أقباط في شمال سيناء يحتفلون بعيدهم بعد تراجع سطوة «داعش»

المطرانية أقامت ألعاب الأطفال داخل أسوارها وسط تأمين مشدد

الأنبا قزمان مع وفد وزارة الأوقاف والأزهر أمام مطرانية شمال سيناء («الشرق الأوسط»)
الأنبا قزمان مع وفد وزارة الأوقاف والأزهر أمام مطرانية شمال سيناء («الشرق الأوسط»)
TT

أقباط في شمال سيناء يحتفلون بعيدهم بعد تراجع سطوة «داعش»

الأنبا قزمان مع وفد وزارة الأوقاف والأزهر أمام مطرانية شمال سيناء («الشرق الأوسط»)
الأنبا قزمان مع وفد وزارة الأوقاف والأزهر أمام مطرانية شمال سيناء («الشرق الأوسط»)

بابتسامة تعكس فرحتها بالعيد، وإصرار على منح كل من يقابلها قطعة من الحلوى، احتفلت السيدة المصرية، منال ممدوح، المسيحية الديانة والمقيمة في محافظة شمال سيناء، بعيد الفصح، في داخل مطرانية الأقباط الأرثوذكس في العريش، أول من أمس، والتي أحيطت بإجراءات أمنية مشددة.
منال، وهي ربة منزل في الخمسينات من عمرها تعود جذورها إلى صعيد (جنوب) مصر، استقرت في شمال سيناء قبل 20 عاماً، حيث يعمل زوجها بالمحاماة، وسبق لها أن غادرت محل إقامتها منذ عامين ضمن مئات الأسر المسيحية هرباً من تهديدات «الإرهابيين»، ولكنها لم تتحمل الغياب عن منزلها أكثر من 3 أشهر إذ «لم تتأقلم مع الحياة خارج مكان أصبح جزءا من حياتها» كما قالت لـ«الشرق الأوسط».
أسرة منال، لم تكن وحدها التي استشعرت تراجعاً لسطوة العناصر «الإرهابية» المسلحة الموالية لتنظيم داعش، بل إن 30 أسرة من الأقباط احتفلوا كذلك بالعيد داخل كنيستهم، كما لو كانت محاولة لطي صفحة التهديدات والجرائم التي نفذها «المسلحون المتطرفون» بحق مسيحيي شمال سيناء.
وكانت شمال سيناء شهدت موجة نزوح جماعي للأسر القبطية قبل عامين إثر استهداف مجموعة من «الإرهابيين المسلحين» أسر ورجال دين مسيحيين وقتل بعضهم، ومطالبة من تبقى بالرحيل.
ويعد أبرز التنظيمات الإرهابية في سيناء «أنصار بيت المقدس» الذي بايع «داعش» عام 2014 وغيّر اسمه إلى «ولاية سيناء»، وانطلقت عملية عسكرية واسعة لملاحقته في التاسع من فبراير (شباط) الماضي بمشاركة تشكيلات متنوعة من قوات الجيش والشرطة.
تقول منال، إنها وزوجها كبقية الأسر المسيحية، يحتفلون بعيد الفصح بتجهيز الحلويات، وتوزيعها على جيرانها، وكانت قبل سنوات وقت أن كانت سيناء مستقرة أمنياً تذهب إلى الكنيسة لأداء صلاة ليلة عشية العيد وتبادل التهاني، ثم ينطلقون لشواطئ العريش للاحتفال، لكنهم طقوسهم تقتصر حالياً على قضاء العيد داخل مطرانية المحافظة، وهي إحدى أهم المقرات الكنسية، وفيها مقر أسقف شمال سيناء.
رءوف جرجس، وهو مسيحي خمسيني آخر من شمال سيناء، غير أنه لم يغادرها أبدا رغم تهديدات «الإرهابيين»، يقول الرجل لـ«الشرق الأوسط» إنه «ظل يحتمي بمنزله القريب من الكنيسة، ينشد الأمان بقضاء وقته فيها».
ويبدي الرجل أمله ألا تكون الاحتفالات بالنسبة لمسيحيي سيناء قاصرة على ممارسة الطقوس المعتادة داخل المطرانية، ويتمنى أن يتمكنوا من العودة للانطلاق إلى «الشوارع والشواطئ، لكن الضرورات الأمنية تحول دون ذلك».
في فناء متسع يجاور المطرانية التي تضم كنيسة وقاعات استقبال ومكاتب ومقرات إقامة لرجال الدين المسيحي بشمال سيناء، نُصبت مجموعة من ألعاب الأطفال، واتخذت بعض الأسر من ذلك المكان مقراً للترويح عن الصغار، وكان من بينهم أسرة تضم زوجين وطفلا في الثالثة من عمره، ورغم أنهما فضلا عدم ذكر أسمائهم، لكن، الزوج قال إن أسرته غادرت شمال سيناء ضمن موجة نزوح الأقباط إلى أحد الاستراحات في محافظة الإسماعيلية، وبعد نحو عام ونصف العام، عادوا من جديد إلى العريش مفضلين البقاء في منزلهم و«الخروج منه في أضيق الحدود حفاظاً على حياتنا».
وكانت احتفالات «عيد الفصح» العام الماضي، قد شهدت أسوأ اعتداءات ضد الأقباط منذ سنوات، عقب وقوع اعتداءين داميين استهدفا كنيسة «مار جرجس» في مدينة طنطا الواقعة في وسط دلتا النيل، والكنيسة المرقسية في الإسكندرية، وأسفرا عن سقوط 45 ضحية، وإصابة أكثر من مائة آخرين بجروح، وتبنى تنظيم داعش الهجومين، كما تبنى تفجير كنيسة ملحقة بكاتدرائية الأقباط الأرثوذكس في القاهرة في ديسمبر (كانون الأول) 2016. أوقع 28 قتيلا.


