مصر تتوسع في الدعم النقدي بعد موجة قوية من التضخم

مع التزام البلاد بالتخارج من دعم الطاقة

زيادة في مخصصات دعم السلع التموينية خلال العام المالي المقبل
زيادة في مخصصات دعم السلع التموينية خلال العام المالي المقبل
TT

مصر تتوسع في الدعم النقدي بعد موجة قوية من التضخم

زيادة في مخصصات دعم السلع التموينية خلال العام المالي المقبل
زيادة في مخصصات دعم السلع التموينية خلال العام المالي المقبل

تتوسع الحكومة المصرية في تغطية الفئات الهشة اجتماعيا بالإعانات النقدية بعد صدمة تضخمية عنيفة في 2016 لا تزال تلقي بظلالها على الأحوال المعيشية للمصريين، لكن مشروع موازنة العام المقبل الذي يحمل أهدافا طموحة بشأن أشكال الدعم النقدي المختلفة لا يقدم تصورا واضحا عن الحد الأدنى للمستوى المعيشي الذي يمكن أن يضمنه هذا الدعم وسط تفاقم الغلاء. وكان البنك المركزي المصري رفع يده تماما عن حماية الجنيه في نوفمبر (تشرين الثاني) من 2016 وهو ما أفقد العملة المحلية أكثر من نصف قيمتها أمام الدولار وقاد لموجة تضخمية عنيفة لم تشهدها البلاد منذ النصف الثاني من الثمانينات. لكن وتيرة التضخم السنوي التي كانت تجاوزت مستوى الـ30 في المائة في 2017 اتجهت للهدوء خلال الأشهر الأخيرة، ليصل المؤشر إلى 13.1 في المائة في مارس (آذار)، إلا أن ذلك لا ينفي أن قطاعا واسعا من المصريين ما زال يعاني من تبعات طفرة الأسعار التي شهدتها الأسواق خلال العام الماضي وتأثيرها على مستويات معيشتهم. وبينما تستهدف الحكومة أن يكون معدل التضخم خلال 2018 - 2019 عند مستوى 10 في المائة، يظل ذلك الهدف مستوى مرتفعا نسبيا.
وتضع الحكومة المصرية أهدافا طموحة للتوسع في المعاشات الممولة من الخزانة العامة والموجهة للفئات الهشة اجتماعيا، حيث قالت في البيان المالي لموازنة 2018 - 2019 الذي تم نشره على موقع الوزارة، إنها تخطط لأن تغطي نحو 3.8 مليون أسرة بمساعدات الضمان الاجتماعي ومساعدات تكافل وكرامة، وهي أشكال مختلفة من الدعم النقدي، بقيمة 17.5 مليار جنيه. وكانت الحكومة بدأت في مارس من 2015 في تنفيذ برنامجين جديدين للدعم النقدي، (تكافل) الموجه للأسرة التي تعول أطفالا في مراحل التعليم وفي حاجة للإعانة و(كرامة) الموجه لفئات مثل المسنين والعجزة ممن لا يستطيعون العمل وتغطية احتياجاتهم الأساسية.
وبحسب البيان المالي التمهيدي لموازنة العام المقبل، المنشور على موقع وزارة المالية، فقد استطاعت الحكومة أن تتوسع في تغطية المواطنين بهذين البرنامجين بوتيرة متسارعة خلال السنوات الماضية، ليصل عدد المستفيدين من هذا الدعم، بمعدل تراكمي، في يونيو (حزيران) الماضي إلى 1.7 مليون أسرة. ويتم تنفيذ البرنامجين الجديدين بالتوازي مع الدعم النقدي العريق في مصر، معاش الضمان الاجتماعي، وتمثل هذه الحزمة بديلا تعويضيا للأسر المهمشة التي تعاني من وطأة التضخم المتصاعدة مع اتجاه الدولة لإعادة هيكلة الدعم والتخارج تدريجيا من دعم الطاقة.
لكن تظل مستهدفات الدولة من الدعم النقدي غير واضحة، حيث لا تدرج تصورات محددة عن الحد الأدنى المعيشي الذي تستهدفه من هذه المعاشات، وبحسب البيان المالي لموازنة 2018 - 2019 فإن قيمة معاش الضمان الاجتماعي الموجهة لفرد واحد تصل إلى 323 جنيها شهريا، وهو ما يمثل نحو 67 في المائة من قيمة ما يحتاجه المواطن في مصر لتغطية احتياجاته الأساسية بحيث يصنف فوق خط الفقر القومي وفقا لأسعار عام 2015.
ويستهدف برنامج تكافل الأسر التي تعاني من الفقر الشديد وتحتاج إلى دعم نقدي وخدمي على أن يكون لديها أطفال في الفئة العمرية حتى 18 سنة، وتصل قيمة هذا المعاش وفقا لبيانات وزارة المالية 325 جنيها للأسرة، بالإضافة إلى منحة لكل تلميذ في مراحل التعليم تتراوح بين 60 - 100 جنيه، وزيادة شهرية بحد أقصى 100 جنيه، وبفرض أن أسرة مكونة من ثلاثة أفراد تمتعت بكل الامتيازات السابقة فإن نصيب الفرد من هذا المعاش سيكون 175 جنيها وهو ما يمثل نحو 36 في المائة من خط الفقر.
