تناول الحوامل للأسماك بطريقة صحية... سلوك ذو مردود غذائي عالٍ

مراجعات علمية لنصائح التغذية

تناول الحوامل للأسماك بطريقة صحية... سلوك ذو مردود غذائي عالٍ
TT

تناول الحوامل للأسماك بطريقة صحية... سلوك ذو مردود غذائي عالٍ

تناول الحوامل للأسماك بطريقة صحية... سلوك ذو مردود غذائي عالٍ

قدم الباحثون من كلية الطب بجامعة بريستول البريطانية مراجعة علمية لاستعراض إرشادات التغذية الصحية المتعلقة بتناول الحوامل للأسماك، وذلك من جوانب تتعلق بمدى وضوح محتويات تلك التوجيهات للتغذية الصحية في تحسين مستوى تناول الأسماك وجعلها ضمن المكونات الصحية لتشكيلة أطعمة التغذية الأسبوعية للأم الحامل خلال فترة الحمل. ونشرت هذه المراجعة العلمية الحديثة ضمن عدد أبريل (نيسان) لمجلة «التغذية الصحية العامة» (Public Health Nutrition)، وكان عنوان الدراسة: «استعراض التوجيهات بشأن استهلاك الأسماك في الحمل: هل هي مناسبة للغرض منها؟».
- نصيحة متوازنة
ولا يزال تناول الأسماك بالعموم يتسم بالحذر من قبل الحوامل، نظراً لأن النصائح الطبية تفيد من جهة بضرورة تقليل التعرض لمصادر معدن الزئبق الغذائية، ذات التأثيرات الصحية الضارة بالأم ونمو الجنين، كما تفيد من جهة أخرى بضرورة حرص الحوامل على تناول الأطعمة الغنية بالبروتينات وبدهون أوميغا - 3 التي تمثل الأسماك الغذاء النموذجي في توفير ذلك. وهو ما قد يكون السبب فيه عدم توضيح بعض إرشادات التغذية الصحية كيفية تحقيق حماية للحوامل وللأجنة من التعرض للزئبق مع تحقيق تناول الأنواع الصحية من الأسماك والحيوانات البحرية الأخرى ذات المحتوى المتدني جداً من ذلك المعدن التي تُصنف بأنها آمنة للتناول من قبل الحوامل.
وقال الباحثون، من مركز صحة الأطفال والمراهقين في كلية الطب بجامعة بريستول تحت عنوان الهدف من إجراء الدراسة: «لقد ركّزت الرسائل الصحية حول خفض تعرض النساء الحوامل للزئبق، بشكل حصري على تناول الأسماك من أجل تقليل التعرض للزئبق، مع عدم الأخذ بالمساهمات الصحية الإيجابية لتناول الأسماك في تحسين جودة التغذية لديهن. وكان الهدف من هذه المراجعة معرفة مدى المقارنة والتباين في محتويات وعرض الإرشادات المتعلقة بتناول الأسماك في فترة الحمل، والتعليق على الأدلة العلمية المستندة عليها، وتأثيرات كل ذلك على استهلاك الأسماك من قبل الحوامل».
وأفاد الباحثون: «عندما تصبح المرأة حاملاً، تتلقى مجموعة من المعلومات حول الأطعمة التي يجدر تجنب تناولها والأطعمة التي يجدر التقليل منها. وثمة إرشادات تفصيلية وأخرى عامة حول أنواع الأسماك التي يجدر التقليل من تناولها والأسماك التي يجدر تجنب تناولها. وهذه النصائح مرتبطة بشكل مباشر بمحتوى الأنواع المختلفة من الأسماك بمعدن الزئبق، بهدف خفض تعرض الأم الحامل للزئبق بما يُفيد بتجنب الآثار الضارة له على النمو العصبي للجنين».
- مخاطر الزئبق
والزئبق أحد السموم البيئية المنتشرة، وهو موجود في البيئة من خلال العمليات الطبيعية في الأنشطة البركانية وتعرية الصخور، وكذلك من خلال الأنشطة البشرية في التعدين والصهر وتوليد الطاقة والتصنيع، كما يُمكن أن يحصل التعرض له من خلال حشوات الأسنان ومستحضرات التجميل وبعض أنواع الأطعمة كالأسماك التي يتراكم فيها الزئبق من البيئات المائية الملوثة به. وبما أن الزئبق بإمكانه المرور من خلال المشيمة والوصول إلى الجنين، فإن نمو الجهاز العصبي قد يتأثر لديه بسبب سرعة نمو هذا الجهاز المهم وحساسيته من معدن الزئبق، ولذا يُوصي الأطباء الحوامل بتقليل التعرض للزئبق. ونظراً لتفاوت مستويات الزئبق في البيئات المائية وفي الأنواع المحلية للأسماك والحيوانات البحرية الأخرى في مناطق العالم المختلفة، فإن دولاً عدة في العالم تصدر توجيهات للتغذية الصحية حول أنواع الأسماك التي توجد فيها أو يكثر تناولها.
