ضبط وإنذار 187 منشأة مخالفة لقرار «منع العمل تحت الشمس»

ناشطة حقوقية: بعض العمالة ليست لها دراية بقوانين السعودية

مجموعة من العمالة الوافدة تقوم بعملها في أحد شوارع مكة المكرمة («الشرق الأوسط»)
مجموعة من العمالة الوافدة تقوم بعملها في أحد شوارع مكة المكرمة («الشرق الأوسط»)
TT

ضبط وإنذار 187 منشأة مخالفة لقرار «منع العمل تحت الشمس»

مجموعة من العمالة الوافدة تقوم بعملها في أحد شوارع مكة المكرمة («الشرق الأوسط»)
مجموعة من العمالة الوافدة تقوم بعملها في أحد شوارع مكة المكرمة («الشرق الأوسط»)

أعلنت وزارة العمل السعودية في بيانها الصادر أمس، ضبط وإنذار 187 منشأة مخالفة لقرار منع العمل تحت أشعة الشمس الذي بدأ تطبيقه مطلع الأسبوع الماضي في كل مناطق ومحافظات البلاد، مبيّنة أن هذه المخالفات ناتجة عن تشغيل ما يقارب 500 عامل أثناء أوقات الحظر.
ورغم التشديدات الحكومية القاضية بمنع العمل تحت أشعة الشمس الحارقة في وقت الذروة، فإن عددا من الجهات المشغلة لتلك العمالة ما زال يضرب بالقوانين والتشريعات الإنسانية والعمالية المتبعة في البلاد عرض الحائط، الأمر الذي دفع وزارة العمل السعودية إلى تجديد تأكيدها المضي بتطبيق القانون بحق أي مخالف لم يلتزم بما ورد في نص القرار.
ومن جهته، أوضح عبد الله أبو ثنين، وكيل وزارة العمل للتفتيش وتطوير بيئة العمل، أن الفرق التفتيشية في مدينة الرياض ضبطت 96 منشأة مخالفة بتشغيلها 178 عاملا تحت أشعة الشمس، وفي المنطقة الشرقية 42 منشأة مخالفة بتشغيل 129 عاملا، ومحافظة عنيزة 18 منشأة مخالفة بتشغيل 71 عاملا.
وشدد على معاقبة مخالفي نظام منع العمل تحت أشعة الشمس الذي بدأ تطبيقه منتصف يونيو (حزيران) الجاري، ويستمر حتى منتصف سبتمبر (أيلول) المقبل، وذلك بغرامة لا تقل عن ثلاثة آلاف ريال ولا تزيد على عشرة آلاف ريال عن كل مخالفة، أو إغلاق المنشأة لمدة لا تزيد على شهر كامل، أو إغلاقها نهائيا، فيما يجوز الجمع بين الغرامة والإغلاق معا، مع إيقاف المتسببين بهذه المخالفات.
وأشار وكيل وزارة العمل للتفتيش وتطوير بيئة العمل، إلى أن هذا التنظيم يأتي حرصا من الوزارة على سلامة العاملين وما تقتضيه مصلحة العمل، نظرا لتغيّر الظروف المناخية في السعودية، التي قد تُعرّض سلامة العمالة لأخطار جسيمة، مضيفا: «حيث تعمل وزارة العمل جاهدة على توفير بيئة عمل آمنة من مخاطر العمل المختلفة، ورفع مستوى كفاءة ووسائل الوقاية للحدّ من الإصابات والأمراض المهنية، وحماية العاملين من الحوادث، ما سينعكس على تحسين وزيادة مستوى الإنتاج، مخصصة في الوقت نفسه خطا ساخنا لتلقي الشكاوى الخاصة بمخالفي تطبيق القرار وإحالتها لوكالة التفتيش وتطوير بيئة العمل، لاتخاذ الإجراء اللازم بحقهم». وتأتي تلك التحركات في ظل تبنّي وزارة العمل عددا من الخطوات الجادة لتفعيل حظر العمل في الأماكن المكشوفة تحت أشعة الشمس، وذلك عبر قيامها بمخاطبة المنشآت العاملة في قطاعات «البناء والتشييد، والمقاولات العامة، والصيانة والتشغيل»، والجهات الحكومية