«جيش الإسلام» إلى الشمال... ودوما تحت الحماية الروسية

اتفاق بين الفصيل المعارض وموسكو على وقع {مجزرة الكيماوي}

TT

«جيش الإسلام» إلى الشمال... ودوما تحت الحماية الروسية

توصّلت روسيا و«جيش الإسلام» إلى اتفاق ينص على تسليم مقاتلي الأخير سلاحهم وخروج من لا يقبل بالتسوية من الغوطة الشرقية على وقع المجزرة التي سقط خلالها مئات القتلى والمصابين في دوما، بعد يومين من التصعيد العسكري العنيف على المنطقة.
وكانت اللجنة المدنية في دوما المشاركة في المفاوضات مع الجانب الروسي، أعلنت صباح الأحد «وقف إطلاق النار واستئناف المفاوضات مع ترجيح التوصل لاتفاق نهائي».
وبعد الظهر أعلن كل من «المرصد السوري لحقوق الإنسان» والنظام السوري، التوصل إلى اتفاق بعد ساعات من استئناف المفاوضات، وهو ما أكده مصدر معارض مطّلع على تفاصيلها لـ«الشرق الأوسط»، على أن يتم التنفيذ خلال أسبوع. ونقلت وكالة الأنباء السورية (سانا) عن مصدر سوري رسمي قوله: إن الاتفاق ينص على «خروج كامل لما يسمى (جيش الإسلام) إلى جرابلس (شمال) خلال 48 ساعة».
من جهته، أوضح المصدر المعارض لـ«الشرق الأوسط»، أن المباحثات أدت إلى إعادة إحياء الاتفاق القديم الذي ينص على إفراج «جيش الإسلام» عن الأسرى لديه والذين يقدر عددهم بنحو 700 شخص، وتسليم مقاتليه أسلحتهم، وخروج رافضي الاتفاق من المنطقة إلى شمال حلب بعدما رفضت أميركا طلبهم بالانتقال إلى الجنوب، على أن يتم تشكيل شرطة محلية من المقاتلين الباقين لمحاربة «داعش» و«جبهة النصرة» بسلاح روسي بعد أن يسحب النظام قواته وأسلحته، مع ضمان موسكو عدم اللجوء إلى القصف بالطيران.
وينص الاتفاق، الذي أكد المصدر أنه تم التوقيع عليه أمس، بين «جيش الإسلام» وممثلين روس، أيضاً، على إدارة الحواجز من قبل الشرطة الروسية.
ومع بث الصور ومقاطع الفيديو التي أظهرت مئات القتلى والمصابين المدنيين، يوم أمس، أشار «المرصد السوري لحقوق الإنسان»، إلى سقوط نحو مائة قتيل من المدنيين ومئات المصابين نتيجة اختناقهم في القصف الذي تسبب في تهدم أقبية المنازل التي يختبئون فيها. في المقابل، أكد كل من الائتلاف الوطني السوري ورئيس «هيئة التفاوض» نصر الحريري و«الشبكة السورية لحقوق الإنسان» و«الدفاع المدني»، أن هؤلاء القتلى سقطوا نتيجة تنفيذ النظام هجومين بالسلاح الكيماوي، وهو ما نفته روسيا والنظام الذي وصف الاتهامات بـ«فبركات ومسرحيات الكيماوي»، وفق ما نقلت «سانا». ووصفت موسكو أيضاً اتهامات النظام بالهجوم الكيماوي بـ«الاستفزازات التي سبق أن حذرت منها، وهي تهدف لتبرير ضربات محتملة على سوريا من الخارج».
ونقل موقع «روسيا اليوم» عن الخارجية الروسية القول، أمس، في بيان، إن المنظمات التي استندت التقارير عن هجوم كيماوي إليها «سبق أن ضُبطت متلبسة في التواطؤ مع الإرهابيين». وحذر البيان من أن «أي تدخل خارجي تحت ذرائع مفبركة ومزيفة في سوريا، حيث يتواجد العسكريون الروس هناك بطلب رسمي من الحكومة الشرعية، غير مقبول إطلاقاً، وقد يؤدي إلى عواقب وخيمة للغاية».
من جهته، قال نصر الحريري: «النظام استخدم السلاح الكيميائي مرات ومرات بعد توقيعه اتفاقية حظر استخدام الأسلحة الكيميائية، وها هو مجدداً اليوم يستخدم السلاح الكيميائي على أهلنا في الغوطة الشرقية والشهداء بالعشرات، في تحدٍ واضح للقانون الدولي والخطوط الحمراء التي وضعها قادة العالم قديماً وحديثاً».
