هو أول المعايير الرئيسية التي اعتمدها الجدول في تصنيف الجامعات في مجالات الابتكار.
وتعاونت «رويترز» مع مؤسسة «كلاريفايت أناليتيكس» في تصنيف الجامعات اعتمادا على ملكيتها لبراءات الاختراع وعلى تحليلات تقديم البراءات، وعلى إشارات الباحثين الآخرين إليها.
وأشارت النشرة الإنجليزية لوكالة «رويترز» إلى أن الأوضاع السياسية غير المستقرة تؤثر على مواقع الجامعات الأوروبية، إذ أظهر التصنيف الجديد أن 23 جامعة ألمانية قد عززت موقعها هذا العام بـ23 نقطة، أي أكثر من جامعات أي دولة أخرى، بينما عززت 5 جامعات سويسرية موقعها بـ8 نقاط، وبخلاف ذلك فقد أظهرت قائمة من 21 جامعة بريطانية أنها خسرت 35 نقطة. وعزا التقرير ذلك إلى الظروف المرافقة لعملية خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي.
وقفزت مدرسة البوليتكنيك الفيدرالية في لوزان في سويسرا من الموقع الخامس سابقا لتحتل الموقع الرابع، تبعتها جامعة «إرلانجين نورمبرغ»، ثم الجامعة التقنية في ميونيخ، ثم جامعة مانجستر البريطانية، وجامعة ميونيخ، والجامعة التقنية في الدنمارك. وجاءت جامعة «إي تي إتش زيوريخ» في الموقع العاشر.
ومن الجوانب اللافتة الأخرى التي أظهرها الجدول، توجه عدد من الدول الصغيرة إلى احتلال موقع متميز لها في عالم الابتكارات. وعلى سبيل المثال فقد نجحت 7 جامعات في بلجيكا التي يبلغ عدد سكانها 11 مليون نسمة في احتلال موقعها المتقدم داخل الجدول ضمن 100 جامعة ابتكارية نسبة إلى عدد السكان. كما أظهر الجدول أن سويسرا تقع في المرتبة الثانية ضمن الدول الابتكارية نسبة إلى عدد السكان ثم الدنمارك وهولندا ثم آيرلندا.



رحيل إيلي شويري عاشق لبنان و«أبو الأناشيد الوطنية»

عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
TT

رحيل إيلي شويري عاشق لبنان و«أبو الأناشيد الوطنية»

عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»

