كوبا «الجميلة»... في سطور

في السابع والعشرين من أكتوبر (تشرين الأول) 1492، أي بعد سبعة أشهر على سقوط آخر الممالك العربية في الأندلس، وصل القبطان كريستوف كولومبوس على رأس أسطول صغير قوامه ثلاث سفن إلى سواحل كوبا.
أمير البحر الإيطالي المولد، الذي أوفدته ملكة إسبانيا، ظن يومذاك أنه وصل إلى الهند الشرقية، ولم يكن يتصوّر أن وراء تلك الجزيرة الصغيرة تقوم قارة مترامية الأطراف لم يكن يعلم الأوروبيون بوجودها.
ولقد جاء في المذكرات التي تركها كولومبوس تحت عنوان «رسائل من الهند» أنه عندما وطئ الساحل الكوبي، ركع على الرمال وأحنى رأسه قائلاً: «هذه أجمل أرض وقعت عليها عين بشر».
وبعدما نزل البحّارة الأسبان في الجزيرة، وانتشروا في أنحائها، وتوافدت عليها بعثات أخرى متتالية، تعرضّت الجزيرة لغزوات القراصنة الفرنسيين والبريطانيين والهولنديين سعياً وراء التبغ الذي كانت زراعته قد انتشرت على نطاق واسع إلى جانب قصب السكّر.

الأسبان والبريطانيون
وعندما قررت إسبانيا مساندة فرنسا في حربها ضد بريطانيا عام 1762، أوفد التاج البريطاني أسطولاً حربياً ضخماً للاستيلاء على هافانا التي كانت قد أصبحت الميناء الإسباني الأول في العالم الجديد. وسقطت هافانا بعد حصار طويل، لكن الاحتلال البريطاني لم يطل سوى 11 شهراً انسحبت بعدها القوات البريطانية مقابل تخلّي إسبانيا عن مقاطعة فلوريدا (ولاية فلوريدا الأميركية اليوم).
بقيت كوبا مستعمرة إسبانية حتى العام 1869، ثم أصبحت مقاطعة تابعة للتاج الإسباني حتى اندلاع الحرب بين إسبانيا والولايات المتحدة عام 1898، إثر التدخّل الأميركي في حروب الاستقلال الكوبية التي بدأت عام 1868، ولم يكتب لها النصر حتى عام 1902، بالتزامن مع هزيمة إسبانيا وخسارتها كل ممتلكاتها في الجزيرة. وكان أبرز رموز النضال الكوبي من أجل الاستقلال الشاعر خوسيه مارتي الذي قتل في إحدى المعارك عن 42 سنة، بعد انتشار أفكاره التحررية في شتى أنحاء أميركا اللاتينية.
لقد سعت كوبا طوال النصف الأول من القرن الماضي إلى توطيد نظام حكم ديمقراطي حالت دونه سلسلة من الاضطرابات الاجتماعية والصراعات السياسية، إلى أن وقع انقلاب عام 1952 مهّد لقيام نظام الديكتاتور فولخنثيو باتيستا بدعم مباشر من وكالة الاستخبارات المركزية (سي آي إيه) الأميركية. وسرعان ما تحولت كوبا إلى مرتع للمنظمات الإجرامية والمافيا الأميركية، يسرح فيها المهرّبون وتجّار المخدرات والأسلحة ويعيثون فيها فساداً.

فيديل كاسترو وثورته
في عام 1959 انتصرت حركة تمرديّة، أصبحت تعرف لاحقاً بـ«الثورة الكوبية» بقيادة فيديل كاسترو. وكانت الثورة قد بدأت عام 1952 كتمرد قاد فيه كاسترو مجموعة صغيرة من الثوار، وبعد إسقاط نظام باتيستا حلّت محله حكومة جديدة برئاسة فيديل. وللعلم، عام 1956 أسس الحزب الشيوعي الكوبي الذي ما زال يحكم كوبا إلى اليوم.
لقد أدّى قيام نظام شيوعي على مرمى حجر من السواحل الأميركية إلى درجة عالية من التوتر بين الاتحاد السوفياتي والولايات المتحدة إبان حقبة «الحرب الباردة». وبلغ التوتر ذروته عام 1962 مع ما يعرف بـ«أزمة الصواريخ الكوبية» التي وضعت العالم على شفا حرب نووية على عهد الزعيمين الأميركي والسوفياتي جون كنيدي ونيكيتا خروتشيف.

صورة جغرافية
كوبا الجغرافية كناية عن أرخبيل قوامه جزيرة كبيرة يحمل البلد اسمها، إلى جانب جزيرة الصنوبر الصغيرة ومئات الجزائر الصخرية غير المأهولة قبالة السواحل الأميركية والمكسيكية. وعلى سواحلها الشرقية يقع خليج غوانتانامو حيث تقوم القاعدة الشهيرة للبحرية الأميركية داخل الأراضي الكوبية. يبلغ تعداد سكان الجزيرة - وهي الأكبر مساحة في البحر الكاريبي - نحو 11 مليون نسمة، 65 في المائة منهم من العرق الأبيض، و24 في المائة من الخلاسيين (المولّدين) و10 في المائة من الأفارقة. عام 2015 كانت كوبا تحتل المركز الثالث بين بلدان القارة الأميركية في ترتيب الأمم المتحدة للتنمية البشرية، إلا أنها تراجعت إلى المركز الخامس عام 2017، واستناداً إلى الأمم المتحدة فإن كوبا هي الدولة الوحيدة في العالم التي استوفت عام 2006 كل الشروط التي تقتضيها مجموعة التنمية المستدامة والتنمية البشرية العالية والأثر البيئي المستدام.