وأوضحت «الشبكة السورية لحقوق الإنسان»، أن «قوات النظام نفَّذت هجومين جويين كيميائيين شمال مدينة دوما بينهما ثلاث ساعات تقريباً، الأول وقع قرابة الرابعة قرب مبنى فرن سعدة في شارع عمر بن الخطاب تسبب في إصابة 15 شخصاً، أما الهجوم الثاني فقد وقع قرابة الساعة السابعة والنصف بالقرب من ساحة الشهداء في منطقة نعمان وتسبب في مقتل ما لا يقل عن 55 شخصاً، وإصابة ما لا يقل عن 860 مدنياً. ولفتت الشبكة: «أفادنا بعض المسعفين وعناصر الدفاع المدني بظهور أعراض شديدة على المصابين فقد عانى جميع المصابين من زلَّة تنفسيَّة شديدة، وعانى بعضهم من احتقان مُلتحمة وحدقات دبوسية»، وأكدت حصولها على «صور ومقاطع مصوَّرة تُظهر عشرات الجثث لنساء وأطفال مُكدَّسين فوق بعضهم بعضاً، وجوههم مُزرقَّة وأفواههم مُغطَّاة بالزَّبد، وعيونهم شاخصة»، مشبهة إياها بصور الضحايا الذين قضوا في هجوم الغوطتين في أغسطس (آب) 2013، وهجوم خان شيخون في أبريل (نيسان) 2017.
في السياق، تحدثت «منظمة الخوذ البيضاء» والجمعية الطبية السورية الأميركية (سامز) في بيان مشترك، عن توارد «500 حالة» إلى النقاط الطبية. وأشارتا إلى أعراض «زلة تنفسية وزرقة مركزية وخروج زبد من الفم وانبعاث رائحة واخزة تشبه رائحة الكلور»، وتراوحت الحصيلة التي أوردتها المنظمة على حساباتها على «تويتر» بين 40 و70 قتيلاً.
وقال الطبيب محمد من مدينة دوما لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «استقبلنا أكثر من 70 إصابة اختناق، وليس لدينا سوى أربعة مولدات أكسيجين»، مضيفاً: «الوضع مأساوي جداً جداً، أعمل في المستشفى منذ أربع سنين ولم يمر عليّ مثل هذه الساعات أبداً».
وفي بيانه، دعا الائتلاف الوطني الدول دائمة العضوية والدول المعنية، وتحديداً الولايات المتحدة وبريطانيا وفرنسا، للتحرك وفق مسؤولياتهم في حماية الأمن والسلم الدوليين، واستخدام القوة في ضرب معسكرات النظام وثكناته ومطاراته التي تستخدم في قصف الشعب السوري، وطالب بسرعة نقل ملف جرائم نظام الأسد إلى المحكمة الجنائية الدولية، وشدد على مسؤولية الجميع في وقف العدوان على دوما والغوطة، وحماية نحو 200 ألف مدني ما زالوا في الجزء المحرر من الغوطـة الشرقية».
وكانت قد أعلنت روسيا من جانب واحد عن اتفاق لإجلاء مقاتلي «جيش الإسلام» تم بموجبه بداية الأسبوع الماضي إخراج نحو ثلاثة ألاف مقاتل ومدني إلى شمال البلاد، قبل أن يتعثر بمحاولة الطرفين فرض المزيد من الشروط ووسط انقسام في صفوف الفصيل المعارض. وبعدما كان النظام السوري وروسيا هددا باستئناف الهجوم في حال رفض «جيش الإسلام» الإجلاء، عادت الطائرات الحربية السورية الجمعة والسبت، لشن غارات عنيفة على دوما لممارسة ضغوط على هذا الفصيل.
وقال مصدر رسمي صباح الأحد، وفق وكالة الأنباء السورية (سانا)، إن «إرهابيي ما يُسمى (جيش الإسلام) يطلبون التفاوض مع الدولة السورية والدولة ستبدأ التفاوض». وهو ما نفاه كل من مصدر مطلع على المفاوضات ومدير «المرصد» رامي عبد الرحمن، مؤكدين لـ«الشرق الأوسط»، أن النظام لا علاقة له كما إيران بالمفاوضات التي تحصل، بل إن الطرف الأساسي مقابل «جيش الإسلام» هو موسكو.
وكانت اللجنة المدنية في دوما المشاركة في المفاوضات مع الجانب الروسي، أعلنت صباح الأحد عن «وقف إطلاق النار واستئناف المفاوضات اليوم، مع ترجيح التوصل لاتفاق نهائي». إلا أن ذلك لم يمنع قوات النظام من استهداف دوما بضربات جوية عدة صباح أمس (الأحد)، وفق «المرصد».