وقال الباحثون: «حددنا 19 من الإرشادات الوطنية والدولية حول تناول الأسماك، وقارنا في محتوياتها التفصيلية وفي طريقة عرضها للنصائح ضمن إرشاداتها للتغذية الصحية، ونظرنا في الأدلة العلمية المستندة عليها في استخلاص تلك النصائح، وكذلك في الأدلة الخاصة بتأثير تلك الإرشادات على مستويات استهلاك الأسماك. ووجدنا أن ثمة اختلافاً فيما بين تلك المبادئ التوجيهية من نواحي المحتوى ومدى بساطة التقديم وأسلوب العرض. كما لاحظنا أن التركيز الأعلى كان على محتوى الأسماك من الزئبق، مع إيلاء اهتمام أقل للآثار الإيجابية المفيدة للتغذية التي يُوفرها تناول الأسماك، وقد يُؤدي التعقيد في وضوح إرشادات تناول الأسماك إلى تقليل تناوله من قبل الحوامل أو عدم تناولهم الأسماك على الإطلاق».
- نصائح مربكة
وأضاف الباحثون في محصلة نتائج الدراسة بقول ما مفاده: «يجب أن تأخذ إرشادات تناول الحوامل للأسماك في الاعتبار التأثيرات المفيدة لتناول الأسماك. ويجب أن تكون تلك الإرشادات واضحة ويُمكن تذكرها، بما يُسهّل على الحوامل الاستفادة من تلك التوجيهات الصحية». وأضاف الباحثون في نتائج الدراسة بشيء من التفصيل بالقول: «هناك بعض الأدلة على أن النساء الحوامل يجدن النصائح الطبية مربكة، ويُفضلن التخلي عن تناول الأسماك كلياً لتحاشي التعرض للأذى الصحي، هذا مع أن إرشادات التغذية الصحية للحوامل متفقة على أنه ينبغي على النساء الحوامل تناول حصتين من الأسماك على الأقل أسبوعياً، ولكن هذه الرسالة الصحية ليست دائماً واضحة وبارزة، وبالتالي ينخفض تناول الأسماك من قبل الحوامل في كثير من البلدان، وهو ما قد تكون له آثار صحية سلبية على صحة ونمو الأبناء».
- إرشادات غذائية
وأصدرت إدارة الغذاء والدواء الأميركية (FDA) قبل بضعة أشهر تحديثاً لإرشاداتها المتعلقة بتناول الأطفال والحوامل والمُرضعات للأسماك والحيوانات البحرية الأخرى، وذلك من أجل تحقيق التوازن بين تقليل المخاطر الصحية الناجمة عن تراكم معدن الزئبق في الجسم من جهة، ورفع مستوى تناول الأسماك الغنية بالبروتينات ودهون أوميغا - 3 الصحية من جهة أخرى.
وأفادت بأن جميع أنواع الأسماك والحيوانات البحرية في الولايات المتحدة تم تقسيمها من ناحية مدى سلامتها للحوامل والأطفال والمُرضعات إلى 3 فئات، وأن فئة «الاختيارات الأفضل» تضم تقريباً 90 في المائة من أنواع الأسماك والحيوانات البحرية التي يتم تناولها عادة من قبل الناس في الولايات المتحدة. وتضمنت الإرشادات حث الناس بالعموم، والحوامل على وجه الخصوص، تناول حصتين أو 3 حصص غذائية من الأسماك والحيوانات البحرية من فئة «الاختيارات الأفضل» في كل أسبوع، وحثهم على تناول حصة غذائية واحدة من أنواع الأسماك التي تضمنتها فئة «الاختيارات الجيدة»، وحثهم على عدم تناول أسماك فئة «أسماك يجب تجنبها»، وهي التي تمثل نسبة ضئيلة من أنواع الأسماك.
والحصة الغذائية من الأسماك تعادل 4 أونصات، أي نحو 115 غراماً من لحم السمك النيئ. وأضافت إدارة الغذاء والدواء أن 50 في المائة من النساء الحوامل في الولايات المتحدة يتناولن حالياً كمية أقل من المنصوح به صحياً من السمك في الأسبوع، على الرغم من أن لحوم الأسماك تُوفر فوائد غذائية جمّة لضمان سلامة النمو والتطور خلال فترة الحمل للأجنة وللأطفال في بدايات مراحل الطفولة.
ومع ارتفاع الإصابات بأمراض القلب وارتفاع ضغط الدم والسمنة وغيرها، تبقى لحوم الأسماك أحد أفضل الاختيارات الصحية في تزويد الجسم بالبروتينات والمعادن والفيتامينات وأنواع عالية الجودة من الدهون. وتحت عنوان «توجه للسمك»، تقول رابطة القلب الأميركية (AHA) ما ملخصه: «الأسماك هي مصدر غذائي جيد للبروتينات، وبخلاف اللحوم الأخرى، لا تحتوي لحوم الأسماك على كميات عالية من الدهون المشبعة بل هي غنية بدهون أوميغا - 3 الصحية المفيدة لمرضى القلب ولقلب الأصحاء وأيضاً للناس الأعلى عُرضة للإصابة بأمراض القلب، وننصح بتناول أنواع الأسماك، وخصوصاً الأسماك الدهنية الغنية بدهون أوميغا - 3، مرتين على أقل تقدير في كل أسبوع. وأنواع الأسماك الدهنية مثل سمك السلمون والسردين والبلطي وغيره». وقالت الرابطة إن «الزئبق يتراكم بشكل أعلى في أنواع الأسماك الكبيرة في العمر، والكبيرة في الحجم، وفي منطقة جلد السمكة، ولدى الأنواع الثديية من الأسماك.
وتناول تشكيلة متنوعة من أنواع الأسماك المختلفة يُقلل من احتمالات الإصابة بتراكم المواد الضارة التي قد يتلوث بها لحم الأسماك، والتي منها الزئبق».