الشريكة؛ كوزارة الشؤون البلدية والقروية، والنقل، والإسكان؛ باعتبارها الجهات المعنية بتنفيذ مشاريع المدن والطرق والإسكان؛ وذلك لإبلاغ المنشآت المتعاقدة معها بالالتزام والتقيّد بما ورد في نص قرار منع العمل تحت أشعة الشمس، إلى جانب تعميم القرار على جميع مكاتب العمل لكتابة تقرير أسبوعي عن الحالات والملاحظات التي يجري رصدها خلال الجولات الميدانية التي تعمل عليها فرق تفتيشية تابعة للوزارة بالتنسيق مع الجهات ذات العلاقة.
من جانبها، أكدت مصلحة الأرصاد الجوية لـ«الشرق الأوسط» عبر متحدثها الرسمي حسين القحطاني، إمكانية ارتفاع الحرارة خلال الأيام القليلة المقبلة إلى 50 درجة مئوية، مبينا أنه سبق أن تجاوزت درجة الحرارة في مدينة جدة قبل سنتين 52 درجة مئوية، الأمر الذي عده طبيعيا في أجواء السعودية التي تشهد في فصل الصيف درجات حرارة مرتفعة، خاصة في المنطقة الوسطى، إضافة إلى المناطق الشرقية والشمالية الشرقية، متوقعا أن يكون متوسط درجات الحرارة هذه الأيام ما بين 38 و48 درجة مئوية.
بدورها، طالبت الدكتورة سهيلة زين العابدين، عضو الجمعية الوطنية لحقوق الإنسان، عبر اتصال هاتفي أجرته «الشرق الأوسط»؛ جميع شركات المقاولات والتشييد والطرق كونها من أكثر الجهات المشغلة لهذه العمالة، بعمل ورديات مسائية لعمالتها، أو الاستبدال بأوقات الدوام الرسمية أوقاتا تكون أكثر ملاءمة بحسب طبيعة العمل الميداني، مثل: البدء بعد صلاة الفجر مباشرة إلى ما قبل ساعات الظهيرة الأولى.
وأوضحت أن بعض العمالة لا تجرؤ أحيانا على طلب تحويل عملها إلى فترات باردة، خوفا من رد فعل صاحب المنشأة، المتمثل في الفصل أو الإيقاف، فضلا عن أنها ليست لها دراية أصلا بقوانين العمل والعمال التي تجرم العمل تحت أشعة الشمس الحارقة، مشيرة إلى أن جمعية حقوق الإنسان من أوائل الجهات التي طالبت باعتماد هذا القرار، كونه يمس الجانب الإنساني والحقوقي للعاملين في تلك المنشآت، مناشدة مرة أخرى أصحاب العمل التزام هذه القرارات، ومن ثم متابعتها أيضا من قبل أعضاء الجمعية بالتنسيق المباشر مع وزارة العمل كونها الجهة التشريعية والمنظمة لسوق العمل السعودية.



مواقف سعودية راسخة لدعم القضية الفلسطينية

الأمير محمد بن سلمان يتحدث خلال القمة العربية والإسلامية في الرياض نوفمبر 2024 (واس)
الأمير محمد بن سلمان يتحدث خلال القمة العربية والإسلامية في الرياض نوفمبر 2024 (واس)
TT

مواقف سعودية راسخة لدعم القضية الفلسطينية

الأمير محمد بن سلمان يتحدث خلال القمة العربية والإسلامية في الرياض نوفمبر 2024 (واس)
الأمير محمد بن سلمان يتحدث خلال القمة العربية والإسلامية في الرياض نوفمبر 2024 (واس)

تواصل السعودية مساعيها الداعمة للقضية الفلسطينية، وتتخذ مواقف ثابتة وراسخة في مختلف المحافل الدولية للدفاع عنها، وتأكيد حق الشعب الفلسطيني في نيل حقوقه المشروعة، وذلك من خلال اضطلاعها بدورها التاريخي والريادي في الوقوف إلى جانب الفلسطينيين، انطلاقاً من مكانتها العالمية وثقلها العربي والإسلامي.

