سنوات السينما: Pat Garrett and Billy

جيمس كوبرن (يمين) وكريس كريستوفرسون في فيلم Pat Garrett and Billy The Kid
جيمس كوبرن (يمين) وكريس كريستوفرسون في فيلم Pat Garrett and Billy The Kid
TT

سنوات السينما: Pat Garrett and Billy

جيمس كوبرن (يمين) وكريس كريستوفرسون في فيلم Pat Garrett and Billy The Kid
جيمس كوبرن (يمين) وكريس كريستوفرسون في فيلم Pat Garrett and Billy The Kid

Pat Garrett and Billy The Kid
(1973)
وداعاً أيها الغرب

بين كل ما أنتجته السينما الأميركية عن شخصية بيلي ذا كِد (المعروف أيضاً بويليام بوني) التي تجاوزت السبعين فيلماً من الصامتة وما بعد: «بات غارِت وبيلي ذا كِد» أفضلها على الإطلاق.
بيلي ذا كِد كان شخصية حقيقية من شخصيات الغرب شاكسته الظروف فتحول إلى قاتل محترف ورئيس زمرة من الخارجين عن القانون ومات عن 22 سنة.
من الأفلام ما صوّره مجرماً ومنها ما صوّره بطلاً وكثير منها قدّمه على الجانبين قدر الإمكان. لكن فيلم سام بكنباه الرائع هذا يجسده في الصورة الأقرب: كان مجرماً يقتل من دون تردد واستحق أن يطارده القانون ويقتله. لكن في الوقت الذي نتابع فيه هذه الحقيقة، يدفع المخرج الذي وهب نفسه لسينما الغرب وبرع فيها، برجل القانون بات غارِت الذي لاحقه حتى أطلق عليه النار وقتله في الرابع عشر من يوليو (تموز) سنة 1881.
لا يدعي المخرج ولا حاول فيلمه القول على أن ما يقدمه من أحداث جرى على هذا المنوال الذي نراه على الشاشة. لكنه يستخدم الأحداث العامّـة ليؤكد مفاهيمه حول الشخصيتين كما حول الغرب الأميركي الذي كان بدأ يأفل في ذلك الحين ومع أفوله تغيب شمس حياة حرّة نجت من تعسف الإدارات السياسية والاقتصادية لزمن طويل قبل أن تلتهم «الحضارة» تلك الربوع ورموزها.
رجل القانون، بات غارِت (كما قام به جيمس كوبرن) لم يكن من دون تاريخ شائب. لقد سبق له وأن انتمى إلى مجموعة غريمه بيلي ذا كِد (كريس كريستوفرسون) قبل أن ينفصل عنه ويستقيم. عندما يتم الطلب منه اقتناص صديقه السابق، يكشف الفيلم عن ذلك القدر من الازدواجية الكامنة في هذه المهمّـة. صديقا الأمس يتواجهان وباكنباه يصر على وضع مرايا عاكسة في المواجهة الأخير نجد فيها غارِت كما لو كان يقتل نفسه في الوقت ذاته.
بات غارِت لا يزال يشعر بالود والاحترام تجاه غريمه. لا يستطيع أن يتجاهل الصداقة السابقة لكنه لا يتوانى، في الوقت ذاته، عن لعب دوره كرجل قانون بكل إخلاص للوظيفة ونكران للسابق.
لكن بيلي، في الوقت ذاته، هو الحريّة والحياة التي خلفها بات وراءه منذ أن التزم بالسُلطة والقانون. بيلي هو الغرب الأميركي الذي يتحوّل من عهد إلى آخر فاقداً كل مزاياه. هو ما يتمنّى بات لو بقي عليه أو لو تحوّل مجدداً إليه. لذلك يهرب من مصيره بقتل صورته المتمثّلة في بيلي.
أحد أفضل المشاهد يقع في منتصف الفيلم تقريباً: بيلي يصل إلى مزرعة «شريف» سابق (سلِم بيكنز) وتقع معركة بينه ورجاله وبين الشريف وزوجته (كاتي جورادو) ويصاب الشريف في معدته. ينسحب إلى النهر القريب ليموت بالقرب منه. نظراته تودع زوجته الثكلى والغرب الذي عاش فيه وأحبه. عدا عن الحزن العميق على الوجه، وبفضل تشكيل الصورة البديع (تصوير ويليام كوثييه البديع) هناك النهر الضحل وراءه وغياب الشمس. كلها تجسد تعبيراً متوازياً وجميلاً حول حياة غاربة في فيلم تبلور سريعاً كواحد من أفضل أفلام الوسترن في التاريخ.
كثير من ممثلي الفيلم ظهر في الكثير من أفلام باكنباه الأخرى: بيكنز، كريستوفرسون، كوبرن، جاسون روبارس، دب هنتر، إيميليو فرنانديز بالإضافة إلى بعض وجوه سينما الوسترن الكلاسيكية: جاك إيلام، مات كلارك، ل. كيو جونز، باري سوليفان، رتشارد جيكل وسواهم. بذلك «بات غارِت وبيلي ذا كِد» هو احتفاء بالموضوع وبالممثلين وبالحياة الغاربة في وقت واحد.


