بعد أوروبا والصين... الهند تطالب بتعويضات عن رسوم «ترمب الحمائية»

إحدى السفن التجارية في ميناء تانجونغ في العاصمة الإندونيسية جاكارتا (رويترز)
إحدى السفن التجارية في ميناء تانجونغ في العاصمة الإندونيسية جاكارتا (رويترز)
TT

بعد أوروبا والصين... الهند تطالب بتعويضات عن رسوم «ترمب الحمائية»

إحدى السفن التجارية في ميناء تانجونغ في العاصمة الإندونيسية جاكارتا (رويترز)
إحدى السفن التجارية في ميناء تانجونغ في العاصمة الإندونيسية جاكارتا (رويترز)

حذت الهند حذو الاتحاد الأوروبي والصين في المطالبة بتعويضات من الولايات المتحدة في منظمة التجارة العالمية عن الرسوم الجمركية الأميركية على واردات الصلب والألومنيوم، وذلك حسبما أظهرت وثائق قدمت إلى المنظمة أمس الثلاثاء.
وعلى غرار الاتحاد الأوروبي والصين، قالت الهند إنها تعتبر الرسوم الجمركية الأميركية إجراءات «احترازية» بمقتضى قواعد منظمة التجارة، وهو ما يعطيها الحق في أن تطلب تعويضات عن خسارة صادرات للصلب والألومنيوم إلى الولايات المتحدة.
ويوم الاثنين الماضي، أظهرت شكوى مقدمة لمنظمة التجارة العالمية أن الاتحاد الأوروبي يطلب تعويضات من الولايات المتحدة عن الرسوم الجمركية على واردات الصلب والألومنيوم، رغم تأكيد واشنطن أن الرسوم مستثناة من قواعد المنظمة.
وفي خطوة اتخذتها الصين بالفعل، قال الاتحاد الأوروبي إنه لا يقبل مبرر «الأمن القومي» الذي استندت إليه واشنطن في فرض الرسوم، قائلا إن الرسوم فُرضت فقط لحماية الصناعة الأميركية.
ويمكن فرض رسوم حماية على الواردات من منتج معين إذا كانت الصناعة في البلد المستورد تواجه خطر ضرر شديد من ارتفاع مفاجئ في أسعار الواردات. وفي حالة الولايات المتحدة، يقول منتقدون لسياسة الرئيس الأميركي دونالد ترمب إنه لا يوجد مثل هذا التهديد.
وقال الاتحاد الأوروبي إنه يريد إجراء مشاورات مع الولايات المتحدة في أقرب وقت ممكن.
وأعلن ترمب الرسوم الشهر الماضي، وهو ما أطلق احتجاجات عالمية، لأن تلك الرسوم يُنظر إليها على أنها غير مبررة وشعبوية.
وتستطيع دول أن تطلب إعفاءها من كثير من القواعد التجارية الدولية إذا أظهرت أنها تفرض رسوما لحماية أمنها القومي. لكن تلك الإعفاءات لا تنطبق على العقوبات الحمائية.
وأبدى الاتحاد الأوروبي وحلفاء آخرون للولايات المتحدة قلقهم ليس فقط من أن الرسوم ستقلص صادراتهم إلى أميركا، وإنما أيضا من احتمال أن يغرق الصلب الذي لم يتم تصديره إلى هناك أسواقهم مما يحدث تخمة في المعروض.
وقالت الصين إنها سترد بفرض رسوم على واردات أميركية تصل قيمتها إلى ثلاثة مليارات دولار ويعد الاتحاد الأوروبي قائمته من الرسوم.
وفي تطورات ذي صلة، قال لاري كودلو المستشار الاقتصادي للبيت الأبيض يوم الثلاثاء، إن الولايات المتحدة ترغب في أن ترى اتفاقية للتجارة الحرة مع اليابان في مرحلة ما، مشيرا إلى خلافات بين البلدين حول التجارة.
وأبلغ كودلو الصحافيين قبيل اجتماع بين الرئيس الأميركي دونالد ترمب ورئيس الوزراء الياباني شينزو آبي: «لدينا بعض الخلافات فيما يتعلق ببعض القضايا التجارية. يحدونا الأمل بأننا سنذلل تلك الخلافات».
وأضاف قائلا: «الولايات المتحدة تريد على الأرجح أن ترى اتفاقا للتجارة الحرة ينبثق في مرحلة ما مع اليابان».
وقال كودلو إن ترمب وآبي سيناقشان منح اليابان إعفاء من الرسوم الجمركية التي أعلنتها الولايات المتحدة على واردات الصلب والألومنيوم.
وأول من أمس ذكر صندوق النقد الدولي أنه يرى نموا قويا ومستقرا للاقتصاد العالمي، لكنه حذر من أن تدهور المناخ السياسي للتجارة العالمية يمكن أن يضعف أحد محركات الرخاء العالمي خلال السنوات المقبلة.
وتوقع الصندوق نمو الاقتصاد العالمي خلال العامين الحالي والمقبل بمعدل 9.‏3 في المائة من إجمالي الناتج المحلي، وهي نفس توقعات الصندوق الصادرة في يناير (كانون الثاني) الماضي.
في الوقت نفسه، فإن توقعات النمو للعامين الحالي والمقبل هي الأعلى منذ نمو الاقتصاد العالمي بمعدل 1.‏5 في المائة خلال 2010، عندما تعافى الاقتصاد من الأزمة المالية في 2008.
وقال مارويس أوبستفيلد كبير خبراء الاقتصاد في صندوق النقد الدولي: «الاقتصاد العالمي يواصل إظهار قوة دفع واسعة النطاق.. وفي ظل هذه الخلفية الإيجابية، فإن احتمالات حدوث صراع واسع النطاق بشأن التجارة تقدم صورة مغايرة» لآفاق الاقتصاد العالمي.
يأتي ذلك في حين أن الرئيس الأميركي دونالد ترمب الذي تولى السلطة في يناير (كانون الثاني) 2017، يتنكر للإجماع طويل المدى في واشنطن على دعم التجارة متعددة الأطراف، وانسحب من الشراكة عبر المحيط الهادئ وهدد بإلغاء اتفاقية التجارة الحرة بين دول أميركا الشمالية (نافتا) التي تضم الولايات المتحدة والمكسيك وكندا.
وفي الشهر الماضي أعلن اعتزامه فرض رسوم على واردات الولايات المتحدة من منتجات الصلب والألومنيوم، مما أثار موجة اضطراب في الأسواق العالمية، قبل أن تسترد جزءا من هدوئها في أعقاب إعلانه إعفاء الاتحاد الأوروبي وكندا والمكسيك وكوريا الجنوبية من هذه الرسوم بشكل مؤقت، دون إعفاء الصين واليابان منها.
وأعلنت الصين يوم الثلاثاء فرض رسوم لمكافحة الإغراق على حبوب السرغوم الأميركية، حيث قالت وزارة التجارة الصينية إن الشركات الأميركية تغرق السوق الصينية بحبوب السرغوم.
من ناحيته قال: «أوبستفيلد» إنه «إذا دخلنا حلقة من الأفعال وردود الأفعال، سنبدأ رؤية آثار اقتصادية كبيرة.. وهذا سيكون خطيرا للغاية، سواء سميناه حربا تجارية أم لم نسمه كذلك».
وأضاف أن «الرسالة القوية» لصندوق النقد الدولي تؤيد نظاما تجاريا متعدد الأطراف مثل منظمة التجارة العالمية والتي تمتلك آليات تسوية المنازعات التجارية. وأضاف: «علينا العمل بطريقة تعاونية لآن هذا سيكون في نهاية المطاف في صالح الجميع.. ولكن لن يكون هناك رابحون من أي حرب تجارية».


