المغرب: صخب وشتائم في محاكمة الصحفي بوعشرين

القاضي وجه إنذارات شديدة اللهجة للمحامين

TT

المغرب: صخب وشتائم في محاكمة الصحفي بوعشرين

وجه القاضي المغربي علي الطرشي إنذارات شديدة اللهجة للمحامين في هيئة الدفاع عن الصحافي توفيق بوعشرين والضحايا خلال المحاكمة، التي تجري بمحكمة الاستئناف بالدار البيضاء.
وأمر القاضي كاتب الضبط مرتين خلال جلسة صباح أمس بتحرير محاضر حول إنذاراته للمحامين، وطلب منه أن يكتب أن المحامين المعنيين أحدثوا بلبلة واضطرابا واضحين في سير الجلسة رغم التحذيرات المتكررة للقاضي.
ومع استمرار الجلبة وإصرار بعض المحامين على الحديث دون إذن من القاضي، قال الطرشي «هذا تطاول على المحكمة»، مضيفا أنه يحس بأن هناك إرادة وتصميما من البعض على عرقلة سير المحاكمة. وهدد بأن المحكمة ستضطر لاتخاذ الإجراءات التي يخولها القانون، وأنها لن ترضخ للأمر الواقع.
وارتفعت حدة التوتر بين دفاع الطرفين وبين دفاع بوعشرين، والنيابة العامة إلى درجة تبادل الشتائم والسب. وكان نقيب المحامين في الدار البيضاء قد وجه رسالة شديدة اللهجة للمحامين، منتقدا المستوى الذي نزلوا إليه عبر «الملاسنات والمشاجرات والسب والقذف» في المحكمة وعلى الهواء.
وبدأت جلسة صباح أمس باحتدام الجدل بين دفاع بوعشرين والنيابة العامة حول استدعاء الضحايا والمصرحات لحضور جلسات المحكمة. فبينما طلبت النيابة العامة من القاضي التساهل مع الضحايا اللواتي حضرن تلبية لاستدعاء المحكمة، والسماح لهن بعدم الحضور إن اخترن ذلك، شددت على المطالبة بحضور بعض المصرحات اللواتي رفضن الاستجابة للاستدعاء. وهددت باتخاذ الإجراءات التي يخولها القانون لإحضارهن إلى المحكمة، مذكرة بأن عدم الامتثال للاستدعاء رتب عليه القانون بعض العقوبات.
في المقابل، شدد دفاع بوعشرين على ضرورة حضور المشتكيات لجميع أطوار المحاكمة، فيما أكد على عدم استدعاء المصرحات اللواتي رفضن الحضور. كما تعالى صراخ المحامي محمد زيان في القاعة وهو يردد للنيابة العامة بخصوص المصرحات «اتركهن وشأنهن، لا علاقة لهن بالقضية»، مضيفا أن المصرحات اللواتي يهددهن الوكيل العام لن يأتين إلى المحكمة.
ورفع القاضي الجلسة عدة مرات بسبب الاضطرابات والتشنجات التي عرفتها المحاكمة. وعبر النقيب عبد اللطيف بوعشرين، عضو هيئة دفاع عن توفيق بوعشرين، عن امتعاضه لسلوك المحامين، داعيا القاضي إلى الحزم وعدم التساهل.
وفي سياق تقديمه للدفوعات الشكلية، انتقد النقيب بوعشرين الاختلالات والأخطاء التي شابت الملف منذ انطلاقه، ملمحا إلى أن القضية ذات طابع سياسي، وتستهدف المتهم باعتباره «قلما يساريا شرسا»، على حد قوله، مشيرا إلى أن جهات لديها النفوذ والمال هي التي كانت وراء الملف، وقال في هذا السياق «هذا البلد لا يحكمه بعد الله إلا الملك. وهؤلاء مهما بلغت عجرفتهم وأموالهم فلا يمكن أن يسيروا المغرب. يمكنهم فقط أن يجزوا بشخص في السجن».
وبدأ النقيب بوعشرين بسؤال حول كيفية ولادة القضية، مشيرا إلى أن تحريكها كان بسبب ثلاث شكاوى، إحداها لشخص مجهول وغير موقعة. ثم تطرق إلى لحظة اعتقال الصحافي بوعشرين، مشيرا إلى أن الوكيل العام أرسل 40 عنصرا من الفرقة الوطنية للشرطة القضائية إلى مقر جريدة «أخبار اليوم»، وصادفوا بوعشرين نازلا من المصعد، وعادوا معه إلى الطابق الـ17 حيث مقر الشركة، وإلى مكتبه الذي كان مفتوحا. وهناك طلبوا منه أن يرافقهم لزيارة مكاتب أخرى قبل أن يعودوا به إلى مكتبه، ليفاجأ بجهازين لتسجيل الفيديوهات على مكتبه. وعندما سأله الضابط عنهما قال إنه لا علم له بهما. وفي تلك اللحظة استدعى توفيق بوعشرين مدير المشتريات، الذي نفى شراء تلك التجهيزات.
وفي سياق مناقشته لوقائع الاعتقال والتفتيش، انتقد النقيب بوعشرين عدم استماع المحققين لمدير المشتريات. كما انتقد أمر الوكيل العام لرجال الفرقة الوطنية بالتنقل إلى مكتب بوعشرين بذلك العدد لاعتقاله، بدل إرسال استدعاء. وأشار النقيب إلى أن مكتب الصحافي مثله مثل مكتب المحامي يخضع لمبدأ السر المهني، كونه يضم بيانات المصادر والعملاء، مشيرا إلى أن التفتيش تم دون احترام هذا المبدأ، ومن دون أمر مكتوب من طرف النيابة العامة، ومن دون إذن صاحب المكتب، كما ينص على ذلك القانون عندما يتعلق الأمر بمحلات مخصصة للاستعمال المهني.
وانتقد النقيب بوعشرين عدم قيام النيابة العامة، ولا قاضي التحقيق بمواجهة المتهم مع المشتكيات، متسائلا عن سبب ذلك. مبرزا أن القضية أحيلت على المحكمة قبل أن تكتمل وتصبح جاهزة.
وفي الجلسة السابقة التي التأمت مساء أول من أمس طلب المحامي إسحاق شارية، الذي يدافع على إحدى المشتكيات التي تراجعت عن شكواها، من المحكمة إتلاف كافة الفيديوهات والصور التي تظهر فيها المشتكية، التي انتصبت كطرف مدني. كما طلب من النيابة العامة عدم إزعاجها بالاستدعاءات لأنها لن تحضر المحاكمة. وأثارت مرافعة شارية ردود فعل قوية من لدن دفاع الضحايا الذي اتهمه بكونه يختفي خلف الضحية ليدافع عن المتهم، مستغربين مطالبته بإتلاف الأدلة.
وقرر القاضي أن تتواصل المحاكمة بالاستماع للدفوع الشكلية لدفاع المتهم، قبل الاستماع إلى ردود دفاع الضحايا والنيابة العامة، والتي سيعطيها الكلمة في الجلسة المقبلة.



