إسرائيل تتراجع عن الاتفاق حول اللاجئين الأفارقة

المعارضة تعتبر موقف الحكومة {مسخرة}

لاجئون أفارقة وإسرائيليون يتظاهرون في القدس أمس (أ.ف.ب)
لاجئون أفارقة وإسرائيليون يتظاهرون في القدس أمس (أ.ف.ب)
TT

إسرائيل تتراجع عن الاتفاق حول اللاجئين الأفارقة

لاجئون أفارقة وإسرائيليون يتظاهرون في القدس أمس (أ.ف.ب)
لاجئون أفارقة وإسرائيليون يتظاهرون في القدس أمس (أ.ف.ب)

تحول الاتفاق حول قضية اللاجئين الأفارقة في إسرائيل، والتراجع عنه، وطريقة هذا التراجع، وما سبقه وتخلله وأعقبه، إلى موضوع سخرية لدى كل متابعي السياسة الإسرائيلية، حيث إن رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو، الذي أعلن عن الاتفاق بشكل احتفالي، هو نفسه الذي أعلن عن إلغاء الاتفاق بعد ساعات، بشكل احتفالي أيضاً! ثم قام بـ«زيارة ميدانية» إلى جنوب تل أبيب، حيث تقطن غالبية يهودية ممن يرفضون وجود اللاجئين، وراح من هناك يهاجم الاتفاق، ويعتبره سيئاً جداً، كما لو أنه ليس هو الذي وقعه.
وقد توجهت مفوضية الأمم المتحدة للاجئين، أمس (الثلاثاء)، إلى الحكومة الإسرائيلية، تطالبها بالتراجع عن تراجعها، والعودة لتنفيذ الاتفاق معها.
وكانت هذه القضية قد تدحرجت بطريقة عجيبة في اليومين الماضيين: ففي ظهيرة الاثنين، أعلن نتنياهو، في مؤتمر صحافي درامي، بمشاركة وزير داخليته أريه درعي، عن توصله إلى تفاهمات مع مفوضية الأمم المتحدة للاجئين بخصوص اللاجئين، يقضي بأن يغادر إسرائيل 16.250 طالب لجوء، ليتم استيعابهم في دول غربية، ولم يوضح ما هي الدول، لكن مصدراً في الخارجية الإسرائيلية ذكر أن من بينها كندا وإيطاليا وألمانيا.
واعتبر نتنياهو الاتفاق تاريخياً، وقال: «في البداية، طالبونا بأن نبقي في إسرائيل 3 من كل 4 لاجئين، فرفضنا. وبعد إصرارنا، توصلنا إلى اتفاق ينص على بقاء واحد مقابل كل واحد يغادر، وهذا يعني أن نحو 16 ألف طالب لجوء سيحصلون على مكانة في إسرائيل».
ويوجد في إسرائيل حالياً 39 ألف طالب لجوء أفريقي، ربعهم من السودان، وألف منهم من إثيوبيا وغيرها من الدول الأفريقية، والباقون من إريتريا، وبينهم 5 آلاف طفل. لكن الخطة تتحدث بشكل واضح عن 32.500 شخص، وهذا يعني أنه بقي هناك 6500 طالب لجوء لم يتم توضيح ما سيحدث لهم. وأوضح نتنياهو أن من بين الأسباب التي جعلت إسرائيل توافق على اتفاق التسوية تراجع رواندا وأوغندا عن الاتفاق معهما على استيعاب طالبي اللجوء. وشرح أنه كانت هناك صعوبة في العثور على دولة تستقبل طالبي اللجوء، خلافاً لرغبتهم.
وعلى الفور، رحبت التنظيمات التي كافحت من أجل إلغاء الطرد بالاتفاق، وخرج مئات اللاجئين الأفريقيين إلى شوارع المدن التي يوجدون فيها يحتفلون. وبالمقابل، خرج رفاق نتنياهو في الائتلاف الحكومي يهاجمون الاتفاق بشدة: فقال وزير التعليم نفتالي بينت، رئيس حزب المستوطنين (البيت اليهودي)، إن «الاتفاق هو استسلام مطلق لحملة كاذبة؛ منح مكانة لـ16 ألف متسلل في إسرائيل سيحول إسرائيل إلى جنة للمتسللين»؛ وقالت وزيرة القضاء أييلت شكيد إن الاتفاق يتناقض مع سياسة الحكومة بشكل صارخ؛ كما هاجمه حتى وزراء الليكود المخلصون لنتنياهو، مثل ميري ريغف التي قالت: «أنا لا أستطيع تحمل اتفاق كهذا»؛ وقال وزير المواصلات والمخابرات يسرائيل كاتس إن «القرار يعتبر سابقة خطيرة قد تنعكس على إسرائيل بطلبات أخرى في المستقبل (يقصد مطالب تتعلق باللاجئين الفلسطينيين)»؛ وهدد فرع حزب الليكود في تل أبيب بالانسحاب من الحزب بسبب هذا الاتفاق.
وبسرعة فاقت التصور، تراجع نتنياهو عن الاتفاق بعد الهجوم عليه، وأعلن تجميده بعد أقل من 4 ساعات من المؤتمر الصحافي، وتوجه إلى معارضي الاتفاق مبرراً تراجعه: «أصدقائي الأعزاء، أنا أصغي إليكم كما كنت دائماً. أولاً، أود منكم أن تفهموا مسار الأحداث: في العامين الماضيين، عملت مع رواندا لكي تكون (البلد الثالث) الذي سيستوعب المتسللين الذين سنطردهم إليها حتى من دون موافقتهم. هذه هي الطريقة القانونية الوحيدة التي تبقت لنا لإخراج المتسللين من دون موافقتهم، بعد أن رفضت المحكمة بقية تحركاتنا.
وهذه هي المرة الأولى التي يعترف فيها نتنياهو بأن رواندا هي الدولة الثالثة التي تنوي إسرائيل طرد طالبي اللجوء إليها.



