مشروع علمي عملاق لفك شفرة المخلوقات خلال 10 سنوات

للكشف عن حوالي 15 مليون جين بتكلفة 7,‏4 مليار دولار

يوجد من المخلوقات حقيقية النوى نحو 1.5 مليون كائن
يوجد من المخلوقات حقيقية النوى نحو 1.5 مليون كائن
TT

مشروع علمي عملاق لفك شفرة المخلوقات خلال 10 سنوات

يوجد من المخلوقات حقيقية النوى نحو 1.5 مليون كائن
يوجد من المخلوقات حقيقية النوى نحو 1.5 مليون كائن

فك شفرة جميع المخلوقات الأسمى خلال مدة عشر سنوات فقط، هذا هو الهدف الطموح لمشروع علمي دولي عملاق.
يسعى القائمون على «مشروع الشفرة الحيوية للأرض» تحت إشراف علماء أحياء من الولايات المتحدة للكشف عما يصل إلى 15 مليون جين (معرفة تسلسلها الجيني) بشكل كامل بتكلفة يتوقع أن تصل إلى نحو7.‏4 مليار دولار.
قدم هاريس ليون من جامعة كاليفورنيا في مدينة دافيس الأميركية وفريق باحثين دولي تصورهم عن المشروع أمس الاثنين في مجلة «بروسيدنجز» التابعة للأكاديمية الأميركية للعلوم.
اعتبر الباحثون مشروعهم «صعودا للقمر بالنسبة لعلم الأحياء» ووصفوا المجموع الوراثي للمخلوقات بأنه «المادة المظلمة» بالنسبة لعلم الأحياء، في إشارة للمادة السوداء في الفضاء السحيق والتي لا تزال تمثل لغزا محيرا لعلماء الفلك.
وبعد أن استمر الكشف عن التسلسل الجيني للمجموع البشري لدى الإنسان من عام 1990 حتى عام 2003 يسعى الباحثون الآن لجمع البيانات الوراثية قدر الإمكان لمعظم كائنات حقيقيات النوى وهي الكائنات التي يوجد مجموعها الوراثي كله في النواة.
وتنتمي جميع الحيوانات والنباتات لهذه المخلوقات بالإضافة إلى كثير من الكائنات وحيدة الخلية. أوضح الباحثون أن 2.‏0 في المائة فقط من هذه المخلوقات هي التي تم فك شفرتها حتى الآن.
يعرف العلماء من المخلوقات حقيقية النوى نحو 5.‏1 مليون كائن حتى الآن، بالإضافة إلى أن هناك وفقا للتقديرات نحو 10 إلى 15 مليون من الأنواع أغلبها وحيدة الخلية، حشرات وحيوانات بحرية صغيرة.
كما يعتزم الباحثون تسجيل المجموع الوراثي لجميع الأنواع الحية المعروفة إضافة إلى المجموع الوراثي لأنواع ليست معروفة حتى الآن. يشار إلى أن البكتريا والبكتريا القديمة، العتائق، ليست من بين المخلوقات حقيقية النوى.
أوضح جين روبينسون من جامعة إلينوي في مدينة أوروبانا أن أبحاث المجموع الوراثي «ساعدت العلماء في تطوير عقاقير وتطوير مصادر جديدة للطاقة المتجددة وتغذية السكان المتزايدة أعدادهم وحماية البيئة ودعم بقاء البشرية ورفاهيتها». ويعتقد الباحثون أن تضاعف المعلومات الجينية سيؤدي أيضاً إلى تطورات علمية جديدة حيث يشير أنصار الفكرة إلى مشروع المجموع الجيني البشري الذي يرون أنه حقق في الولايات المتحدة وحدها نحو 140 ضعف الأموال التي استثمرت فيه.ولكن مبررات الباحثين ليست اقتصادية بالدرجة الأولى «حيث إن مشروع (الشفرة الحيوية للأرض) سيتيح لنا إلقاء نظرة في التاريخ وتنوع الحياة وسيساعدنا على أن نفهم جيدا كيف نبقى» حسبما أوضح روبينسون. وفقا للاتحاد الدولي لحفظ الطبيعة فإن هناك نحو 23 ألف من الأنواع مهددة بالانقراض، حسب وكالة الأنباء الألمانية.
ولتحقيق هدفهم لا يقتصر ليون وربينسون وزملاؤهما على مجرد ربط المشروعات التي يحاول أصحابها معرفة التسلسل الجيني لكائنات حية أكبر بل سيشركون معهم أيضا مؤسسات علمية متخصصة في الحفاظ على الأنواع الحية، حيث إن «لدى الحدائق الراعية للمجموعات النباتية على مستوى العالم أكثر من ثلث الأنواع النباتية»، حسبما أكد روبينسون الذي يراهن هو ومن معه من الباحثين على تلقي مساعدة من العوام المهتمين بالبحث العلمي خلال البحث عن أنواع جديدة والحصول على عينات منها. كما يأمل الباحثون في استخدام الأجهزة ذاتية الحركة «روبوت» في اليابسة والبحر والجو لجمع مواد جينية.
وقال الباحثون إن فك شفرة المجموع الوراثي لكائن حي يتكلف نحو ألف دولار فقط. ويتوقع الباحثون أن تستمر هذه التكلفة في الانخفاض مع استمرار التقدم العلمي والتقني. ويحلم الباحثون في إعداد قاعدة بيانية تضم 200 مليون غيغا بايت من البيانات يسمح لجميع باحثي العالم بالوصول إليه وذلك بفضل بروتوكول ناجويا بشأن الوصول للبيانات الجينية.
ويتوقع الباحثون أن «يكون هذا العلم مقدمة لاكتشافات مستقبلية للأجيال وأن يحسم في النهاية أمر استمرار الحياة على كوكب الأرض».أصبحت اتفاقية ناجويا الدولية للبيئة سارية المفعول اعتبارا من عام 2014 وتحدد الإطار الدولي للوصول لمصادر البيانات الجينية. وتهدف المعاهدة للتقسيم العادل للمميزات الناتجة عن الاستفادة بالبيانات الجينية بالإضافة إلى مكافحة قرصنة البيانات الحيوية بشكل فعال.



ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
TT

ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)

ستيف بركات عازف بيانو كندي من أصل لبناني، ينتج ويغنّي ويلحّن. لفحه حنين للجذور جرّه إلى إصدار مقطوعة «أرض الأجداد» (Motherland) أخيراً. فهو اكتشف لبنان في وقت لاحق من حياته، وينسب حبّه له إلى «خيارات مدروسة وواعية» متجذرة في رحلته. من اكتسابه فهماً متيناً لهويته وتعبيره عن الامتنان لما منحه إياه الإرث من عمق يتردّد صداه كل يوم، تحاوره «الشرق الأوسط» في أصله الإنساني المنساب على النوتة، وما أضفاه إحساسه الدفين بالصلة مع أسلافه من فرادة فنية.
غرست عائلته في داخله مجموعة قيم غنية استقتها من جذورها، رغم أنه مولود في كندا: «شكلت هذه القيم جزءاً من حياتي منذ الطفولة، ولو لم أدركها بوعي في سنّ مبكرة. خلال زيارتي الأولى إلى لبنان في عام 2008. شعرتُ بلهفة الانتماء وبمدى ارتباطي بجذوري. عندها أدركتُ تماماً أنّ جوانب عدة من شخصيتي تأثرت بأصولي اللبنانية».
بين كوبنهاغن وسيول وبلغراد، وصولاً إلى قاعة «كارنيغي» الشهيرة في نيويورك التي قدّم فيها حفلاً للمرة الأولى، يخوض ستيف بركات جولة عالمية طوال العام الحالي، تشمل أيضاً إسبانيا والصين والبرتغال وكوريا الجنوبية واليابان... يتحدث عن «طبيعة الأداء الفردي (Solo) التي تتيح حرية التكيّف مع كل حفل موسيقي وتشكيله بخصوصية. فالجولات تفسح المجال للتواصل مع أشخاص من ثقافات متنوعة والغوص في حضارة البلدان المضيفة وتعلّم إدراك جوهرها، مما يؤثر في المقاربة الموسيقية والفلسفية لكل أمسية».
يتوقف عند ما يمثله العزف على آلات البيانو المختلفة في قاعات العالم من تحدٍ مثير: «أكرّس اهتماماً كبيراً لأن تلائم طريقة عزفي ضمانَ أفضل تجربة فنية ممكنة للجمهور. للقدرة على التكيّف والاستجابة ضمن البيئات المتنوّعة دور حيوي في إنشاء تجربة موسيقية خاصة لا تُنسى. إنني ممتنّ لخيار الجمهور حضور حفلاتي، وهذا امتياز حقيقي لكل فنان. فهم يمنحونني بعضاً من وقتهم الثمين رغم تعدّد ملاهي الحياة».
كيف يستعد ستيف بركات لحفلاته؟ هل يقسو عليه القلق ويصيبه التوتر بإرباك؟ يجيب: «أولويتي هي أن يشعر الحاضر باحتضان دافئ ضمن العالم الموسيقي الذي أقدّمه. أسعى إلى خلق جو تفاعلي بحيث لا يكون مجرد متفرج بل ضيف عزيز. بالإضافة إلى الجانب الموسيقي، أعمل بحرص على تنمية الشعور بالصداقة الحميمة بين الفنان والمتلقي. يستحق الناس أن يلمسوا إحساساً حقيقياً بالضيافة والاستقبال». ويعلّق أهمية على إدارة مستويات التوتّر لديه وضمان الحصول على قسط كافٍ من الراحة: «أراعي ضرورة أن أكون مستعداً تماماً ولائقاً بدنياً من أجل المسرح. في النهاية، الحفلات الموسيقية هي تجارب تتطلب مجهوداً جسدياً وعاطفياً لا تكتمل من دونه».
