تونس: بوادر توتر حاد بين حكومة الشاهد واتحاد العمال

في ظل استمرار توقف الدراسة لليوم الخامس

TT

تونس: بوادر توتر حاد بين حكومة الشاهد واتحاد العمال

عقد المكتب التنفيذي للاتحاد العام التونسي للشغل (نقابة العمال) أمس، اجتماعاً عاجلاً حول ملف التعليم وتعليق الدروس، وتعطل الحوار بين نقابة التعليم الثانوي ووزارة التربية، في ظل استمرار تعليق الدروس داخل المؤسسات التربوية لليوم الخامس على التوالي.
ويعكس توتر العلاقة بين نقابة التعليم الثانوي ووزارة التربية، التوتر الشديد الذي تعرفه علاقة حكومة الشاهد بالاتحاد العام للشغل، وهو التوتر الذي انطلق منذ طرح ميزانية 2018 للنقاش داخل البرلمان.
ومن المنتظر أن تعقد القيادات النقابية العليا غداً (الاثنين)، هيئة إدارية وطنية عاجلة لتدارس الوضع العام في البلاد، والمشاورات الحالية داخل اللجنة المنبثقة عن اتفاق الموقعين على «وثيقة قرطاج».
وكان نور الدين الطبوبي، رئيس نقابة العمال، قد قطع مشاركته في اجتماع الأطراف التي وقعت على «وثيقة قرطاج»، الذي عقد الأربعاء الماضي، بعد أن أثار يوسف الشاهد ملف الكلفة المالية التي ستتحملها الدولة جراء الاتفاقيات الموقعة سابقاً بين الحكومة والاتحاد. وعبر الطبوبي عن استيائه من محاولة اتهام الاتحاد باستنزاف موارد الدولة، وعدم مراعاة الظرف الاقتصادي الصعب الذي تمر به تونس.
وفي هذا الشأن، قال بوعلي المباركي، الرئيس المساعد للاتحاد العام التونسي للشغل، إن المكتب التنفيذي العاجل ناقش توتر الأوضاع الاجتماعية والقضايا الحساسة في مؤسسات الدولة، مبرزاً أن القيادات النقابية انتقدت بشدة دعوة الشاهد أساتذة التعليم الثانوي إلى العودة إلى التدريس، وتمكين الإدارة من إعداد الامتحانات، بداية من يوم الاثنين المقبل، مع التزام الحكومة بفض الملفات العالقة بين الطرفين.
وكان الطبوبي قد طالب بإجراء تعديل وزراي، وضخ دماء جديدة في حكومة يوسف الشاهد، وتقييم عملها خلال الفترة الماضية، مع «تغيير ربان السفينة» (الشاهد) في حال الإقرار بفشله في تسيير دواليب الدولة، وإيجاد حلول للملفات الاجتماعية والاقتصادية المعقدة. على صعيد آخر، أعلن لزهر العكرمي، وزير الدولة السابق المكلف بالإصلاح في وزارة الداخلية، والقيادي السابق في حزب النداء الحاكم، تشكيل هيئة وطنية لمرافقة القائمات المستقلة في حملة الانتخابات البلدية التي تعرفها البلاد، وقال إنها ستدعم المرشحين المستقلين في كل الدوائر البلدية، موضحاً أنها اختارت لتحقيق هذا الهدف شعار «شارك واكنس»، في إشارة إلى ضرورة محاربة ظاهرة الاستقطاب السياسي الثنائي، وسد الطريق أمام مواصلة أحزاب الائتلاف الحاكم، بزعامة حزب النداء وحركة النهضة، سيطرتها على الحياة السياسية.
وضمت هذه الهيئة في تركيبتها الأولية عدداً من الوجوه السياسية المعروفة، مثل لزهر العكرمي وعبد الستار المسعودي، وكوثر بن خليفة ومنذر الحاج علي وثابت العابد، بالإضافة إلى نذير بن يدّر ومهدي الزاوي.
وفي هذا الصدد، قال العكرمي بمناسبة الإعلان عن تأسيس هذه الهيئة، إن دورها «سيكون حاسماً وداعماً لكل القائمات الانتخابية التي تظهر أنها مستقلّة حقاً... كما ستعمل على مساعدتها في تحقيق نتائج إيجابية في الانتخابات البلدية، المزمع إجراؤها في 6 مايو (أيار) المقبل»، مشدداً على أن مهمة هذه الهيئة ستتلخص في «منع الفاسدين واللصوص» من الاستحواذ على البلديات، و«تنظيف البلاد من المرتزقة واللصوص المتخفين تحت يافطة».
وبخصوص الطريقة التي ستعتمدها الهيئة لتحقيق أهدافها، أوضح العكرمي أن أعضاء الهيئة «لهم امتدادات كبيرة في الجهات، وسيوظفون علاقاتهم في منع تكرر المشهد السياسي نفسه المسيطر في تونس منذ انتخابات سنة 2011». يذكر أن 2074 قائمة انتخابية بدأت منذ 14 أبريل (نيسان) الحالي حملة انتخابية للفوز بـ7177 مقعداً بلدياً، موزعة على 350 دائرة بلدية، وذلك في انتظار الحسم النهائي في الانتخابات البلدية، التي ستُجرى في 6 مايو المقبل. وستتواصل الحملة الانتخابية إلى غاية 4 مايو بمشاركة 1055 قائمة، تمثل 22 حزباً سياسياً، و860 قائمة انتخابية مستقلة، إضافة إلى159 قائمة انتخابية ائتلافية تضم أكثر من حزب سياسي.
وعرفت القائمة النهائية للمرشحين للانتخابات البلدية بروز قائمات مستقلة، تشكلت بعيداً عن أحزاب الائتلاف الحاكم، المتهمة بالفشل في حل المشكلات الاجتماعية والاقتصادية. كما شهدت القائمات الانتخابية الإجمالية مشاركة ملحوظة لفئة السبان، قدرتها هيئة الانتخابات بنحو 52 في المائة من إجمالي المرشحين.
ويتنافس نحو 22 حزباً سياسياً على الفوز بالمقاعد البلدية المؤسسة للحكم المحلي في تونس، الذي سيرسي دعائمه لأول مرة، ويتوقع متابعون للشأن السياسي أن يكون التنافس الحزبي على أشده بين حزب النداء (ليبرالي)، وحركة النهضة (إسلامي).



