«داعش» يهدد باستهداف انتخابات العراق... مرشحين وناخبين

قيادة العمليات شبهته بـ«مهزوم يحاول شحذ عناصره»

عراقية تمر بالقرب من ملصق انتخابي في بغداد أمس (رويترز)
عراقية تمر بالقرب من ملصق انتخابي في بغداد أمس (رويترز)
TT

«داعش» يهدد باستهداف انتخابات العراق... مرشحين وناخبين

عراقية تمر بالقرب من ملصق انتخابي في بغداد أمس (رويترز)
عراقية تمر بالقرب من ملصق انتخابي في بغداد أمس (رويترز)

على خلاف المرات السابقة التي كان فيها يهدد تنظيم داعش ومن قبله «القاعدة» بتفجير الانتخابات العراقية وينفذ تهديداته فإن التهديد الذي أطلقه أمس «أبو الحسن المهاجر»، المتحدث باسم «داعش» لم يلق آذانا صاغية سواء من قبل الجهات الرسمية أو الكتل المشاركة في السباق الانتخابي.
وكان «داعش» وقبله «القاعدة» درجا على تحذير العراقيين من المشاركة في الانتخابات سواء بتنفيذ عمليات اغتيال لعدد من المرشحين أو القيام بسلسلة عمليات انتحارية طالت حتى مراكز اقتراع.
وقال «أبو الحسن المهاجر» في بيان صوتي إن «كل من يشارك في الانتخابات من مرشحين وناخبين وداعمين هم كفار وحكمهم هو الموت». وبرغم أن تنظيم داعش لم يعد له وجود معلن على الأرض العراقية إلا أنه لا يزال ينشط في مناطق صحراوية ممتدة على طول الحدود العراقية - السورية - الأردنية أو حواضن في مناطق متاخمة لمحافظتي كركوك وصلاح الدين. وكانت آخر العمليات التي قام بتنفيذها والتي سببت قلقا للسلطات العراقية هي ما عرف بـ«السيطرات الوهمية» التي قام بنشرها على طريق كركوك - بغداد وأدت إلى مقتل عشرات المواطنين قبل أن ترسل بغداد قوة كافية لمسك الطريق.
من جانبها، اعتبرت قيادة العمليات المشتركة التهديدات التي أطلقها المتحدث باسم تنظيم داعش «محاولة مهزوم لشحذ عناصره». وقال المتحدث باسم القيادة العميد يحيى رسول في بيان إن «هذه ليست المرة الأولى التي تجري فيها انتخابات في العراق، وهناك الآن خطط ترسم لتأمين مراكز الاقتراع، ولدينا عمليات استباقية تقوم بها قطعاتنا وعمليات تفتيش ودهم وإلقاء قبض، وتدمير ما تبقى من خلايا داعش». وأضاف رسول: «نحن نتعامل مع عدو إرهابي ونطمئن الشعب العراقي إلى أن القوات العراقية تقوم بجهد كبير، وستؤمن مراكز الاقتراع بشكل تام»، مؤكدا أن بيان التنظيم الإجرامي «محاولة مهزوم لشحذ عناصره، وهو بيان ضعيف، ورغم ذلك نحن نتعامل مع كل التهديدات مثل هذه على محمل الجد». كما أشار إلى أن «الشعب العراقي يعيش بخير وسلام، وسنستمر بالمتابعة والملاحقة، وستكون عملية الاقتراع ناجحة، وعلى المواطن أن يتأكد من ذلك، وأن يختار من يريد بلا خوف من تهديدات (داعش)».
إلى ذلك، أكد الخبير الاستراتيجي المتخصص بشؤون الجماعات المسلحة الدكتور هشام الهاشمي في تصريح لـ«الشرق الأوسط» أن «هذا هو الخطاب الثالث للمتحدث باسم التنظيم أبو الحسن المهاجر الذي اختير بديلا للمتحدث السابق العدناني الذي اغتيل خلال شهر ديسمبر (كانون الأول) عام 2016». وعما إذا كان التنظيم بعد كل الخسائر التي مني بها في العراق خلال السنوات الأخيرة قادرا على أن يشكل تهديدا جديا للانتخابات العراقية، قال الهاشمي إن «كل ما يمكن أن يقوم به ربما عمليات انتحارية هنا أو هناك فضلا عن عمليات اغتيال وبالفعل تم تنفيذ أكثر من محاولة اغتيال لمرشحين سواء في بغداد في جانبي الكرخ والرصافة أو في كوكوك وقد أعلن (داعش) مسؤوليته عنها».
وبشأن أهم الأماكن التي يتواجد فيها «داعش» اليوم في العراق يقول الهاشمي إنه «يتواجد في مثلثات الموت وهي المناطق المفتوحة والمقاتل الشبح في المناطق الزراعية وتنظيم الظل في المناطق الحضرية».
في السياق نفسه يرى محمد جميل المياحي، الناطق الرسمي باسم تيار الحكمة، في تصريح لـ«الشرق الأوسط» أن «تنظيم داعش لم يستطع حتى عندما كان يقوم بعمليات انتحارية في مناطق مختلفة من البلاد فضلا عن السيارات المفخخة إيقاف عجلة الحياة وبالتالي فإن تهديداته الحالية لن تخرج عن محاولة القول إنهم موجودون لا أكثر»، مبينا أن «التنظيم يريد إثارة الرأي العام وهو ادعاء فارغ لم يعد له تأثير ولن يأخذه أحد بجدية».
من جانبه أكد الدكتور قحطان الجبوري المتحدث الرسمي باسم تحالف «سائرون» أن «تنظيم داعش لن يتمكن مهما حاول أن يوقف مسار الحياة في العراق بعد أن قطعت شوطا جيدا في مجال العمل الديمقراطي حيث إننا اليوم نخوض غمار التجربة الانتحابية الرابعة منذ عام 2003 وإلى اليوم». وأضاف الجبوري: «في كل الدورات الماضية كان الإرهاب موجودا بل وأكثر فاعلية حتى وصل الأمر عام 2014 أن احتل أكثر من ثلاث محافظات ومع ذلك أجرينا انتخابات وشكلنا حكومة والآن تنتهي الدورة البرلمانية والحكومية و«داعش» يهدد وسوف يستمر في التهديد لأن ما يقوم به العراقيون مناقض لقناعاته وفكره الظلامي».