وترأس نيابةً عن الأمير محمد بن سلمان ولي العهد رئيس مجلس الوزراء السعودي، وزير الخارجية الأمير فيصل بن فرحان، وفد المملكة المشارك في القمة العربية غير العادية التي استضافتها القاهرة، الثلاثاء؛ لبحث تطورات القضية الفلسطينية، والجهود العربية المشتركة حيالها.

وأكد الأمير فيصل بن فرحان، خلال كلمة السعودية في القمة، رفضها القاطع المساس بحقوق الشعب الفلسطيني، سواء من خلال الاستيطان أو ضمّ الأراضي أو السعي لتهجير الفلسطينيين، مشدداً على ضرورة وجود ضمانات دولية تثبت وقف إطلاق النار في قطاع غزة.

ورحّب لقاء أخوي تشاوري جمع قادة دول مجلس التعاون الخليجي والأردن ومصر، الشهر الماضي في الرياض، بعقد هذه القمة العربية الطارئة، وجرى خلاله تبادل وجهات النظر حيال مختلف القضايا الإقليمية والدولية، خصوصاً الجهود المشتركة الداعمة للقضية الفلسطينية، وتطورات الأوضاع في قطاع غزة.

صورة من اللقاء الأخوي نشرها بدر العساكر على حسابه في منصة «إكس»

وأشاد الشيخ مشعل الأحمد، أمير دولة الكويت، في برقية بعثها للأمير محمد بن سلمان، عقب اللقاء، بما تبذله السعودية من جهود حثيثة أكدت المكانة الرفيعة التي تتبوأها، والدور البارز الذي تؤديه على المستويين الإقليمي والدولي، «في ظل التحديات العصيبة التي تعصف بمنطقتنا، لا سيما القضية الفلسطينية، وما يعانيه الشعب الفلسطيني»، متطلعاً إلى توحيد وجهات النظر حول مجمل القضايا ذات الاهتمام المشترك، «بما يضمن مستقبلاً أفضل لدولنا، ويحقق أمن وتطلعات شعوبنا».

ونوّه مراقبون بأن مواقف السعودية تجاه القضية الفلسطينية ثابتة لا تتبدل، ولا تقبل المساومة، ولا تخضع لأي مُزايدات سياسية، موضحين أنها تتمثل في عدم إمكانية تحقيق سلام عادل وشامل أو إقامة علاقات دبلوماسية مع إسرائيل دون مسار والتزام واضحين بإقامة دولة فلسطينية مُستقلة على حدود 1967، وعاصمتها القدس الشرقية، وهو ما أكده المسؤولون السعوديون في مختلف المحافل، والبيانات الصادرة عن المملكة.

وأكدت السعودية مراراً أن القضية الفلسطينية هي قضيتها الأولى، مشددة على أنه لا يمكن لمجلس الأمن الدولي التنصل من مسؤولياته تحت أي ذريعة، داعية إياه لاتخاذ قرارات شجاعة تكفل تلبية الاستحقاقات التي حُرم منها الشعب الفلسطيني.

القادة المشاركون في القمة العربية والإسلامية التي استضافتها الرياض نوفمبر 2024 (واس)

وأصرّت في بيان لوزارة خارجيتها الشهر الماضي على أن الشعب الفلسطيني صاحب حق في أرضه، وليس دخيلاً عليها أو مهاجراً إليها يمكن طرده متى شاء الاحتلال الإسرائيلي الغاشم، مؤكدةً أن حقه سيبقى راسخاً، ولا يستطيع أحد سلبه منه مهما طال الزمن، وأن السلام الدائم لن يتحقق إلا بالعودة إلى منطق العقل، والقبول بمبدأ التعايش السلمي عبر حل الدولتين.