مقالات ذات صلة

سوريا بعد الأسد من منظور أميركي

خاص يرجح كثيرون أن يسحب ترمب القوات الأميركية من سوريا (أ.ب)

سوريا بعد الأسد من منظور أميركي

يستعرض «تقرير واشنطن»، وهو ثمرة تعاون بين «الشرق الأوسط» و«الشرق»، كيفية تعامل إدارة بايدن مع الأمر الواقع في سوريا وتوجهات إدارة ترمب.

رنا أبتر (واشنطن)
الولايات المتحدة​ الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب (أ.ب)

ترمب يعتزم إلغاء التوقيت الصيفي في الولايات المتحدة

أعرب الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، عن رغبته في إلغاء التحول إلى التوقيت الصيفي.

«الشرق الأوسط» (نيويورك)
الولايات المتحدة​ مؤسس شركة «أمازون» الأميركية العملاقة جيف بيزوس متحدثاً في لاس فيغاس (أ.ب)

عمالقة التكنولوجيا يخطبون ودّ ترمب… بالملايين

اصطف مليارديرات صناعة التكنولوجيا الأميركيون، وآخرهم مؤسس «أمازون» جيف بيزوس، لخطب ود الرئيس المنتخب قبل عودته للبيت الأبيض من خلال تبرعات بملايين الدولارات.