اللاجئون الفلسطينيون يعودون إلى مخيم «اليرموك» في سوريا

اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
TT

اللاجئون الفلسطينيون يعودون إلى مخيم «اليرموك» في سوريا

اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)

كان مخيم اليرموك للاجئين في سوريا، الذي يقع خارج دمشق، يُعدّ عاصمة الشتات الفلسطيني قبل أن تؤدي الحرب إلى تقليصه لمجموعة من المباني المدمرة.

سيطر على المخيم، وفقاً لوكالة «أسوشييتد برس»، مجموعة من الجماعات المسلحة ثم تعرض للقصف من الجو، وأصبح خالياً تقريباً منذ عام 2018، والمباني التي لم تدمرها القنابل هدمت أو نهبها اللصوص.

رويداً رويداً، بدأ سكان المخيم في العودة إليه، وبعد سقوط الرئيس السوري السابق بشار الأسد في 8 ديسمبر (كانون الأول)، يأمل الكثيرون في أن يتمكنوا من العودة.

في الوقت نفسه، لا يزال اللاجئون الفلسطينيون في سوريا، الذين يبلغ عددهم نحو 450 ألف شخص، غير متأكدين من وضعهم في النظام الجديد.

أطفال يلعبون أمام منازل مدمرة بمخيم اليرموك للاجئين في سوريا (أ.ف.ب)

وتساءل السفير الفلسطيني لدى سوريا، سمير الرفاعي: «كيف ستتعامل القيادة السورية الجديدة مع القضية الفلسطينية؟»، وتابع: «ليس لدينا أي فكرة لأننا لم نتواصل مع بعضنا بعضاً حتى الآن».

بعد أيام من انهيار حكومة الأسد، مشت النساء في مجموعات عبر شوارع اليرموك، بينما كان الأطفال يلعبون بين الأنقاض. مرت الدراجات النارية والدراجات الهوائية والسيارات أحياناً بين المباني المدمرة. في إحدى المناطق الأقل تضرراً، كان سوق الفواكه والخضراوات يعمل بكثافة.

عاد بعض الأشخاص لأول مرة منذ سنوات للتحقق من منازلهم. آخرون كانوا قد عادوا سابقاً ولكنهم يفكرون الآن فقط في إعادة البناء والعودة بشكل دائم.

غادر أحمد الحسين المخيم في عام 2011، بعد فترة وجيزة من بداية الانتفاضة ضد الحكومة التي تحولت إلى حرب أهلية، وقبل بضعة أشهر، عاد للإقامة مع أقاربه في جزء غير مدمر من المخيم بسبب ارتفاع الإيجارات في أماكن أخرى، والآن يأمل في إعادة بناء منزله.

هيكل إحدى ألعاب الملاهي في مخيم اليرموك بسوريا (أ.ف.ب)

قال الحسين: «تحت حكم الأسد، لم يكن من السهل الحصول على إذن من الأجهزة الأمنية لدخول المخيم. كان عليك الجلوس على طاولة والإجابة عن أسئلة مثل: مَن هي والدتك؟ مَن هو والدك؟ مَن في عائلتك تم اعتقاله؟ عشرون ألف سؤال للحصول على الموافقة».