انخفاض شديد في مستويات دخل الأسر بمناطق الحوثيين

فتاة في مخيم مؤقت للنازحين اليمنيين جنوب الحُديدة في 4 يناير الحالي (أ.ف.ب)
فتاة في مخيم مؤقت للنازحين اليمنيين جنوب الحُديدة في 4 يناير الحالي (أ.ف.ب)
TT

انخفاض شديد في مستويات دخل الأسر بمناطق الحوثيين

فتاة في مخيم مؤقت للنازحين اليمنيين جنوب الحُديدة في 4 يناير الحالي (أ.ف.ب)
فتاة في مخيم مؤقت للنازحين اليمنيين جنوب الحُديدة في 4 يناير الحالي (أ.ف.ب)

بموازاة استمرار الجماعة الحوثية في تصعيد هجماتها على إسرائيل، واستهداف الملاحة في البحر الأحمر، وتراجع قدرات المواني؛ نتيجة الردِّ على تلك الهجمات، أظهرت بيانات حديثة وزَّعتها الأمم المتحدة تراجعَ مستوى الدخل الرئيسي لثُلثَي اليمنيين خلال الشهر الأخير من عام 2024 مقارنة بالشهر الذي سبقه، لكن هذا الانخفاض كان شديداً في مناطق سيطرة الجماعة المدعومة من إيران.

ووفق مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية، فقد واجهت العمالة المؤقتة خارج المزارع تحديات؛ بسبب طقس الشتاء البارد، ونتيجة لذلك، أفاد 65 في المائة من الأسر التي شملها الاستطلاع بانخفاض في دخلها الرئيسي مقارنة بشهر نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي والفترة نفسها من العام الماضي، وأكد أن هذا الانخفاض كان شديداً بشكل غير متناسب في مناطق الحوثيين.

وطبقاً لهذه البيانات، فإن انعدام الأمن الغذائي لم يتغيَّر في المناطق الخاضعة لسيطرة الحكومة اليمنية، بينما انخفض بشكل طفيف في المناطق الخاضعة لسيطرة الحوثيين؛ نتيجة استئناف توزيع المساعدات الغذائية هناك.