مقالات ذات صلة

دراسة: النباتيون أكثر عرضة للإصابة بالاكتئاب

صحتك أكواب من الحليب النباتي بجانب المكسرات (أرشيفية - إ.ب.أ)

دراسة: النباتيون أكثر عرضة للإصابة بالاكتئاب

تشير دراسة إلى أن النباتيين قد يكونون أكثر عرضة للاكتئاب؛ لأنهم يشربون الحليب النباتي.

«الشرق الأوسط» (لندن)
صحتك ما نعرفه عن «الميتانيوفيروس البشري» المنتشر في الصين

ما نعرفه عن «الميتانيوفيروس البشري» المنتشر في الصين

فيروس مدروس جيداً لا يثير تهديدات عالمية إلا إذا حدثت طفرات فيه

«الشرق الأوسط» (نيويورك)
صحتك تساهم المكسرات والأسماك الدهنية والخضراوات والفواكه في رفع مستويات الكوليسترول الجيد (أرشيفية- جامعة ناغويا)

أفضل الوجبات الصحية للعام الجديد

خلص خبراء إلى أن أفضل وجبة غذائية لعام 2025، هي الوجبة «المتوسطية» التي ترتبط بالعادات الغذائية لسكان منطقة حوض المتوسط.

«الشرق الأوسط» (سان فرنسيسكو)
صحتك فيروس رئوي قد يتسبب بجائحة عالمية play-circle 01:29

فيروس رئوي قد يتسبب بجائحة عالمية

فيروس تنفسي معروف ازداد انتشاراً

د. هاني رمزي عوض (القاهرة)
يوميات الشرق سرطان الكبد من بين السرطانات الأكثر شيوعاً في العالم (جامعة ييل)

الإفراط في تناول الدهون والسكر قد يدمر الكبد

حذّرت دراسة أميركية من أن الإفراط في تناول الدهون والسكريات يمكن أن يزيد من خطر الإصابة بسرطان الكبد، وذلك من خلال تدمير الحمض النووي في خلايا الكبد.

«الشرق الأوسط» (القاهرة)

فيروس رئوي قد يتسبب بجائحة عالمية

TT

فيروس رئوي قد يتسبب بجائحة عالمية

فيروس رئوي قد يتسبب بجائحة عالمية

أعادت الأخبار المتواترة عن انتشار الإصابة بفيروس «HMPV» إلى الأذهان المخاوفَ من حدوث جائحة عالمية جديدة تهدد الصحة وتتسبب في توقف عجلة الحياة مماثلة لجائحة «كوفيد» قبل 5 سنوات.

فيروس تنفسي معروف

الحقيقة أن هذا الفيروس الذي يصيب الجهاز التنفسي ليس نوعاً حديثاً من الفيروسات، لكن تم اكتشافه في عام 2001. وهناك بعض الآراء العلمية ترى أن الإصابة بالفيروس بدأت في منتصف القرن الماضي، لكن لم يتم رصدها قبل بداية الألفية الماضية.

