أميركا تحشد عسكرياً لـ«معاقبة» الأسد وتطلب دعم فرنسا وبريطانيا

اتصالات هاتفية بين ترمب وماي وماكرون

يفحص طائرة «إف 18» على حاملة طائرات أميركية في بحر الصين أمس (أ.ف.ب)
يفحص طائرة «إف 18» على حاملة طائرات أميركية في بحر الصين أمس (أ.ف.ب)
TT

أميركا تحشد عسكرياً لـ«معاقبة» الأسد وتطلب دعم فرنسا وبريطانيا

يفحص طائرة «إف 18» على حاملة طائرات أميركية في بحر الصين أمس (أ.ف.ب)
يفحص طائرة «إف 18» على حاملة طائرات أميركية في بحر الصين أمس (أ.ف.ب)

تصاعدت حدة التوتر مع الخيارات التي ستقدم عليها إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترمب للرد على الهجوم الكيماوي على دوما في غوطة دمشق. وألغى ترمب خططا للسفر إلى أميركا الجنوبية في وقت لاحق من الأسبوع الجاري، للبقاء ومتابعة الرد الأميركي ضد النظام السوري. وأعلن أيضا وزير الدفاع الأميركي جيمس ماتيس إلغاء خطط للسفر إلى ولايات بالحدود الجنوبية الأميركية.
وأعلنت سارة ساندرز المتحدثة باسم البيت الأبيض إلغاء رحلة الرئيس ترمب إلى أميركا اللاتينية وعدم مشاركته في القمة الثامنة للأميركتين التي تعقد في مدينة ليما ببيرو، وإلغاء رحلته المقررة إلى كل من باجوتا وكولومبيا. وأشارت ساندرز إلى أن نائب الرئيس الأميركي مايك بنس سينوب عن الرئيس في حضور القمة، وأن السبب وراء إلغاء الرحلة هو رغبة الرئيس ترمب في متابعة الرد الأميركي ضد سوريا، والإشراف على التطورات في جميع أنحاء العالم.
وتجنب الرئيس ترمب الخوض في ماهية الخطوات التي ستتخذها الإدارة الأميركية، وقال إنه يتفهم أهمية معالجة هذا الوضع، وأيضا التأكد من وقف تمويل الإرهاب.
من جانبه، قال الكولونيل باتريك رايدر المتحدث باسم الجنرال جوزيف دانفورد، رئيس هيئة الأركان الأميركية المشتركة، إن القادة العسكريين قدموا للرئيس ترمب مساء الاثنين عددا من الخيارات «العسكرية» للرد على قيام نظام الأسد باستخدام الأسلحة الكيماوية في الهجوم الأخير ضد المدنيين السوريين. وقال: «دورنا هو إمداد الرئيس بالخيارات المختلفة، وفي ضوء هذا الحادث المروع نحن ننظر في خيارات عسكرية محتملة وقدمناها للرئيس».
ووصف الكولونيل رايدر التقارير وصور المدنيين المصابين جراء الهجوم بالكيماوي بأنها مروعة، وشدد على أن الخيار العسكري هو أقرب الخيارات المؤكدة التي تنظر فيها الإدارة الأميركية؛ لكنه رفض التصريح بمزيد من التفاصيل؛ مشيرا إلى أنه يتعين الانتظار حتى يصدر الرئيس ترمب تصريحاته حول الرد الأميركي على سوريا. وتدور تسريبات حول اتجاه الإدارة الأميركية لاستهداف مطارات وقواعد عسكرية سورية، تعتقد واشنطن أنها القواعد المستخدمة في شن الهجمات الكيماوية.
وكان الرئيس ترمب قد صرح للصحافيين مساء الاثنين، بأن الولايات المتحدة سترد بقوة على الهجوم الكيماوي الذي استهدف مدنية دوما؛ لكنه رفض مناقشة توقيت هذا الرد، وقال قبل اجتماع مع كبار القادة العسكريين في البيت الأبيض مساء الاثنين: «سنقوم اليوم باتخاذ قرار وستسمعون القرار، ولا يمكننا أن ندع الفظائع التي شهدناها جميعا، لا يمكننا أن نسمح بذلك». وأضاف ترمب: «لدينا الكثير من الخيارات العسكرية، وسنخبركم قريبا جدا».
وأمضى ترمب أقل من ساعة مع القادة العسكريين، وحينما وجه الصحافيون أسئلة لمستشار الأمن القومي الجديد جون بولتون الذي شارك في الاجتماع جالسا على يسار ترمب، أجاب: «ما الذي يمكن أن يحدث بشكل خاطئ؟». وقد شارك في الاجتماع كل من وزير الدفاع جيمس ماتيس، ورئيس هيئة الأركان المشتركة الجنرال جوزيف دانفورد.
ورفض المسؤولون بالبيت الأبيض بشدة التلميح إلى الخطوات التي ستتخذها إدارة ترمب، وأشار مسؤول عسكري بالبنتاغون إلى أن الجيش الأميركي في وضع يسمح له بتنفيذ أي أمر يصدره الرئيس ترمب بالهجوم، مشيرا إلى أن المدمرة البحرية «دونالد كوك» تتخذ موقعها في شرق البحر المتوسط. وتعد المدمرة البحرية «دونالد كوك» من أبرز القطع البحرية الأميركية المحملة بصواريخ «توماهوك» وهي الصواريخ نفسها التي استخدمت في الهجوم الأميركي ضد سوريا، في أبريل (نيسان) الماضي، في أعقاب الهجوم الكيماوي على خان شيخون.
