موسكو تشن حملة قوية على واشنطن ولندن... وتؤكد استعدادها للحوار

الكرملين: ترمب عرض عقد قمة مع بوتين في البيت الأبيض

لافروف يتحدث خلال مؤتمر صحافي بمناسبة زيارة نظيره البنغلاديشي إلى موسكو أمس (إ.ب.أ)
لافروف يتحدث خلال مؤتمر صحافي بمناسبة زيارة نظيره البنغلاديشي إلى موسكو أمس (إ.ب.أ)
TT

موسكو تشن حملة قوية على واشنطن ولندن... وتؤكد استعدادها للحوار

لافروف يتحدث خلال مؤتمر صحافي بمناسبة زيارة نظيره البنغلاديشي إلى موسكو أمس (إ.ب.أ)
لافروف يتحدث خلال مؤتمر صحافي بمناسبة زيارة نظيره البنغلاديشي إلى موسكو أمس (إ.ب.أ)

شنت موسكو حملة قوية على الولايات المتحدة وبريطانيا، واتهمتهما بـ«ترويج أكاذيب» في قضية تسميم العميل الروسي السابق سيرغي سكريبال وابنته يوليا، لكنها تركت الباب مواربا لفاتح حوار مع الطرفين، وأعلنت عن رغبتها في «نقاش هادئ وبناء» بعدما قدمت ما وصف بأنه «عرض محدد» للمساعدة في دفع التحقيقات البريطانية.
ووجّه وزير الخارجية الروسي، سيرغي لافروف، انتقادات لاذعة أمس لبريطانيا والولايات المتحدة و«الحلفاء» من البلدان الغربية، وقال إن «هذه البلدان تجاوزت كل الحدود، وباتت تلجأ إلى أكاذيب سافرة في تلفيق قضية سيرغي سكريبال».
وأعرب لافروف عن استياء بلاده بسبب «تعرضها لحملة واسعة من التضليل من جانب الغرب»، وزاد أن «لندن وواشنطن تقودان هذه الحملة، وهما تجاوزتا كل الحدود اللياقة فيها». وانتقد البلدان التي تضامنت مع بريطانيا وأعلنت تدابير ضد روسيا، وقال إنها «تتبع لندن بشكل أعمى».
وبرغم اللهجة القوية التي استخدمها، فإن لافروف تعمد ترك الباب مفتوحا للحوار، وقال إن موسكو «ترد بهدوء على كل ذلك، ونصرّ على أن أي اتهامات أو ادعاءات يجب أن تكون معززة بالقرائن». ولفت إلى أن موسكو خلافا للغرب لا تسعى لإغلاق قنوات الحوار، في إشارة إلى أن «من يطرد الدبلوماسيين الروس بذرائع مفبركة يسعى لتقليص فرص الحوار».
وتجنب لافروف الرد على سؤال حول آفاق التصعيد الحاصل بين روسيا والغرب، وكيف يمكن أن تتطور الأمور، مشيرا إلى أن «الحد الذي سنصل إليه جميعا، لا يتوقف علينا». وشدد على أنه لم تكن لدى روسيا أي دوافع لتسميم سيرغي سكريبال، مذكرا بتصريحات الرئيس الروسي فلاديمير بوتين حول أنه «لا يمكن إلا للمتحيز الذي يدبّر استفزازا مرعبا ومتهورا، أن يصر على أنه كانت لدى روسيا دوافعها وراء هذا الاستفزاز. وهذا ما يقوم به الزملاء البريطانيون». وسخر من احتمال أن تقوم روسيا بعملية استفزازية كبرى قبيل الانتخابات الرئاسية الروسية وكأس العالم لكرة القدم، مشيرا إلى أنه تم إطلاق سراح سكريبال في إطار صفقة تبادل للجواسيس، وأنه «لو كانت هناك أي تحفظات عليه من الجانب الروسي، لما شمله التبادل». وأضاف لافروف أن «هناك تفسيرات أخرى (لتسميم سكريبال) يتحدث عنها الخبراء، وترجح أن يكون ذلك من مصلحة الاستخبارات البريطانية، والحكومة البريطانية التي باتت في موقف محرج، بعد أن لم تف بوعودها أمام الناخبين بشأن شروط خروجها من الاتحاد الأوروبي»، مشيرا إلى أن «الأسباب قد تكون كثيرة، ولا يمكن تجاهلها».
