لندن تماطل في لقاء السفير الروسي

تحسن صحة سكريبال سيضيف عوامل جديدة إلى التحقيقات

مدخل مركز المختبرات التابعة لوزارة الدفاع البريطانية في بورتون داون في جنوب غربي إنجلترا (أ.ف.ب)
مدخل مركز المختبرات التابعة لوزارة الدفاع البريطانية في بورتون داون في جنوب غربي إنجلترا (أ.ف.ب)
TT

لندن تماطل في لقاء السفير الروسي

مدخل مركز المختبرات التابعة لوزارة الدفاع البريطانية في بورتون داون في جنوب غربي إنجلترا (أ.ف.ب)
مدخل مركز المختبرات التابعة لوزارة الدفاع البريطانية في بورتون داون في جنوب غربي إنجلترا (أ.ف.ب)

أكدت الحكومة البريطانية أنها تلقت خطاباً من السفير الروسي لدى بريطانيا، يطالب فيه بلقاء عاجل مع وزير الخارجية بوريس جونسون. وقالت متحدثة باسم وزارة الخارجية: «سنرد في الوقت المناسب».
وقالت وكالة الإعلام الروسية، أمس (السبت)، إن السفارة الروسية في لندن أرسلت طلباً رسمياً للقاء السفير الروسي ألكسندر ياكوفينكو مع الوزير جونسون لمناقشة التحقيق بشأن واقعة تسميم جاسوس روسي سابق وابنته في مدينة سالزبري، في جنوب غربي إنجلترا. كما وجهت السفارة الروسية انتقادات إلى طريقة تعامل السلطات البريطانية معها في واقعة تسميم العميل سيرغي سكريبال وابنته. ونقلت وكالة أنباء «تاس» الروسية عن السفارة الروسية في لندن القول إن السفير ياكوفينكو ينتظر من فترة طويلة إجراء محادثة مع جونسون، مشيرة إلى أنه تم إرسال مذكرة إلى الخارجية البريطانية لمناقشة التحقيقات في الواقعة. وأضافت السفارة: «نأمل في رد بناء من البريطانيين، وننتظر أن يتم تنظيم مثل هذا اللقاء في غضون فترة قصيرة».
وتطالب روسيا بإشراكها في التحريات الخاصة بالهجوم الذي وقع على سكريبال وابنته في أوائل الشهر الماضي، كما تنفي الاتهامات البريطانية لها بالوقوف وراء الهجوم.
وقالت رئيسة الوزراء تيريزا ماي إن سكريبال وابنته سمما بغاز نوفيتشوك، وهو غاز أعصاب طوره الجيش السوفياتي خلال السبعينات والثمانينات من القرن الماضي.
وذكرت روسيا أنها لا تملك هذا النوع من غازات الأعصاب. وقال الرئيس الروسي فلاديمير بوتين إن من الهراء الاعتقاد بأن موسكو سممت سكريبال وابنته.
وعلى وقع الأزمة، طردت بريطانيا وروسيا 23 دبلوماسياً لكل منهما، في خطوة انتقامية، كما سارت على النهج ذاته الولايات المتحدة وأكثر من 20 دولة من حلفاء بريطانيا، معلنين بشكل جماعي طرد أكثر من مائة دبلوماسي روسي.
ويعتقد مراقبون أن تعافي سكريبال وابنته، كما أعلن المستشفى أول من أمس، سيساعد في إضافة عوامل جديدة إلى التحقيقات التي تجريها بريطانيا حول الحادث، إذ أعلن المستشفى الذي يعالج به سكريبال أن الأخير لم يعد في حالة حرجة، وأن صحته «تتحسن بسرعة» بعد تعرضه للتسميم في مارس (آذار) الماضي في بريطانيا، ما تسبب بأزمة دبلوماسية بين موسكو والغرب.
وهذا أول بيان رسمي يصدر عن حالة سكريبال، 66 عاماً، منذ العثور عليه وابنته يوليا فاقدين للوعي على مقعد في مدينة سالزبري، حيث يقيم العميل المزدوج السابق منذ أن شملته عملية تبادل أسرى بين موسكو ولندن وواشنطن عام 2010. وقال قاض بريطاني، الشهر الماضي، إن الهجوم ربما أثر على القدرات العقلية لسكريبال وابنته، وإن تأثيره الصحي عليهما على الأمد الطويل غير معروف.
وأعلنت الطبيبة كريستين بلانشارد، مديرة مستشفى سالزبري، الجمعة، إن سكريبال «يتجاوب جيداً مع العلاج، ووضعه الصحي يتحسن بسرعة، ولم يعد في وضع حرج»، وأوضحت أن حالة ابنته يوليا «تتحسن يومياً، وبإمكانها أن تتطلع إلى اليوم الذي تسمح لها صحتها فيه بمغادرة المستشفى». وبث التلفزيون العام الروسي، الخميس، تسجيلاً صوتياً قدمه على أنه مكالمة هاتفية بين يوليا سكريبال وقريبتها فيكتوريا.
ورفضت موسكو، في وقت سابق الجمعة، تقريراً إعلامياً بريطانياً يقول إن المادة السامة للأعصاب التي تقول لندن إنها استخدمت لتسميم الجاسوس السابق وابنته مصدرها منشأة عسكرية على نهر الفولغا. ونقلت صحيفة «تايمز» عن مصادر أمنية بريطانية قولها إنها تعتقد أن مادة «نوفيتشوك» تم تصنيعها في منشأة في بلدة شيخاني، في إقليم ساراتوف وسط روسيا. لكن ميخائيل بابيتش، مبعوث الكرملين في منطقة الفولغا الفيدرالية، أبلغ وكالة أنباء «إنترفاكس» أن «المختبر لم يكن أبداً جزءاً من عملنا».
وتابع بابيتش، الرئيس السابق للجنة الحكومية لنزع السلاح الكيماوي أن «جميع القواعد التي يتم تخزين الأسلحة الكيماوية فيها معروفة؛ شيخاني ليست واحدة منها»، وأضاف أنه كانت هناك «منشأة» أخرى في منطقة ساراتوف، لكنها لم تكن في شيخاني.
ومدينة شيخاني المغلقة هي مركز لأحد فروع معهد البحوث العلمية الرسمية للكيمياء العضوية والتكنولوجيا. وجاء تقرير الصحيفة بعد أن قال مختبر دفاعي بريطاني يحلل المادة السامة للأعصاب إنه لا يستطيع تحديد ما إذا كان مصدرها روسيا.
وتؤكد السلطات الروسية على أن البلاد لم يكن لديها أبداً برنامج لتطوير ذلك السلاح الكيماوي. وخلال اجتماع عقده مجلس الأمن الدولي، الخميس، بطلب من موسكو، شدد السفير الروسي لدى الأمم المتحدة فاسيلي نيبينزيا على أن «روسيا ليست لها أي صلة بتسميم سكريبال» وابنته، وقال: «ألم يكن بإمكانهم ابتكار قصة مزيفة أفضل من هذه؟»، مضيفاً: «قلنا لزملائنا البريطانيين: أنتم تلعبون بالنار وستندمون».
وكانت روسيا قد دعت إلى عقد اجتماع مجلس الأمن، بعد أن فشلت في الحصول على دعم دبلوماسي لإجراء تحقيق مشترك في عملية التسميم خلال اجتماع لمنظمة حظر الأسلحة الكيماوية هذا الأسبوع.
ومن جانب آخر، تم العثور على خنزيرين غينيين نافقين في منزل سكريبال، بعد أن تم إغلاقه بسبب إجراء التحقيقات، وفقاً لما ذكرته وكالة أنباء «برس أسوشيشن»، الجمعة.
ونقلت وكالة أنباء «برس أسوشيشن» عن متحدثة باسم الحكومة قولها: «عندما تمكن طبيب بيطري من دخول البيت، كان هناك خنزيران غينيان نافقان للأسف»، وأضافت أن قرار القتل الرحيم للقطة «كان في مصلحة الحيوان ورفاهيته».



