السعودية: الالتزام بالإصلاحات الاقتصادية يزيد الجاذبية الاستثمارية

خبراء واقتصاديون يتحدثون في مؤتمر «الاستثمار الأجنبي المباشر» في الرياض

جانب من الجلسة الأولى من المؤتمر أمس («الشرق الأوسط»)
جانب من الجلسة الأولى من المؤتمر أمس («الشرق الأوسط»)
TT

السعودية: الالتزام بالإصلاحات الاقتصادية يزيد الجاذبية الاستثمارية

جانب من الجلسة الأولى من المؤتمر أمس («الشرق الأوسط»)
جانب من الجلسة الأولى من المؤتمر أمس («الشرق الأوسط»)

أكد مسؤولون ومختصون أن السعودية تمثل اليوم إحدى أفضل مناطق جذب الاستثمارات الأجنبية في مختلف القطاعات، لافتين إلى أن ما يحصل من تغيير مذهل لا يحدث في أي من الأسواق الناشئة الأخرى حول العالم.
وقال المسؤولون إن الالتزام القوي الذي تبديه القيادة السعودية تجاه هذه الإصلاحات لا سيما الاقتصادية منها، يغري الكثير من المستثمرين الأجانب بالقدوم للسعودية، واقتناص الفرص المتاحة في قطاعات واعدة أبرزها الطاقة والصناعة.
وأوضح خالد الحصان، المدير التنفيذي لشركة السوق المالية السعودية (تداول)، أن المملكة تسعى لفتح أسواقها عبر وضع خريطة طريق واضحة المعالم لسوق رأس المال تأخذ بعين الاعتبار التغيرات الكبيرة خاصة في تداول، وأضاف أن «هيئة سوق المال قامت باتخاذ الكثير من الإصلاحات لتحقيق هذا الأمر، سواء تغييرات قانونية أو في بعض الهياكل داخل سوق رأس المال، (...) بدأنا بتغيير الإطار ومراحل العمل منذ يونيو (حزيران) 2015، ومستمرون في عملية التأهيل للسوق».
وقال الحصان على هامش مؤتمر «الاستثمار الأجنبي المباشر في السعودية: الطريق نحو تحقيق أهداف 2030»، الذي عقد أمس في الرياض: «نعتقد أننا الآن على الطريق الصحيح، وكان لا بد أن نفتح السوق ليكون مستقطباً للمستثمرين الأجانب وأن يكون هناك توازن ما بين قوى السوق... وهذا ما حددته سوق المال والهيئة السعودية، وحققناه حتى الآن لدعم رؤية 2030. وهناك المزيد سيحدث في المستقبل».
وأشار المدير التنفيذي لتداول بأن السعودية تعتبر من أكبر الأسواق الناشئة بحسب المؤشرات المالية العالمية، وهي عامل مهم بالنسبة للمستثمرين الأجانب على حد تعبيره.
من جانبه، قال الدكتور جون سفاكياناكيس المستشار المالي الأول في مركز الخليج للأبحاث، إن «ما يحدث في السعودية لا يحدث في أي مكان آخر داخل الأسواق الناشئة أو في مجموعة العشرين، لا نرى مثل هذا الالتزام القوي من الحكومة السعودية وخلال فترة قصيرة، وإذا نظرنا لخريطة العالم لم نر مثل هذا الحماس والحيوية والتغيير الذي نراه في السعودية، نرى السعودية تدفع بهذا الحماس للمستقبل».
من جانبه، أكد إبراهيم السويل، وكيل محافظ الهيئة العامة للاستثمار بالسعودية، أن الهيئة تقوم بأدوار كبيرة لاستقطاب الاستثمارات الأجنبية، مشيراً إلى وجود لجنة عليا برئاسة وزير التجارة والاستثمار تعكف على عمل الإصلاحات المطلوبة لتحسين بيئة الاستثمار وتجتمع أسبوعياً لتقييم النتائج. وقال: «أجرينا بالتعاون مع البنك الدولي عدداً من الإصلاحات وصلت إلى 100 إصلاح، ونتواصل مع القطاع الخاص، من خلال الغرف التجارية».
وتحدث السويلم عن قطاعات واعدة للمستثمرين الأجانب أو المحليين على حد سواء، منها المشاريع المزمع تطويرها لاستقطاب 30 مليون حاج ومعتمر بحلول 2030، وتابع: «نريد أن نضيف لرحلة الحاج في مكة المكرمة والمدينة المنورة، إضافة لرحلته الدينية، زيارة الأماكن التراثية».
بدوره، أوضح الدكتور أحمد قطان، وكيل السياسات العمالية بوزارة العمل السعودية قائلا: «قمنا بإصلاح السوق وهناك الكثير من البرامج دشنتها الوزارة... وقررت الحكومة أن تجعل السوق مركزاً على رأس المال وزيادة مشاركة المرأة وقلصت الفجوة في الأجور بين الذكور والإناث وبين السعوديين والأجانب، إلى جانب إصلاح نظام الكفالة لإعطاء حرية التحرك للعمال الأجانب، هذه الإصلاحات مهدت الطريق للاستثمارات الأجنبية المباشرة لتجد سوق عمل منافسة وصحية».
وشدد قطان على أنه في حالة واحدة فقط يمكن إعطاء التأشيرات، وهي عدم وجود مؤهلين للوظيفة من السوق المحلية، وقال: «إذا كانت الوظيفة المرغوبة ليست من ضمن العرض نفتح السوق للتأشيرات... ونركز اليوم على الأتمتة بدلاً من العمالة الرخيصة، القطاع الخاص في السعودية أدمن العمالة الرخيصة، وهو ما أدركناه جيداً، سوف نستمر في منح التأشيرات للقطاع الخاص شريطة ألا تزيد من البطالة أو تخلق منافسة غير منصفة للسعوديين».


