«إبهام» سيزار يدعو الجمهور لزيارته في باريس

100 صورة حميمة للنحات الفرنسي الأشهر في القرن العشرين

النحات الفرنسي سيزار
النحات الفرنسي سيزار
TT

«إبهام» سيزار يدعو الجمهور لزيارته في باريس

النحات الفرنسي سيزار
النحات الفرنسي سيزار

بمناسبة مرور 20 عاما على رحيل سيزار بالداتشيني، تحتفي باريس بالنحات الشهير الذي منح اسمه لأهم جائزة سينمائية في فرنسا. وبعد معرض في مركز «بومبيدو»، يستضيف القوس الكبير في ضاحية «لا ديفانس» معرضاً بعنوان «سيزار الحميم»، يضم 100 صورة غير منشورة التقطها له صديقه الفوتوغرافي جان فيريرو. وتستعرض الصور جوانب شخصية وإنسانية من يوميات الفنان في بيته ومع أسرته وأصدقائه، أو في ورشته أثناء العمل.
أنجز سيزار عشرات المنحوتات خلال حياته التي قاربت 80 عاماً. لكن أشهرها يبقى «الإبهام» البرونزي الذي يزن 18 طناً وينتصب بارتفاع 12 متراً. ومنذ 1994، تحتل هذه المنحوتة موقعاً متميزاً في ساحة «كاربو»، عند مدخل مركز الصناعات والتقنيات الجديدة في ضاحية باريس الشمالية. كما نحت سيزار نموذج التمثال الصغير الذي يوزع، كل عام، على المتفوقين في صناعة السينما الفرنسية، وهو منحوتة تشابه «الأوسكار» في الولايات المتحدة.
جاء عمر وليلى بالداتشيني، والدا سيزار، من مدينة توسكانيا في إيطاليا وفتحا مقهى في مرسيليا، على الشاطئ الجنوبي لفرنسا. وفي حي «بيل دي مي» الشعبي في هذه المدينة ولد سيزار وشقيقته التوأم أماندين. وفي سن 12 سنة ترك المدرسة وصار صبياً يساعد أصحاب محلات البقالة في توصيل الطلبات. وفي الوقت نفسه كان يرسم الطائرات الورقية ويلون العلب الفارغة للأطعمة المحفوظة ويبحث عن متنفس لموهبته الفنية حتى دخل مدرسة الفنون الجميلة وتفوق في ثلاث مواد: الرسم والحفر على المعادن والتصميم المعماري. وجد الشاب المهاجر طريقه إلى الشهرة كنحات معروف وأصبح وجهاً من وجوه الواقعية الجديدة في الفنون. وفيما بعد قال سيزار إنه صنع نفسه بنفسه. فهو لم يكن يملك، في بداياته، ما يتيح له اقتناء الرخام لكي ينحته ووجد ضالته في معادن «الخردة» ومقابر السيارات وفضلات المصانع. وكان يجمع مخلفات السكك وبقايا الحدادين لكي يلحمها ويشكل منها منحوتات ذات منحى فني جديد. وحدث أن الفنان زار مدينة «بومبي» التاريخية في جنوب إيطاليا، التي دمرها بركان هائج في صيف 1979، وتأثر وهو يرى أجساد الأهالي وقد انصهرت واختلطت بركام الحجارة والمعادن. ومن تلك الصورة الصادمة استوحى سيزار رؤية خاصة به.