علي بردى (واشنطن)
الولايات المتحدة​ دونالد ترمب في ولايته الأولى رئيساً للولايات المتحدة يلوح بيده خلال اجتماع ثنائي مع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين في قمة زعماء مجموعة العشرين في أوساكا باليابان في 28 يونيو 2019 (رويترز)

ترمب ينتقد قرار بايدن إرسال صواريخ تستهدف العمق الروسي ويصفه بالأحمق

موسكو ترحب بانتقادات دونالد ترمب لقرار جو بايدن السماح لأوكرانيا باستخدام صواريخ أميركية بعيدة المدى ضد أهداف داخل عمق الأراضي الروسية

هبة القدسي (واشنطن)
المشرق العربي وزيرا الخارجية التركي هاكان فيدان والأميركي أنتوني بلينكن خلال إفادة صحافية مشتركة بعد مباحثاتهما في أنقرة الجمعة (رويترز)

«توافق عام» تركي - أميركي على مستقبل سوريا ما بعد الأسد

سيطر ملفان رئيسيان على مباحثات وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن في أنقرة؛ أولهما مستقبل سوريا ما بعد بشار الأسد، والثاني التباين حول مكافحة الإرهاب.

سعيد عبد الرازق (أنقرة)

«بنك اليابان» أمام قرار تاريخي... هل يرفع الفائدة الأسبوع المقبل؟

العلم الياباني يرفرف فوق مقر البنك المركزي في طوكيو (رويترز)
العلم الياباني يرفرف فوق مقر البنك المركزي في طوكيو (رويترز)
TT

«بنك اليابان» أمام قرار تاريخي... هل يرفع الفائدة الأسبوع المقبل؟

العلم الياباني يرفرف فوق مقر البنك المركزي في طوكيو (رويترز)
العلم الياباني يرفرف فوق مقر البنك المركزي في طوكيو (رويترز)

يعقد «بنك اليابان» آخر اجتماع له بشأن سياسته النقدية لهذا العام الأسبوع الجاري، ليأخذ قراراً بشأن أسعار الفائدة وذلك بعد ساعات قليلة من قرار «الاحتياطي الفيدرالي» الأميركي المتوقع بخفض الفائدة.

فما الذي يمكن توقعه ولماذا يعتبر قرار «بنك اليابان» بشأن الفائدة ذا أهمية خاصة؟

في مارس (آذار) الماضي، أنهى «بنك اليابان» مسار أسعار الفائدة السلبية، ثم رفع هدف الفائدة القصيرة الأجل إلى 0.25 في المائة في يوليو (تموز)، مشيراً إلى استعداده لرفع الفائدة مرة أخرى إذا تحركت الأجور والأسعار بما يتماشى مع التوقعات.

وثمة قناعة متزايدة داخل «بنك اليابان» بأن الظروف باتت مؤاتية لرفع الفائدة إلى 0.5 في المائة. فالاقتصاد الياباني يتوسع بشكل معتدل، والأجور في ارتفاع مستمر، والتضخم لا يزال يتجاوز هدف البنك البالغ 2 في المائة منذ أكثر من عامين.

ومع ذلك، يبدو أن صانعي السياسة في البنك ليسوا في عجلة من أمرهم لاتخاذ هذه الخطوة، نظراً لتعافي الين الذي ساهم في تخفيف الضغوط التضخمية، بالإضافة إلى الشكوك المتعلقة بسياسات الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، التي قد تؤثر على الرؤية الاقتصادية المستقبلية، وفق «رويترز».

وسيكون القرار بشأن رفع الفائدة في ديسمبر (كانون الأول) أو تأجيله إلى اجتماع آخر في 23-24 يناير (كانون الثاني) صعباً، حيث سيعتمد ذلك على مدى اقتناع أعضاء المجلس بأن اليابان ستتمكن من تحقيق هدف التضخم بشكل مستدام.

ناطحات السحاب والمباني المزدحمة في طوكيو (أ.ب)

ماذا قال صانعو السياسة في «بنك اليابان» حتى الآن؟

يحافظ صانعو السياسة في «بنك اليابان» على غموض توقيت رفع الفائدة المقبل. وفي مقابلة إعلامية حديثة، قال الحاكم كازو أويدا إن رفع الفائدة المقبل قريب، ولكنه لم يوضح بشكل قاطع ما إذا كان ذلك سيحدث في ديسمبر.

إلا أن المفاجأة جاءت من عضو مجلس الإدارة تويواكي ناكامورا، الذي أشار إلى أنه ليس ضد رفع الفائدة، لكنه شدد في المقابل على ضرورة أن يعتمد القرار على البيانات الاقتصادية المتاحة.