وأشار مسؤولون بالبيت الأبيض إلى أن الرئيس ترمب يواصل التشاور مع الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، حول التنسيق في الرد على استخدام الأسلحة الكيماوية في سوريا. كما ناقش ترمب في اتصال هاتفي مع رئيسة الوزراء البريطانية تيريزا ماي الوضع في سوريا، واتفقا على عدم السماح باستمرار الهجمات بالأسلحة الكيماوية.
وأعلنت الخارجية الأميركية عن اتصالات بين جون سوليفان القائم بأعمال وزير الخارجية، مع بوريس جونسون وزير الخارجية البريطاني، واتفق الجانبان على أن الهجوم على مدينة دوما يحمل بصمات مشابهة لهجمات أسلحة كيماوية سابقة، أقدم على شنها نظام بشار الأسد في السابق.
ومنذ مساء السبت الماضي، جرت اتصالات ومشاورات مكثفة ما بين واشنطن وكل من باريس ولندن، وتدور المناقشات - وفق مصادر موثقة - حول إمكانية اشتراك الحلفاء الأوروبيين في ضربة عسكرية ضد سوريا، وفي حال إقدام الولايات المتحدة على ضربة عسكرية بشكل سريع فإن الشريك الأكثر احتمالا سيكون فرنسا؛ حيث يستدعي الأمر حصول بريطانيا على موافقة البرلمان للاشتراك في ضربة عسكرية مع الولايات المتحدة.
ونصح مايكل أيزنشتات مدير برنامج الدراسات العسكرية بمعهد واشنطن لسياسات الشرق الأدنى، إدارة الرئيس ترمب، بتوجيه ضربة عسكرية رادعة تقصف الوحدات البرية والجوية السورية، وليس فقط الأهداف المتعلقة بالأسلحة الكيماوية، إضافة إلى السعي لضرب تحالف بشار الأسد مع إيران وروسيا، أي تجنب تصرف يجمعهم معا، والنظر إلى تحرك يؤدي إلى تباعدهم. وقال أيزنشتات: «يجب أن يكون الهدف هو تهدئة الوضع من خلال ردع نظام الأسد، وتركيز الضربات الأميركية على الأصول العسكرية لنظام الأسد، وتجنب أهداف روسية داخل سوريا، مع دعم الضربات الإسرائيلية ضد الأهداف الإيرانية في سوريا».
ويضيف أيزنشتات: «ضربة واحدة لا تكفي؛ لأنه من المرجح أن يستمر الأسد في تحدي المجتمع الدولي وتخطي الخط الأحمر، لذا ضربات إضافية ستكون ضرورية لردعه، كما ينبغي أن تستهدف الضربات الأميركية البنية الأساسية للأسلحة الكيماوية، وتركز على القدرات العسكرية التقليدية للنظام السوري؛ لأن الأسلحة الكيماوية قد قتلت عدة آلاف، فيما قتلت الأسلحة التقليدية أكثر من مائة ألف مدني».
وشدد مدير برنامج الدراسات العسكرية والأمنية بمعهد واشنطن، على ضرورة أن تستهدف الضربة الأميركية المحتملة وحدات أرضية، مثل الفرقة الرابعة المدرعة، والحرس الجمهوري، وقوة النمر، إلى جانب الوحدات الجوية التي تلقي البراميل المتفجرة والأسلحة الكيماوية، بما يؤدي إلى عرقلة جهود النظام عسكرياً، أكثر من ضربات تركز فقط على القدرات لشن هجمات كيماوية. وأضاف: «الضربات الأميركية إذا قضت على وحدات الأسد الجوية والبرية، فإن ذلك سيزيد من العبء على روسيا وإيران وفيلق القدس الإيراني والميليشيات الشيعية الأخرى، بما يرفع تكلفة مساندتهم للأسد. يجب أيضا ضرب أهداف رمزية مثل القصر الرئاسي، ويجب ألا تضع الولايات المتحدة خطوطاً حمراء إضافية، ما لم تكن راغبة في تطبيقها، ويجب أن تكون مستعدة للرد على أي محاولات أخرى لاختبار حدود الولايات المتحدة، نظراً لأن عدم الاستجابة لن يؤدي إلا إلى دعوة مزيد من التحديات».
إلى ذلك، قالت رئاسة الوزراء البريطانية، إن رئيسة الوزراء تيريزا ماي اتفقت مع ترمب والرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، الثلاثاء، على أن العالم يجب أن يرد على الهجوم المزعوم بأسلحة كيماوية في سوريا.
واتفقت ماي التي أجرت اتصالين منفصلين مع الرئيسين الأميركي والفرنسي، على أن الهجوم المزعوم بالأسلحة الكيماوية في سوريا «مستهجن تماما»، وإذا تأكد ذلك، فإنه يمثل دلالة أخرى على الوحشية المروعة التي يبديها نظام بشار الأسد. وقالت متحدثة باسم مكتب ماي بعد الاتصالين الهاتفيين: «اتفقوا على ضرورة أن يرد المجتمع الدولي من أجل تعزيز الحظر العالمي لاستخدام الأسلحة الكيماوية».