مقالات ذات صلة

عبد العزيز بن سلمان: «نظام المواد البترولية» يضمن تنافسية عادلة للمستثمرين

الاقتصاد وزير الطاقة السعودي في مؤتمر البترول العالمي في كالغاري (رويترز)

عبد العزيز بن سلمان: «نظام المواد البترولية» يضمن تنافسية عادلة للمستثمرين

قال وزير الطاقة السعودي، الأمير عبد العزيز بن سلمان، إن «نظام المواد البترولية والبتروكيماوية» يدعم جهود استقطاب الاستثمارات ويضمن بيئة تنافسية عادلة للمستثمرين

«الشرق الأوسط» (الرياض)
الاقتصاد ناطحات سحاب في مركز الملك عبد الله المالي بالعاصمة السعودية الرياض (رويترز)

السعودية تجمع 12 مليار دولار من سندات دولية وسط طلب قوي

جمعت السعودية 12 مليار دولار من أسواق الدين العالمية بأول طرح لها لسندات دولية هذا العام استقطب طلبات بنحو 37 مليار دولار وهو ما يظهر مدى شهية المستثمرين.

محمد المطيري (الرياض)
الاقتصاد العاصمة السعودية الرياض (واس)

ارتفاع موافقات التركز الاقتصادي في السعودية إلى أعلى مستوياتها

حققت الهيئة العامة للمنافسة في السعودية رقماً قياسياً في قرارات عدم الممانعة خلال عام 2024 لعدد 202 طلب تركز اقتصادي، وهو الأعلى تاريخياً.

«الشرق الأوسط» (الرياض)
الاقتصاد العاصمة الرياض (رويترز)

وسط طلب قوي... السعودية تبيع سندات قيمتها 12 مليار دولار على 3 شرائح

جمعت السعودية 12 مليار دولار من أسواق الدين العالمية، في بيع سندات على 3 شرائح، وسط طلب قوي من المستثمرين.

«الشرق الأوسط» (الرياض)
الاقتصاد جانب من معرض «سيتي سكيب العالمي 2024» العقاري بالرياض (الشرق الأوسط)

القروض العقارية السعودية في أعلى مستوياتها على الإطلاق

شهدت عمليات الإقراض العقارية التي توفرها شركات التمويل ارتفاعاً إلى أعلى مستوياتها على الإطلاق بنهاية الربع الرابع من عام 2024 إلى 28 مليار ريال.