ضربات في صعدة... والحوثيون يطلقون صاروخاً اعترضته إسرائيل

عناصر حوثيون يحملون صاروخاً وهمياً خلال مظاهرة في صنعاء ضد الولايات المتحدة وإسرائيل (أ.ب)
عناصر حوثيون يحملون صاروخاً وهمياً خلال مظاهرة في صنعاء ضد الولايات المتحدة وإسرائيل (أ.ب)
TT

ضربات في صعدة... والحوثيون يطلقون صاروخاً اعترضته إسرائيل

عناصر حوثيون يحملون صاروخاً وهمياً خلال مظاهرة في صنعاء ضد الولايات المتحدة وإسرائيل (أ.ب)
عناصر حوثيون يحملون صاروخاً وهمياً خلال مظاهرة في صنعاء ضد الولايات المتحدة وإسرائيل (أ.ب)

تبنّت الجماعة الحوثية إطلاق صاروخ باليستي فرط صوتي، زعمت أنها استهدفت به محطة كهرباء إسرائيلية، الأحد، وذلك بعد ساعات من اعترافها بتلقي ثلاث غارات وصفتها بالأميركية والبريطانية على موقع شرق مدينة صعدة؛ حيث معقلها الرئيسي شمال اليمن.

وفي حين أعلن الجيش الإسرائيلي اعتراض الصاروخ الحوثي، يُعد الهجوم هو الثاني في السنة الجديدة، حيث تُواصل الجماعة، المدعومة من إيران، عملياتها التصعيدية منذ نحو 14 شهراً تحت مزاعم نصرة الفلسطينيين في غزة.

وادعى يحيى سريع، المتحدث العسكري باسم الجماعة الحوثية، في بيان مُتَلفز، أن جماعته استهدفت بصاروخ فرط صوتي من نوع «فلسطين 2» محطة كهرباء «أوروت رابين» جنوب تل أبيب، مع زعمه أن العملية حققت هدفها.

من جهته، أعلن الجيش الإسرائيلي، في بيان، أنه «بعد انطلاق صفارات الإنذار في تلمي اليعازر، جرى اعتراض صاروخ أُطلق من اليمن قبل عبوره إلى المناطق الإسرائيلية».

ويوم الجمعة الماضي، كان الجيش الإسرائيلي قد أفاد، في بيان، بأنه اعترض صاروخاً حوثياً وطائرة مُسيّرة أطلقتها الجماعة دون تسجيل أي أضرار، باستثناء ما أعلنت خدمة الإسعاف الإسرائيلية من تقديم المساعدة لبعض الأشخاص الذين أصيبوا بشكل طفيف خلال هروعهم نحو الملاجئ المحصَّنة.

وجاءت عملية تبنِّي إطلاق الصاروخ وإعلان اعتراضه، عقب اعتراف الجماعة الحوثية باستقبال ثلاث غارات وصفتها بـ«الأميركية البريطانية»، قالت إنها استهدفت موقعاً شرق مدينة صعدة، دون إيراد أي تفاصيل بخصوص نوعية المكان المستهدَف أو الأضرار الناجمة عن الضربات.

مقاتلة أميركية على متن حاملة طائرات في البحر الأحمر (أ.ب)

وإذ لم يُعلق الجيش الأميركي على الفور، بخصوص هذه الضربات، التي تُعد الأولى في السنة الجديدة، كان قد ختتم السنة المنصرمة في 31 ديسمبر (كانون الأول) الماضي، باستهداف منشآت عسكرية خاضعة للحوثيين في صنعاء بـ12 ضربة.

وذكرت وسائل الإعلام الحوثية حينها أن الضربات استهدفت «مجمع العرضي»؛ حيث مباني وزارة الدفاع اليمنية الخاضعة للجماعة في صنعاء، و«مجمع 22 مايو» العسكري؛ والمعروف شعبياً بـ«معسكر الصيانة».