مقالات ذات صلة

كاتدرائية نوتردام الفرنسية تتعافى من الحريق... وتكشف عن هيئتها الجديدة للعالم

يوميات الشرق جانب من كاتدرائية نوتردام دو باريس في باريس، بعد ترميمها، 29 نوفمبر 2024 (رويترز)

كاتدرائية نوتردام الفرنسية تتعافى من الحريق... وتكشف عن هيئتها الجديدة للعالم

بعد أكثر من خمس سنوات من أعمال ترميم واسعة، كشفت كاتدرائية نوتردام في العاصمة الفرنسية باريس عن هيئتها الجديدة للعالم اليوم الجمعة.

«الشرق الأوسط» (باريس)
أوروبا أعضاء فرع الكنيسة الأرثوذكسية الأوكرانية يحضرون اجتماعاً في دير القديس بانتيليمون في كييف يوم 27 مايو 2022 (رويترز)

الأمم المتحدة قلقة من حظر أوكرانيا الكنيسة الأرثوذكسية الروسية

أعلن مكتب الأمم المتحدة لحقوق الإنسان أنه يدرس حظر كييف للكنيسة الأرثوذكسية الأوكرانية المرتبطة بروسيا، قائلاً إنه يثير مخاوف جدية بشأن حرية المعتقد.

«الشرق الأوسط» (جنيف)
آسيا البابا فرنسيس أثناء وصوله إلى مطار سوكارنو هاتا الدولي في جاكرتا (أ.ف.ب)

البابا فرنسيس يصل إلى إندونيسيا في مستهل أطول رحلة خارجية خلال ولايته

البابا فرنسيس يصل إلى إندونيسيا في محطة أولى ضمن جولة له على 4 دول. وتتمحور الزيارة بشكل خاص حول الحوار الإسلامي المسيحي.

«الشرق الأوسط» (جاكرتا)
أميركا اللاتينية الرئيس الأرجنتيني خافيير ميلي خلال زيارته إلى القدس 6 فبراير 2024 (أ.ب)

كيف تحول تأييد الرئيس الأرجنتيني لإسرائيل واهتمامه المتزايد باليهودية مصدر قلق لبلاده؟

لقد أظهر الرئيس الأرجنتيني خافيير ميلي، وهو كاثوليكي بالميلاد، اهتماماً عاماً متزايداً باليهودية، بل وأعرب حتى عن نيته في التحوّل إلى اليهودية.

«الشرق الأوسط» (بيروت)
آسيا رجال الشرطة يقفون للحراسة مع وصول المسلمين لأداء صلاة الجمعة في مسجد جيانفابي في فاراناسي 20 مايو 2022 (أ.ف.ب)

الهند: قوانين مقترحة للأحوال الشخصية تثير مخاوف المسلمين

من المقرر أن تطرح ولاية هندية يحكمها حزب رئيس الوزراء ناريندرا مودي قوانين الأحوال الشخصية العامة الجديدة المثيرة للجدل والتي ستطبَّق على جميع الأديان.

«الشرق الأوسط» (نيودلهي)

هوكستين: القوات الإسرائيلية ستنسحب قبل انتشار الجيش اللبناني في الجنوب

المبعوث الأميركي آموس هوكستين متحدثاً إلى الصحافة خلال زيارته لبيروت الأسبوع الماضي (أ.ف.ب)
المبعوث الأميركي آموس هوكستين متحدثاً إلى الصحافة خلال زيارته لبيروت الأسبوع الماضي (أ.ف.ب)
TT

هوكستين: القوات الإسرائيلية ستنسحب قبل انتشار الجيش اللبناني في الجنوب

المبعوث الأميركي آموس هوكستين متحدثاً إلى الصحافة خلال زيارته لبيروت الأسبوع الماضي (أ.ف.ب)
المبعوث الأميركي آموس هوكستين متحدثاً إلى الصحافة خلال زيارته لبيروت الأسبوع الماضي (أ.ف.ب)

أكد المبعوث الأميركي، آموس هوكستين، الأربعاء، أن القوات الإسرائيلية ستنسحب من المناطق الجنوبية قبل انتشار الجيش اللبناني، وذلك غداة إعلان التوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار بين إسرائيل و«حزب الله».

