الجامعة العربية في بيروت تكرّم الفنان حسين فهمي

يحل ضيفا عليها ليروي قصة نجاحه وتفاصيل حياته الشخصية

حسين فهمي
حسين فهمي
TT

الجامعة العربية في بيروت تكرّم الفنان حسين فهمي

حسين فهمي
حسين فهمي

في لفتة تكريمية تخص بها الفنان المصري حسين فهمي، تقيم الجامعة العربية في بيروت حفلا بعنوان «قصة نجاح» تستضيفه خلاله ليتحدث عن مشواره التمثيلي وحياته الشخصية معا. وفي هذا اللقاء الذي يعقد في قاعة «جمال عبد الناصر» في حرم الجامعة المذكورة في 25 الجاري، سيتم عرض فيلم توثيقي أعده الفنان المصري للمناسبة ويحكي عن بداياته مرورا بنجاحاته وصولا إلى إنجازاته الحالية.
ويأتي هذا التكريم السادس من نوعه الذي اعتادت الجامعة العربية في بيروت تنظيمه منذ عام 2012 حتى اليوم. وقد استقبلت خلالها أسماء لامعة ومعروفة أمثال الإعلامي مارسيل غانم والفنان راغب علامة والوزيرة السابقة ليلى الصلح وغيرهم. «لقد سبق ووضعنا استراتيجية تمتد لغاية عام 2023 تكمن أولوياتها في تمكين وتطوير جامعتنا ليس فقط في المجال التعليمي المعروفة به، بل لتطال مجالات أخرى اجتماعية وإنسانية وتثقيفية، فتفتح أمام طلابنا آفاقا واسعة وتحثهم على تقديم الأفضل واكتساب خلفية ثقافية غنية». يقول عمر الفاروق النخال (مدير قسم الإعلام في الجامعة العربية) في حديثه لـ«الشرق الأوسط». ويضيف: «اللقاء مع حسين فهمي سيجري على هيئة حوار شامل بحيث سيطرح عليه طلابنا في قسم الإعلام نحو 15 سؤالاً عاديا و10 أخرى سريعة، فنتعرف خلالها على حسين فهمي الفنان والإنسان والزوج والأب وما إلى هنالك من نواحٍ أخرى لم يسبق أن تحدث فيها النجم المصري».
وسيفتتح هذا اللقاء مع حسين فهمي والذي تديره زينة العريس (مديرة قسم العلاقات العامة في الجامعة) مع فيلم يحكي عن الجامعة العربية وأهميتها كصرح تعليمي يشهد له على الخارطة التعليمية في العالم، ويطل كذلك على المراكز الاجتماعية والصحية التي استحدثتها ضمن استراتيجيتها الجديدة كالتي تتعلق بحقوق الإنسان والتعليم المستمر، وكذلك تلك التي تصب في خدمة المجتمع ومن شأنها أن تعرف الطلاب عن قرب على أصحاب الاحتياجات الخاصة والشخصيات والأسماء اللامعة في لبنان والعالم. «الشخصيات التي نستضيفها تحت عنوان (قصة نجاح) معروفة وتتميز بأعمالها وإنجازاتها على أصعدة عدة». يوضح