3.5 مليون يمني من دون مستندات هوية وطنية

المهمشون في اليمن يعيشون على هامش المدن والحياة الاقتصادية والسياسية منذ عقود (إعلام محلي)
المهمشون في اليمن يعيشون على هامش المدن والحياة الاقتصادية والسياسية منذ عقود (إعلام محلي)
TT

3.5 مليون يمني من دون مستندات هوية وطنية

المهمشون في اليمن يعيشون على هامش المدن والحياة الاقتصادية والسياسية منذ عقود (إعلام محلي)
المهمشون في اليمن يعيشون على هامش المدن والحياة الاقتصادية والسياسية منذ عقود (إعلام محلي)

على الرغم من مرور ستة عقود على قيام النظام الجمهوري في اليمن، وإنهاء نظام حكم الإمامة الذي كان يقوم على التمايز الطبقي، فإن نحو 3.5 مليون شخص من المهمشين لا يزالون من دون مستندات هوية وطنية حتى اليوم، وفق ما أفاد به تقرير دولي.

يأتي هذا فيما كشف برنامج الأغذية العالمي أنه طلب أكبر تمويل لعملياته الإنسانية في اليمن خلال العام المقبل من بين 86 دولة تواجه انعدام الأمن الغذائي.

لا يزال اليمن من أسوأ البلاد التي تواجه الأزمات الإنسانية في العالم (إعلام محلي)

وذكر المجلس النرويجي للاجئين في تقرير حديث أن عناصر المجتمع المهمش في اليمن يشكلون 10 في المائة من السكان (نحو 3.5 مليون شخص)، وأنه رغم أن لهم جذوراً تاريخية في البلاد، لكن معظمهم يفتقرون إلى أي شكل من أشكال الهوية القانونية أو إثبات جنسيتهم الوطنية، مع أنهم عاشوا في اليمن لأجيال عدة.

ويؤكد المجلس النرويجي أنه ومن دون الوثائق الأساسية، يُحرم هؤلاء من الوصول إلى الخدمات الأساسية، بما في ذلك الصحة، والتعليم، والمساعدات الحكومية، والمساعدات الإنسانية. ويواجهون تحديات في التحرك بحرية عبر نقاط التفتيش، ولا يمكنهم ممارسة الحقوق المدنية الأخرى، بما في ذلك تسجيل أعمالهم، وشراء وبيع وتأجير الممتلكات، والوصول إلى الأنظمة المالية والحوالات.

ووفق هذه البيانات، فقد أفاد 78 في المائة من المهمشين الذين شملهم استطلاع أجراه المجلس النرويجي للاجئين بأنهم لا يمتلكون بطاقة هوية وطنية، في حين يفتقر 42 في المائة من أطفال المهمشين إلى شهادة ميلاد.

