العراق... قمع ثقافي ليس بحد السيف

العراق... قمع ثقافي ليس بحد السيف
TT

العراق... قمع ثقافي ليس بحد السيف

العراق... قمع ثقافي ليس بحد السيف

نكتشف الآن، بعد 15 سنة من سقوط تمثال صدام حسين وسط بغداد، أن أحلامنا بالنهوض، إن لم نَقُلْ الازدهار، الاجتماعي والثقافي والعلمي لم تكن سوى أحلام أطفال سذج. كانت أحلاماً كبيرة بحجم القهر الذي عرفناه نحن العراقيين مع حزب البعث العراقي أكثر من ثلاثة عقود سادت فيها ثقافة القمع والحرب، وتمجيد القائد الضرورة، الذي سينسخ نفسه مرة أخرى في أكثر من صورة لا تزال تطل علينا لتذكّرنا بأن شيئاً جوهرياً لم يتغير. فبعد أن قرأت أجيال كاملة قصيدة واحدة هي قصيدة الديكتاتور، ونامت على قصة واحدة هي قصة صعوده وحضوره ومآثره الكبرى في تغيير مسار التاريخ، وملأت آذانها أغنية واحدة عن الوحدة والحرية والاشتراكية، حلّت بعد سقوط التمثال، وبسرعة غير متوقعة، عناصر جديدة احتلت الشارع العراقي باسم الدين، مستغلةً الفراغ الثقافي الكبير، والتداعيات السياسية والاجتماعية التي رافقت عملية الاحتلال، فأدخلت إلى قاموس الثقافة العراقية، التي عُرفت بتقاليدها التنويرية العريقة، مصطلحات طائفية وعنصرية لم تألفها هذه الثقافة من قبل. وبعد أن كان الصراع مع الديكتاتور صراعاً وطنياً، يشمل كل طوائف وفئات المجتمع المنكوب، تحول هذا الصراع الآن إلى قلب المجتمع نفسه، نتيجة فكر طائفي لا يرى أبعد من أرنبة أنفه.
نعم، لقد سقطت جمهورية الخوف في العراق 2003، ولكن لتحل محلها منذ ذلك التاريخ، وإلى مدى غير منظور، عملية تشظٍّ كبرى، ليس بسبب انهيار منظومات القيم السابقة، كما يصور «القومجيون»، فهذه المنظومات الوهمية لم تكن في الحقيقة سوى منظومة واحدة هي منظومة القمع، كما أنه لم تكن هناك دولة في العراق بالمعنى الحقيقي للدولة، وإنما مزرعة عملاقة للرئيس وحزبه وحاشيته. حالة التشظي هذه مسؤولة عنها بالدرجة الأولى القوى الطائفية التي حكمت البلد منذ ذلك الوقت. ولا نقصد هنا السلطة ممثلةً بالحكومة، بل العراق كله، بمدارسه وجامعاته، وجوامعه ومساجده، وأحيائه وشوارعه. وهو أمر عجز عن تحقيقه صدام نفسه، رغم كل سياسة التبعيث الشاملة التي مارسها، لأنه لم يكن يملك السلاح الذي تملكه الآن القوى الفاعلة في العراق، بمختلف انتماءاتها الطائفية، رغم أنه حاول ذلك في سنوات حكمه الأخيرة، وفي أثناء الحصار على العراق. ونعني به سلاح الدين، السلاح الأمضى من كل سلاح آخر لبعده المقدس، وثقله الروحي في نفوس البشر.
القمع الثقافي الآن لا يتم بحد السيف كما في زمن صدام، وإنما بإشاعة مفاهيم باطلة أسنانها الدين، وظّفت كل أجهزة القوى المتنفذة، بمالها وإمكانيتها الدعوية للترويج لها، وبالتالي تمكينها من الرؤوس والقلوب. ولكن هذا «الإنتاج الثقافي - الطائفي» لا يبدو حتى الآن أنه حقق أهدافه، لسبب بسيط: إنه إنتاج لفظي مفتقر لأي أساس مادي، رغم أنه لا يبدو كذلك على السطح. وإدراكاً منهم لهذه الحقيقة، يلجأ منظّرو وسياسيّو هذه القوى المتنفذة إلى ابتكار فزاعات تستند إلى سلاح الدين أيضاً، وآخر الفزاعات هو: الإلحاد. ومَن يقرأ كتاباتهم ويشاهد فضائياتهم في الفترة الأخيرة، خصوصاً أنه لم يتبقَّ سوى وقت قليل على الانتخابات، يظن أن هذا الشبح يجول الآن فعلاً في أرجاء العراق، من شماله إلى جنوبه. وقد حُكم على بعض الطلاب الجامعيين قضائياً بهذه التهمة في إحدى المحافظات الجنوبية قبل نحو شهر.
اللجوء الكاذب إلى السماء هو دائماً لعبة السياسيين الفاشلين على الأرض.