وأشار إلى إن الناس الذين كانوا مترددين يرغبون في العودة الآن، ومن بينهم ابنه الذي هرب إلى ألمانيا.

جاءت تغريد حلاوي مع امرأتين أخريين، يوم الخميس، للتحقق من منازلهن. وتحدثن بحسرة عن الأيام التي كانت فيها شوارع المخيم تعج بالحياة حتى الساعة الثالثة أو الرابعة صباحاً.

قالت تغريد: «أشعر بأن فلسطين هنا، حتى لو كنت بعيدة عنها»، مضيفة: «حتى مع كل هذا الدمار، أشعر وكأنها الجنة. آمل أن يعود الجميع، جميع الذين غادروا البلاد أو يعيشون في مناطق أخرى».

بني مخيم اليرموك في عام 1957 للاجئين الفلسطينيين، لكنه تطور ليصبح ضاحية نابضة بالحياة حيث استقر العديد من السوريين من الطبقة العاملة به. قبل الحرب، كان يعيش فيه نحو 1.2 مليون شخص، بما في ذلك 160 ألف فلسطيني، وفقاً لوكالة الأمم المتحدة للاجئين الفلسطينيين (الأونروا). اليوم، يضم المخيم نحو 8 آلاف لاجئ فلسطيني ممن بقوا أو عادوا.

لا يحصل اللاجئون الفلسطينيون في سوريا على الجنسية، للحفاظ على حقهم في العودة إلى مدنهم وقراهم التي أُجبروا على مغادرتها في فلسطين عام 1948.

لكن، على عكس لبنان المجاورة، حيث يُمنع الفلسطينيون من التملك أو العمل في العديد من المهن، كان للفلسطينيين في سوريا تاريخياً جميع حقوق المواطنين باستثناء حق التصويت والترشح للمناصب.

في الوقت نفسه، كانت للفصائل الفلسطينية علاقة معقدة مع السلطات السورية. كان الرئيس السوري الأسبق حافظ الأسد وزعيم «منظمة التحرير الفلسطينية»، ياسر عرفات، خصمين. وسُجن العديد من الفلسطينيين بسبب انتمائهم لحركة «فتح» التابعة لعرفات.

قال محمود دخنوس، معلم متقاعد عاد إلى «اليرموك» للتحقق من منزله، إنه كان يُستدعى كثيراً للاستجواب من قبل أجهزة الاستخبارات السورية.

وأضاف متحدثاً عن عائلة الأسد: «على الرغم من ادعاءاتهم بأنهم مع (المقاومة) الفلسطينية، في الإعلام كانوا كذلك، لكن على الأرض كانت الحقيقة شيئاً آخر».

وبالنسبة لحكام البلاد الجدد، قال: «نحتاج إلى مزيد من الوقت للحكم على موقفهم تجاه الفلسطينيين في سوريا. لكن العلامات حتى الآن خلال هذا الأسبوع، المواقف والمقترحات التي يتم طرحها من قبل الحكومة الجديدة جيدة للشعب والمواطنين».

حاولت الفصائل الفلسطينية في اليرموك البقاء محايدة عندما اندلع الصراع في سوريا، ولكن بحلول أواخر 2012، انجر المخيم إلى الصراع ووقفت فصائل مختلفة على جوانب متعارضة.

عرفات في حديث مع حافظ الأسد خلال احتفالات ذكرى الثورة الليبية في طرابلس عام 1989 (أ.ف.ب)

منذ سقوط الأسد، كانت الفصائل تسعى لتوطيد علاقتها مع الحكومة الجديدة. قالت مجموعة من الفصائل الفلسطينية، في بيان يوم الأربعاء، إنها شكلت هيئة برئاسة السفير الفلسطيني لإدارة العلاقات مع السلطات الجديدة في سوريا.

ولم تعلق القيادة الجديدة، التي ترأسها «هيئة تحرير الشام»، رسمياً على وضع اللاجئين الفلسطينيين.

قدمت الحكومة السورية المؤقتة، الجمعة، شكوى إلى مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة تدين دخول القوات الإسرائيلية للأراضي السورية في مرتفعات الجولان وقصفها لعدة مناطق في سوريا.

لكن زعيم «هيئة تحرير الشام»، أحمد الشرع، المعروف سابقاً باسم «أبو محمد الجولاني»، قال إن الإدارة الجديدة لا تسعى إلى صراع مع إسرائيل.

وقال الرفاعي إن قوات الأمن الحكومية الجديدة دخلت مكاتب ثلاث فصائل فلسطينية وأزالت الأسلحة الموجودة هناك، لكن لم يتضح ما إذا كان هناك قرار رسمي لنزع سلاح الجماعات الفلسطينية.