عمر الفاروق النخال في سياق حديثه. أما الوثائقي الذي يتناول قصة حسين فهمي والذي سيعرض للمرة الأولى في هذا اللقاء، فسيعتمده الفنان المصري بعدها ليشكل مقدمة يفتتح فيها أي لفتة تكريمية يخص بها في العالمين العربي والغربي. وسيجري الحوار معه ضمن استوديو الجامعة الذي تم ابتكاره من قبل طلاب الإعلام فيها ليستقبلوا ضيوفهم من لبنان والعالم. «إن إدارة العلاقات العامة في قسم الإعلام تتمتع بتجهيزات وتقنيات وقدرات بشرية كاملة وضرورية من أجل تنظيم لقاءات مماثلة». يوضح النخال. وعن سبب اختيار الفنان حسين فهمي لتكريمه هذا العام يرد: «كما هو معروف لدى الجميع فإن من بين أساتذتنا في الجامعة دكاترة مصريين، كما تربطنا علاقة وثيقة ومشتركة مع جامعات ومراكز ثقافية مصرية مما أتاح لنا الاتصال بالفنان المصري، الذي لم يتردد في الموافقة لحضور هذا اللقاء لا سيما أنه يحب لبنان ويملك منزلا له في بيروت يخوله زيارتها من وقت لآخر».
ويأتي هذا التكريم لحسين فهمي في ذكرى مرور 50 سنة على مشواره الفني، هو الذي تخرج من المعهد العالي للسينما في عام 1963 ودرس الإخراج في جامعة كاليفورنيا. والمعروف أن حسين فهمي هو من أصول شركسية وولد في عائلة أرستقراطية كان جده محمد باشا فهمي رئيسا لمجلس الشورى ووالده محمود باشا فهمي سكرتيرا عاما للمجلس المذكور. أما جدّته أمينة هانم المانسترلي، فهي وجه اجتماعي كان معروفا في مصر كونها صاحبة استراحة «المانسترلي» (قصر أثري يعد تحفة معمارية مقام على مساحة 1000 متر مربع في جزيرة الروضة في القاهرة). وكان المخرج الراحل حسن الإمام أول من اكتشف موهبة حسين فهمي التمثيلية مما دفع هذا الأخير إلى تأجيل العمل في مشاريع الإخراج ويتفرغ للتمثيل السينمائي والمسرحي والتلفزيوني. تولى رئاسة مهرجان القاهرة السينمائي الدولي لعدة سنوات (1998 - 2000)، وحصل على جوائز أحسن ممثل عن أفلامه «دمي ودموعي وابتسامتي» و«الإخوة الأعداء» و«الرصاصة لا تزال في جيبي» و«انتبهوا أيها السادة» وعلى جائزة «أفضل بحث سينمائي» عن علاقة المخرج بالممثل في مهرجان النيلين عام 1983. كما اشتهر في أدواره التي خولته التمتع بلقبي «فتى الشاشة الأول» و«الوسيم الذهبي الشعر» اللذين رافقاه لأكثر من 30 عاما. وحسين فهمي الذي ولد في 22 مارس من عام 1940 تزوج 6 مرات.



