هولاند في افتتاح قمة باريس: أفريقيا يجب أن تضمن أمنها بنفسها لتتحكم في مصيرها

تحذيرات من تحول ليبيا إلى دولة فاشلة.. وبدء العمليات الفرنسية في أفريقيا الوسطى

صورة تذكارية لقادة الدول الذين شاركوا في القمة الفرنسية ــ الأفريقية أمس (أ.ب)
صورة تذكارية لقادة الدول الذين شاركوا في القمة الفرنسية ــ الأفريقية أمس (أ.ب)
TT

هولاند في افتتاح قمة باريس: أفريقيا يجب أن تضمن أمنها بنفسها لتتحكم في مصيرها

صورة تذكارية لقادة الدول الذين شاركوا في القمة الفرنسية ــ الأفريقية أمس (أ.ب)
صورة تذكارية لقادة الدول الذين شاركوا في القمة الفرنسية ــ الأفريقية أمس (أ.ب)

افتتحت قمة «الإليزيه.. السلام والأمن في أفريقيا»، أمس في باريس، بدقيقة صمت حدادا على رئيس جنوب أفريقيا الأسبق نيلسون مانديلا، وذلك بعد كلمة أشاد فيها الرئيس الفرنسي فرنسوا هولاند ببطل النضال ضد نظام الفصل العنصري، وأشار خلالها إلى أنه ينبغي على أفريقيا «ضمان أمنها بالكامل» لتتمكن من «التحكم في مصيرها».
وتعهد هولاند بتقديم مساعدة في شكل تأهيل وتدريب قوات، إذا شكلت القارة الأفريقية قوة للتدخل السريع. وقال إن «فرنسا مستعدة لتقديم كل مساعدة لهذه القوة»، وللمشاركة في «أعمال تشكيلها، ويمكنها أن تدرب حتى عشرين ألف جندي كل سنة».
وقبيل بدء أعمال القمة، قال محمد ايسوفو، رئيس النيجر، إن ليبيا المجاورة لدولته تواجه خطر التحول إلى «دولة فاشلة كالصومال، وذلك بعد أن قتل مسلحون مدرسا أميركيا في مدينة بنغازي بشرق ليبيا (أول من) أمس». وقال إيسوفو للصحافيين «نخشى أن تسقط ليبيا في أيدي إرهابيين سلفيين وتصبح كالصومال.. من المحزن أن نرى الإرهابيين هناك والميليشيات السلفية المسلحة في بنغازي، ويقتل الناس يوميا تقريبا. يجب أن نحقق الاستقرار لليبيا».
وفي بدء أعمال القمة، وقف ممثلو 53 دولة دعيت إلى قمة باريس، بينهم رؤساء ورؤساء حكومات أربعين منها، دقيقة صمتا، حدادا على رئيس جنوب أفريقيا الأسبق نيلسون مانديلا. ووسط تنكيس الأعلام ومراسم التكريم وسيل الردود، ألقت وفاة مانديلا بثقلها على القمة. وقال هولاند في افتتاح القمة «اليوم إنه نيلسون مانديلا الذي يترأس أعمال هذه القمة.. إنه رمز، وفي الوقت نفسه مسؤولية على عاتقنا».
وبالتزامن مع ذلك، مضت القوات الفرنسية في تحرك بعاصمة أفريقيا الوسطى «بانغي» لمحاولة استعادة النظام في أعقاب أشهر من هجمات الميليشيات والاشتباكات الطائفية التي شردت نحو 400 ألف شخص. وعن ذلك، قال هولاند «اليوم، يعاني الناس في قلب أفريقيا. وجمهورية أفريقيا الوسطى تنادينا». فيما قال وزير دفاعه جون إيف لودريان لقناة «فرنسا الدولية» إن «قوات فرنسية بدأت تسيير دوريات في المدينة الليلة (قبل) الماضية في غضون الساعات التي منح فيها مجلس الأمن الدولي القوات الأفريقية والفرنسية تفويضا لاستعادة الهدوء بالقوة إذا لزم الأمر». وأضاف لو دريان أن «الليل كان هادئا».
ولدى فرنسا بالفعل نحو 600 جندي في مدينة بانغي لتأمين المطار وتوفير الحماية للمواطنين الفرنسيين. ومن المقرر مضاعفة تلك القوات التي ستدعم قوة الاتحاد الأفريقي في حفظ النظام في البلاد، كما هبطت أربع طائرات تحمل تعزيزات من باريس ومن قاعدة فرنسية في الغابون أمس.
والتدخل هو الثاني من قبل فرنسا في إحدى المستعمرات الأفريقية السابقة هذا العام، بعد 11 شهرا من هجوم ضد الجهاديين في مالي. وتعهد هولاند مساء أول من أمس بأن ذلك التدخل «سيكون سريعا». وقال لودريان إن العملية ستستغرق فقط «فترة قصيرة من الوقت» تقدر بنحو ستة أشهر.
وكانت البلاد التي يبلغ عدد سكانها 4.5 مليون نسمة، والتي لديها تاريخ من عدم الاستقرار، هوت إلى الفوضى بعد أن أطاحت إحدى الميليشيات الإسلامية بالرئيس المسيحي فرنسوا بوزيزيه في مارس (آذار) الماضي، ثم بدأت في أعمال عنف وهاجمت القرى.
وأسفر العنف عن تشريد نحو 400 ألف شخص من منازلهم، وأدى إلى هجمات بين ميليشيا «سيليكا» وجماعات مسيحية، مما أسفر عن مقتل العشرات. وقتل نحو مائة شخص في تجدد لأعمال العنف مساء الخميس في مدينة بانغي، حيث بدا أنها تشهد صراعا من أجل السلطة قبل التدخل العسكري، طبقا لوسائل الإعلام الفرنسية.
وقال وزير الخارجية البريطاني ويليام هيغ، أمس، إن بلاده تعهدت بإرسال طائرة نقل عسكرية لمساعدة القوات الفرنسية في نقل معدات إلى جمهورية أفريقيا الوسطى، في إطار تدخل الأمم المتحدة لإنهاء أشهر من العنف في البلاد. وأضاف هيغ أن الطائرة، وهي من طراز «سي 17»، ستقوم بثلاث رحلات منفصلة هذا الشهر.
وبالنسبة إلى فرنسا، فإن تدخلها في أفريقيا الوسطى، وتدخلها قبلها في مالي، والباهظي الكلفة ماليا، يدلان على ضرورة أن تكون لدى الأفارقة قدرة دفاعية مشتركة. وأعرب وزير الخارجية الفرنسي لوران فابيوس عن أسفه، وقال «يتعين على الأفارقة ضمان أمنهم. لكن عددا كبيرا من هذه الدول لا تملك للأسف القوات الضرورية ولم تتمكن القارة حتى الآن من تنظيم نفسها لكي تكون لديها قوة مشتركة».
وإنشاء قوة أفريقية للرد السريع الذي أعلن في مايو (أيار) أثناء قمة الاتحاد الأفريقي في أديس أبابا قد يطلق بمناسبة قمة باريس، بعدما كان موضع لقاءات سياسية وعسكرية في الأسابيع الأخيرة بين دول أفريقية مثل جنوب أفريقيا وتشاد وإثيوبيا وغانا أو السنغال.
وستكون فرنسا على استعداد «للمساهمة بما يسمح لمثل هذه القوة بأن تكون عملانية سريعا»، «إما مباشرة وإما بدفع آخرين، مثل الاتحاد الأوروبي والأمم المتحدة، إلى القيام بذلك»، وفقا للمقربين من الرئيس الفرنسي. وبالنسبة إلى باريس، فإن الرهان الأمني يحتل المرتبة الأولى. وتكرر باريس القول إن «أمن أفريقيا هو أيضا أمن أوروبا»، مشددة على «القرب» الجغرافي وكذلك على التهديدات المشتركة.