الحوثيون يزعمون قصف الحاملة «هاري ترومان» للمرة السادسة

مقاتلة تنطلق من على متن حاملة الطائرات الأميركية «هاري ترومان» (الجيش الأميركي)
مقاتلة تنطلق من على متن حاملة الطائرات الأميركية «هاري ترومان» (الجيش الأميركي)
TT

الحوثيون يزعمون قصف الحاملة «هاري ترومان» للمرة السادسة

مقاتلة تنطلق من على متن حاملة الطائرات الأميركية «هاري ترومان» (الجيش الأميركي)
مقاتلة تنطلق من على متن حاملة الطائرات الأميركية «هاري ترومان» (الجيش الأميركي)

زعمت الجماعة الحوثية، الأربعاء، مهاجمة حاملة الطائرات الأميركية «هاري ترومان» والقطع الحربية المرافقة لها في شمالي البحر الأحمر، للمرة السادسة، باستخدام الصواريخ المجنحة والطائرات المسيرة، وذلك غداة تبنيها 4 هجمات باتجاه إسرائيل خلال 24 ساعة.

وتشن الجماعة المدعومة من إيران منذ نوفمبر (تشرين الثاني) 2023 هجمات ضد السفن في البحرين الأحمر والعربي، وهجمات أخرى باتجاه إسرائيل تحت مزاعم مناصر الفلسطينيين في غزة.

المتحدث العسكري باسم الجماعة يحيى سريع قال في بيان متلفز إن القوة الصاروخية وسلاح الجو المسير التابع لجماعته استهدفا حاملة الطائرات الأميركية «يو إس إس هاري ترومان» وعدداً من القطع الحربية التابعة لها شمالي البحر الأحمر.

وأوضح المتحدث أن العملية الهجومية نفذت بواسطة عدد من الصواريخ المجنحة والطائرات المسيرة، زاعماً أنها المرة السادسة التي يتم فيها مهاجمة الحاملة منذ قدومها إلى البحر الأحمر.

صورة جوية لحاملة الطائرات الأميركية «هاري ترومان» والقطع المرافقة لها في البحر الأحمر (الجيش الأميركي)

وتوعدت الجماعة على لسان متحدثها العسكري بالاستمرار في شن الهجمات، وقالت إنها جاهزة لأي تصعيد أميركي أو إسرائيلي، وإن هجماتها لن تتوقف إلا بانتهاء الحرب في قطاع غزة ورفع الحصار عنه.

وسبق أن اعترف الجيش الأميركي بالتصدي لهجمات حوثية مماثلة استهدفت سفناً عسكرية في البحر الأحمر دون حدوث أي أضرار أو إصابات.

وكان المتحدث الحوثي تبنى، الثلاثاء، تنفيذ جماعته أربع هجمات باتجاه إسرائيل بالصواريخ والطائرات المسيرة خلال 24 ساعة. وأكد الجيش الإسرائيلي، من جهته، اعتراض صاروخين وطائرة مسيرة، في حين أفادت خدمة الإسعاف الإسرائيلية «نجمة داود الحمراء» بوقوع عدد من الإصابات جراء التدافع نحو الملاجئ، بعد تفعيل صفارات الإنذار.

يشار إلى أن الجماعة الحوثية تلقت في 10 يناير (كانون الثاني) الحالي أعنف الضربات الإسرائيلية للمرة الخامسة، بالتزامن مع ضربات أميركية - بريطانية استهدفت مواقع عسكرية في صنعاء وعمران ومحطة كهرباء جنوب صنعاء وميناءين في الحديدة على البحر الأحمر غرباً.

ألف غارة

أدّت هجمات الحوثيين في البحر الأحمر خلال 14 شهراً إلى إصابة عشرات السفن بأضرار، وغرق سفينتين، وقرصنة ثالثة، ومقتل 3 بحارة، فضلاً عن تقديرات بتراجع مرور السفن التجارية عبر باب المندب، بنسبة أعلى من 50 في المائة.

ورداً على هذا التصعيد استقبلت الجماعة نحو ألف غارة جوية وقصف بحري، خلال عام من التدخل الأميركي الذي بدأ في 12 يناير 2024، وأدى ذلك إلى مقتل 106 أشخاص، وإصابة 314 آخرين. وفق ما أقر به الحوثيون.

وكانت الولايات المتحدة أنشأت في ديسمبر (كانون الأول) 2023 تحالفاً سمّته «حارس الازدهار»؛ ردّاً على هجمات الحوثيين ضد السفن في البحر الأحمر وخليج عدن، قبل أن تشنّ ضرباتها الجوية ابتداء من 12 يناير 2024، بمشاركة بريطانيا في عدد من المرات.

طائرة من طراز «إف 16» تحلق في منطقة عمليات القيادة المركزية الأميركية (الجيش الأميركي)

الضربات استهدفت مواقع في صنعاء وصعدة وإب وتعز وذمار، في حين كان من نصيب الحديدة الساحلية أغلبية الضربات، كما لجأت واشنطن إلى استخدام القاذفات الشبحية، لأول مرة، لاستهداف المواقع الحوثية المحصَّنة، غير أن كل ذلك لم يمنع تصاعد عمليات الجماعة التي تبنّت مهاجمة أكثر من 211 سفينة.

وأعاق التصعيد الحوثي وردود الفعل الغربية والإسرائيلية مسار السلام اليمني، إذ كان اليمنيون يستبشرون أواخر 2023 بقرب الإعلان عن خريطة طريق توسطت فيها السعودية وسلطنة عمان من أجل طي صفحة الصراع المستمر منذ 10 سنوات.

وتنفي الحكومة اليمنية السردية الحوثية بخصوص مناصرة الفلسطينيين في غزة، وتتهم الجماعة بتنفيذ أجندة إيران في المنطقة، خاصة أن الجماعة استغلت الأحداث لتجنيد عشرات الآلاف تحت مزاعم الاستعداد للمواجهة مع إسرائيل والولايات المتحدة، وفيما يبدو أن المسعى الحقيقي هو التجهيز لمهاجمة المناطق اليمنية الخاضعة للحكومة الشرعية.