106 قتلى

مع ادعاء الجماعة الحوثية أنها تشن هجماتها ضد السفن في البحر الأحمر وخليج عدن وباتجاه إسرائيل، ابتداء من 19 نوفمبر (تشرين الثاني) 2023، في سياق مناصرتها للفلسطينيين في غزة، كان زعيمها عبد الملك الحوثي قد اعترف، في آخِر خُطبه الأسبوعية، الخميس الماضي، باستقبال 931 غارة جوية وقصفاً بحرياً، خلال عام من التدخل الأميركي، وأن ذلك أدى إلى مقتل 106 أشخاص، وإصابة 314 آخرين.

وكانت الولايات المتحدة قد أنشأت، في ديسمبر 2023، تحالفاً سمّته «حارس الازدهار»؛ ردّاً على هجمات الحوثيين ضد السفن في البحر الأحمر وخليج عدن، قبل أن تشنّ ضرباتها الجوية ابتداء من 12 يناير (كانون الثاني) 2024، بمشاركة بريطانيا في بعض المرات؛ أملاً في إضعاف قدرات الجماعة الهجومية.

دخان يتصاعد من موقع عسكري في صنعاء خاضع للحوثيين على أثر ضربة أميركية (أ.ف.ب)

واستهدفت الضربات مواقع في صنعاء وصعدة وإب وتعز وذمار، في حين استأثرت الحديدة الساحلية بأغلبية الضربات، كما لجأت واشنطن إلى استخدام القاذفات الشبحية، لأول مرة، لاستهداف المواقع الحوثية المحصَّنة، غير أن كل ذلك لم يمنع تصاعد عمليات الجماعة التي تبنّت مهاجمة أكثر من 211 سفينة منذ نوفمبر 2023.

وأدّت هجمات الحوثيين إلى إصابة عشرات السفن بأضرار، وغرق سفينتين، وقرصنة ثالثة، ومقتل 3 بحارة، فضلاً عن تقديرات بتراجع مرور السفن التجارية عبر باب المندب، بنسبة أعلى من 50 في المائة.

4 ضربات إسرائيلية

رداً على تصعيد الحوثيين، الذين شنوا مئات الهجمات بالصواريخ والطائرات المُسيرة باتجاه إسرائيل، ردّت الأخيرة بأربع موجات من الضربات الانتقامية حتى الآن، وهدد قادتها السياسيون والعسكريون الجماعة الحوثية بمصير مُشابه لحركة «حماس» و«حزب الله» اللبناني، مع الوعيد باستهداف البنية التحتية في مناطق سيطرة الجماعة.

ومع توقع أن تُواصل الجماعة الحوثية هجماتها، لا يستبعد المراقبون أن تُوسِّع إسرائيل ردها الانتقامي، على الرغم من أن الهجمات ضدها لم يكن لها أي تأثير هجومي ملموس، باستثناء مُسيَّرة قتلت شخصاً بعد انفجارها بشقة في تل أبيب يوم 19 يوليو (تموز) الماضي.

كذلك تضررت مدرسة إسرائيلية بشكل كبير، جراء انفجار رأس صاروخ، في 19 ديسمبر الماضي، وإصابة نحو 23 شخصاً جراء صاروخ آخر انفجر في 21 من الشهر نفسه.

زجاج متناثر في مطار صنعاء الدولي بعد الغارات الجوية الإسرائيلية (أ.ب)

واستدعت هذه الهجمات الحوثية من إسرائيل الرد، في 20 يوليو الماضي، مستهدفة مستودعات للوقود في ميناء الحديدة، ما أدى إلى مقتل 6 أشخاص، وإصابة نحو 80 آخرين.

وفي 29 سبتمبر (أيلول) الماضي، قصفت إسرائيل مستودعات للوقود في كل من الحديدة وميناء رأس عيسى، كما استهدفت محطتيْ توليد كهرباء في الحديدة، إضافة إلى مطار المدينة الخارج عن الخدمة منذ سنوات، وأسفرت هذه الغارات عن مقتل 4 أشخاص، وإصابة نحو 30 شخصاً.

وتكررت الضربات، في 19 ديسمبر الماضي؛ إذ شنّ الطيران الإسرائيلي نحو 14 غارة على مواني الحديدة الثلاثة، الخاضعة للحوثيين غرب اليمن، وعلى محطتين لتوليد الكهرباء في صنعاء؛ ما أدى إلى مقتل 9 أشخاص، وإصابة 3 آخرين.

وفي المرة الرابعة من الضربات الانتقامية في 26 ديسمبر الماضي، استهدفت تل أبيب، لأول مرة، مطار صنعاء، وضربت في المدينة محطة كهرباء للمرة الثانية، كما استهدفت محطة كهرباء في الحديدة وميناء رأس عيسى النفطي، وهي الضربات التي أدت إلى مقتل 6 أشخاص، وإصابة أكثر من 40، وفق ما اعترفت به السلطات الصحية الخاضعة للجماعة.