موروث يفسر انتشار متلازمة القولون العصبي عند النساء

المرض شائع بين الجنس اللطيف بنسبة تزيد 3 مرات مقارنة بالرجال

متلازمة القولون العصبي عند النساء
متلازمة القولون العصبي عند النساء
TT

موروث يفسر انتشار متلازمة القولون العصبي عند النساء

متلازمة القولون العصبي عند النساء
متلازمة القولون العصبي عند النساء

ترتفع نسبة الذين يعانون من متلازمة القولون العصبي بين الألمان إلى 10 في المائة من مجموع السكان، إلا أن المرض شائع جداً بين النساء بنسبة تزيد 2 - 3 مرات مقارنة بالرجال، لأسباب غير معروفة حتى الآن. بل إن إحصائية وزارة الصحة الألمانية تتحدث عن نسبة 22 في المائة من الألمان عانوا مرة أو ما زالوا يعانون من هذا المرض. وهو مرض يكشف عن أعراض مزعجة وآلام في البطن، ويعتقد الطب أن الحالة لا تهدد بالتحول إلى سرطان قد يصيب القولون لاحقاً.
ونقلت مجلة «الطبيب الألماني» عن الباحثين من معهد «كارلونيسكا» السويدي المشهور أنهم وقعوا على خلل جيني على علاقة بالمرض عند البشر، ويمكن على أساسه تفسير نسبة الإصابات العالية به بين الإناث.
وكانت دراسات طبية سابقة قد ربطت بين متلازمة القولون العصبي وبين التغيرات الهرمونية عند النساء في فترة الحيض، إضافة إلى دور العوامل الأخرى التغذوية والنفسية والوراثية. ولاحظت هذه الدراسات أن 3.4 في المائة من النساء اللاتي لا يخضعن للعلاج الهرموني ظهرت لديهن أعراض القولون العصبي، مقارنة بنسبة 7.6 في المائة من النساء، ممن يخضعن للعلاج الهرموني تطور المرض لديهن.
وكتب العلماء السويديون أن متلازمة القولون العصبي، التي لا تكشف في الناظور المجهري عن أي آثار باثولجية، لها خلفية وراثية أيضاً. وتحدث الباحثون عن عامل خطورة يرتبط بالكروموسوم رقم 9، ويمكن أن يفسر ظاهرة انتشار هذا المرض بين الإناث أكثر بكثير من الذكور.
درس مارور دي أماتو وفريق عمله، من معهد «كارولينسكا»، التشكيلة الوراثية لنحو 2045 مريضاً بمتلازمة القولون العصبي، يعالجون في مستشفيات السويد وهولندا وبلجيكا وإيطاليا، وقارنوها بمعطيات 336499 مريضاً لا يعانون من المرض، أو من أعراض معوية.
واتضح من تحليل النتائج في 7.2 مليون بوليمورفزم أحادي النيوكلوتايد (SNP) وجود خلل في الكروموسوم 9q31.2. ويتعلق الخلل الوراثي بالجين المرقم rs10512344، إلا أن أسباب هذا التحور ليست واضحة بعد للعلماء السويديين.
ويعود سبب ربط العلماء لهذا الخلل بانتشار متلازمة القولون العصبي عند الإناث، إلى أنهم عثروا على هذا الخلل في النساء اللاتي يعانين من هذا المرض فقط. كما ارتبط هذا الخلل الكروموسومي بنوع القولون العصبي المصحوب بإمساك شديد.
ويحاول الباحثون الآن معرفة الأسباب البيولوجية لهذا الخلل الجيني، خصوصاً بسبب وجود 8 جينات بالقرب من الكروموسوم 9q31.2، وأحد هذه الجينات مسؤول عن الخلل الخلقي العائلي المسمى Dysautonomie. ويقول علماء معهد «كارولينسكا» إنهم لم يقعوا على علاقة للقولون العصبي بالخلل الخلقي العائلي.
ومتلازمة القولون العصبي اضطراب شائع يصيب الأمعاء الغليظة، ومن أبرز أعراضه هي التشنجات وآلام البطن والانتفاخ والغازات، والإسهال أو الإمساك، أو كليهما. والقولون العصبي حالة مزمنة تحتاج إلى رعاية طبية على المدى الطويل.
ولا تظهر أعراض المرض بشكل حاد إلا عند عدد قليل من الأشخاص المصابين بالقولون العصبي. ويمكن عادة التحكم في الأعراض عن طريق اتباع نظام غذائي صحي، وتغير نمط الحياة والتقليل من التوتر، كما يمكن علاج الأعراض الشديدة بالأدوية، ولا يسبب القولون العصبي أي تغيرات في أنسجة الأمعاء أو يزيد من خطر الإصابة بسرطان القولون.
وتشير موسوعة «ويكيبيديا» الإلكترونية إلى أن متلازمة القولون العصبي (أو المتهيج) قد تظهر بعد الإصابة بالعدوى، أو بسبب توالي أحداث الحياة المجهدة، ولكن ذلك قد يرتبط بتقدم العمر أيضاً.
تعرّف النظرية الأكثر شيوعاً متلازمة القولون العصبي على بأنها اضطراب التفاعل بين الدماغ والجهاز الهضمي. وتشير نظريات أخرى بأصبع الاتهام، عند بعض الأفراد، إلى تشوهات في النبيت الجرثومي المعوي (الفلورا) قد تحدث، ويفسر ذلك أن هذه التشوهات تؤدي إلى التهابات وتغيرات في وظيفة الأمعاء.


