قصف عنيف على مخيم اليرموك... وتقدم بطيء لقوات النظام

دمشق تستعجل «طي ملف المسلحين»

سحب الدخان تتصاعد من مخيم اليرموك جراء قصف من قوات النظام السوري على جنوب دمشق أمس (أ.ف.ب)
سحب الدخان تتصاعد من مخيم اليرموك جراء قصف من قوات النظام السوري على جنوب دمشق أمس (أ.ف.ب)
TT

قصف عنيف على مخيم اليرموك... وتقدم بطيء لقوات النظام

سحب الدخان تتصاعد من مخيم اليرموك جراء قصف من قوات النظام السوري على جنوب دمشق أمس (أ.ف.ب)
سحب الدخان تتصاعد من مخيم اليرموك جراء قصف من قوات النظام السوري على جنوب دمشق أمس (أ.ف.ب)

واصلت قوات النظام السوري لليوم الثالث القصف الجوي والصاروخي والمدفعي على مناطق سيطرة تنظيمي «داعش» و«هيئة تحرير الشام» جنوب العاصمة دمشق من دون تحقيق تقدم بري ملموس، ذلك بخلاف توقعات النظام وحلفائه، بأن المعركة هناك «لن تكون صعبة وستستغرق أياما معدودة فقط».
وكانت قوات النظام بدأت، في إطار مساع لتأمين دمشق ومحيطها، مساء الخميس حملة استهدفت مسلحي «داعش» و«تحرير الشام» في مخيم اليرموك للاجئين الفلسطينيين وناحية الحجر الأسود والقسم الشرقي من حي «القدم» والجنوبي من حي «التضامن» في جنوب دمشق، وذلك بعد إغلاق ملف وجود المعارضة المسلحة في الغوطة الشرقية لدمشق.
واستمر طوال ليل الجمعة - السبت وحتى مساء أمس في الأحياء المجاورة لمناطق سيطرة «داعش» و«تحرير الشام» من الجهة الجنوبية سماع أصوات تحليق طائرات حربية في أجواء المنطقة، وقصف كثيف نجمت عنه انفجارات عنيفة، وشوهدت من بلدة يلدا المجاورة لليرموك والحجر الأسود من الجهة الشرقية سحب كثيفة من الدخان والغبار ترتفع من كثير من المباني في المخيم والحجر الأسود استهدفها القصف.
وتحدثت وكالة الأنباء السورية الرسمية (سانا) بأن «وحدات من الجيش وجهت صباح اليوم (السبت) ضربات مركزة على مقار وأوكار التنظيمات الإرهابية ومستودعات الأسلحة وخطوط الإمداد في الحجر الأسود جنوب دمشق وكبدتها خسائر كبيرة»، وجددت التأكيد أن «العملية العسكرية مستمرة حتى استئصال الإرهاب من الغوطة الغربية وإنهاء الوجود الإرهابي فيها».
وتدل مشاهد القصف وسحب الدخان والغبار الكثيفين على دمار كبير جدا يحصل في مباني المناطق المستهدفة من جراء عمليات القصف.
وتعتبر مناطق جنوب دمشق المحاصرة مع منطقة القلمون الشرقي التي يجري فيها حاليا اتفاق تهجير للمقاتلين وعوائلهم، آخر معقلين تسيطر عليهما المعارضة المسلحة و«داعش» و«النصرة» في محيط العاصمة دمشق، بعد استعادة النظام وحلفائه السيطرة على معظم مدن وبلدات الريف الدمشقي وتهجير مقاتليها وأعداد كبيرة من سكانها.
ويقسم الجنوب الدمشقي الخارج عن سيطرة النظام إلى خمس مناطق رئيسية، أكبرها منطقة بلدات «يلدا» و«ببيلا» و«بيت سحم»، التابعة إدارياً لريف العاصمة، وتسيطر عليها فصائل من المعارضة المسلحة، وناحية «الحجر الأسود» التي تقع إلى الغرب من تلك البلدات وتعتبر المعقل الرئيسي لـ«داعش»، و«مخيم اليرموك» إلى الشمال من تلك البلدات ويسيطر «داعش» على قسم كبير منه جنوبا، بينما تسيطر «تحرير الشام» على جيب صغير في غربه، على حين يسيطر النظام وحلفاؤه على القسم الشمالي منه. كما هناك القسم الشرقي من حي «القدم» المجاور لـ«الحجر الأسود» من الناحية الغربية، ويسيطر عليه تنظيم داعش، إضافة إلى القسم الجنوبي من حي «التضامن» ويسيطر عليه أيضا تنظيم داعش الذي تقدر أعداد مقاتليه في مناطق سيطرته بنحو ألفي مسلح، بينما لا يتجاوز عدد مسلحي «تحرير الشام» في الجيب الذي تسيطر عليه 180 مسلحا.
ويعتبر «مخيم اليرموك» المنطقة الأبرز في جنوب العاصمة، وتتبع إدارياً محافظة دمشق، ويقع على بعد أكثر من سبعة كيلومترات جنوب العاصمة، وتصل مساحته إلى كيلومترين مربعين. وسيطرت عليه في 16 ديسمبر (كانون الأول) 2012 فصائل من «الجيش الحر»، لينتهي به المطاف بسيطرة «داعش» على الجزء الأكبر منه في أبريل (نيسان) عام 2016 إثر هجوم عنيف على «تحرير الشام» في أماكن وجودها هناك ومحاصرتها في جيب صغير في غربه، بعد أن كانت الأخيرة انتهت بالتعاون مع «داعش» من وجود فصائل «الجيش الحر».