إنه «فضلو» في «بياع الخواتم»، و«أبو الأناشيد الوطنية» في مشواره الفني، وأحد عباقرة لبنان الموسيقيين، الذي رحل أول من أمس (الأربعاء) عن عمر ناهز 84 عاماً.
فبعد تعرضه لأزمة صحية نقل على إثرها إلى المستشفى، ودّع الموسيقي إيلي شويري الحياة. وفي حديث لـ«الشرق الأوسط» أكدت ابنته كارول أنها تفاجأت بانتشار الخبر عبر وسائل التواصل الاجتماعي قبل أن تعلم به عائلته. وتتابع: «كنت في المستشفى معه عندما وافاه الأجل. وتوجهت إلى منزلي في ساعة متأخرة لأبدأ بالتدابير اللازمة ومراسم وداعه. وكان الخبر قد ذاع قبل أن أصدر بياناً رسمياً أعلن فيه وفاته».
آخر تكريم رسمي حظي به شويري كان في عام 2017، حين قلده رئيس الجمهورية يومها ميشال عون وسام الأرز الوطني. وكانت له كلمة بالمناسبة أكد فيها أن حياته وعطاءاته ومواهبه الفنية بأجمعها هي كرمى لهذا الوطن.
ولد إيلي شويري عام 1939 في بيروت، وبالتحديد في أحد أحياء منطقة الأشرفية. والده نقولا كان يحضنه وهو يدندن أغنية لمحمد عبد الوهاب. ووالدته تلبسه ثياب المدرسة على صوت الفونوغراف الذي تنساب منه أغاني أم كلثوم مع بزوغ الفجر. أما أقرباؤه وأبناء الجيران والحي الذي يعيش فيه، فكانوا من متذوقي الفن الأصيل، ولذلك اكتمل المشوار، حتى قبل أن تطأ خطواته أول طريق الفن.
- عاشق لبنان
غرق إيلي شويري منذ نعومة أظافره في حبه لوطنه وترجم عشقه لأرضه بأناشيد وطنية نثرها على جبين لبنان، ونبتت في نفوس مواطنيه الذين رددوها في كل زمان ومكان، فصارت لسان حالهم في أيام الحرب والسلم. «بكتب اسمك يا بلادي»، و«صف العسكر» و«تعلا وتتعمر يا دار» و«يا أهل الأرض»... جميعها أغنيات شكلت علامة فارقة في مسيرة شويري الفنية، فميزته عن سواه من أبناء جيله، وذاع صيته في لبنان والعالم العربي وصار مرجعاً معتمداً في قاموس الأغاني الوطنية. اختاره ملك المغرب وأمير قطر ورئيس جمهورية تونس وغيرهم من مختلف أقطار العالم العربي ليضع لهم أجمل معاني الوطن في قالب ملحن لا مثيل له. فإيلي شويري الذي عُرف بـ«أبي الأناشيد الوطنية» كان الفن بالنسبة إليه منذ صغره هَوَساً يعيشه وإحساساً يتلمسه في شكل غير مباشر.
عمل شويري مع الرحابنة لفترة من الزمن حصد منها صداقة وطيدة مع الراحل منصور الرحباني. فكان يسميه «أستاذي» ويستشيره في أي عمل يرغب في القيام به كي يدله على الصح من الخطأ.
حبه للوطن استحوذ على مجمل كتاباته الشعرية حتى لو تناول فيها العشق، «حتى لو رغبت في الكتابة عن أعز الناس عندي، أنطلق من وطني لبنان»، هكذا كان يقول. وإلى هذا الحد كان إيلي شويري عاشقاً للبنان، وهو الذي اعتبر حسه الوطني «قدري وجبلة التراب التي امتزج بها دمي منذ ولادتي».
تعاون مع إيلي شويري أهم نجوم الفن في لبنان، بدءاً بفيروز وسميرة توفيق والراحلين وديع الصافي وصباح، وصولاً إلى ماجدة الرومي. فكان يعدّها من الفنانين اللبنانيين القلائل الملتزمين بالفن الحقيقي. فكتب ولحن لها 9 أغنيات، من بينها «مين إلنا غيرك» و«قوم تحدى» و«كل يغني على ليلاه» و«سقط القناع» و«أنت وأنا» وغيرها. كما غنى له كل من نجوى كرم وراغب علامة وداليدا رحمة.
مشواره مع الأخوين الرحباني بدأ في عام 1962 في مهرجانات بعلبك. وكانت أول أدواره معهم صامتة بحيث يجلس على الدرج ولا ينطق إلا بكلمة واحدة. بعدها انتسب إلى كورس «إذاعة الشرق الأدنى» و«الإذاعة اللبنانية» وتعرّف إلى إلياس الرحباني الذي كان يعمل في الإذاعة، فعرّفه على أخوَيه عاصي ومنصور.