مقالات ذات صلة

مرض غامض يحصد الأرواح في الكونغو

أفريقيا المرض الغامض أودى بحياة أكثر من 67 شخصاً (رويترز)

مرض غامض يحصد الأرواح في الكونغو

أعلن وزير الصحة في إقليم كوانغو بجنوب غربي الكونغو، أبولينير يومبا، اليوم (الأربعاء)، وفاة 67 شخصاً على الأقل في الأسبوعين الماضيين نتيجة مرض غامض.

«الشرق الأوسط» (كينشاسا )
صحتك القلب لديه نظامه العصبي المعقد الذي يُعد أمراً بالغ الأهمية للتحكم في إيقاعه (معهد كارولينسكا)

القلب له دماغه الخاص

أظهرت دراسة جديدة أجراها فريق بحثي من معهد كارولينسكا في السويد بالتعاون مع باحثين من جامعة كولومبيا الأميركية، أن القلب لديه دماغ صغير عبارة عن نظام عصبي خاص.

«الشرق الأوسط» (القاهرة )
صحتك دراسة: التعرض لتلوث الهواء يزيد من خطر العقم

دراسة: التعرض لتلوث الهواء يزيد من خطر العقم

أظهرت دراسة أميركية حديثة أن تعرض الأم والأب لملوثات الهواء الشائعة قد يزيد من خطر العقم لأنه قد يكون ضاراً بتطور البويضات والحيوانات المنوية والأجنة.

«الشرق الأوسط» (لندن)
صحتك الأنشطة الروتينية عالية الكثافة مثل صعود السلالم تقلل من خطر إصابة النساء بالنوبات القلبية إلى النصف (رويترز)

4 دقائق من المجهود اليومي تقلل من خطر إصابة النساء بالنوبات القلبية

أكدت دراسة جديدة أن النساء اللاتي يقمن يوميّاً بـ4 دقائق من المجهود اليومي والأنشطة الروتينية عالية الكثافة يقللن من خطر إصابتهن بالنوبات القلبية إلى النصف.

«الشرق الأوسط» (لندن)
صحتك امرأة تعاني مرض ألزهايمر (رويترز)

طريقة كلامك قد تتنبأ باحتمالية إصابتك بألزهايمر

أكدت دراسة جديدة أن طريقة الكلام قد تتنبأ باحتمالية الإصابة بمرض ألزهايمر.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)

ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
TT

ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)