وأعرب عن استيائه لتجاهل أو رفض الجانب البريطاني كافة مطالب موسكو بشأن منح إمكانية وصول الموظفين القنصليين الروس إلى سكريبال وابنته. وأشار لافروف إلى أن روسيا طرحت أسئلة محددة في قضية سكريبال، وذلك بالتوافق التام مع اتفاقية حظر الأسلحة الكيماوية، في إشارة إلى 13 سؤالا تقدمت بها بعثة روسيا لدى المنظمة الأممية حول آليات التحقيق في الملف والفرضيات التي يمكن الانطلاق منها. وأوضح أن «الأسئلة كثيرة، وإن عجز زملائنا البريطانيين عن الرد عليها، سيعني أن الأمر كله افتراء واستفزاز فظ».
وكان الممثل الدائم لروسيا في المجلس التنفيذي لمنظمة حظر الأسلحة الكيماوية ألكسندر شولغين، قال إن موسكو ستطرح خلال اجتماع المجلس المقرر بعد غد «عرضا واضحا» يساعد في التحقيق في واقعة سالزبوري. وأوضح في حوار نشرته أمس صحيفة «روسيسكايا غازيتا» الرسمية أن «المجلس التنفيذي سيعقد جلسة مغلقة بدعوة من روسيا»، معربا عن أمله في يجري النقاش بشكل مهني وبناء.
وحول طبيعة العرض الروسي قال المسؤول «إنه بسيط وواضح وسيساعد كثيرا في عملية التحقيق»، مشيرا إلى أن لروسيا مصلحة في كشف تفاصيل قضية سكريبال أكثر بكثير من بريطانيا.
على صعيد آخر، سار الكرملين خطوة أخرى في محاولة فتح حوار مع واشنطن برغم اللهجة الحادة التي ميزت تصريحات المسؤولين الروس في الفترة الأخيرة. وكشف مساعد الرئيس الروسي لشؤون السياسة الخارجية يوري أوشاكوف عن عرض تلقاه بوتين لزيارة واشنطن وعقد جلسة محادثات موسعة مع نظيره الأميركي دونالد ترمب تتناول كل الملفات العالقة بين الطرفين. وقال إن العرض قدم خلال مكالمة هاتفية أجراها ترمب مع بوتين في 20 من الشهر الماضي لتهنئته بالفوز في انتخابات الرئاسة، معربا عن أمل بعقد اللقاء رغم تفاقم الأزمة الدبلوماسية بين الطرفين وتبادل طرد الدبلوماسيين أخيرا. وأضاف أن ترمب لم يحدد سقفا زمنيا لاقتراحه، و«إذا كان كل شيء على ما يرام، فآمل ألا يتراجع الأميركيون عن مقترحهم بمناقشة إمكانية عقد القمة».
وأكد مساعد الرئيس الروسي أن موسكو تعتبر اجتماعا كهذا «إجراء مهما ومطلوبا لكلا البلدين والمجتمع الدولي كله». وعبّر أوشاكوف عن أمل في أن يبدأ البيت الأبيض في الإعداد للقاء وبأن «يعلق الأميركيون الخطوات التي اتخذوها انطلاقا من اتهامات غير مبررة.. مما سيتيح (التوجه نحو حوار جدي وبناء)».



هل يمكن رفع عقوبات الأمم المتحدة عن «هيئة تحرير الشام» والجولاني؟

أبو محمد الجولاني يتحدث في الجامع الأموي بدمشق 8 ديسمبر 2024 (أ.ب)
أبو محمد الجولاني يتحدث في الجامع الأموي بدمشق 8 ديسمبر 2024 (أ.ب)
TT

هل يمكن رفع عقوبات الأمم المتحدة عن «هيئة تحرير الشام» والجولاني؟

أبو محمد الجولاني يتحدث في الجامع الأموي بدمشق 8 ديسمبر 2024 (أ.ب)
أبو محمد الجولاني يتحدث في الجامع الأموي بدمشق 8 ديسمبر 2024 (أ.ب)

تخضع «هيئة تحرير الشام»، التي قادت قوات المعارضة للإطاحة بالرئيس السوري بشار الأسد، لعقوبات من الأمم المتحدة منذ فترة طويلة، وهو ما وصفه المبعوث الخاص للمنظمة الدولية إلى سوريا غير بيدرسون، بأنه «عامل تعقيد لنا جميعاً».