وأشار المراقبون إلى أن قرارات القمة العربية والإسلامية التي أُقيمت في الرياض خلال نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، ومنها رفض تهجير الفلسطينيين، تُشكِّل أساساً ومرجعاً للموقف العربي من التصريحات الأميركية والإسرائيلية بشأن تهجير سكان غزة، وضم الضفة الغربية لإسرائيل، ووضع القطاع تحت إدارة السلطة الأميركية.

وأعلنت السعودية باسم الدول العربية والإسلامية والشركاء الأوروبيين في سبتمبر (أيلول) الماضي، عن إطلاق «التحالف الدولي لتنفيذ حل الدولتين»، وذلك خلال اجتماع وزاري بشأن القضية الفلسطينية وجهود السلام، على هامش أعمال الأسبوع رفيع المستوى للجمعية العامة للأمم المتحدة بنيويورك، في خطوة عدَّها مراقبون مؤشراً لإعادة المصداقية للعمل متعدد الأطراف، ودليلاً على الرغبة الجادة في إحلال السلام وإقامة الدولة الفلسطينية.

واستضافت الرياض أواخر أكتوبر (تشرين الأول) الماضي أول اجتماعات التحالف، بمشاركة نحو 90 دولة ومنظمة دولية، وأكد خلاله الأمير فيصل بن فرحان أهمية تكثيف الجهود الدولية لإنقاذ حل الدولتين، وإعادة الأمن والاستقرار إلى المنطقة، مشدداً على التزام السعودية والشركاء الإقليميين بتحقيق السلام، عبر خطوات عملية وجداول زمنية محدّدة تهدف لإنهاء الاحتلال، وتجسيد الدولة الفلسطينية المستقلة.

وكانت السعودية قد سارعت منذ بدء أزمة غزة بتقديم مساعدات وإمدادات إنسانية عاجلة للمتضررين عبر جسرين، جوي وبحري، وأطلقت حملة تبرعات شعبية لإغاثة الشعب الفلسطيني في القطاع؛ حيث تجاوز إجمالي قيمة تبرعاتها 707 ملايين ريال، كما قدّمت دعماً مالياً شهرياً للإسهام في معالجة الوضع الإنساني بغزة ومحيطها.

وأدانت السعودية مراراً القصف الإسرائيلي لمناطق في سوريا، وانتهاكات دولة الاحتلال المتكررة للاتفاقيات والقوانين الدولية ذات الصلة، مشددةً على ضرورة اضطلاع المجتمع الدولي بمسؤولياته لوقف تصرفات إسرائيل المزعزعة لأمن واستقرار المنطقة، ومنع اتساع رقعة الصراع.

القادة المشاركون في القمة العربية والإسلامية التي استضافتها الرياض نوفمبر 2024 (واس)

وأكدت وقوفها إلى جانب لبنان وشعبه، ودعمه لتجاوز أزماته، معبِّرة عن ثقتها بقدرة الرئيس جوزيف عون، ورئيس الحكومة نواف سلام، على الشروع في تنفيذ اللازم لدعم أمنه واستقراره ووحدته، والحفاظ على مؤسسات الدولة ومكتسباتها، بما يُعزز ثقة شركاء لبنان، ويعيد مكانته الطبيعية، وعلاقته بمحيطيه العربي والدولي.

وتواصل السعودية بذل جهود حثيثة لمعالجة أزمة السودان، والتوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار، واستعادة الاستقرار فيه، تمهيداً لمستقبل سياسي يضمن أمنه واستقراره ووحدته وسيادته، ويوقف التدخلات الخارجية، مع استمرار جهودها في تقديم الاستجابة الإنسانية لتخفيف معاناة الشعب السوداني.