جاء القصف العنيف لتلك المناطق بعد انتهاء مهلة 48 ساعة منحها النظام لـ«داعش» للخروج من مناطق سيطرته في جنوب دمشق من أجل تجنيب المنطقة العمل العسكري، وتحدثت عنها مصادر إعلامية مقربة منه.
وترافقت الأنباء عن المهلة مع تصريحات لأمين عام «جبهة النضال الشعبي الفلسطيني» خالد عبد المجيد الذي تقاتل قواته مع قوات النظام في «اليرموك»، تحدث فيها عن أن تنظيم داعش الموجود جنوب المخيم وفي «الحجر الأسود» «حتى الآن يرفض الانسحاب وهو من يقصف الأحياء المجاورة، وقد أعطي مهلة لأيام من أجل البحث بتنفيذ الاتفاق، وفي حال عدم الانصياع للاتفاق مع الدولة عبر وسطاء محليين، فإنهم قد يواجهون عملية عسكرية».
وذكر عبد المجيد في تصريحاته، أن العملية العسكرية ضد المسلحين في المخيم إن حصلت «فلن تكون صعبة أو طويلة وستستغرق أياما معدودة».
ومع حلول مساء الخميس سمع في الأحياء المجاورة لمناطق سيطرة «داعش» من الجهة الجنوبية أصوات طائرات حربية في أجواء المنطقة، وقصف كثيف نجمت عنه انفجارات عنيفة، وشوهدت في المناطق المجاورة لـ«اليرموك و«الحجر الأسود» سحب كثيفة من الدخان والغبار ترتفع من كثير من المباني في المخيم و«الحجر الأسود» استهدفها القصف الذي استمر طوال ليل الخميس - الجمعة.
ووسط استمرار القصف صباح الجمعة، أعلنت «سانا» عن «اتفاق على وقف إطلاق النار في الغوطة الغربية بين دمشق والمجموعات بعد استسلامها نتيجة خسائرهم الكبيرة في الأفراد والعتاد وتدمير تحصينات لهم خلال استهداف سلاحي الجو والمدفعية لأوكارهم وتجمعاتهم».
وذكرت أن الاتفاق «سيدخل حيز التنفيذ حين التأكد من التزام المجموعات الإرهابية بكل تفاصيله»، في إشارة إلى مسلحي تنظيمي «داعش» و«جبهة النصرة»، وبينت أنه بموجب بنود الاتفاق سيتم «إخراج معظم المجموعات الإرهابية بعضها إلى إدلب والآخر إلى البادية الشرقية بينما ستتم تسوية أوضاع المجموعات الأخرى». وأضافت الوكالة أنه «تم تخيير إرهابيين من جماعات أخرى بين المغادرة النهائية والبقاء في (بلدات) (يلدا) و(ببيلا) و(بيت سحم) وتسوية أوضاعهم»، في إشارة إلى مسلحي فصائل المعارضة المسلحة.
وفي مؤشر على ممارسة أكبر قدر من الضغط على مسلحي «داعش» و«تحرير الشام» للخروج من المنطقة، أكدت الوكالة «استمرار العملية العسكرية إلى حين الانتهاء من تفاصيل بنود الاتفاق كاملا وذلك انطلاقا من إدراك الدولة السورية أن بعض المجموعات الإرهابية قد تراوغ وتعرقل بعض البنود ما إذا كان التفاوض تحت النار.
من جانبها، ذكرت وكالة «أعماق» الناطقة باسم «داعش»، أن أكثر من مائة غارة جوية، قصفت في شكل مستمر منذ يوم الجمعة «مخيم اليرموك» و«الحجر الأسود» وحيي «التضامن» و«القدم».
وبينما تحدثت صفحات «زرقاء» موالية للنظام عن «تقدم» للنظام على محوري «الريجة» في مخيم اليرموك الذي تتحصن به «هيئة تحرير الشام»، والقسم الجنوبي من حي «التضامن»، رأت مصادر مراقبة أن «عمليات القصف المكثف والعنيف لا تدل على حصول عملية اقتحام بعد». وأشارت المصادر إلى صعوبة المعركة في تلك المناطق لكونها مناطق سكنية وأن «داعش» عزز قبل اندلاعها مواقعه وتحصيناته بشكل كبير، وأن ما سيحصل إذا ما جرت عمليات اقتحام هي «حرب شوارع» يصعب التكهن بموعد انتهائها، إلا أن التنظيم «قد يكون أنشأ مدينة أنفاق تحت الأرض» كما كان الحال عليه في مدن وبلدات وقرى الغوطة الشرقية، و«بالتالي فإن كل عمليات القصف هذه ربما لم تؤثر على مقاتليه بشكل كبير».
وكان لافتا ما تحدثت به صفحات «زرقاء» تعنى بملف منطقة جنوب دمشق عن «تصدي تحرير الشام» لمحاولات اقتحام من قبل الفصائل الفلسطينية المقاتلة إلى جانب النظام من مدخل «اليرموك» الشمالي، ذلك أنه جرى الحديث عن أن مسلحي «الهيئة» مشمولون باتفاق التهجير الذي جرى في القطاع الجنوبي من غوطة دمشق الشرقية التي سيطر النظام عليها مؤخرا.