أما معاش كرامة والذي يستهدف الفئات التي تعاني من الفقر الشديد ولا تستطيع أن تعمل وتنتج وغير قادرة على الكسب، ككبار السن 65 سنة فأكثر أو العاجز والمعاق فتصل قيمته إلى 350 جنيها للفرد، بحد أقصى 3 أفراد للأسرة الواحدة، وهو ما يعني أن نصيب الفرد في أسرة مكونة من أب وأم وابن معاق على سبيل المثال يصل إلى 116 جنيها، وهو ما يمثل 24 في المائة من خط الفقر.
وهناك أشكال حديثة من الدعم لكن الدولة لم تتوسع فيها بوتيرة سريعة، من أبرزها دعم التأمين الصحي للفلاحين، والذي ظهر للمرة الأولى في بنود الموازنة العامة في سنة 2016 - 2017. وتقتصر تغطيته على 500 ألف فرد، بواقع دعم 200 جنيه سنويا لكل فرد، وتخصص له الحكومة 110 ملايين جنيه في الموازنة العام المقبل.
ودعم التأمين الصحي المخصص للمرأة المعيلة، حيث صدر القانون المنظم لهذا النظام في 2012 ويبلغ عدد المستفيدات من الدعم الموجه له في مشروع موازنة العام المقبل 825 ألف امرأة بدعم تبلغ قيمته الإجمالي نحو 165 مليون جنيه ويوفر 200 جنيه للفرد. وبلغت تقديرات الدعم والمنح والمزايا الاجتماعية في مشروع 2018 - 2019 نحو 332.2 مليار جنيه، وهو ما يمثل 6.3 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي، وهو ما يزيد قليلا على ما يُتوقع أن يُنفق فعليا على هذه الأبواب الاجتماعية خلال العام المالي الحالي، بـ915 مليون جنيه.
وتحاول الحكومة الحد من الإنفاق على الأبواب الاجتماعية المختلفة للسيطرة على العجز المالي، وتركز جهودها على الاقتطاع من دعم الطاقة الذي تقول إنه يوجه بشكل معمم ويستفيد منه فئات ليست في حاجة للدعم، حيث تخطط للنزول بدعم المواد البترولية في 2018 - 2019 إلى 89 مليار جنيه، مقابل 120.9 مليار جنيه متوقعة للعام الحالي. وتتطلع أيضا للمضي في خطة التحرير التدريجي لأسعار الكهرباء التي بدأتها منذ 2015 بحيث ينخفض دعم الكهرباء إلى 16 مليار جنيه خلال 2018 - 2019 مقابل 30 مليار جنيه متوقعة للعام الحالي. لكن الحكومة تركز بقوة على توفير الحماية من خلال دعم السلع التموينية، الذي بلغت أعداد المستفيدين منه 69 مليون فرد، وتبلغ قيمته نحو 50 جنيها شهريا للمواطن في حال كان عدد الأسرة أربعة أفراد، ويستفيد المواطنون من هذا الدعم في صورة خصومات من قيمة السلع الموزعة لدى منافذ البيع المسجلة في وزارات التموين.
وكانت الحكومة زادت من قيمة هذا الدعم بشكل متسارع مع ارتفاع وتيرة التضخم خلال الفترة الأخيرة، حيث زادت من نصيب الفرد من الدعم بعد تعويم نوفمبر 2016 من 15 إلى 25 جنيها، ثم رفعته إلى قيمته الحالية في موازنة العام المالي الحالي.
والدعم الغذائي الأكثر شعبوية هو دعم رغيف الخبز الذي تثبت الدولة سعره عند خمسة قروش، بفارق كبير عن سعر الخبز الحر الذي يزيد بأكثر من 1000 في المائة عن هذه القيمة، ويقول البيان المالي إن عدد المستفيدين من دعم الخبز بلغ 73.6 مليون مواطن بواقع 5 أرغفة للمواطن في كل يوم.
ويتيح نظام دعم الخبز للمواطنين حرية تنازلهم عن حصتهم اليومية من الخبز المدعم في مقابل الحصول على دعم غذائي لسلع أخرى، وتقول المالية إن نحو ثلث الأرغفة المستحقة للمستفيدين، التي يبلغ عددها نحو 134.3 مليار رغيف في السنة، يتم توفيرها واستبدالها بأشكال أخرى من الدعم.
وعلى صعيد الدعم الموجه لأنشطة إنتاجية تظهر بيانات البيان المالي الأخير أن الدولة لا تتوقع أن تنفق أغلب مخصصات دعم المزارعين خلال العام الحالي، والتي كان مخصصا لها 1 مليار جنيه لكن من المتوقع إنفاق 65 مليون جنيه فقط، وكان الجزء الأكبر من هذا الدعم موجها لدعم فرق سعر الفائدة لقروض الإنتاج النباتي، وتخصص الحكومة نفس المبلغ تقريبا تحت هذا الباب في الموازنة الجديدة.
في الوقت الذي تضاعف فيه دعم تنشيط الصادرات في موازنة 2018 - 2019 من 2.6 مليار جنيه إلى 4 مليار جنيه، وهو الدعم الموجه للشركات العاملة في مجال التصدير.