عزف أناشيد نالت مكانة، منها نشيد «اليونيسف» الذي أُطلق من محطة الفضاء الدولية عام 2009 ونال جائزة. ولأنه ملحّن، يتمسّك بالقوة الهائلة للموسيقى لغة عالمية تنقل الرسائل والقيم. لذا حظيت مسيرته بفرص إنشاء مشروعات موسيقية لعلامات تجارية ومؤسسات ومدن؛ ومعاينة تأثير الموسيقى في محاكاة الجمهور على مستوى عاطفي عميق. يصف تأليف نشيد «اليونيسف» بـ«النقطة البارزة في رحلتي»، ويتابع: «التجربة عزّزت رغبتي في التفاني والاستفادة من الموسيقى وسيلة للتواصل ومتابعة الطريق».
تبلغ شراكته مع «يونيفرسال ميوزيك مينا» أوجها بنجاحات وأرقام مشاهدة عالية. هل يؤمن بركات بأن النجاح وليد تربة صالحة مكوّنة من جميع عناصرها، وأنّ الفنان لا يحلّق وحده؟ برأيه: «يمتد جوهر الموسيقى إلى ما وراء الألحان والتناغم، ليكمن في القدرة على تكوين روابط. فالنغمات تمتلك طاقة مذهلة تقرّب الثقافات وتوحّد البشر». ويدرك أيضاً أنّ تنفيذ المشاريع والمشاركة فيها قد يكونان بمثابة وسيلة قوية لتعزيز الروابط السلمية بين الأفراد والدول: «فالثقة والاهتمام الحقيقي بمصالح الآخرين يشكلان أسس العلاقات الدائمة، كما يوفر الانخراط في مشاريع تعاونية خطوات نحو عالم أفضل يسود فيه الانسجام والتفاهم».
بحماسة أطفال عشية الأعياد، يكشف عن حضوره إلى المنطقة العربية خلال نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل: «يسعدني الوجود في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا كجزء من جولة (Néoréalité) العالمية. إنني في مرحلة وضع اللمسات الأخيرة على التفاصيل والتواريخ لنعلن عنها قريباً. تملؤني غبطة تقديم موسيقاي في هذا الحيّز النابض بالحياة والغني ثقافياً، وأتحرّق شوقاً لمشاركة شغفي وفني مع ناسه وإقامة روابط قوامها لغة الموسيقى العالمية».
منذ إطلاق ألبومه «أرض الأجداد»، وهو يراقب جمهوراً متنوعاً من الشرق الأوسط يتفاعل مع فنه. ومن ملاحظته تزايُد الاهتمام العربي بالبيانو وتعلّق المواهب به في رحلاتهم الموسيقية، يُراكم بركات إلهاماً يقوده نحو الامتنان لـ«إتاحة الفرصة لي للمساهمة في المشهد الموسيقي المزدهر في الشرق الأوسط وخارجه».
تشغله هالة الثقافات والتجارب، وهو يجلس أمام 88 مفتاحاً بالأبيض والأسود على المسارح: «إنها تولّد إحساساً بالعودة إلى الوطن، مما يوفر ألفة مريحة تسمح لي بتكثيف مشاعري والتواصل بعمق مع الموسيقى التي أهديها إلى العالم».