وبينما يركز «بنك اليابان» على رفع الفائدة بحلول مارس المقبل، تشير التصريحات غير الحاسمة إلى أن البنك يترك لنفسه حرية تحديد التوقيت المناسب لهذه الخطوة.

متى تتوقع الأسواق والمحللون رفع أسعار الفائدة التالي؟

أكثر من نصف الاقتصاديين الذين تم استطلاعهم من قبل «رويترز» الشهر الماضي يتوقعون أن يقوم «بنك اليابان» برفع أسعار الفائدة في ديسمبر. كما يتوقع حوالي 90 في المائة من المحللين أن يرفع «بنك اليابان» أسعار الفائدة إلى 0.5 في المائة بحلول نهاية مارس 2024.

في المقابل، تقوم السوق بتسعير احتمال رفع الفائدة في ديسمبر بحوالي 30 في المائة فقط.

كيف يمكن أن تتفاعل السوق؟

سيأتي قرار «بنك اليابان» بعد ساعات قليلة من قرار «الاحتياطي الفيدرالي الأميركي»، الذي من المتوقع أن يقوم بتخفيض أسعار الفائدة. وقد يؤدي هذا التباين في التوجهات بين المصرفين المركزيين إلى تقلبات في قيمة الين وعوائد السندات.

ومن المحتمل أن يؤدي رفع الفائدة من قبل «بنك اليابان» إلى تعزيز قيمة الين. أما إذا قرر البنك إبقاء الفائدة كما هي، فقد يؤدي ذلك إلى ضعف الين، على الرغم من أن الانخفاض قد يكون محدوداً إذا قامت السوق بتسعير احتمالية رفع الفائدة في يناير بسرعة.

ما الذي يجب أن تراقبه السوق أيضاً؟

بغض النظر عن قرار «بنك اليابان» بشأن رفع الفائدة أو تثبيتها، من المتوقع أن يقدم محافظ البنك أويدا إشارات بشأن المسار المستقبلي لأسعار الفائدة ويحدد العوامل التي قد تحفز اتخاذ هذه الخطوة في مؤتمره الصحافي بعد الاجتماع.

وإذا قرر «بنك اليابان» الإبقاء على الفائدة ثابتة، فقد يتجنب أويدا تقديم إشارات حادة لتفادي حدوث انخفاضات غير مرغوب فيها في قيمة الين، مع توضيح العوامل الرئيسية التي سيركز عليها في تقييم توقيت رفع الفائدة.

من ناحية أخرى، إذا قرر «بنك اليابان» رفع الفائدة، قد يتبنى أويدا موقفاً متساهلاً لتطمين الأسواق بأن البنك لن يتبع سياسة رفع الفائدة بشكل آلي، بل سيتخذ قراراته بحذر بناءً على الوضع الاقتصادي.

إضافة إلى قرار الفائدة، سيصدر «بنك اليابان» تقريراً حول إيجابيات وسلبيات أدوات التيسير النقدي غير التقليدية التي استخدمها في معركته المستمرة منذ 25 عاماً ضد الانكماش، وهو ما يمثل خطوة رمزية نحو إنهاء التحفيز الضخم الذي تبناه البنك.

محافظ «بنك اليابان» في مؤتمر صحافي عقب اجتماع السياسة النقدية في أكتوبر الماضي (رويترز)

ومن المتوقع أن يستخلص هذا التقرير أن تخفيضات أسعار الفائدة تظل أداة أكثر فعالية لمكافحة الركود الاقتصادي مقارنة بالتدابير غير التقليدية مثل برنامج شراء الأصول الضخم الذي نفذه المحافظ السابق هاروهيكو كورودا.

ماذا سيحدث بعد ذلك؟

إذا رفع «بنك اليابان» أسعار الفائدة، فمن المحتمل أن يبقى على نفس السياسة النقدية حتى أبريل (نيسان) على الأقل، عندما ينشر التوقعات الفصلية الجديدة التي تمتد حتى السنة المالية 2027 لأول مرة.

أما إذا قرر البنك الإبقاء على الفائدة ثابتة، فإن انتباه الأسواق سيتحول إلى البيانات والأحداث الهامة التي ستسبق اجتماع يناير، مثل خطاب أويدا أمام اتحاد رجال الأعمال «كيدانرين» في 25 ديسمبر، وظهور نائب المحافظ ريوزو هيمينو في 14 يناير.

ومن المرجح أن يقدم تقرير «بنك اليابان» ربع السنوي عن الاقتصادات الإقليمية، الذي سيصدر قبل اجتماع 23-24 يناير، مزيداً من الوضوح لأعضاء مجلس الإدارة بشأن ما إذا كانت زيادات الأجور قد انتشرت على نطاق واسع في أنحاء البلاد.