هل يمكن رفع عقوبات الأمم المتحدة عن «هيئة تحرير الشام» والجولاني؟

أبو محمد الجولاني يتحدث في الجامع الأموي بدمشق 8 ديسمبر 2024 (أ.ب)
أبو محمد الجولاني يتحدث في الجامع الأموي بدمشق 8 ديسمبر 2024 (أ.ب)
TT

هل يمكن رفع عقوبات الأمم المتحدة عن «هيئة تحرير الشام» والجولاني؟

أبو محمد الجولاني يتحدث في الجامع الأموي بدمشق 8 ديسمبر 2024 (أ.ب)
أبو محمد الجولاني يتحدث في الجامع الأموي بدمشق 8 ديسمبر 2024 (أ.ب)

تخضع «هيئة تحرير الشام»، التي قادت قوات المعارضة للإطاحة بالرئيس السوري بشار الأسد، لعقوبات من الأمم المتحدة منذ فترة طويلة، وهو ما وصفه المبعوث الخاص للمنظمة الدولية إلى سوريا غير بيدرسون، بأنه «عامل تعقيد لنا جميعاً».

كانت «هيئة تحرير الشام» تُعرف في السابق باسم «جبهة النصرة»، الجناح الرسمي لتنظيم «القاعدة» في سوريا، حتى قطعت العلاقات بالتنظيم في عام 2016. ومنذ مايو (أيار) 2014، أُدرجت الجماعة على قائمة مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة لعقوبات تنظيمي «القاعدة» و«داعش»، كما فُرض عليها تجميد عالمي للأصول وحظر أسلحة.

