تنظيم لقاء وطني في الرباط حول التغطية الصحية الشاملة

رئيس شبكة الدفاع عن الصحة بالمغرب ينتقد تدني الإنفاق الحكومي على قطاع الصحة

أناس الدكالي - علي لطفي
أناس الدكالي - علي لطفي
TT

تنظيم لقاء وطني في الرباط حول التغطية الصحية الشاملة

أناس الدكالي - علي لطفي
أناس الدكالي - علي لطفي

يتزامن احتفال المغرب باليوم العالمي للصحة هذا العام مع مرور سنة على تنصيب الحكومة الحالية، برئاسة الدكتور سعد الدين العثماني القادم إلى السياسة من مجال الطب النفسي.
وإذا كان اليوم العالمي للصحة المحتفى به من طرف المنظمة العالمية للصحة، تحت شعار «التغطية الصحية الشاملة للجميع وفي كل مكان»، هو السابع من هذا الشهر، فإن وزارة الصحة المغربية أعلنت عن ترؤس أناس الدكالي، وزير الصحة، يوم الاثنين المقبل، التاسع من أبريل (نيسان)، للقاء وطني في أحد فنادق الرباط حول موضوع «التغطية الصحية الشاملة»، بحضور الدكتورة مريم بكديلي، ممثلة منظمة الصحة العالمية في الرباط، وعدد من الفاعلين والشركاء.
وأضافت الوزارة، في بيان صحافي تلقت «الشرق الأوسط» نسخة منه، أن هذا اللقاء الوطني يهدف إلى التعريف بـ«الإنجازات التي حققها المغرب في مجال التغطية الصحية الشاملة لفائدة المواطنين والمواطنات، وكذا المهاجرين والأشخاص ذوي الاحتياجات الخاصة».
اللقاء الوطني، حسب المصدر نفسه، سيكون فرصة لتدارس آفاق توسيع الاستفادة من أنظمة التأمين عن المرض لبلوغ التغطية الصحية الشاملة، كما سيتم تقديم وتتبع نتائج 6 سنوات من تعميم نظام المساعدة الطبية، المعروف بـ«راميد»، والإنجازات التي تحققت على مستوى تطوير الخدمات الصحية وتحسين الولولج إلى العلاجات.
وقال مسؤول في الوزارة فضل عدم الكشف عن اسمه في تصريح لـ«الشرق الأوسط» إن هناك برنامجاً للتغطية الصحية يجري تنفيذه منذ مدة على عدة مراحل، بدءاً بالتأمين الإجباري على المرض، مروراً بنظام المساعدة الطبية الموجه للمحتاجين وذوي الدخل المحدود، وصولاً إلى الورش الحالية لفائدة العاملين المستقلين في القطاع الحر.
ولدى سؤاله عن حجم التغطية الصحية في المغرب، أجاب المسؤول أنها بلغت 63 في المائة لمجمل سكان المغرب، مشيراً إلى أن المعطيات التفصيلية سيتم الكشف عنها خلال اللقاء الوطني المقرر يوم الاثنين المقبل، بالرباط.
مقابل هذا التصريح، هناك من الفاعلين والمهتمين بالمجال الاجتماعي من يسجل وجود مؤشرات حقيقية «عن تدني الخدمات الصحية، ومن بينها انتشار الأمراض الوبائية، والارتفاع المهول في عدد من الأمراض المزمنة غير الوبائية، مثل السكري وأمراض القلب والأورام السرطانية، وعودة غير معلنة لأمراض الفقر والأوبئة التي سبق أن تم القضاء عليها في نهاية التسعينات من القرن الماضي، كمرض الجذام»، علاوة على ارتفاع ملحوظ في المؤشرات المتعلقة بمعدل وفيات الأمهات الحوامل والأطفال دون سن الخامسة.
ذلك ما عبر عنه لـ«الشرق الأوسط» علي لطفي رئيس «الشبكة المغربية للدفاع عن الحق في الصحة والحق في الحياة»، انطلاقاً من تشخيصه للوضع الصحي، حيث أشار إلى أن أكثر من نصف المرضى الفقراء والمعوزين يضطرون إلى وقف علاجهم، والاكتفاء بما يوفره الطب التقليدي من أعشاب ومواد من الطبيعة.
وأردف أن «القطاع الصحي في حاجة إلى معالجة جدية شاملة للحد من عدم المساواة في فرص الحصول على الرعاية الصحية. فبالإضافة إلى ضعف الاستثمار في القطاع الصحي وفي تمويل الخدمات الصحية، وسوء توزيع ما هو متوفر من بنيات تحتية وتجهيزات وموارد بشرية ومالية، هناك استمرار لظاهرة تمركز الخدمات الصحية في المدن الكبرى، علاوة على ضعف التسيير والإدارة وسوء التدبير والهدر والفساد».
وأكد لطفي أن القطاع الصحي العمومي يعاني من تدني الإنفاق الحكومي على الرعاية الصحية، مضيفاً أن مجموع الإنفاق الحكومي على الصحة لا يتجاوز 2 في المائة من الناتج الداخلي الخام.
وأبرز أن النفقات الصحية لكل مواطن تقارب أقل من 230 دولاراً للفرد في المغرب (مقابل 500 في تونس، و400 دولار في الجزائر).
وخلص إلى القول «إن غياب نظام التغطية الطبية الشاملة، أو التأمين الصحي الشامل، له انعكاسات كبيرة على المنظومة الصحية ككل، باعتبار أن 50 في المائة من المواطنين ما زالوا خارج آية تغطية صحية، مما يؤكد عدم الإنصاف والمساواة في ولوج العلاج».



ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
TT

ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)

ستيف بركات عازف بيانو كندي من أصل لبناني، ينتج ويغنّي ويلحّن. لفحه حنين للجذور جرّه إلى إصدار مقطوعة «أرض الأجداد» (Motherland) أخيراً. فهو اكتشف لبنان في وقت لاحق من حياته، وينسب حبّه له إلى «خيارات مدروسة وواعية» متجذرة في رحلته. من اكتسابه فهماً متيناً لهويته وتعبيره عن الامتنان لما منحه إياه الإرث من عمق يتردّد صداه كل يوم، تحاوره «الشرق الأوسط» في أصله الإنساني المنساب على النوتة، وما أضفاه إحساسه الدفين بالصلة مع أسلافه من فرادة فنية.
غرست عائلته في داخله مجموعة قيم غنية استقتها من جذورها، رغم أنه مولود في كندا: «شكلت هذه القيم جزءاً من حياتي منذ الطفولة، ولو لم أدركها بوعي في سنّ مبكرة. خلال زيارتي الأولى إلى لبنان في عام 2008. شعرتُ بلهفة الانتماء وبمدى ارتباطي بجذوري. عندها أدركتُ تماماً أنّ جوانب عدة من شخصيتي تأثرت بأصولي اللبنانية».
بين كوبنهاغن وسيول وبلغراد، وصولاً إلى قاعة «كارنيغي» الشهيرة في نيويورك التي قدّم فيها حفلاً للمرة الأولى، يخوض ستيف بركات جولة عالمية طوال العام الحالي، تشمل أيضاً إسبانيا والصين والبرتغال وكوريا الجنوبية واليابان... يتحدث عن «طبيعة الأداء الفردي (Solo) التي تتيح حرية التكيّف مع كل حفل موسيقي وتشكيله بخصوصية. فالجولات تفسح المجال للتواصل مع أشخاص من ثقافات متنوعة والغوص في حضارة البلدان المضيفة وتعلّم إدراك جوهرها، مما يؤثر في المقاربة الموسيقية والفلسفية لكل أمسية».
يتوقف عند ما يمثله العزف على آلات البيانو المختلفة في قاعات العالم من تحدٍ مثير: «أكرّس اهتماماً كبيراً لأن تلائم طريقة عزفي ضمانَ أفضل تجربة فنية ممكنة للجمهور. للقدرة على التكيّف والاستجابة ضمن البيئات المتنوّعة دور حيوي في إنشاء تجربة موسيقية خاصة لا تُنسى. إنني ممتنّ لخيار الجمهور حضور حفلاتي، وهذا امتياز حقيقي لكل فنان. فهم يمنحونني بعضاً من وقتهم الثمين رغم تعدّد ملاهي الحياة».
كيف يستعد ستيف بركات لحفلاته؟ هل يقسو عليه القلق ويصيبه التوتر بإرباك؟ يجيب: «أولويتي هي أن يشعر الحاضر باحتضان دافئ ضمن العالم الموسيقي الذي أقدّمه. أسعى إلى خلق جو تفاعلي بحيث لا يكون مجرد متفرج بل ضيف عزيز. بالإضافة إلى الجانب الموسيقي، أعمل بحرص على تنمية الشعور بالصداقة الحميمة بين الفنان والمتلقي. يستحق الناس أن يلمسوا إحساساً حقيقياً بالضيافة والاستقبال». ويعلّق أهمية على إدارة مستويات التوتّر لديه وضمان الحصول على قسط كافٍ من الراحة: «أراعي ضرورة أن أكون مستعداً تماماً ولائقاً بدنياً من أجل المسرح. في النهاية، الحفلات الموسيقية هي تجارب تتطلب مجهوداً جسدياً وعاطفياً لا تكتمل من دونه».