واصل الفنان اشتغاله على هياكل السيارات طوال السنوات العشرين التالية. وفي 1986 عرض في صالة مؤسسة «كارتييه» سيارة رياضية سريعة من طراز «بيجو 205 توربو» مضغوطة، كانت عائدة لجان تود، الرئيس الحالي للاتحاد الدولي للسيارات، وتعرضت لحادث خلال مشاركة صاحبها في أحد السباقات. وفي 1988 أنجز سيزار عملاً مؤلفاً من عدة سيارات مضغوطة من نوع «فيات»، وأخذت المنحوتة مكانها في مصنع الشركة في تورينو. وبعد ذلك راح الفنان يضغط كل أنواع المواد: القرطاسية والأقمشة وحتى جواهر النساء. كان يحولها إلى مكعبات صلدة يمكن ارتداؤها قلائد حول الأعناق.
دخلت أعمال سيزار كبريات المتاحف والصالات، من متحف الفن الحديث في باريس إلى «موما» في نيويورك. كانت طريقته في تشكيل المنحوتات، مستخدماً آلة أميركية عملاقة لضغط السيارات التالفة وكبسها، تثير الاهتمام. ومع نهايات خمسينات القرن الماضي انتمى إلى مجموعة من الفنانين الذين شكلوا تيار الواقعية الجديدة في الفنون التشكيلية الذي دعا إليه الناقد بيير ريستاني. وفي عام 1960، تجرأ النحات وعرض في «صالون مايو» تمثالاً بعنوان «3 أطنان» كان عبارة عن 3 سيارات مضغوطة. ومن المفارقة أن الفنان لم يكن قد امتلك سيارة بعد. وفي السنة التالية أهدته كونتيسة نواي، وكانت من راعيات الفنون، سيارة جديدة من نوع «زيل» روسية الصنع، لها مثيل لها في باريس. وفوجئت الكونتيسة حين أعاد لها سيزار الهدية وقد كبسها وأفقدها 90 في المائة من حجمها. كان «جنون» الفنان نوعاً من التحدي لمجتمع الاستهلاك والتباهي بالمظاهر.
يضم المعرض الجديد، إلى جانب الصور، عدداً من الأفلام والبرامج التي جرى تصويرها عن الفنان خلال حياته أو أنتجت لتكريمه بعد رحيله. ويعود الفضل في عمل وتجميع هذه الوثائق إلى المصور وهاوي التوثيق جان فيريرو الذي يشترك مع سيزار في أنه ولد في جنوب فرنسا لأسرة من المهاجرين الإيطاليين. وفي صباه، مارس فيريرو أعمالا كثيرة للخروج من حياة الفقر إلى أن اهتدى إلى التصوير وبرع فيه وأصبح مراسلاً يرتاد أوساط الفنانين ويلتقط لهم الصور ويتابع أخبارهم وسهراتهم. وبفضل مهارته وتخصصه في تصوير الأجسام الرياضية، حقق فيريرو شهرة تجاوزت فرنسا وعائدات سمحت له بالتحول إلى جامع للصور والوثائق الفيلمية، يقتنيها من المزادات كما يقتني اللوحات والتماثيل وقطع الفن الأفريقي.
كما ربطته صداقات برسامين أنجز عنهم تحقيقات وأفلاما، أمثال بيكاسو وخوان ميرو وشاغال ومور وفونتانا. وامتلك فيريرو عدة صالات للعرض الفني، خصوصاً في مدينة نيس، لكنه باعها كلها وتفرغ للعناية بأرشيفه حيث يقيم، بين حين وآخر، معارض لمجموعاته الثمينة.