زينب علي (الرياض)

كيف تخطط سلطنة عُمان لتغطية عجز موازنة 2025؟

العاصمة العمانية مسقط (وكالة الأنباء العمانية)
العاصمة العمانية مسقط (وكالة الأنباء العمانية)
TT

كيف تخطط سلطنة عُمان لتغطية عجز موازنة 2025؟

العاصمة العمانية مسقط (وكالة الأنباء العمانية)
العاصمة العمانية مسقط (وكالة الأنباء العمانية)

تخطط الحكومة العمانية لإصدار سندات تنمية حكومية وصكوك محلية سيادية بقيمة 750 مليون ريال عماني (1.9 مليار دولار) في عام 2025؛ وذلك لتغطية العجز المتوقع في الموازنة وخدمة الدين العام.

كانت الحكومة العمانية قد نشرت، منذ أيام، أرقام موازنتها للعام المالي 2025، تتوقع فيه أن يبلغ عجز الموازنة 620 مليون ريال (1.6 مليار دولار)، بإجمالي إنفاق قدره 11.80 مليار ريال، وبزيادة قدرها 1.3 في المائة عن عام 2024. في حين أنه من المتوقع أن تسجل الإيرادات 11.18 مليار ريال، بارتفاع قدره 1.5 في المائة عن تلك المتوقعة في العام الماضي. أما خدمة الدين الحكومي فيتوقع أن تبلغ 915 مليون ريال عماني، بتراجع 13 في المائة عن موازنة 2024.

ستجمع الحكومة إجمالي 750 مليون ريال عماني من السوق المحلية، من خلال ثمانية إصدارات لسندات التنمية الحكومية بقيمة 550 مليون ريال عماني، وإصدارين من الصكوك المحلية السيادية بقيمة 200 مليون ريال عماني، وفقاً للتفاصيل الموضَّحة في توجيهات وزارة المالية بشأن موازنة 2025، وفق ما ذكرت «مسقط ديلي».

وقد صممت الوزارة خطة الاقتراض لعام 2025 بناءً على التقديرات الواردة في الموازنة العامة للدولة لعام 2025. ويشمل ذلك توقعات الدين العام واحتياجات التمويل وهيكل التمويل للعام المقبل.

ويقدَّر إجمالي متطلبات التمويل بنحو 2.5 مليار ريال عماني لعام 2025، بما في ذلك عجز في الموازنة قدره 620 مليون ريال عماني، وخدمة دين قدرها 1.8 مليار ريال عماني.

وتشير النتائج الأولية لموازنة 2024 إلى انخفاض الدين العام بنسبة 5.3 في المائة إلى 14.4 مليار ريال عماني بنهاية 2024، مقارنة بـ15.2 مليار ريال عماني في بداية العام. وانخفضت نسبة الدين إلى الناتج المحلي الإجمالي للبلاد إلى 34 في المائة خلال 2024، من 36.5 في المائة خلال 2023.

بالإضافة إلى ذلك، بلغت تكاليف خدمة الدين العام 940 مليون ريال عماني، بانخفاض 10.4 في المائة عن 1.05 مليار ريال عماني المقدَّرة في الموازنة الأولية.

تحليل الموازنة

وفي تحليلٍ لها، ذكرت شركة «كي بي إم جي (KPMG)» الاستشارية أن موازنة 2025 ترتكز على مجموعة من الأهداف الاقتصادية والاجتماعية، مثل تحقيق نمو اقتصادي لا يقل عن 3 في المائة، واستكمال تنفيذ خطط الاستدامة المالية، وتطوير الأداء المؤسسي من خلال برامج التحول الرقمي، والاستمرار في خطط الحكومة للتوظيف في القطاعين العام والخاص، والحفاظ على جودة الخدمات الاجتماعية الحكومية الأساسية، وتوفير التغطية التأمينية والحماية الاجتماعية العادلة لجميع فئات المجتمع، واستمرار تقديم الدعم الحكومي للكهرباء والمياه والوقود والمواد الغذائية الأساسية، وغيرها من الخدمات، ودعم المحافظات لتنفيذ برامج التنمية. كما تعترف أيضاً بالمخاطر المالية والاقتصادية المختلفة، مثل تقلب أسعار النفط، والتوترات الجيوسياسية، والتغيرات المناخية، والكوارث الطبيعية.