الوضع الإنساني في مناطق الحوثيين لا يزال مزرياً (الأمم المتحدة)

وأظهرت مؤشرات نتائج انعدام الأمن الغذائي هناك انخفاضاً طفيفاً في صنعاء مقارنة بالشهر السابق، وعلى وجه التحديد، انخفض الاستهلاك غير الكافي للغذاء من 46.9 في المائة في نوفمبر إلى 43 في المائة في ديسمبر (كانون الأول) الماضي.

وضع متدهور

على النقيض من ذلك، ظلَّ انعدام الأمن الغذائي في المناطق الخاضعة لسيطرة الحكومة اليمنية دون تغيير إلى حد كبير، حيث ظلَّ الاستهلاك غير الكافي للغذاء عند مستوى مرتفع بلغ 52 في المائة، مما يشير إلى أن نحو أسرة واحدة من كل أسرتين في تلك المناطق تعاني من انعدام الأمن الغذائي.

ونبّه المكتب الأممي إلى أنه وعلى الرغم من التحسُّن الطفيف في المناطق الخاضعة لسيطرة الحوثيين، فإن الوضع لا يزال مزرياً، على غرار المناطق الخاضعة لسيطرة الحكومة، حيث يعاني نحو نصف الأسر من انعدام الأمن الغذائي (20 في المائية من السكان) مع حرمان شديد من الغذاء، كما يتضح من درجة استهلاك الغذاء.

نصف الأسر اليمنية يعاني من انعدام الأمن الغذائي في مختلف المحافظات (إعلام محلي)

وبحسب هذه البيانات، لم يتمكَّن دخل الأسر من مواكبة ارتفاع تكاليف سلال الغذاء الدنيا، مما أدى إلى تآكل القدرة الشرائية، حيث أفاد نحو ربع الأسر التي شملها الاستطلاع في مناطق الحكومة بارتفاع أسعار المواد الغذائية كصدمة كبرى، مما يؤكد ارتفاع أسعار المواد الغذائية الاسمية بشكل مستمر في هذه المناطق.

وذكر المكتب الأممي أنه وبعد ذروة الدخول الزراعية خلال موسم الحصاد في أكتوبر (تشرين الأول) ونوفمبر، الماضيين، شهد شهر ديسمبر أنشطةً زراعيةً محدودةً، مما قلل من فرص العمل في المزارع.

ولا يتوقع المكتب المسؤول عن تنسيق العمليات الإنسانية في اليمن حدوث تحسُّن كبير في ملف انعدام الأمن الغذائي خلال الشهرين المقبلين، بل رجّح أن يزداد الوضع سوءاً مع التقدم في الموسم.

وقال إن هذا التوقع يستمر ما لم يتم توسيع نطاق المساعدات الإنسانية المستهدفة في المناطق الأكثر عرضة لانعدام الأمن الغذائي الشديد.

تحديات هائلة

بدوره، أكد المكتب الإنمائي للأمم المتحدة أن اليمن استمرَّ في مواجهة تحديات إنسانية هائلة خلال عام 2024؛ نتيجة للصراع المسلح والكوارث الطبيعية الناجمة عن تغير المناخ.

وذكر أن التقديرات تشير إلى نزوح 531 ألف شخص منذ بداية عام 2024، منهم 93 في المائة (492877 فرداً) نزحوا بسبب الأزمات المرتبطة بالمناخ، بينما نزح 7 في المائة (38129 فرداً) بسبب الصراع المسلح.

نحو مليون يمني تضرروا جراء الفيضانات منتصف العام الماضي (الأمم المتحدة)

ولعبت آلية الاستجابة السريعة متعددة القطاعات التابعة للأمم المتحدة، بقيادة صندوق الأمم المتحدة للسكان، وبالشراكة مع برنامج الأغذية العالمي و«اليونيسيف» وشركاء إنسانيين آخرين، دوراً محورياً في معالجة الاحتياجات الإنسانية العاجلة الناتجة عن هذه الأزمات، وتوفير المساعدة الفورية المنقذة للحياة للأشخاص المتضررين.

وطوال عام 2024، وصلت آلية الاستجابة السريعة إلى 463204 أفراد، يمثلون 87 في المائة من المسجلين للحصول على المساعدة في 21 محافظة يمنية، بمَن في ذلك الفئات الأكثر ضعفاً، الذين كان 22 في المائة منهم من الأسر التي تعولها نساء، و21 في المائة من كبار السن، و10 في المائة من ذوي الإعاقة.

وبالإضافة إلى ذلك، تقول البيانات الأممية إن آلية الاستجابة السريعة في اليمن تسهم في تعزيز التنسيق وكفاءة تقديم المساعدات من خلال المشاركة النشطة للبيانات التي تم جمعها من خلال عملية الآلية وتقييم الاحتياجات.