مع دييغو ديلا فالي... مالك مجموعة «تودز»

يعجبني في زبون الشرق الأوسط أنه فرض أسلوبه وثقافته على صنّاع الموضة العالمية

جانب من محل الدار الجديد في «دبي مول»
جانب من محل الدار الجديد في «دبي مول»
TT

مع دييغو ديلا فالي... مالك مجموعة «تودز»

جانب من محل الدار الجديد في «دبي مول»
جانب من محل الدار الجديد في «دبي مول»

دييغو ديلا فالي، اسم مثل نار على علم. بدأ صغيرا في مجال الأحذية عندما أخذ على عاتقه توسيع شركة والده الصغيرة ونقلها إلى الولايات المتحدة. من هناك نجح في ترويج ما أصبح يعرف بـ«الأسلوب الإيطالي» اللصيق بمنتجات «تودز» إلى العالم، لتصبح رفيقة للطبقات الأوروبية الارستقراطية وعشاق الموضة من كل أنحاء العالم. علاقته بالزبون العربي ليست حديثة العهد كما يقول لكنه يريد أن يزيدها متانة وقوة. وبمناسبة افتتاحه محلا ضخما في «دبي مول» في بداية هذا الشهر، كانت لنا معه هذه الدردشة الجانبية تحدث فيها عن الديكور وتطلعاته ورأيه في زبون المنطقة:
- المحل الجديد بـ«دبي مول» يعكس صورة جديدة تماما. حرصنا أن يأتي بديكور خطوطه واضحة وواجهاته الزجاجية شفافة يمكن لأي أحد أن يرى ما في الداخل بسهولة. كانت فكرتنا الأساسية أن نخلق إحساسا مريحا لأننا نريد أن تكون المنتجات هي مركز الجذب أولا وأخيرا. أنا في محظوظ لأن كل ما في المحل جاء كما تصورته تماما، بفضل فريق عمل رائع يتكون من معماريين ومصممين هندسيين يعرفون تماما جينات الدار. لكن هذا لا يعني أني لم أتابع كل خطوات تطوره بنفسي رغم ثقتي التامة بمهارتهم. مهم جدا أن تأتي النتيجة رائعة، لأن ديكور أي محل هو انعكاس لصورة الشركة. لهذا فإن تصميم وديكورات أي محل في أي مكان من العالم يدخل في صميم استراتيجيتنا للمستقبل، وأعتقد أن هذه الأهمية تزيد في دبي ومنطقة الشرق الأوسط ككل، لأن المنافسة على أشدها.
- لا أعتقد أن ذوق الزبون العربي تغير بقدر ما تطور. فقد أثبت أنه ابن عصره. يتابع ما يجري في العالم بفضول واهتمام، لكنه في النهاية يأخذ ما يروق له حتى يطوعه ويجعله مناسبا لبيئته.
- العالم العربي يعيش عصرا ذهبيا فيما يخص الموضة وصناعة المنتجات المترفة. فلديه الآن مصممون كبار وصلوا إلى العالمية ومصممين شباب يتوقون إلى العالمية، كما فتحت الرياض أبوابها بتنظيم أول أسبوع موضة. وأنا سعيد بذلك لأنه يعكس تطلعات المنطقة وصورة إيجابية لهذا الزبون المعروف لدينا منذ عقود بأناقته وتقديره للموضة كصناعة وكأسلوب حياة.
- لا أحتاج أن أقوم بجُهد كبير لجذب الزبون العربي وكسب وده، فهو يعرفنا منذ عقود. بالعكس أعتقد أننا يمكن أن نتعلم منه دروسا قيمة عن كيف طوع الترف ليصبح جزءا من أسلوب حياته اليومية. ليس هذا فحسب، بل نجح في تحقيق المعادلة بين ثقافته ومواكبة العصر، إلى حد أنه فرض ثقافته على الغرب. وأكثر ما يشدني خلال أسفاري، يغض النظر عن المكان الذي أكون فيه، أني أرى نساء المنطقة في كامل أناقتهن لكن دائما بأسلوب يعكس ثقافتهن ويحترمها.