العليمي: الحوثيون تسببوا في دمار هائل للبنى التحتية باليمن

رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني مشاركاً في «المنتدى الحضري العالمي» (سبأ)
رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني مشاركاً في «المنتدى الحضري العالمي» (سبأ)
TT

العليمي: الحوثيون تسببوا في دمار هائل للبنى التحتية باليمن

رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني مشاركاً في «المنتدى الحضري العالمي» (سبأ)
رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني مشاركاً في «المنتدى الحضري العالمي» (سبأ)

أكد رئيس مجلس القيادة الرئاسي في اليمن، رشاد العليمي، أن انقلاب الجماعة الحوثية في بلاده تسبَّب في دمار هائل للبنى التحتية، مشيراً إلى تقديرات أممية بأن الاقتصاد سيخسر 657 مليار دولار بحلول 2030 في حال استمرّت الحرب.

تصريحات العليمي جاءت في وقت اتَّهم فيه عضوُ مجلس القيادة الرئاسي، عثمان مجلي، الجماعةَ الحوثيةَ باستغلال موانئ الحديدة؛ لتهريب الأسلحة الإيرانية وتهديد الملاحة، وبرفض مساعي السلام، وذلك خلال لقائه في لندن وزير الدولة البريطاني للشرق الأوسط وشمال أفريقيا هاميش فالكونر.

رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني رشاد العليمي (سبأ)

وأوضح العليمي، في كلمة بلاده أمام «المنتدى الحضري العالمي»، الذي تستضيفه مصر، أن الحكومة في بلاده «ماضية في جهودها للتغلب على ظروف الحرب المدمرة التي أشعلتها الميليشيات الحوثية الإرهابية العميلة للنظام الإيراني».

واستعرض خسائر بلاده جراء الحرب الحوثية التي أدت إلى دمار هائل في قطاعات البنى التحتية والخدمات الأساسية، وفي المقدمة الكهرباء، والطرق، وخطوط النقل والموانئ والمطارات، والجسور، والمصانع، والمنشآت التجارية.

وقال إن خسائر الاقتصاد والمدن الحضرية تتضاعف يوماً بعد يوم؛ جراء الحرب المفروضة على الشعب اليمني، محذراً من أن الخسائر سترتفع بحسب تقديرات برنامج الأمم المتحدة الإنمائي إلى 657 مليار دولار بحلول عام 2030 إذا استمرّت الحرب، ولم تستجب الميليشيات لنداء السلام، ومتطلبات استعادة مسار التنمية.

وبلغة الأرقام، أوضح العليمي أن التقديرات تشير إلى تضرر خدمات المدن والحواضر اليمنية بنسبة 49 في المائة من أصول قطاع الطاقة، و38 في المائة من قطاع المياه والصرف الصحي، فضلاً عن أضرار بالغة التكلفة في شبكة الطرق الداخلية، والأصول الخاصة بقطاع الاتصالات، بينما تضرر قطاع المساكن بشدة، وأُعيدت نحو 16 مدينة يمنية عقوداً إلى الوراء.

وتطرَّق رئيس مجلس الحكم اليمني إلى التحديات البنيوية والتمويلية المعقدة التي تواجه الحكومة اليمنية إزاء المتغيرات المناخية التي ضاعفت من أعباء التدخلات الطارئة، وتباطؤ إنفاذ خطط التنمية الحضرية على مختلف المستويات.