رحيل إيلي شويري عاشق لبنان و«أبو الأناشيد الوطنية»

عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
TT

رحيل إيلي شويري عاشق لبنان و«أبو الأناشيد الوطنية»

عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»

إنه «فضلو» في «بياع الخواتم»، و«أبو الأناشيد الوطنية» في مشواره الفني، وأحد عباقرة لبنان الموسيقيين، الذي رحل أول من أمس (الأربعاء) عن عمر ناهز 84 عاماً.
فبعد تعرضه لأزمة صحية نقل على إثرها إلى المستشفى، ودّع الموسيقي إيلي شويري الحياة. وفي حديث لـ«الشرق الأوسط» أكدت ابنته كارول أنها تفاجأت بانتشار الخبر عبر وسائل التواصل الاجتماعي قبل أن تعلم به عائلته. وتتابع: «كنت في المستشفى معه عندما وافاه الأجل. وتوجهت إلى منزلي في ساعة متأخرة لأبدأ بالتدابير اللازمة ومراسم وداعه. وكان الخبر قد ذاع قبل أن أصدر بياناً رسمياً أعلن فيه وفاته».
آخر تكريم رسمي حظي به شويري كان في عام 2017، حين قلده رئيس الجمهورية يومها ميشال عون وسام الأرز الوطني. وكانت له كلمة بالمناسبة أكد فيها أن حياته وعطاءاته ومواهبه الفنية بأجمعها هي كرمى لهذا الوطن.
ولد إيلي شويري عام 1939 في بيروت، وبالتحديد في أحد أحياء منطقة الأشرفية. والده نقولا كان يحضنه وهو يدندن أغنية لمحمد عبد الوهاب. ووالدته تلبسه ثياب المدرسة على صوت الفونوغراف الذي تنساب منه أغاني أم كلثوم مع بزوغ الفجر. أما أقرباؤه وأبناء الجيران والحي الذي يعيش فيه، فكانوا من متذوقي الفن الأصيل، ولذلك اكتمل المشوار، حتى قبل أن تطأ خطواته أول طريق الفن.
- عاشق لبنان
غرق إيلي شويري منذ نعومة أظافره في حبه لوطنه وترجم عشقه لأرضه بأناشيد وطنية نثرها على جبين لبنان، ونبتت في نفوس مواطنيه الذين رددوها في كل زمان ومكان، فصارت لسان حالهم في أيام الحرب والسلم. «بكتب اسمك يا بلادي»، و«صف العسكر» و«تعلا وتتعمر يا دار» و«يا أهل الأرض»... جميعها أغنيات شكلت علامة فارقة في مسيرة شويري الفنية، فميزته عن سواه من أبناء جيله، وذاع صيته في لبنان والعالم العربي وصار مرجعاً معتمداً في قاموس الأغاني الوطنية. اختاره ملك المغرب وأمير قطر ورئيس جمهورية تونس وغيرهم من مختلف أقطار العالم العربي ليضع لهم أجمل معاني الوطن في قالب ملحن لا مثيل له. فإيلي شويري الذي عُرف بـ«أبي الأناشيد الوطنية» كان الفن بالنسبة إليه منذ صغره هَوَساً يعيشه وإحساساً يتلمسه في شكل غير مباشر.
عمل شويري مع الرحابنة لفترة من الزمن حصد منها صداقة وطيدة مع الراحل منصور الرحباني. فكان يسميه «أستاذي» ويستشيره في أي عمل يرغب في القيام به كي يدله على الصح من الخطأ.
حبه للوطن استحوذ على مجمل كتاباته الشعرية حتى لو تناول فيها العشق، «حتى لو رغبت في الكتابة عن أعز الناس عندي، أنطلق من وطني لبنان»، هكذا كان يقول. وإلى هذا الحد كان إيلي شويري عاشقاً للبنان، وهو الذي اعتبر حسه الوطني «قدري وجبلة التراب التي امتزج بها دمي منذ ولادتي».
تعاون مع إيلي شويري أهم نجوم الفن في لبنان، بدءاً بفيروز وسميرة توفيق والراحلين وديع الصافي وصباح، وصولاً إلى ماجدة الرومي. فكان يعدّها من الفنانين اللبنانيين القلائل الملتزمين بالفن الحقيقي. فكتب ولحن لها 9 أغنيات، من بينها «مين إلنا غيرك» و«قوم تحدى» و«كل يغني على ليلاه» و«سقط القناع» و«أنت وأنا» وغيرها. كما غنى له كل من نجوى كرم وراغب علامة وداليدا رحمة.
مشواره مع الأخوين الرحباني بدأ في عام 1962 في مهرجانات بعلبك. وكانت أول أدواره معهم صامتة بحيث يجلس على الدرج ولا ينطق إلا بكلمة واحدة. بعدها انتسب إلى كورس «إذاعة الشرق الأدنى» و«الإذاعة اللبنانية» وتعرّف إلى إلياس الرحباني الذي كان يعمل في الإذاعة، فعرّفه على أخوَيه عاصي ومنصور.