- هذا لا يعني أننا لن نعمل على إتقان لغة هذا الزبون لكي نتواصل معه بشكل جيد، وهو ما قد يكون بتوفير منتجات حصرية خاصة به، مثل التشكيلة الحصرية التي طرحناها له بمناسبة افتتاح محلنا الجديد بـ«دبي مول». وهي تشكيلة من أحذية «غومينو» الأيقونية موجهة للمرأة والرجل على حد سواء، استلهمنا ألوانها من رمال الإمارات المتحدة السبعة. فالأبيض مثلا يُمثل رأس الخيمة، والكريمي لون عجمان، والأصفر الخفيف الشارقة، بينما يمثل الأصفر إمارة أبوظبي، والأحمر المطفي دبي، والأزرق أم القيوين، والأسود الفجيرة.
- ما نُركز عليه في «تودز» أن لا تتبع إملاءات الموضة بأن تطرح منتجات أيقونية مثل مجموعة «غومينو» وغيرها. نعم نُخضعها للتطوير في كل موسم، وقد نُعدلها لتتناسب مع متطلبات منطقة معينة، لكنها تبقى مناسبة لكل زمان ومكان وصامدة في وجه التغيرات الموسمية.
- لا أنكر أن الاهتمام بسوق الشرق الأوسط زاد في الآونة الأخيرة لعدة أسباب منها أهميتها الاستراتيجية وقدرتها الشرائية. لنأخذ دبي مثلا، فهي واحدة من أهم المدن العالمية حاليا، بحيث لا يمكن ذكر نيويورك، لندن، طوكيو، باريس أو ميلانو من دون أن نذكرها. فهي جسر مهم يربط الشرق الأقصى بالغرب على مستوى السفر والتنقل. ثم لا ننسى أن زبون المنطقة يحب السفر واستكشاف العالم. وهذا ما يجعلني أعتقد بأنها سوق مهمة لا تزال تنمو، وهذا يعني أنها لم تُستثمر بالكامل بالنسبة لصناع الموضة ولا تزال تشكل فرصة مثالية لنا.
- عالم الموضة يتغير بسرعة صاروخية، وما يُحسب لنا أننا نحيد عن مبدئنا الرئيسي أن تبقى «تودز» صامدة في وجه التغيرات الموسمية، وهذا يعني أن هذه التغيرات لا تؤثر عليها بقدر ما تثير ملكة الإبداع لدى مصممينا. فتوجهات الموضة تتغير حتى تحافظ على عنصر الإثارة لكن الموضة بمعنى الأناقة تبقى للأبد. ثم لا يجب أن ننسى أن العالم ككل يتغير وليس الموضة وحدها. لنأخذ مثلا لغة التواصل مع الزبون فهي الآن تعتمد على الإنترنت ووسائل التواصل الاجتماعي بكل أشكالها. من واجبنا مواكبة هذه التغيرات، بتقديم أفكار ومنتجات تهم الزبون وباللغة التي يفهمها حتى نجذبه إلى محلاتنا ونسلط الضوء على الدار لجيل جديد. وهذا لا يتناقض مع مبادئنا فيما يخص تصميم منتجات كلاسيكية عصرية، لكن يواكب العصر فيما يخص ركوب موجة التواصل مع هؤلاء
- أحب التنويه هنا إلى أن «تودز» ليست عن الموضة فحسب، فالفن والثقافة عنصران لا يتجزآن من اهتماماتنا واستراتيجياتنا، انطلاقا من إيماني بأنهما من الموارد المهمة التي يجب الاستثمار فيها لإنعاش الاقتصاد الإيطالي. فمن واجبنا كصناع موضة وكرجال أعمال أن نحافظ على موروثاتنا لنقدمها لأجيال قادمة، وهذا ما تحاول إيطاليا القيام به في كل الأحوال إلى جانب بعض المبادرات الشخصية. في مجموعة «تودز» مثلا لا نتجاهل مسؤوليتنا الاجتماعية، التي بدأت عام 2011 بتأسيس لجنة مسرح لاسكالا بميلانو نعززها بتنظيم معارض يذهب ريعها إلى مؤسسات خيرية أو تمويلات على غرار ما قمنا به لترميم «الكوليسيوم»، وهي عملية تكلفت ما لا يقل عن 25 مليون يورو. وهذا يؤكد أن اهتماماتي مثل أعمالي متنوعة، لا تقتصر على «تودز»
- إيطاليا بلد رائع وأريده أن يبقى كذلك في عيون العالم بتلميع صورته قدر الإمكان. أتمنى أن يحذو رجال أعمال آخرون حذو «تودز» ويدعموا الفن الإيطالي لحمايته، لأنه لا يزال أمامنا الكثير لنقوم به.