التطرف المناخي كبَّد اليمن خسائر كبيرة خلال السنوات الماضية (إعلام محلي)

وقال العليمي: «إن الأعاصير القوية التي شهدها اليمن خلال السنوات الأخيرة تسببت بدمار واسع النطاق، بما في ذلك الفيضانات والانهيارات الأرضية والأضرار التي لحقت بالبنى التحتية ومنازل المواطنين».

وأشار إلى أنه بين أبريل (نيسان) وأغسطس (آب) 2024 خلّفت الفيضانات المفاجئة عشرات الضحايا، وأكثر من 100 ألف نازح، وخسائر في البنى التحتية والحيازات الزراعية قُدِّرت بنحو 350 مليون دولار.

وثمَّن العليمي، في كلمته، الدور السعودي والإماراتي والمصري، وباقي دول «تحالف دعم الشرعية»، في الحد من وطأة الحرب على الشعب اليمني، ومنع انهيار شامل لمؤسساته الوطنية.

من جانبه، جدَّد عضو مجلس القيادة الرئاسي اليمني، عثمان مجلي، اتهامات بلاده لإيران بدعم الحوثيين بالصواريخ والمسيّرات. وقال إن الجماعة هي التي ترفض السلام، كما حمّل المجتمع الدولي المسؤولية عن توقف معركة تحرير الحديدة.

وبحسب الإعلام الرسمي، التقى مجلي في لندن، الثلاثاء، في وزارة الخارجية البريطانية، وزير الدولة البريطاني للشرق الأوسط وشمال أفريقيا هاميش فالكونر.

عضو مجلس القيادة الرئاسي اليمني عثمان مجلي مع وزير الدولة البريطاني للشرق الأوسط وشمال أفريقيا (سبأ)

وأوضح مجلي للوزير البريطاني أن السلام مطلب الشعب اليمني الذي يعاني ويلات الانقلاب الحوثي. وقال: «لأجل السلام ذهبنا إلى المشاورات كافة، بدءاً من (جنيف1) و(جنيف2)، ومشاورات الكويت، واستوكهولم، وظهران الجنوب في السعودية».

وأكد أن الحكومة في بلاده تدعم كل الدعوات التي تحقق سلاماً عادلاً وشاملاً في اليمن وفق القرارات الدولية، بما يحقن الدماء ويصون حقوق اليمنيين في العيش بسلام.

وقال مجلي إن الدور الإيراني التخريبي امتدّ ضرره إلى الإقليم والعالم من خلال تزويد الحوثيين بالأسلحة والصواريخ الباليستية والطائرات المسيّرة، وتمكين الجماعة من تهديد السفن التجارية في البحرَين الأحمر والعربي، وإعاقة تدفق سلاسل الغذاء، وإحداث أزمة عالمية.

وأشار مجلي إلى انتهاكات الحوثيين التي امتدت إلى العاملين في المنظمات الإنسانية الأممية والدولية، وموظفي السفارات الذين تمارس الجماعة ضدهم أشد أنواع التعذيب النفسي والجسدي، غير آبهة بالتحذيرات والدعوات التي تطلقها السفارات والمنظمات الدولية لسرعة الإفراج عنهم.

واتهم الحوثيين بإعاقة كل صفقات تبادل الأسرى التي ترعاها الأمم المتحدة والمبعوث الأممي هانس غروندبرغ. وقال: «الجميع يدفع ثمن منع الشرعية من تحرير ميناء الحديدة الذي استخدمه الحوثيون سابقاً ويستخدمونه حالياً لأغراض غير إنسانية وتهريب الأسلحة، وتحويله إلى غرفة عمليات لمهاجمة السفن، وتعطيل حركة الملاحة الدولية في البحر الأحمر».

عضو مجلس القيادة اليمني عثمان مجلي اتهم إيران بدعم الحوثيين لتهديد المنطقة (سبأ)

وأثنى عضو مجلس القيادة اليمني على الدور السعودي والإماراتي في بلاده، وقال إنه كان ذا أثر ملموس في التخفيف من معاناة اليمنيين من خلال تقديم المساعدات الإنسانية والطارئة ودعم الاقتصاد والعملة الوطنية.

ونسب الإعلام اليمني الرسمي إلى الوزير البريطاني أنه أكد حرص بلاده «على المضي في العمل مع الشركاء الدوليين ودول الجوار والمنطقة؛ لمكافحة الإرهاب وتأمين خطوط الملاحة البحرية في البحر الأحمر، والالتزام بتحقيق سلام مستدام في اليمن، ودعم جهود مجلس القيادة الرئاسي والحكومة لتحسين الوضع الاقتصادي».