مقالات ذات صلة

الفساد والابتزاز في «صيفي»... تحديات تقديم القضايا الحساسة على الشاشة

يوميات الشرق «صيفي» فيلم سعودي مرشح لجائزة مسابقة مهرجان البحر الأحمر السينمائي للأفلام الطويلة

الفساد والابتزاز في «صيفي»... تحديات تقديم القضايا الحساسة على الشاشة

تعود أحداث فيلم «صيفي» الذي عُرض ضمن فعاليات مهرجان البحر الأحمر السينمائي في دورته الرابعة، إلى فترة أواخر التسعينات.

أسماء الغابري (جدة)
يوميات الشرق المخرج محمد سامي في جلسة حوارية خلال خامس أيام «البحر الأحمر» (غيتي)

محمد سامي: السينما تحتاج إلى إبهار بصري يُنافس التلفزيون

تعلَّم محمد سامي من الأخطاء وعمل بوعي على تطوير جميع عناصر الإنتاج، من الصورة إلى الكتابة، ما أسهم في تقديم تجربة درامية تلفزيونية قريبة من الشكل السينمائي.

أسماء الغابري (جدة)
يوميات الشرق ياسمين رئيس في مشهد من فيلم «الفستان الأبيض» (الشركة المنتجة)

لماذا لا تصمد «أفلام المهرجانات» المصرية في دور العرض؟

رغم تباين ردود الفعل النقدية حول عدد من الأفلام التي تشارك في المهرجانات السينمائية، التي تُعلي الجانب الفني على التجاري، فإن غالبيتها لا تصمد في دور العرض.

أحمد عدلي (القاهرة )
يوميات الشرق الفنانة الأردنية ركين سعد (الشرق الأوسط)

الفنانة الأردنية ركين سعد: السينما السعودية تكشف عن مواهب واعدة

أكدت الفنانة الأردنية ركين سعد أن سيناريو فيلم «البحث عن منفذ لخروج السيد رامبو»، الذي عُرض بمهرجان البحر الأحمر السينمائي، استحوذ عليها بمجرد قراءته.

انتصار دردير (جدة )
يوميات الشرق إيني إيدو ترى أنّ السينما توحّد الشعوب (البحر الأحمر)

نجمة «نوليوود» إيني إيدو لـ«الشرق الأوسط»: السينما توحّدنا وفخورة بالانفتاح السعودي

إيني إيدو التي تستعدّ حالياً لتصوير فيلمها الجديد مع طاقم نيجيري بالكامل، تبدو متفائلة حيال مستقبل السينما في بلادها، وهي صناعة تكاد تبلغ الأعوام الـ40.

إيمان الخطاف (جدة)

شاشة الناقد: أفلام على اختلافها لم تأتِ جيدة جداً

«معطراً بالنعناع» (ريزون 8)
«معطراً بالنعناع» (ريزون 8)
TT

شاشة الناقد: أفلام على اختلافها لم تأتِ جيدة جداً

«معطراً بالنعناع» (ريزون 8)
«معطراً بالنعناع» (ريزون 8)

معطراً بالنعناع ★★☆

رسائل شفهية في عتمة الأماكن

فيلم محمد حمدي الأول مختلف جداً عن أي فيلم مصري (أو عربي) حٌقّق في تاريخ السينما العربية. الاختلاف بحد ذاته لا يمنح الفيلم درجة التقييم. من الممكن أن يكون مختلفاً وبديعاً أو مختلفاً ورديئاً وهو أقرب إلى التصنيف الثاني. فيلم داكن في الصورة وفي الذوات البشرية التي تسكنه. يجد المخرج لها مبررات مناسبة. هذا لأن أبطاله يتقدمهم دكتور محبط (علاء الدين حمادة)، يعيشون حالات من الكآبة المطلقة تزداد عبثاً مع تناولهم الحشيشة طوال الوقت. أي نحو 90 دقيقة من مدة عرض الفيلم (التي تبلغ 113 دقيقة). وعوض استمتاعهم بهذه «السلطنة» تبقى أدمغتهم واعية وقادرة على الحديث في مسائل وجودية وسياسية (على الخفيف) مع قليل من الشّعر وكثير من الذكريات التي تتشابك بحيث لا تتضح لها زاوية فعلية تنطلق منها أو تعود إليها.