وأضاف هوكستين في تصريحات تلفزيونية لوسائل إعلام لبنانية: «(حزب الله) انتهك القرار 1701 لأكثر من عقدين وإذا انتهك القرارات مجدداً سنضع الآليات اللازمة لذلك».

وأعلن الرئيس الأميركي جو بايدن، أمس، وقفاً لإطلاق النار بين إسرائيل و«حزب الله» دخل حيّز التنفيذ في الرابعة صباحاً بالتوقيت المحلّي.

وقال رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو إن الاتفاق سيسمح لبلاده التي ستحتفظ «بحرية التحرّك» في لبنان، وفق قوله، بـ«التركيز على التهديد الإيراني»، وبـ«عزل» حركة «حماس» في قطاع غزة.

وقال الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون إن اتفاق وقف النار في لبنان يجب أن «يفتح الطريق أمام وقف للنار طال انتظاره» في غزة.

وأعلن الجيش اللبناني، اليوم، أنه بدأ نقل وحدات عسكرية إلى قطاع جنوب الليطاني، ليباشر تعزيز انتشاره في القطاع، بالتنسيق مع قوة الأمم المتحدة المؤقتة في لبنان (يونيفيل)، وذلك بعد اتفاق وقف إطلاق النار مع إسرائيل، الذي بدأ سريانه منذ ساعات.

وقال الجيش في بيان إن ذلك يأتي «استناداً إلى التزام الحكومة اللبنانية بتنفيذ القرار (1701) الصادر عن مجلس الأمن بمندرجاته كافة، والالتزامات ذات الصلة، لا سيما ما يتعلق بتعزيز انتشار الجيش والقوى الأمنية كافة في منطقة جنوب الليطاني».

وأضاف أن الوحدات العسكرية المعنية «تجري عملية انتقال من عدة مناطق إلى قطاع جنوب الليطاني؛ حيث ستتمركز في المواقع المحددة لها».

وكان رئيس الحكومة اللبنانية نجيب ميقاتي قد أعلن في وقت سابق أن لبنان سيعزز انتشار الجيش في الجنوب في إطار تنفيذ اتفاق وقف إطلاق النار.

وقال ميقاتي بعد جلسة حكومية إن مجلس الوزراء أكّد الالتزام بقراره «رقم واحد، تاريخ 11/10/2014، في شقه المتعلق بالتزام الحكومة اللبنانية تنفيذ قرار مجلس الأمن رقم 1701... بمندرجاته كافة لا سيما فيما يتعلق بتعزيز انتشار الجيش والقوى الأمنية كافة في منطقة جنوب الليطاني».

وطالب في الوقت نفسه «بالتزام العدو الإسرائيلي بقرار وقف إطلاق النار والانسحاب من كل المناطق والمواقع التي احتلها، تنفيذا للقرار 1701 كاملا».

وأرسى القرار 1701 وقفا للأعمال الحربية بين إسرائيل و«حزب الله» بعد حرب مدمّرة خاضاها في صيف 2006.

وينصّ القرار كذلك على انسحاب إسرائيل الكامل من لبنان، وتعزيز انتشار قوة الامم المتحدة الموقتة في لبنان (يونيفيل) وحصر الوجود العسكري في المنطقة الحدودية بالجيش اللبناني والقوة الدولية.وأعرب ميقاتي في الوقت نفسه عن أمله بأن تكون الهدنة «صفحة جديدة في لبنان... تؤدي إلى انتخاب رئيس جمهورية» بعد عامين من شغور المنصب في ظلّ الخلافات السياسية الحادة بين «حزب الله» حليف إيران، وخصومه السياسيين.

من جهته، دعا رئيس البرلمان اللبناني وزعيم حركة أمل نبيه بري النازحين جراء الحرب بين إسرائيل و«حزب الله»، للعودة إلى مناطقهم مع بدء سريان وقف إطلاق النار. وقال في كلمة متلفزة «أدعوكم للعودة إلى مسقط رؤوسكم الشامخة... عودوا إلى أرضكم التي لا يمكن أن تزداد شموخاً ومنعة إلا بحضوركم وعودتكم إليها».ودعا كذلك إلى «الإسراع في انتخاب رئيس للجمهورية» بعد عامين من شغور المنصب.

ومن المنتظر أن تتولى الولايات المتحدة وفرنسا فضلاً عن قوة الأمم المتحدة المؤقتة في لبنان (اليونيفيل) الإشراف على تنفيذ اتفاق وقف إطلاق النار، وقال هوكستين إن بلاده ستدعم الجيش اللبناني الذي سينتشر في المنطقة. وأكد: «سندعم الجيش اللبناني بشكل أوسع، والولايات المتحدة هي الداعم الأكبر له، وسنعمل مع المجتمع الدولي جنبا إلى جنب».