مقالات ذات صلة

مصر وقطر ستتعاونان في مشروع عقاري «مهم للغاية» بالساحل الشمالي

الاقتصاد رئيس الوزراء المصري مصطفى مدبولي خلال استقباله الشيخ محمد بن عبد الرحمن بن جاسم آل ثاني رئيس وزراء قطر في العاصمة الإدارية الجديدة (مجلس الوزراء المصري)

مصر وقطر ستتعاونان في مشروع عقاري «مهم للغاية» بالساحل الشمالي

قال مجلس الوزراء المصري، الأربعاء، إن مصر وقطر ستتعاونان خلال المرحلة المقبلة في مشروع استثماري عقاري «مهم للغاية» في منطقة الساحل الشمالي المصرية.

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
الاقتصاد أبراج وشركات وبنوك على نيل القاهرة (تصوير: عبد الفتاح فرج)

تقرير أممي يحذّر من تضخم الدين العام في المنطقة العربية

حذّر تقرير أممي من زيادة نسبة خدمة الدين الخارجي في البلدان العربية، بعد أن تضخّم الدين العام المستحق من عام 2010 إلى 2023، بمقدار 880 مليار دولار في المنطقة.

«الشرق الأوسط» (بيروت)
الاقتصاد مقر البنك المركزي المصري بالعاصمة الإدارية الجديدة (رويترز)

تحويلات المصريين بالخارج زادت بأكثر من 100 % في سبتمبر

أظهرت بيانات البنك المركزي المصري، اليوم الاثنين، أن تحويلات المصريين بالخارج ارتفعت لأكثر من مثليها على أساس سنوي في سبتمبر (أيلول) الماضي.

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
الاقتصاد وزير البترول المصري كريم بدوي خلال حديثه في مؤتمر مؤسسة «إيجيبت أويل آند غاز» (وزارة البترول المصرية)

مصر: أعمال البحث عن الغاز الطبيعي بالبحر المتوسط «مبشرة للغاية»

قال وزير البترول المصري كريم بدوي إن أعمال البحث والاستكشاف للغاز الطبيعي في البحر المتوسط مع الشركات العالمية «مبشرة للغاية».

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
الاقتصاد ناقلة غاز طبيعي مسال تمر بجانب قوارب صغيرة (رويترز)

مصر تُجري محادثات لإبرام اتفاقيات طويلة الأجل لاستيراد الغاز المسال

تجري مصر محادثات مع شركات أميركية وأجنبية أخرى لشراء كميات من الغاز الطبيعي المسال عبر اتفاقيات طويلة الأجل، في تحول من الاعتماد على السوق الفورية الأكثر تكلفة.

«الشرق الأوسط» (القاهرة)

ارتفاع عائدات السندات يكبد «بنك اليابان» خسائر فادحة

أبراج عملاقة في الحي المالي بالعاصمة اليابانية طوكيو (رويترز)
أبراج عملاقة في الحي المالي بالعاصمة اليابانية طوكيو (رويترز)
TT

ارتفاع عائدات السندات يكبد «بنك اليابان» خسائر فادحة

أبراج عملاقة في الحي المالي بالعاصمة اليابانية طوكيو (رويترز)
أبراج عملاقة في الحي المالي بالعاصمة اليابانية طوكيو (رويترز)

أظهر تقرير أرباح بنك اليابان (المركزي) يوم الأربعاء، أن البنك تكبد خسائر قياسية في تقييم حيازاته من السندات الحكومية في النصف الأول من السنة المالية مع ارتفاع عائدات السندات بسبب رفع أسعار الفائدة.