بيانات أممية: غرق 500 مهاجر أفريقي إلى اليمن خلال عام

رغم المخاطر وسوء المعاملة يواصل المهاجرون التدفق إلى الأراضي اليمنية (الأمم المتحدة)
رغم المخاطر وسوء المعاملة يواصل المهاجرون التدفق إلى الأراضي اليمنية (الأمم المتحدة)
TT

بيانات أممية: غرق 500 مهاجر أفريقي إلى اليمن خلال عام

رغم المخاطر وسوء المعاملة يواصل المهاجرون التدفق إلى الأراضي اليمنية (الأمم المتحدة)
رغم المخاطر وسوء المعاملة يواصل المهاجرون التدفق إلى الأراضي اليمنية (الأمم المتحدة)

على الرغم من ابتلاع مياه البحر نحو 500 مهاجر من القرن الأفريقي باتجاه السواحل اليمنية، أظهرت بيانات أممية حديثة وصول آلاف المهاجرين شهرياً، غير آبهين لما يتعرضون له من مخاطر في البحر أو استغلال وسوء معاملة عند وصولهم.

ووسط دعوات أممية لزيادة تمويل رحلات العودة الطوعية من اليمن إلى القرن الأفريقي، أفادت بيانات المنظمة الدولية بأن ضحايا الهجرة غير الشرعية بلغوا أكثر من 500 شخص لقوا حتفهم في رحلات الموت بين سواحل جيبوتي والسواحل اليمنية خلال العام الحالي، حيث يعد اليمن نقطة عبور رئيسية لمهاجري دول القرن الأفريقي، خاصة من إثيوبيا والصومال، الذين يسعون غالباً إلى الانتقال إلى دول الخليج.

وذكرت منظمة الهجرة الدولية أنها ساعدت ما يقرب من 5 آلاف مهاجر عالق في اليمن على العودة إلى بلدانهم في القرن الأفريقي منذ بداية العام الحالي، وقالت إن 462 مهاجراً لقوا حتفهم أو فُقدوا خلال رحلتهم بين اليمن وجيبوتي، كما تم توثيق 90 حالة وفاة أخرى للمهاجرين على الطريق الشرقي في سواحل محافظة شبوة منذ بداية العام، وأكدت أن حالات كثيرة قد تظل مفقودة وغير موثقة.