مقالات ذات صلة

«ذا هايف»... نافذة «هارودز» على السعودية

لمسات الموضة جانب من جلسات العام الماضي في الرياض (هارودز)

«ذا هايف»... نافذة «هارودز» على السعودية

في ظل ما تمر به صناعة الترف من تباطؤ وركود مقلق أكدته عدة دراسات وأبحاث، كان لا بد لصناع الموضة من إعادة النظر في استراتيجيات قديمة لم تعد تواكب الأوضاع…

جميلة حلفيشي (لندن)
لمسات الموضة «موكا موس» له تأثير حسي دافئ ولذيذ من دون بهرجة (برونيللو كوتشينيللي)

درجة العام الجديد «موكا موس»… ما لها وما عليها

الألوان مثل العطور لها تأثيرات نفسية وعاطفية وحسية كثيرة، و«موكا موس» له تأثير حسي دافئ نابع من نعومته وإيحاءاته اللذيذة.

جميلة حلفيشي (لندن)
لمسات الموضة أنجلينا جولي في حفل «غولدن غلوب» لعام 2025 (رويترز)

«غولدن غلوب» 2025 يؤكد أن «القالب غالب»

أكد حفل الغولدن غلوب لعام 2025 أنه لا يزال يشكِل مع الموضة ثنائياً يغذي كل الحواس. يترقبه المصممون ويحضّرون له وكأنه حملة ترويجية متحركة، بينما يترقبه عشاق…

«الشرق الأوسط» (لندن)
لمسات الموضة لقطة أبدعت فيها «ديور» والمغنية لايدي غاغا في أولمبياد باريس (غيتي)

2024... عام التحديات

إلى جانب الاضطرابات السياسية والاقتصادية، فإن عودة دونالد ترمب للبيت الأبيض لا تُطمئن صناع الموضة بقدر ما تزيد من قلقهم وتسابقهم لاتخاذ قرارات استباقية.

جميلة حلفيشي (لندن)
لمسات الموضة ماثيو بلايزي مصمم «بوتيغا فينيتا» سابقاً (غيتي)

2024...عام الإقالات والتعيينات

تغييرات كثيرة شهدتها ساحة الموضة هذا العام، كانت من بينها إقالات واستقالات، وبالنتيجة تعيينات جديدة نذكر منها:

جميلة حلفيشي (لندن)

غادر هادي سليمان «سيلين» وهي تعبق بالدفء والجمال

توسعت الدار مؤخراً في كل ما يتعلق بالأناقة واللياقة لخلق أسلوب حياة متكامل (سيلين)
توسعت الدار مؤخراً في كل ما يتعلق بالأناقة واللياقة لخلق أسلوب حياة متكامل (سيلين)
TT

غادر هادي سليمان «سيلين» وهي تعبق بالدفء والجمال

توسعت الدار مؤخراً في كل ما يتعلق بالأناقة واللياقة لخلق أسلوب حياة متكامل (سيلين)
توسعت الدار مؤخراً في كل ما يتعلق بالأناقة واللياقة لخلق أسلوب حياة متكامل (سيلين)

بعد عدة أشهر من المفاوضات الشائكة، انتهى الأمر بفض الشراكة بين المصمم هادي سليمان ودار «سيلين». طوال هذه الأشهر انتشرت الكثير من التكهنات والشائعات حول مصيره ومستقبله. ولحد الآن لا يُحدد المصمم هذا المستقبل. لكن المؤكد أنه ضاعف مبيعات «سيلين» خلال الست سنوات التي قضاها فيها مديراً إبداعياً. غادرها وهي قوية ومخلفاً إرثاً لا يستهان به، يتمثل في تأسيسه قسماً جديداً للعطور ومستحضرات التجميل. فهو لم يكن يعتبر نفسه مسؤولاً عن ابتكار الأزياء والإكسسوارات فحسب، بل مسؤولاً على تجميل صورتها من كل الزوايا، ومن ثم تحسين أدائها.