وعادة ما تشهد البنوك المركزية انخفاض قيمة حيازاتها من السندات عندما ترفع أسعار الفائدة، حيث تؤثر مثل هذه التحركات على أسعار السندات التي تتحرك عكسياً مع العائدات.

وأظهر تقرير الأرباح أن حيازات البنك المركزي من السندات تكبدت خسائر في التقييم بلغت 13.66 تريليون ين (90.03 مليار دولار) في الأشهر الستة حتى سبتمبر (أيلول) الماضي، وهو ما يزيد عن الخسارة البالغة 9.43 تريليون ين المسجلة في مارس (آذار).

وبلغت حيازات بنك اليابان من السندات الحكومية طويلة الأجل 582.99 تريليون ين في نهاية النصف الأول من السنة المالية، بانخفاض 1.6 تريليون ين عن العام السابق، وهو ما يمثل أول انخفاض في 16 عاماً.

وأظهر التقرير أن حيازات البنك المركزي من صناديق الاستثمار المتداولة حققت أرباحاً ورقية بلغت 33.07 تريليون ين، بانخفاض من 37.31 تريليون ين في مارس.

وأنهى بنك اليابان أسعار الفائدة السلبية وتوقف عن شراء الأصول الخطرة مثل صناديق الاستثمار المتداولة في مارس الماضي، في تحول تاريخي بعيداً عن برنامج التحفيز الضخم الذي استمر عقداً من الزمان. وفي يوليو (تموز)، رفع البنك أسعار الفائدة قصيرة الأجل إلى 0.25 في المائة، ووضع خطة لتقليص مشترياته الضخمة من السندات في محاولة لتقليص ميزانيته العمومية الضخمة.

وقال بنك اليابان إنه حصد 1.26 تريليون ين أرباحاً من حيازاته في صناديق المؤشرات المتداولة في النصف الأول من السنة المالية من أبريل (نيسان) إلى سبتمبر، ارتفاعاً من 1.14 تريليون ين في الفترة المقابلة من العام الماضي. وساعدت هذه العائدات في تعويض الخسائر التي تكبدها بنك اليابان لرفع تكاليف الاقتراض، مثل دفع الفائدة على الاحتياطيات الزائدة التي تحتفظ بها المؤسسات المالية لدى البنك المركزي.

وأظهر التقرير أن بنك اليابان دفع 392.2 مليار ين فائدة على الاحتياطيات الزائدة التي تحتفظ بها المؤسسات المالية لدى البنك المركزي في النصف الأول من السنة المالية، وهو ما يزيد 4.3 مرة عن المبلغ الذي دفعه قبل عام.

وفي الأسواق، أغلق المؤشر نيكي الياباني منخفضاً يوم الأربعاء بقيادة أسهم قطاع صيانة السيارات وسط مخاوف من تداعيات رسوم جمركية تعهد بفرضها الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، فضلاً عن ارتفاع الين.

وتراجع المؤشر نيكي 0.8 في المائة ليغلق عند 38134.97 نقطة، وهبط المؤشر توبكس الأوسع نطاقاً 0.9 في المائة إلى 2665.34 نقطة.

وتعهد ترمب يوم الاثنين بفرض رسوم جمركية جديدة على الواردات من كندا والمكسيك والصين، وهو ما قال محللون استراتيجيون إنه أثار مخاوف من تعرض المنتجات اليابانية لرسوم مماثلة.

وصعد الين بفضل الطلب على الملاذ الآمن وسط الاضطرابات في الشرق الأوسط، ليجري تداوله في أحدث التعاملات مرتفعاً 0.57 في المائة إلى 152.235 ين للدولار.

وتراجع سهم تويوتا موتور 3.62 في المائة في هبوط كان الأكثر تأثيراً على المؤشر توبكس، كما انخفض سهم «موتور» 4.74 في المائة و«هوندا موتور» 3.04 في المائة. وخسر المؤشر الفرعي لأسهم شركات صناعة السيارات 3.39 في المائة في أداء هو الأسوأ بين المؤشرات الفرعية للقطاعات البالغ عددها 33 في بورصة طوكيو.

وانخفض سهم أدفانتست لصناعة معدات اختبار الرقائق 3.71 في المائة لتصبح أكبر الخاسرين على المؤشر نيكي. ومن بين أكثر من 1600 سهم في السوق الرئيس ببورصة طوكيو، ارتفع نحو 16 في المائة وانخفض نحو 82 في المائة، وظل نحو واحد في المائة دون تغيير.