كندا: ترودو يستقيل من زعامة الحزب الليبرالي

TT

كندا: ترودو يستقيل من زعامة الحزب الليبرالي

ترودو متأثراً خلال إعلان استقالته في أوتاوا الاثنين (رويترز)
ترودو متأثراً خلال إعلان استقالته في أوتاوا الاثنين (رويترز)

أعلن رئيس الوزراء الكندي جاستن ترودو (53 عاماً) استقالته من منصبه، الاثنين، في مواجهة ازدياد الاستياء من قيادته، وبعدما كشفت الاستقالة المفاجئة لوزيرة ماليته عن ازدياد الاضطرابات داخل حكومته.

وقال ترودو إنه أصبح من الواضح له أنه لا يستطيع «أن يكون الزعيم خلال الانتخابات المقبلة بسبب المعارك الداخلية». وأشار إلى أنه يعتزم البقاء في منصب رئيس الوزراء حتى يتم اختيار زعيم جديد للحزب الليبرالي.

وأضاف ترودو: «أنا لا أتراجع بسهولة في مواجهة أي معركة، خاصة إذا كانت معركة مهمة للغاية لحزبنا وبلدنا. لكنني أقوم بهذا العمل لأن مصالح الكنديين وسلامة الديمقراطية أشياء مهمة بالنسبة لي».