محاكاة حاسوبية ترجّح نشأة قمري المريخ جراء حطام كويكب

كوكب المريخ (رويترز)
كوكب المريخ (رويترز)
TT

محاكاة حاسوبية ترجّح نشأة قمري المريخ جراء حطام كويكب

كوكب المريخ (رويترز)
كوكب المريخ (رويترز)

قال موقع «سبيس» إن محاكاة حاسوبية رجّحت أن قمري كوكب المريخ المحيرين، فوبوس وديموس، ربما تكوّنا من الحُطام الناتج عن اقتراب كويكب كبير بشكل خطير من الكوكب الأحمر.

ووفقاً للمحاكاة، فإن فوبوس وديموس نتجا عن حطام كويكب أكبر حجماً، اقترب كثيراً من المريخ، وتأثر بجاذبيته.

وقال جاكوب كيغيريس، من مركز أبحاث «إيمس»، التابع لوكالة «ناسا»، في بيان: «من المثير أن نستكشف فرضية جديدة لتكوين فوبوس وديموس القمرَيْن الوحيدَيْن في نظامنا الشمسي اللذَين يدوران حول كوكب صخري إلى جانب الأرض».

وليس من السهل تفسير قمرَي المريخ، كلاهما صغير، إذ يبلغ عرض فوبوس 16 ميلاً (26 كيلومتراً)، ويبلغ عرض ديموس 10 أميال (16 كيلومتراً) فقط، ومتكتلان.

وهناك فرضية أخرى مفادها بأن فوبوس وديموس تشكلا تماماً مثل قمر الأرض، إذ إن اصطدام الكويكب بسطح المريخ ألقى حطاماً في المدار الذي اندمج في النهاية، ليشكّل القمرين، ولكن فوبوس وديموس يختلفان كثيراً عن سطح المريخ في الارتفاعات، نحو 6000 كيلومتر (3700 ميل)، و23000 كيلومتر (14577 ميلاً) على التوالي، وهو ما يصعّب على النماذج التي تحاكي الاصطدام بالسطح تفسيره.

شعار وكالة «ناسا» (رويترز)

وتوصل كيغيريس وفريقه إلى الفرضية الجديدة باستخدام أجهزة الكومبيوتر العملاقة في جامعة «دورهام»؛ حيث أجروا محاكاة لمثل هذا الحدث مئات المرات، مع تغيير قطر الكويكب ودورانه وسرعته ومسافته عن المريخ في أثناء أقرب اقتراب له.

وبينما ضاع بعض الحطام في الفضاء، وجدوا أن ما يكفي من شظايا الكويكب الأصلي نجت في المدار في الكثير من المحاولات؛ حيث ارتطمت بجسيمات أصغر استقرّت في جسم حول المريخ الذي تشكّل منه فوبوس وديموس.

ويعترف كيغيريس بأن تصوّره لنشأة القمرين لا تزال مجرد فرضية في الوقت الحالي، ومع ذلك فسوف يجري اختبارها قريباً.

ففي عام 2026، ستطلق وكالة استكشاف الفضاء اليابانية مركبة لاستكشاف أقمار المريخ، وهي مهمة إعادة عينات ستجلب قطعاً من فوبوس إلى الأرض لدراستها في المختبرات؛ مما سيوفّر دليلاً كبيراً على أصله.

وإذا كانت تحتوي على آثار صخور من المريخ، فهذا يشير إلى أنها تشكّلت من حطام الاصطدام، ولكن إذا كان تكوينها أشبه بالكويكب، فقد يدعم ذلك فرضية كيغيريس.

وقال كيغيريس، إن «هذا الفرضية الجديدة تقدّم تنبؤات مختلفة حول خصائص الأقمار التي يمكن اختبارها لهذا الحدث الرئيس في تاريخ المريخ».

ويمكن أيضاً تكييف المحاكاة للنظر في التفاعلات الأخرى بين الكواكب والأجسام الأصغر مثل الكويكبات والمذنبات طوال تاريخ النظام الشمسي، وربما استكشاف كيفية تشكّل حلقات زحل، أو الأقمار المحيرة الأخرى.