مع أفراد عائلته عند تقلده وسام الأرز الوطني عام 2017

ويروي عن هذه المرحلة: «الدخول على عاصي ومنصور الرحباني يختلف عن كلّ الاختبارات التي يمكن أن تعيشها في حياتك. أذكر أن منصور جلس خلف البيانو وسألني ماذا تحفظ. فغنيت موالاً بيزنطياً. قال لي عاصي حينها؛ من اليوم ممنوع عليك الخروج من هنا. وهكذا كان».
أسندا إليه دور «فضلو» في مسرحية «بياع الخواتم» عام 1964. وفي الشريط السينمائي الذي وقّعه يوسف شاهين في العام التالي. وكرّت السبحة، فعمل في كلّ المسرحيات التي وقعها الرحابنة، من «دواليب الهوا» إلى «أيام فخر الدين»، و«هالة والملك»، و«الشخص»، وصولاً إلى «ميس الريم».
أغنية «بكتب اسمك يا بلادي» التي ألفها ولحنها تعد أنشودة الأناشيد الوطنية. ويقول شويري إنه كتب هذه الأغنية عندما كان في رحلة سفر مع الراحل نصري شمس الدين. «كانت الساعة تقارب الخامسة والنصف بعد الظهر فلفتني منظر الشمس التي بقيت ساطعة في عز وقت الغروب. وعرفت أن الشمس لا تغيب في السماء ولكننا نعتقد ذلك نحن الذين نراها على الأرض. فولدت كلمات الأغنية (بكتب اسمك يا بلادي عالشمس الما بتغيب)».
- مع جوزيف عازار
غنى «بكتب اسمك يا بلادي» المطرب المخضرم جوزيف عازار. ويخبر «الشرق الأوسط» عنها: «ولدت هذه الأغنية في عام 1974 وعند انتهائنا من تسجيلها توجهت وإيلي إلى وزارة الدفاع، وسلمناها كأمانة لمكتب التوجيه والتعاون»، وتابع: «وفوراً اتصلوا بنا من قناة 11 في تلفزيون لبنان، وتولى هذا الاتصال الراحل رياض شرارة، وسلمناه شريط الأغنية فحضروا لها كليباً مصوراً عن الجيش ومعداته، وعرضت في مناسبة عيد الاستقلال من العام نفسه».
يؤكد عازار أنه لا يستطيع اختصار سيرة حياة إيلي شويري ومشواره الفني معه بكلمات قليلة. ويتابع لـ«الشرق الأوسط»: «لقد خسر لبنان برحيله مبدعاً من بلادي كان رفيق درب وعمر بالنسبة لي. أتذكره بشوشاً وطريفاً ومحباً للناس وشفافاً، صادقاً إلى أبعد حدود. آخر مرة التقيته كان في حفل تكريم عبد الحليم كركلا في الجامعة العربية، بعدها انقطعنا عن الاتصال، إذ تدهورت صحته، وأجرى عملية قلب مفتوح. كما فقد نعمة البصر في إحدى عينيه من جراء ضربة تلقاها بالغلط من أحد أحفاده. فضعف نظره وتراجعت صحته، وما عاد يمارس عمله بالشكل الديناميكي المعروف به».
ويتذكر عازار الشهرة الواسعة التي حققتها أغنية «بكتب اسمك يا بلادي»: «كنت أقفل معها أي حفل أنظّمه في لبنان وخارجه. ذاع صيت هذه الأغنية، في بقاع الأرض، وترجمها البرازيليون إلى البرتغالية تحت عنوان (أومينا تيرا)، وأحتفظ بنصّها هذا عندي في المنزل».
- مع غسان صليبا
مع الفنان غسان صليبا أبدع شويري مرة جديدة على الساحة الفنية العربية. وكانت «يا أهل الأرض» واحدة من الأغاني الوطنية التي لا تزال تردد حتى الساعة. ويروي صليبا لـ«الشرق الأوسط»: «كان يعد هذه الأغنية لتصبح شارة لمسلسل فأصررت عليه أن آخذها. وهكذا صار، وحققت نجاحاً منقطع النظير. تعاونت معه في أكثر من عمل. من بينها (كل شيء تغير) و(من يوم ما حبيتك)». ويختم صليبا: «العمالقة كإيلي شويري يغادرونا فقط بالجسد. ولكن بصمتهم الفنية تبقى أبداً ودائماً. لقد كانت تجتمع عنده مواهب مختلفة كملحن وكاتب ومغنٍ وممثل. نادراً ما نشاهدها تحضر عند شخص واحد. مع رحيله خسر لبنان واحداً من عمالقة الفن ومبدعيه. إننا نخسرهم على التوالي، ولكننا واثقون من وجودهم بيننا بأعمالهم الفذة».
لكل أغنية كتبها ولحنها إيلي شويري قصة، إذ كان يستمد موضوعاتها من مواقف ومشاهد حقيقية يعيشها كما كان يردد. لاقت أعماله الانتقادية التي برزت في مسرحية «قاووش الأفراح» و«سهرة شرعية» وغيرهما نجاحاً كبيراً. وفي المقابل، كان يعدها من الأعمال التي ينفذها بقلق. «كنت أخاف أن تخدش الذوق العام بشكل أو بآخر. فكنت ألجأ إلى أستاذي ومعلمي منصور الرحباني كي يرشدني إلى الصح والخطأ فيها».
أما حلم شويري فكان تمنيه أن تحمل له السنوات الباقية من عمره الفرح. فهو كما كان يقول أمضى القسم الأول منها مليئة بالأحزان والدموع. «وبالقليل الذي تبقى لي من سنوات عمري أتمنى أن تحمل لي الابتسامة».