ترودو يعلن استقالته من أمام مسكنه في أوتاوا الاثنين (رويترز)

وقال مسؤول، تحدث شريطة عدم الكشف عن هويته، إن البرلمان، الذي كان من المقرر أن يستأنف عمله في 27 يناير (كانون الثاني) سيتم تعليقه حتى 24 مارس، وسيسمح التوقيت بإجراء انتخابات على قيادة الحزب الليبرالي.

وقال ترودو: «الحزب الليبرالي الكندي مؤسسة مهمة في تاريخ بلدنا العظيم وديمقراطيتنا... سيحمل رئيس وزراء جديد وزعيم جديد للحزب الليبرالي قيمه ومثله العليا في الانتخابات المقبلة... أنا متحمّس لرؤية هذه العملية تتضح في الأشهر المقبلة».

وفي ظل الوضع الراهن، يتخلف رئيس الوزراء الذي كان قد أعلن نيته الترشح بفارق 20 نقطة عن خصمه المحافظ بيار بوالييفر في استطلاعات الرأي.

ويواجه ترودو أزمة سياسية غير مسبوقة مدفوعة بالاستياء المتزايد داخل حزبه وتخلّي حليفه اليساري في البرلمان عنه.

انهيار الشعبية

تراجعت شعبية ترودو في الأشهر الأخيرة ونجت خلالها حكومته بفارق ضئيل من محاولات عدة لحجب الثقة عنها، ودعا معارضوه إلى استقالته.

ترودو وترمب خلال قمة مجموعة العشرين في هامبورغ 8 يوليو 2017 (رويترز)

وأثارت الاستقالة المفاجئة لنائبته في منتصف ديسمبر (كانون الأول) البلبلة في أوتاوا، على خلفية خلاف حول كيفية مواجهة الحرب التجارية التي تلوح في الأفق مع عودة الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب إلى البيت الأبيض.

وهدّد ترمب، الذي يتولى منصبه رسمياً في 20 يناير، بفرض رسوم جمركية تصل إلى 25 في المائة على السلع الكندية والمكسيكية، مبرراً ذلك بالأزمات المرتبطة بالأفيونيات ولا سيما الفنتانيل والهجرة.

وزار ترودو فلوريدا في نوفمبر (تشرين الثاني) واجتمع مع ترمب لتجنب حرب تجارية.

ويواجه ترودو الذي يتولى السلطة منذ 9 سنوات، تراجعاً في شعبيته، فهو يعد مسؤولاً عن ارتفاع معدلات التضخم في البلاد، بالإضافة إلى أزمة الإسكان والخدمات العامة.

ترودو خلال حملة انتخابية في فانكوفر 11 سبتمبر 2019 (رويترز)

وترودو، الذي كان يواجه باستهتار وحتى بالسخرية من قبل خصومه قبل تحقيقه فوزاً مفاجئاً ليصبح رئيساً للحكومة الكندية على خطى والده عام 2015، قاد الليبراليين إلى انتصارين آخرين في انتخابات عامي 2019 و2021.

واتبع نجل رئيس الوزراء الأسبق بيار إليوت ترودو (1968 - 1979 و1980 - 1984) مسارات عدة قبل دخوله المعترك السياسي، فبعد حصوله على دبلوم في الأدب الإنجليزي والتربية عمل دليلاً في رياضة الرافتينغ (التجديف في المنحدرات المائية) ثم مدرباً للتزلج على الثلج بالألواح ونادلاً في مطعم قبل أن يسافر حول العالم.

وأخيراً دخل معترك السياسة في 2007، وسعى للترشح عن دائرة في مونتريال، لكن الحزب رفض طلبه. واختاره الناشطون في بابينو المجاورة وتعد من الأفقر والأكثر تنوعاً إثنياً في كندا وانتُخب نائباً عنها في 2008 ثم أُعيد انتخابه منذ ذلك الحين.

وفي أبريل (نيسان) 2013، أصبح زعيم حزب هزمه المحافظون قبل سنتين ليحوله إلى آلة انتخابية.

وخلال فترة حكمه، جعل كندا ثاني دولة في العالم تقوم بتشريع الحشيش وفرض ضريبة على الكربون والسماح بالموت الرحيم، وأطلق تحقيقاً عاماً حول نساء السكان الأصليين اللاتي فُقدن أو قُتلن، ووقع اتفاقات تبادل حرّ مع أوروبا والولايات المتحدة والمكسيك.