العطور ومستحضرات التجميل جزء من الحياة ولا يمكن تجاهلهما وفق هادي سليمان (سيلين)

نجح وفق تقديرات المحللين في رفع إيراداتها من 850 مليون دولار حين تسلمها في عام 2018، إلى ما يقرب من 3.27 مليار دولار عندما غادرها. الفضل يعود إلى أسلوبه الرشيق المتراقص على نغمات الروك أند رول من جهة، وإدخاله تغييرات مهمة على «لوغو» الدار وإكسسواراتها من جهة أخرى. هذا عدا عن اقتحامه مجالات أخرى باتت جزءاً لا يتجزأ من الحياة المترفة تعكس روح «سيلين» الباريسية، مثل التجميل واللياقة البدنية.

اجتهد في رسم جمال الدار في عام 2023 وكأنه كان يعرف أن الوقت من ذهب (سيلين)

بعد عام تقريباً من تسلمه مقاليد «سيلين» بدأ يفكر في التوسع لعالم الجمال. طرح فعلاً مجموعة من العطور المتخصصة استوحاها من تجاربه الخاصة والأماكن التي عاش أو عمل فيها. استعمل فيها مكونات مترفة، ما ساهم في نجاحها. هذا النجاح شجعه على تقديم المزيد من المنتجات الأخرى، منها ما يتعلق برياضة الـ«بيلاتيس» زينها بـ«لوغو» الدار.

يعمل هادي سليمان على إرساء أسلوب حياة يحمل بصماته ونظرته للجمال (سيلين)

مستحضرات التجميل كان لها جُزء كبير في خطته. كان لا بد بالنسبة له أن ترافق عطوره منتجات للعناية بالبشرة والجسم تُعزز رائحتها وتأثيرها. هنا أيضاً حرص أن تشمل كل جزئية في هذا المجال، من صابون معطر يحمل رائحة الدار وكريمات ترطيب وتغذية إلى بخاخ عطري للشعر وهلم جرا.

في عام 2019 طرح مجموعة عطور متخصصة أتبعها بمنتجات للعناية بالبشرة والجسم (سيلين)

كانت هذه المنتجات البداية فقط بالنسبة له، لأنه سرعان ما أتبعها بمستحضرات ماكياج وكأنه كان يعرف أن وقته في الدار قصير. كان أول الغيث منها أحمر شفاه، قدمته الدار خلال أسبوع باريس الأخير. من بين ميزاته أنه أحمر شفاه يرطب ويلون لساعات من دون أن يتزحزح من مكانه. فهو هنا يراعي ظروف امرأة لها نشاطات متعددة وليس لديها الوقت الكافي لتجدده في كل ساعة.

بدأ بأحمر شفاه واحد حتى يجس نبض الشعر ويُتقن باقي الألوان لتليق باسم «سيلين» (سيلين)

حتى يأتي بالجودة المطلوبة، لم تتسرع الدار في طرح كل الألوان مرة واحدة. اكتفت بواحد هو Rouge Triomphe «روج تريومف» على أن تُتبعه بـ15 درجات ألوان أخرى تناسب كل البشرات بحلول 2025 إضافة إلى ماسكارا وأقلام كحل وبودرة وظلال خدود وغيرها. السؤال الآن هو هل ستبقى الصورة التي رسمها هادي سليمان لامرأة «سيلين» وأرسى بها أسلوب حياة متكامل يحمل نظرته للجمال، ستبقى راسخة أم أن خليفته، مايكل رايدر، سيعمل على تغييرها لكي يضع بصمته الخاصة. في كل الأحوال فإن الأسس موجودة ولن يصعب عليه ذلك.