المهاجرون الأفارقة عرضة للإساءة والاستغلال والعنف القائم على النوع الاجتماعي (الأمم المتحدة)

ورأت المنظمة في عودة 4.800 مهاجر تقطعت بهم السبل في اليمن فرصة لتوفير بداية جديدة لإعادة بناء حياتهم بعد تحمل ظروف صعبة للغاية. وبينت أنها استأجرت لهذا الغرض 30 رحلة طيران ضمن برنامج العودة الإنسانية الطوعية، بما في ذلك رحلة واحدة في 5 ديسمبر (كانون الأول) الحالي من عدن، والتي نقلت 175 مهاجراً إلى إثيوبيا.

العودة الطوعية

مع تأكيد منظمة الهجرة الدولية أنها تعمل على توسيع نطاق برنامج العودة الإنسانية الطوعية من اليمن، مما يوفر للمهاجرين العالقين مساراً آمناً وكريماً للعودة إلى ديارهم، ذكرت أن أكثر من 6.300 مهاجر من القرن الأفريقي وصلوا إلى اليمن خلال أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، وهو ما يشير إلى استمرار تدفق المهاجرين رغم تلك التحديات بغرض الوصول إلى دول الخليج.

وأوضح رئيس بعثة منظمة الهجرة في اليمن، عبد الستار إيسوييف، أن المهاجرين يعانون من الحرمان الشديد، مع محدودية الوصول إلى الغذاء والرعاية الصحية والمأوى الآمن. وقال إنه ومع الطلب المتزايد على خدمات العودة الإنسانية، فإن المنظمة بحاجة ماسة إلى التمويل لضمان استمرار هذه العمليات الأساسية دون انقطاع، وتوفير مسار آمن للمهاجرين الذين تقطعت بهم السبل في جميع أنحاء البلاد.

توقف رحلات العودة الطوعية من اليمن إلى القرن الأفريقي بسبب نقص التمويل (الأمم المتحدة)

ووفق مدير الهجرة الدولية، يعاني المهاجرون من الحرمان الشديد، مع محدودية الوصول إلى الغذاء، والرعاية الصحية، والمأوى الآمن. ويضطر الكثيرون منهم إلى العيش في مأوى مؤقت، أو النوم في الطرقات، واللجوء إلى التسول من أجل البقاء على قيد الحياة.

ونبه المسؤول الأممي إلى أن هذا الضعف الشديد يجعلهم عرضة للإساءة، والاستغلال، والعنف القائم على النوع الاجتماعي. وقال إن الرحلة إلى اليمن تشكل مخاطر إضافية، حيث يقع العديد من المهاجرين ضحية للمهربين الذين يقطعون لهم وعوداً برحلة آمنة، ولكنهم غالباً ما يعرضونهم لمخاطر جسيمة. وتستمر هذه المخاطر حتى بالنسبة لأولئك الذين يحاولون مغادرة اليمن.

دعم إضافي

ذكر المسؤول في منظمة الهجرة الدولية أنه ومع اقتراب العام من نهايته، فإن المنظمة تنادي بالحصول على تمويل إضافي عاجل لدعم برنامج العودة الإنسانية الطوعية للمهاجرين في اليمن.

وقال إنه دون هذا الدعم، سيستمر آلاف المهاجرين بالعيش في ضائقة شديدة مع خيارات محدودة للعودة الآمنة، مؤكداً أن التعاون بشكل أكبر من جانب المجتمع الدولي والسلطات ضروري للاستمرار في تنفيذ هذه التدخلات المنقذة للحياة، ومنع المزيد من الخسائر في الأرواح.

الظروف البائسة تدفع بالمهاجرين الأفارقة إلى المغامرة برحلات بحرية خطرة (الأمم المتحدة)

ويقدم برنامج العودة الإنسانية الطوعية، التابع للمنظمة الدولية للهجرة، الدعم الأساسي من خلال نقاط الاستجابة للمهاجرين ومرافق الرعاية المجتمعية، والفرق المتنقلة التي تعمل على طول طرق الهجرة الرئيسية للوصول إلى أولئك في المناطق النائية وشحيحة الخدمات.

وتتراوح الخدمات بين الرعاية الصحية وتوزيع الأغذية إلى تقديم المأوى للفئات الأكثر ضعفاً، وحقائب النظافة الأساسية، والمساعدة المتخصصة في الحماية، وإجراء الإحالات إلى المنظمات الشريكة عند الحاجة.

وعلى الرغم من هذه الجهود فإن منظمة الهجرة الدولية تؤكد أنه لا تزال هناك فجوات كبيرة في الخدمات، في ظل قلة الجهات الفاعلة القادرة على الاستجابة لحجم الاحتياجات.