عزف أناشيد نالت مكانة، منها نشيد «اليونيسف» الذي أُطلق من محطة الفضاء الدولية عام 2009 ونال جائزة. ولأنه ملحّن، يتمسّك بالقوة الهائلة للموسيقى لغة عالمية تنقل الرسائل والقيم. لذا حظيت مسيرته بفرص إنشاء مشروعات موسيقية لعلامات تجارية ومؤسسات ومدن؛ ومعاينة تأثير الموسيقى في محاكاة الجمهور على مستوى عاطفي عميق. يصف تأليف نشيد «اليونيسف» بـ«النقطة البارزة في رحلتي»، ويتابع: «التجربة عزّزت رغبتي في التفاني والاستفادة من الموسيقى وسيلة للتواصل ومتابعة الطريق».
تبلغ شراكته مع «يونيفرسال ميوزيك مينا» أوجها بنجاحات وأرقام مشاهدة عالية. هل يؤمن بركات بأن النجاح وليد تربة صالحة مكوّنة من جميع عناصرها، وأنّ الفنان لا يحلّق وحده؟ برأيه: «يمتد جوهر الموسيقى إلى ما وراء الألحان والتناغم، ليكمن في القدرة على تكوين روابط. فالنغمات تمتلك طاقة مذهلة تقرّب الثقافات وتوحّد البشر». ويدرك أيضاً أنّ تنفيذ المشاريع والمشاركة فيها قد يكونان بمثابة وسيلة قوية لتعزيز الروابط السلمية بين الأفراد والدول: «فالثقة والاهتمام الحقيقي بمصالح الآخرين يشكلان أسس العلاقات الدائمة، كما يوفر الانخراط في مشاريع تعاونية خطوات نحو عالم أفضل يسود فيه الانسجام والتفاهم».
بحماسة أطفال عشية الأعياد، يكشف عن حضوره إلى المنطقة العربية خلال نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل: «يسعدني الوجود في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا كجزء من جولة (Néoréalité) العالمية. إنني في مرحلة وضع اللمسات الأخيرة على التفاصيل والتواريخ لنعلن عنها قريباً. تملؤني غبطة تقديم موسيقاي في هذا الحيّز النابض بالحياة والغني ثقافياً، وأتحرّق شوقاً لمشاركة شغفي وفني مع ناسه وإقامة روابط قوامها لغة الموسيقى العالمية».
منذ إطلاق ألبومه «أرض الأجداد»، وهو يراقب جمهوراً متنوعاً من الشرق الأوسط يتفاعل مع فنه. ومن ملاحظته تزايُد الاهتمام العربي بالبيانو وتعلّق المواهب به في رحلاتهم الموسيقية، يُراكم بركات إلهاماً يقوده نحو الامتنان لـ«إتاحة الفرصة لي للمساهمة في المشهد الموسيقي المزدهر في الشرق الأوسط وخارجه».
تشغله هالة الثقافات والتجارب، وهو يجلس أمام 88 مفتاحاً بالأبيض والأسود على المسارح: «إنها تولّد إحساساً بالعودة إلى الوطن، مما يوفر ألفة مريحة تسمح لي بتكثيف مشاعري والتواصل بعمق مع الموسيقى التي أهديها إلى العالم».