ستيف بركات عازف بيانو كندي من أصل لبناني، ينتج ويغنّي ويلحّن. لفحه حنين للجذور جرّه إلى إصدار مقطوعة «أرض الأجداد» (Motherland) أخيراً. فهو اكتشف لبنان في وقت لاحق من حياته، وينسب حبّه له إلى «خيارات مدروسة وواعية» متجذرة في رحلته. من اكتسابه فهماً متيناً لهويته وتعبيره عن الامتنان لما منحه إياه الإرث من عمق يتردّد صداه كل يوم، تحاوره «الشرق الأوسط» في أصله الإنساني المنساب على النوتة، وما أضفاه إحساسه الدفين بالصلة مع أسلافه من فرادة فنية.
غرست عائلته في داخله مجموعة قيم غنية استقتها من جذورها، رغم أنه مولود في كندا: «شكلت هذه القيم جزءاً من حياتي منذ الطفولة، ولو لم أدركها بوعي في سنّ مبكرة. خلال زيارتي الأولى إلى لبنان في عام 2008. شعرتُ بلهفة الانتماء وبمدى ارتباطي بجذوري. عندها أدركتُ تماماً أنّ جوانب عدة من شخصيتي تأثرت بأصولي اللبنانية».
بين كوبنهاغن وسيول وبلغراد، وصولاً إلى قاعة «كارنيغي» الشهيرة في نيويورك التي قدّم فيها حفلاً للمرة الأولى، يخوض ستيف بركات جولة عالمية طوال العام الحالي، تشمل أيضاً إسبانيا والصين والبرتغال وكوريا الجنوبية واليابان... يتحدث عن «طبيعة الأداء الفردي (Solo) التي تتيح حرية التكيّف مع كل حفل موسيقي وتشكيله بخصوصية. فالجولات تفسح المجال للتواصل مع أشخاص من ثقافات متنوعة والغوص في حضارة البلدان المضيفة وتعلّم إدراك جوهرها، مما يؤثر في المقاربة الموسيقية والفلسفية لكل أمسية».
يتوقف عند ما يمثله العزف على آلات البيانو المختلفة في قاعات العالم من تحدٍ مثير: «أكرّس اهتماماً كبيراً لأن تلائم طريقة عزفي ضمانَ أفضل تجربة فنية ممكنة للجمهور. للقدرة على التكيّف والاستجابة ضمن البيئات المتنوّعة دور حيوي في إنشاء تجربة موسيقية خاصة لا تُنسى. إنني ممتنّ لخيار الجمهور حضور حفلاتي، وهذا امتياز حقيقي لكل فنان. فهم يمنحونني بعضاً من وقتهم الثمين رغم تعدّد ملاهي الحياة».
كيف يستعد ستيف بركات لحفلاته؟ هل يقسو عليه القلق ويصيبه التوتر بإرباك؟ يجيب: «أولويتي هي أن يشعر الحاضر باحتضان دافئ ضمن العالم الموسيقي الذي أقدّمه. أسعى إلى خلق جو تفاعلي بحيث لا يكون مجرد متفرج بل ضيف عزيز. بالإضافة إلى الجانب الموسيقي، أعمل بحرص على تنمية الشعور بالصداقة الحميمة بين الفنان والمتلقي. يستحق الناس أن يلمسوا إحساساً حقيقياً بالضيافة والاستقبال». ويعلّق أهمية على إدارة مستويات التوتّر لديه وضمان الحصول على قسط كافٍ من الراحة: «أراعي ضرورة أن أكون مستعداً تماماً ولائقاً بدنياً من أجل المسرح. في النهاية، الحفلات الموسيقية هي تجارب تتطلب مجهوداً جسدياً وعاطفياً لا تكتمل من دونه».
عزف أناشيد نالت مكانة، منها نشيد «اليونيسف» الذي أُطلق من محطة الفضاء الدولية عام 2009 ونال جائزة. ولأنه ملحّن، يتمسّك بالقوة الهائلة للموسيقى لغة عالمية تنقل الرسائل والقيم. لذا حظيت مسيرته بفرص إنشاء مشروعات موسيقية لعلامات تجارية ومؤسسات ومدن؛ ومعاينة تأثير الموسيقى في محاكاة الجمهور على مستوى عاطفي عميق. يصف تأليف نشيد «اليونيسف» بـ«النقطة البارزة في رحلتي»، ويتابع: «التجربة عزّزت رغبتي في التفاني والاستفادة من الموسيقى وسيلة للتواصل ومتابعة الطريق».
تبلغ شراكته مع «يونيفرسال ميوزيك مينا» أوجها بنجاحات وأرقام مشاهدة عالية. هل يؤمن بركات بأن النجاح وليد تربة صالحة مكوّنة من جميع عناصرها، وأنّ الفنان لا يحلّق وحده؟ برأيه: «يمتد جوهر الموسيقى إلى ما وراء الألحان والتناغم، ليكمن في القدرة على تكوين روابط. فالنغمات تمتلك طاقة مذهلة تقرّب الثقافات وتوحّد البشر». ويدرك أيضاً أنّ تنفيذ المشاريع والمشاركة فيها قد يكونان بمثابة وسيلة قوية لتعزيز الروابط السلمية بين الأفراد والدول: «فالثقة والاهتمام الحقيقي بمصالح الآخرين يشكلان أسس العلاقات الدائمة، كما يوفر الانخراط في مشاريع تعاونية خطوات نحو عالم أفضل يسود فيه الانسجام والتفاهم».
بحماسة أطفال عشية الأعياد، يكشف عن حضوره إلى المنطقة العربية خلال نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل: «يسعدني الوجود في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا كجزء من جولة (Néoréalité) العالمية. إنني في مرحلة وضع اللمسات الأخيرة على التفاصيل والتواريخ لنعلن عنها قريباً. تملؤني غبطة تقديم موسيقاي في هذا الحيّز النابض بالحياة والغني ثقافياً، وأتحرّق شوقاً لمشاركة شغفي وفني مع ناسه وإقامة روابط قوامها لغة الموسيقى العالمية».
منذ إطلاق ألبومه «أرض الأجداد»، وهو يراقب جمهوراً متنوعاً من الشرق الأوسط يتفاعل مع فنه. ومن ملاحظته تزايُد الاهتمام العربي بالبيانو وتعلّق المواهب به في رحلاتهم الموسيقية، يُراكم بركات إلهاماً يقوده نحو الامتنان لـ«إتاحة الفرصة لي للمساهمة في المشهد الموسيقي المزدهر في الشرق الأوسط وخارجه».
تشغله هالة الثقافات والتجارب، وهو يجلس أمام 88 مفتاحاً بالأبيض والأسود على المسارح: «إنها تولّد إحساساً بالعودة إلى الوطن، مما يوفر ألفة مريحة تسمح لي بتكثيف مشاعري والتواصل بعمق مع الموسيقى التي أهديها إلى العالم».