ويخضع عدد من أعضاء «هيئة تحرير الشام» أيضاً لعقوبات الأمم المتحدة مثل حظر السفر، وتجميد الأصول، وحظر الأسلحة، ومنهم زعيمها وقائد إدارة العمليات العسكرية أحمد الشرع، المكنى «أبو محمد الجولاني»، المدرج على القائمة منذ يوليو (تموز) 2013.

وقال دبلوماسيون إنه لا يوجد حالياً أي مناقشات عن رفع العقوبات التي فرضتها الأمم المتحدة على الجماعة. ولا تمنع العقوبات التواصل مع «هيئة تحرير الشام».

لماذا تفرض الأمم المتحدة عقوبات على «هيئة تحرير الشام» والجولاني؟ (رويترز)

لماذا تفرض الأمم المتحدة عقوبات على «هيئة تحرير الشام» والجولاني؟

فرضت الأمم المتحدة عقوبات على «جبهة النصرة»، لأن الجماعة مرتبطة بتنظيم «القاعدة»، ولأنها كانت «تشارك في تمويل أو تخطيط أو تسهيل أو إعداد أو ارتكاب أعمال أو أنشطة» مع «القاعدة» أو دعماً لها وتستقطب أفراداً وتدعم أنشطة «القاعدة».

وجاء في قائمة العقوبات التي فرضتها الأمم المتحدة: «في يناير (كانون الثاني) 2017، أنشأت جبهة النصرة (هيئة تحرير الشام)، وسيلة لتعزيز موقعها في التمرد السوري وتعزيز أهدافها باعتبارها فرعاً لتنظيم (القاعدة) في سوريا»... ورغم وصف ظهور «هيئة تحرير الشام» بطرق مختلفة (على سبيل المثال كاندماج أو تغيير في الاسم)، فإن جبهة «النصرة» استمرت في الهيمنة والعمل من خلال «هيئة تحرير الشام» في السعي لتحقيق أهدافها.

وفُرضت عقوبات على الجولاني بسبب ارتباطه بتنظيم «القاعدة» وعمله معه.

كيف يمكن رفع عقوبات الأمم المتحدة؟

تستطيع أي دولة عضو في الأمم المتحدة في أي وقت تقديم طلب لرفع العقوبات عن كيان أو شخص إلى لجنة عقوبات تنظيمي «داعش» و«القاعدة» التابعة لمجلس الأمن الدولي المؤلف من 15 دولة.

وإذا جاء الطلب من دولة لم تقترح في البداية فرض عقوبات الأمم المتحدة، فإن اللجنة تتخذ القرار بالإجماع.

وإذا تقدمت الدولة التي اقترحت في البداية فرض العقوبات بطلب الشطب من القائمة، فسيمحى الاسم من القائمة بعد 60 يوماً، ما لم توافق اللجنة بالإجماع على بقاء التدابير.

لكن إذا لم يتم التوصل إلى إجماع، يستطيع أحد الأعضاء أن يطلب إحالة الطلب إلى مجلس الأمن للتصويت عليه في غضون 60 يوماً.

ولم تتضح بعد الدول التي اقترحت فرض عقوبات على جبهة «النصرة» والجولاني.

ويستطيع أيضاً الشخص أو الكيان الخاضع للعقوبات أن يطلب إزالة التدابير عن طريق الاتصال بأمين عام المظالم، وهو منصب أنشأه المجلس في عام 2009، ليقوم بمراجعة الطلب.

وإذا أوصى أمين عام المظالم بإبقاء اسم ما على القائمة، فسيظل مدرجاً على القائمة. وإذا أوصى أمين عام المظالم بإزالة اسم ما، فسترفع العقوبات بعد عملية قد تستغرق ما يصل إلى 9 أشهر، ما لم توافق اللجنة في وقت أسبق بالإجماع على اتخاذ إجراء أو الإحالة إلى المجلس لتصويت محتمل.

هل هناك استثناءات من العقوبات؟

يستطيع الأشخاص الخاضعون لعقوبات الأمم المتحدة التقدم بطلب للحصول على إعفاءات فيما يتعلق بالسفر، وهو ما تقرره اللجنة بالإجماع.

ويقول المجلس إن عقوباته «لا تستهدف إحداث عواقب إنسانية تضر بالسكان المدنيين».

وهناك استثناء إنساني للأمم المتحدة ومنظمات الإغاثة يسمح «بتوفير أو معالجة أو دفع الأموال أو الأصول المالية الأخرى أو الموارد الاقتصادية، أو توفير السلع والخدمات اللازمة لضمان تقديم المساعدات الإنسانية في الوقت المناسب، أو لمساندة الأنشطة الأخرى التي تدعم الاحتياجات الإنسانية الأساسية».