ويشتق اسم الفيروس من الحروف الأولى باللغة الإنجليزية لجملة «الفيروس المتحور الرئوي البشري» (Human Metapneumovirus) التي تشير بوضوح إلى تأثيره على الجهاز التنفسي. ويطلق عليه علمياً: «فيروس التالي لالتهاب الرئة البشري» (الاسم العلمي: Human metapneumovirus) ومختصره «HMPV».

نحو 10 % من الأطفال يُصابون به دائماً

خلافاً للتصور العام لم يكن المرض نادراً وانتشر فجأة، وفي الأغلب هناك نسبة تتراوح بين 7 و10 في المائة من الأطفال على وجه التقريب تصاب به قبل بلوغهم عمر الخامسة ولكن يتم التعامل معه كما لو كان نزلة برد عادية.

وبالرغم من بساطة المرض فإن الإصابة تكون شديدة العنف في بعض الأشخاص، خصوصاً الذين يعانون من أمراض صدرية مزمنة مثل الربو الشعبي والسدة الرئوية المزمنة (COPD)، ويحدث لهم التهاب القصيبات الهوائية والتهاب رئوي حاد.

الأعراض

في الأغلب تكون الأعراض في الجزء الأعلى من الجهاز التنفسي، وتشبه نزلات البرد، مثل سيلان الأنف والعطس والسعال، ويمكن سماع الصفير، ويلاحظ ارتفاع بسيط في درجة الحرارة واحتقان في الحلق. ومعظم الحالات تكون خفيفة ولا تستمر أكثر من أسبوع.

ولكن الأطفال الصغار (أقل من 6 شهور) والبالغين فوق سن 65 عاماً والأشخاص الذين يعانون من ضعف في جهاز المناعة هم أكثر عرضة لحدوث مضاعفات وانتقال المرض إلى الجزء الأسفل من الجهاز التنفسي.

انتقال الفيروس

مثل معظم الفيروسات التنفسية، ينتشر فيروس «HMPV» من خلال استنشاق الهواء الملوث بالفيروس، سواء بشكل مباشر عند التعرض لرذاذ شخص مصاب عن طريق السعال والعطس والقبلات، أو التعرض غير المباشر لهذا الرذاذ عند المصافحة أو ملامسة الأسطح والأشياء الملوثة مثل الهواتف أو مقابض الأبواب أو لوحات مفاتيح المصاعد.

طرق الوقاية من العدوى

وهي الطرق نفسها التي كانت متبعة في جائحة «كوفيد»، والأمراض التنفسية بشكل عام، مثل البعد عن الزحام والتجمعات وتجنب القرب من أو لمس الأشخاص المصابين وارتداء الكمامة للأشخاص الأكثر عرضة للإصابة، وغسل الأيدي جيداً باستمرار بالماء والصابون. ويفضل عدم تناول الطعام إلا بعد طهيه بشكل جيد، وتناول الغذاء الصحي والفيتامينات التي من شأنها أن تعزز المناعة مثل فيتامين سي والزنك.

ويجب على الأشخاص المصابين بالمرض الحرص على سلامة الآخرين تبعاً لتعليمات منظمة الصحة العالمية (WHO) بضرورة البقاء في المنزل للمصابين بنزلة برد وتغطية الفم عند السعال وتجنب لمس الآخرين.

المعرضون أكثر للمضاعفات

بجانب الرضع وكبار السن، الأفراد الذين يعانون من أمراض مزمنة في الجهاز التنفسي، أو من أمراض من شأنها أن تضعف المناعة مثل المصابين بالأورام المختلفة والذين يتناولون علاجاً مثبطاً للمناعة بسبب الأمراض المناعية.

التشخيص

في الأغلب يعتمد التشخيص على التاريخ المرضي والأعراض الإكلينيكية التي تُعطي صورة جيدة عن حدة المرض، وفي حالة استمرار الأعراض أكثر من أسبوعين يمكن عمل أشعة على الصدر أو مسحة من الأنف أو الحلق وتحليلها في المعمل لرصد الفيروس.

العلاج

يكون موجهاً بشكل أساسي للأعراض مثل علاج خافض الحرارة، وتناول السوائل بشكل عام باستمرار لمنع الجفاف والسوائل الدافئة في حالة احتقان الحلق. ويمكن استخدام المسكنات البسيطة مثل «الباراسيتمول» في حالة الشعور بألم، وفي الأعراض العنيفة مثل ضيق التنفس وسرعته أو عدم القدرة على التنفس بسهولة يجب الذهاب إلى المستشفى.

وحتى هذه اللحظة لا توجد أي بيانات من المنظمات الطبية في الصين أو منظمة الصحة العالمية تشير إلى حدوث إصابات عنيفة بشكل جماعي من المرض أو وفيات بشكل وبائي.