ويصف المجلس الافتقار إلى المعلومات، وتكلفة الوثائق، والتمييز الاجتماعي بأنها العقبات الرئيسة التي تواجه هذه الفئة الاجتماعية، رغم عدم وجود أي قوانين تمييزية ضدهم أو معارضة الحكومة لدمجهم في المجتمع.

وقال إنه يدعم «الحصول على الهوية القانونية والوثائق المدنية بين المهمشين» في اليمن، بما يمكنهم من الحصول على أوراق الهوية، والحد من مخاطر الحماية، والمطالبة بفرص حياة مهمة في البلاد.

أكبر تمويل

طلبت الأمم المتحدة أعلى تمويل لعملياتها الإنسانية للعام المقبل لتغطية الاحتياجات الإنسانية لأكثر من 17 مليون شخص في اليمن يواجهون انعدام الأمن الغذائي الحاد، بمبلغ قدره مليار ونصف المليار دولار.

وأفاد برنامج الأغذية العالمي في أحدث تقرير له بأن التمويل المطلوب لليمن هو الأعلى على الإطلاق من بين 86 بلداً حول العالم، كما يُعادل نحو 31 في المائة من إجمالي المبلغ المطلوب لعمليات برنامج الغذاء العالمي في 15 بلداً ضمن منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا وشرق أوروبا، والبالغ 4.9 مليار دولار، خلال العام المقبل.

الحوثيون تسببوا في نزوح 4.5 مليون يمني (إعلام محلي)

وأكد البرنامج أنه سيخصص هذا التمويل لتقديم المساعدات الإنسانية المنقذة للحياة في اليمن، حيث خلّف الصراع المستمر والأزمات المتعددة والمتداخلة الناشئة عنه، إضافة إلى الصدمات المناخية، 17.1 مليون شخص يعانون من انعدام الأمن الغذائي الحاد.

وأشار البرنامج إلى وجود 343 مليون شخص حول العالم يعانون من انعدام الأمن الغذائي الحاد، بزيادة قدرها 10 في المائة عن العام الماضي، وأقل بقليل من الرقم القياسي الذي سجل أثناء وباء «كورونا»، ومن بين هؤلاء «نحو 1.9 مليون شخص على شفا المجاعة، خصوصاً في غزة والسودان، وبعض الجيوب في جنوب السودان وهايتي ومالي».

أزمة مستمرة

أكدت مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين أن اليمن لا يزال واحداً من أسوأ البلاد التي تواجه الأزمات الإنسانية على مستوى العالم، حيث خلقت عشر سنوات من الصراع تقريباً نقاط ضعف، وزادت من تفاقمها، وتآكلت القدرة على الصمود والتكيف مع ذلك.

وذكرت المفوضية الأممية في تقرير حديث أن اليمن موطن لنحو 4.5 مليون نازح داخلياً، وأكثر من 60 ألف لاجئ وطالب لجوء. وهؤلاء الأفراد والأسر المتضررة من النزوح معرضون للخطر بشكل خاص، مع انخفاض القدرة على الوصول إلى الخدمات الأساسية وسبل العيش، ويواجهون كثيراً من مخاطر الحماية، غالباً يومياً.

التغيرات المناخية في اليمن ضاعفت من أزمة انعدام الأمن الغذائي (إعلام محلي)

ونبّه التقرير الأممي إلى أن كثيرين يلجأون إلى آليات التكيف الضارة للعيش، بما في ذلك تخطي الوجبات، والانقطاع عن الدراسة، وعمل الأطفال، والحصول على القروض، والانتقال إلى مأوى أقل جودة، والزواج المبكر.

وبيّنت المفوضية أن المساعدات النقدية هي من أكثر الطرق سرعة وكفاءة وفاعلية لدعم الأشخاص الضعفاء الذين أجبروا على الفرار من ديارهم وفي ظروف صعبة، لأنها تحترم استقلال الشخص وكرامته من خلال توفير شعور بالطبيعية والملكية، مما يسمح للأفراد والأسر المتضررة بتحديد ما يحتاجون إليه أكثر في ظروفهم.

وذكر التقرير أن أكثر من 90 في المائة من المستفيدين أكدوا أنهم يفضلون الدعم بالكامل أو جزئياً من خلال النقد، لأنه ومن خلال ذلك تستطيع الأسر شراء السلع والخدمات من الشركات المحلية، مما يعزز الاقتصاد المحلي.