وأوردت «كي بي إم جي» النقاط التالية:

- يقدَّر العجز في موازنة 2025 بما نسبته 6 في المائة من الإيرادات المتوقَّعة، و1.4 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي، وهو يمثل انخفاضاً بنسبة 3 في المائة، مقارنةً بموازنة 2024 حين بلغ 640 مليون ريال عماني. ويقل هذا العجز بمقدار 1.2 مليار ريال عماني عن الفائض البالغ 540 مليون ريال عماني، وفقاً للنتائج الأولية لعام 2024.

- اقتراحات الحكومة تشير إلى أن تمويل العجز سيجري من خلال الاقتراض الخارجي والمحلي (220 مليون ريال عماني أو 35 في المائة)، والسحب من الاحتياطات (400 مليون ريال عماني أو 65 في المائة).

- تقدِّر موازنة 2025 مخصصات تسوية الديون بمبلغ 440 مليون ريال عماني، وهو ما يمثل زيادة بنسبة 10 في المائة، مقارنة بموازنة 2024 البالغة 400 مليون ريال عماني.

- من المتوقع تراجع الإنفاق بواقع 2.8 في المائة، مقارنة بالنتائج الأولية لعام 2024 وزيادته بواقع 1.3 في المائة، مقارنة بموازنة 2024. فميزانية عام 2025 تقدِّر النفقات التطويرية للوزارات المدنية بمبلغ 900 مليون ريال عماني؛ وهو ما جاء في موازنة 2024، لكنه أقل بنسبة 29 في المائة، مقارنة بالنتائج الأولية لعام 2024 البالغة 1.2 مليار ريال عماني. كما خُفضت نفقات خدمة الدين العام بنسبة 12.9 في المائة، مقارنة بموازنة 2024، وتقدَّر بمبلغ 0.9 مليار ريال عماني. في المقابل، جرت زيادة دعم الكهرباء بنسبة 13 في المائة، مقارنة بموازنة 2024، إلى 520 مليون ريال عماني.

- ترتفع إيرادات النفط والغاز المقدَّرة بنسبة 7.9 في المائة، مقارنة بخطة التنمية الخمسية العاشرة. وتُعوّض الزيادة في إيرادات النفط بافتراض ارتفاع سعر النفط (60 دولاراً للبرميل في موازنة 2025 مقارنة بـ50 دولاراً للبرميل في خطة التنمية الخمسية العاشرة) جزئياً الانخفاض في إيرادات الغاز (1.7 مليار ريال عماني في موازنة 2025، مقارنة بـ2.3 مليار ريال عماني في خطة التنمية الخمسية العاشرة). وتنخفض الإيرادات غير النفطية والغاز المقدَّرة بنسبة 20 في المائة، مقارنة بخطة التنمية الخمسية العاشرة. وفيما يتعلق بالنفقات، فإن إلغاء نفقات شراء الغاز يقابله زيادة في الدعم وإدراج نفقات جديدة.

وقد أدى انخفاض الإيرادات، إلى جانب الزيادة في النفقات، إلى عجزٍ قدره 620 مليون ريال في ميزانية 2025، وهو ما يزيد عن عشرة أضعاف الفائض البالغ 65 مليون ريال عماني المُدرج في ميزانية خطة التنمية الخمسية العاشرة.

- تمثل الإيرادات غير النفطية والغاز 32 في المائة من إجمالي الإيرادات الحكومية. ومن المتوقع أن تبلغ 3.57 مليار ريال عماني؛ أي بزيادة نسبتها 1.5 في المائة، مقارنة بموازنة 2024. ويستند الإسقاط المتفائل للإيرادات غير النفطية والغاز على أساس توقع ارتفاع الضرائب والرسوم والإيرادات الناتجة عن انتعاش الأنشطة الاقتصادية. وتُقدِّر ميزانية 2025 أن إيرادات ضريبة القيمة المضافة والضريبة الانتقائية ستبلغ 680 مليون ريال عماني، بارتفاع نسبته 5 في المائة، مقارنةً بموازنة 2024. وبالمثل، ستزيد إيرادات ضريبة دخل الشركات بمبلغ 656 مليون ريال عماني، بنسبة 4 في المائة، مقارنةً بموازنة 2024. ولا تتوخى موازنة 2025 أيَّ إيرادات من ضريبة الدخل الشخصي التي جرى تحديدها بوصفها مصدراً من مصادر التنويع الاقتصادي متوسطة الأجل.