مع أفراد عائلته عند تقلده وسام الأرز الوطني عام 2017

ويروي عن هذه المرحلة: «الدخول على عاصي ومنصور الرحباني يختلف عن كلّ الاختبارات التي يمكن أن تعيشها في حياتك. أذكر أن منصور جلس خلف البيانو وسألني ماذا تحفظ. فغنيت موالاً بيزنطياً. قال لي عاصي حينها؛ من اليوم ممنوع عليك الخروج من هنا. وهكذا كان».
أسندا إليه دور «فضلو» في مسرحية «بياع الخواتم» عام 1964. وفي الشريط السينمائي الذي وقّعه يوسف شاهين في العام التالي. وكرّت السبحة، فعمل في كلّ المسرحيات التي وقعها الرحابنة، من «دواليب الهوا» إلى «أيام فخر الدين»، و«هالة والملك»، و«الشخص»، وصولاً إلى «ميس الريم».
أغنية «بكتب اسمك يا بلادي» التي ألفها ولحنها تعد أنشودة الأناشيد الوطنية. ويقول شويري إنه كتب هذه الأغنية عندما كان في رحلة سفر مع الراحل نصري شمس الدين. «كانت الساعة تقارب الخامسة والنصف بعد الظهر فلفتني منظر الشمس التي بقيت ساطعة في عز وقت الغروب. وعرفت أن الشمس لا تغيب في السماء ولكننا نعتقد ذلك نحن الذين نراها على الأرض. فولدت كلمات الأغنية (بكتب اسمك يا بلادي عالشمس الما بتغيب)».
- مع جوزيف عازار
غنى «بكتب اسمك يا بلادي» المطرب المخضرم جوزيف عازار. ويخبر «الشرق الأوسط» عنها: «ولدت هذه الأغنية في عام 1974 وعند انتهائنا من تسجيلها توجهت وإيلي إلى وزارة الدفاع، وسلمناها كأمانة لمكتب التوجيه والتعاون»، وتابع: «وفوراً اتصلوا بنا من قناة 11 في تلفزيون لبنان، وتولى هذا الاتصال الراحل رياض شرارة، وسلمناه شريط الأغنية فحضروا لها كليباً مصوراً عن الجيش ومعداته، وعرضت في مناسبة عيد الاستقلال من العام نفسه».
يؤكد عازار أنه لا يستطيع اختصار سيرة حياة إيلي شويري ومشواره الفني معه بكلمات قليلة. ويتابع لـ«الشرق الأوسط»: «لقد خسر لبنان برحيله مبدعاً من بلادي كان رفيق درب وعمر بالنسبة لي. أتذكره بشوشاً وطريفاً ومحباً للناس وشفافاً، صادقاً إلى أبعد حدود. آخر مرة التقيته كان في حفل تكريم عبد الحليم كركلا في الجامعة العربية، بعدها انقطعنا عن الاتصال، إذ تدهورت صحته، وأجرى عملية قلب مفتوح. كما فقد نعمة البصر في إحدى عينيه من جراء ضربة تلقاها بالغلط من أحد أحفاده. فضعف نظره وتراجعت صحته، وما عاد يمارس عمله بالشكل الديناميكي المعروف به».
ويتذكر عازار الشهرة الواسعة التي حققتها أغنية «بكتب اسمك يا بلادي»: «كنت أقفل معها أي حفل أنظّمه في لبنان وخارجه. ذاع صيت هذه الأغنية، في بقاع الأرض، وترجمها البرازيليون إلى البرتغالية تحت عنوان (أومينا تيرا)، وأحتفظ بنصّها هذا عندي في المنزل».
- مع غسان صليبا
مع الفنان غسان صليبا أبدع شويري مرة جديدة على الساحة الفنية العربية. وكانت «يا أهل الأرض» واحدة من الأغاني الوطنية التي لا تزال تردد حتى الساعة. ويروي صليبا لـ«الشرق الأوسط»: «كان يعد هذه الأغنية لتصبح شارة لمسلسل فأصررت عليه أن آخذها. وهكذا صار، وحققت نجاحاً منقطع النظير. تعاونت معه في أكثر من عمل. من بينها (كل شيء تغير) و(من يوم ما حبيتك)». ويختم صليبا: «العمالقة كإيلي شويري يغادرونا فقط بالجسد. ولكن بصمتهم الفنية تبقى أبداً ودائماً. لقد كانت تجتمع عنده مواهب مختلفة كملحن وكاتب ومغنٍ وممثل. نادراً ما نشاهدها تحضر عند شخص واحد. مع رحيله خسر لبنان واحداً من عمالقة الفن ومبدعيه. إننا نخسرهم على التوالي، ولكننا واثقون من وجودهم بيننا بأعمالهم الفذة».
لكل أغنية كتبها ولحنها إيلي شويري قصة، إذ كان يستمد موضوعاتها من مواقف ومشاهد حقيقية يعيشها كما كان يردد. لاقت أعماله الانتقادية التي برزت في مسرحية «قاووش الأفراح» و«سهرة شرعية» وغيرهما نجاحاً كبيراً. وفي المقابل، كان يعدها من الأعمال التي ينفذها بقلق. «كنت أخاف أن تخدش الذوق العام بشكل أو بآخر. فكنت ألجأ إلى أستاذي ومعلمي منصور الرحباني كي يرشدني إلى الصح والخطأ فيها».
أما حلم شويري فكان تمنيه أن تحمل له السنوات الباقية من عمره الفرح. فهو كما كان يقول أمضى القسم الأول منها مليئة بالأحزان والدموع. «وبالقليل الذي تبقى لي من سنوات عمري أتمنى أن تحمل لي الابتسامة».