في دقائقه الـ10 الأولى يؤسّس أسلوب عمله من حالات شخصية وتصوير (قام به بنفسه) وإيقاع. هذا الإيقاع خافت باستمرار والمُشاهد عليه أن يفتح أذنيه جيداً ليتمكّن من التقاط الكلمات المتبادلة. هذا لأن الإيقاع الخافت يشمل كذلك الأداء والتلقين وتشخيص الحالات. الدكتور وأصحابه (من ثلاثة لأربعة حسب المشاهد) يركضون في الظلمة مثل جرذان هاربة من مطاردين (لا نعرفهم) ويأوون دوماً إلى خرابات تضمّهم بعتمتها أو إلى شِقق هي بدورها تبدو كخرابات كلّ شيء فيها قديم وباهت. حتى في ساعات النهار فإن النور مبتسر تأكيداً أو ترميزاً للحالة التي يمر بها أشخاص الفيلم.

الصورة، على الرغم من سوداويتها، هي أهم وأفضل من الموضوع المطروح. صحيح أن رجال الفيلم يتعاطون، لجانب الحشيش، مسائل تهمّهم، لكن ليس كل ما يهم شخصية ما في فيلم ما يهم المشاهدين. بالضرورة. لذا تنحصر الحسنات في الصورة. بينما تمرّ المَشاهد بإيقاع خافت ورتيب، مما يحدّ كثيراً من قدرة الفيلم على التواصل مع مشاهديه.

* عروض حالياً في مهرجان مراكش

Maria ★★★

العمق العاطفي لماريا كالاس

«ماريا» هو ثالث فيلم بيوغرافي ينجزه المخرج التشيلي بابلو لاراين (حسب اللفظ الأسباني) بعد (Jackie) «جاكي»، 2016 و(Spencer) «سبنسر»2021. مثل سابقيه هو فيلم عن امرأة ومثلهما هو عن شخصية حقيقية هي مغنية الأوبرا ماريا كالاس (هناك حفنة أفلام عنها أهمها «Maria By Callas» لتوم وولف، 2017) إلى جانب فيلم إيطالي آخر في التحضير بعنوان «Maria‪/‬Callas» لروبرت دورنهلم.

«ماريا» (ذِ أبارتمنت)

معالجة لاراين تختلف كونها متّصلة بالكيفية التي يحاول فيها تقديم رؤيته لشخصياته فهو يسعى دائماً إلى التقاط العمق العاطفي أكثر مما يهتم لسرد السيرة حكائياً. على ذلك، «ماريا» كما يقدّمه هنا يبقى على السطح أكثر من الدخول في عمق شخصيّته. ما يشغله في سرد الأيام الأخيرة من حياة بطلته هو التصاميم الفنية والديكوراتية وتحريك الكاميرا عبرها وهذا جيد لولا إنه يأتي على حساب تحديدٍ أفضل لمن هي ماريا كالاس.

يسرد الفيلم أحداثها الأخيرة وبعض مواقفها الشخصية والفنية لكن الحكاية يمكن لها أن تكون عن أي شخصية لمغنية وإن كانت خيالية. بطبيعة الحال، وكما بات مألوفاً، يعمد المخرج إلى مشاهد استرجاعية (الفلاشباك) بالأبيض والأسود لكن أهم عنصر في هذه الدراما هي محاولة ماريا التغلّب على ذكرياتها مع أرسطو أوناسيس (الذي تركها للزواج من جاكي كينيدي، شخصية فيلم لوراين السابق).

* عروض حالياً في مهرجان البحر الأحمر

TROIS AMIES ★⭐︎

حوارات ومشاهد تُراوح مكانها

لا يبتعد المخرج موريه في فيلمه «ثلاث صديقات» عن التيمة التي اختارها سابقاً لمعظم ما حقّقه من أفلام مثل «تغيير عنوان» (Changement d'adresse) 2007، و«هل نُقبّل» (Shall We Kiss) 2007، و«الأشياء التي نقولها، الأشياء التي نفعلها» (Les Choses qu'on dit, les Choses qu'on fait) 2020. التيمة المذكورة لا تخرج عن نطاق تداول وتناول العلاقات المتأرجحة ما بين الحب والجنس، أو الحب من دون جنس أو العكس.

«ثلاث صديقات» (موبي دَك فيلمز)

القصّة في عنوانها: 3 صديقات جوان (إنديا هير)، ريبيكا (سارا فورستييه) وأليس (كامل كوتان) والعديد من الحكايات السابقة (تشعر جوان إنها مسؤولة عن موت حبيبها السابق إريك لأنها تركته)، وفي الحكايات الحاضرة يتداولن التجارب التي مررن بها مع آخرين. لا الأحداث مهمّة ولا الحوار (يمتد بلا نهاية) يعني كثيراً. كل ذلك يَرِد مثل قراءة صفحة واحدة من مجلة إشاعات ومن دون لمسات فنية تذكر. بدورها كل لقطة تشبه، تأسيساً وإدارة. ما يسبقها وما يليها.

* عروض: حالياً في صالات فرنسية

★ ضعيف | ★★: وسط| ★★★: جيد | ★★★★ جيد جداً | ★★★★★: ممتاز