هشام خرما لـ«الشرق الأوسط»: أستلهمُ مؤلفاتي الموسيقية من التفاصيل

من حفل افتتاح بطولة العالم للجمباز
من حفل افتتاح بطولة العالم للجمباز
TT

هشام خرما لـ«الشرق الأوسط»: أستلهمُ مؤلفاتي الموسيقية من التفاصيل

من حفل افتتاح بطولة العالم للجمباز
من حفل افتتاح بطولة العالم للجمباز

يعتمد الموسيقار المصري هشام خرما طريقة موحّدة لتأليف موسيقاه، تقتضي البحث في تفاصيل الموضوعات للخروج بـ«ثيمات» موسيقية مميزة. وهو يعتزّ بكونه أول موسيقار عربي يضع موسيقى خاصة لبطولة العالم للجمباز، حيث عُزفت مقطوعاته في حفل الافتتاح في القاهرة أخيراً.
يكشف خرما تفاصيل تأليف مقطوعاته الموسيقية التي عُزفت في البطولة، إلى جانب الموسيقى التصويرية لفيلم «يوم 13» المعروض حالياً في الصالات المصرية، فيعبّر عن فخره لاختياره تمثيل مصر بتقديم موسيقى حفلِ بطولة تشارك فيها 40 دولة من العالم، ويوضح: «أمر ممتع أن تقدّم موسيقى بشكل إبداعي في مجالات أخرى غير المتعارف عليها، وشعور جديد حين تجد متلقين جدداً يستمعون لموسيقاك».
ويشير الموسيقار المصري إلى أنه وضع «ثيمة» خاصة تتماشى مع روح لعبة الجمباز: «أردتها ممزوجة بموسيقى حماسية تُظهر بصمتنا المصرية. عُزفت هذه الموسيقى في بداية العرض ونهايته، مع تغييرات في توزيعها».
ويؤكد أنّ «العمل على تأليف موسيقى خاصة للعبة الجمباز كان مثيراً، إذ تعرّفتُ على تفاصيل اللعبة لأستلهم المقطوعات المناسبة، على غرار ما يحدث في الدراما، حيث أشاهد مشهداً درامياً لتأليف موسيقاه».
ويتابع أنّ هناك فارقاً بين وضع موسيقى تصويرية لعمل درامي وموسيقى للعبة رياضية، إذ لا بدّ أن تتضمن الأخيرة، «مقطوعات موسيقية حماسية، وهنا أيضاً تجب مشاهدة الألعاب وتأليف الموسيقى في أثناء مشاهدتها».
وفي إطار الدراما، يعرب عن اعتزازه بالمشاركة في وضع موسيقى أول فيلم رعب مجسم في السينما المصرية، فيقول: «خلال العمل على الفيلم، أيقنتُ أنّ الموسيقى لا بد أن تكون مجسمة مثل الصورة، لذلك قدّمناها بتقنية (Dolby Atmos) لمنح المُشاهد تجربة محيطية مجسمة داخل الصالات تجعله يشعر بأنه يعيش مع الأبطال داخل القصر، حيث جرى التصوير. استعنتُ بالآلات الوترية، خصوصاً الكمان والتشيللو، وأضفتُ البيانو، مع مؤثرات صوتية لجعل الموسيقى تواكب الأحداث وتخلق التوتر المطلوب في كل مشهد».
يشرح خرما طريقته في التأليف الموسيقي الخاص بالأعمال الدرامية: «أعقدُ جلسة مبدئية مع المخرج قبل بدء العمل على أي مشروع درامي؛ لأفهم رؤيته الإخراجية والخطوط العريضة لاتجاهات الموسيقى داخل عمله، فأوازن بين الأشكال التي سيمر بها العمل من أكشن ورومانسي وكوميدي. عقب ذلك أضع استراتيجية خاصة بي من خلال اختيار الأصوات والآلات الموسيقية والتوزيعات. مع الانتهاء المبدئي من (الثيمة) الموسيقية، أعقد جلسة عمل أخرى مع المخرج نناقش فيها ما توصلت إليه».
ويرى أنّ الجمهور المصري والعربي أصبح متعطشاً للاستمتاع وحضور حفلات موسيقية: «قبل بدء تقديمي الحفلات الموسيقية، كنت أخشى ضعف الحضور الجماهيري، لكنني لمستُ التعطّش لها، خصوصاً أن هناك فئة عريضة من الجمهور تحب الموسيقى الحية وتعيشها. وبما أننا في عصر سريع ومزدحم، باتت الساعات التي يقضيها الجمهور في حفلات الموسيقى بمثابة راحة يبتعد فيها عن الصخب».
وأبدى خرما إعجابه بالموسيقى التصويرية لمسلسلَي «الهرشة السابعة» لخالد الكمار، و«جعفر العمدة» لخالد حماد، اللذين عُرضا أخيراً في رمضان.