كانت «هيئة تحرير الشام» تُعرف في السابق باسم «جبهة النصرة»، الجناح الرسمي لتنظيم «القاعدة» في سوريا، حتى قطعت العلاقات بالتنظيم في عام 2016. ومنذ مايو (أيار) 2014، أُدرجت الجماعة على قائمة مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة لعقوبات تنظيمي «القاعدة» و«داعش»، كما فُرض عليها تجميد عالمي للأصول وحظر أسلحة.

ويخضع عدد من أعضاء «هيئة تحرير الشام» أيضاً لعقوبات الأمم المتحدة مثل حظر السفر، وتجميد الأصول، وحظر الأسلحة، ومنهم زعيمها وقائد إدارة العمليات العسكرية أحمد الشرع، المكنى «أبو محمد الجولاني»، المدرج على القائمة منذ يوليو (تموز) 2013.

وقال دبلوماسيون إنه لا يوجد حالياً أي مناقشات عن رفع العقوبات التي فرضتها الأمم المتحدة على الجماعة. ولا تمنع العقوبات التواصل مع «هيئة تحرير الشام».

لماذا تفرض الأمم المتحدة عقوبات على «هيئة تحرير الشام» والجولاني؟ (رويترز)

لماذا تفرض الأمم المتحدة عقوبات على «هيئة تحرير الشام» والجولاني؟

فرضت الأمم المتحدة عقوبات على «جبهة النصرة»، لأن الجماعة مرتبطة بتنظيم «القاعدة»، ولأنها كانت «تشارك في تمويل أو تخطيط أو تسهيل أو إعداد أو ارتكاب أعمال أو أنشطة» مع «القاعدة» أو دعماً لها وتستقطب أفراداً وتدعم أنشطة «القاعدة».

وجاء في قائمة العقوبات التي فرضتها الأمم المتحدة: «في يناير (كانون الثاني) 2017، أنشأت جبهة النصرة (هيئة تحرير الشام)، وسيلة لتعزيز موقعها في التمرد السوري وتعزيز أهدافها باعتبارها فرعاً لتنظيم (القاعدة) في سوريا»... ورغم وصف ظهور «هيئة تحرير الشام» بطرق مختلفة (على سبيل المثال كاندماج أو تغيير في الاسم)، فإن جبهة «النصرة» استمرت في الهيمنة والعمل من خلال «هيئة تحرير الشام» في السعي لتحقيق أهدافها.

وفُرضت عقوبات على الجولاني بسبب ارتباطه بتنظيم «القاعدة» وعمله معه.

كيف يمكن رفع عقوبات الأمم المتحدة؟

تستطيع أي دولة عضو في الأمم المتحدة في أي وقت تقديم طلب لرفع العقوبات عن كيان أو شخص إلى لجنة عقوبات تنظيمي «داعش» و«القاعدة» التابعة لمجلس الأمن الدولي المؤلف من 15 دولة.

وإذا جاء الطلب من دولة لم تقترح في البداية فرض عقوبات الأمم المتحدة، فإن اللجنة تتخذ القرار بالإجماع.

وإذا تقدمت الدولة التي اقترحت في البداية فرض العقوبات بطلب الشطب من القائمة، فسيمحى الاسم من القائمة بعد 60 يوماً، ما لم توافق اللجنة بالإجماع على بقاء التدابير.

لكن إذا لم يتم التوصل إلى إجماع، يستطيع أحد الأعضاء أن يطلب إحالة الطلب إلى مجلس الأمن للتصويت عليه في غضون 60 يوماً.

ولم تتضح بعد الدول التي اقترحت فرض عقوبات على جبهة «النصرة» والجولاني.

ويستطيع أيضاً الشخص أو الكيان الخاضع للعقوبات أن يطلب إزالة التدابير عن طريق الاتصال بأمين عام المظالم، وهو منصب أنشأه المجلس في عام 2009، ليقوم بمراجعة الطلب.

وإذا أوصى أمين عام المظالم بإبقاء اسم ما على القائمة، فسيظل مدرجاً على القائمة. وإذا أوصى أمين عام المظالم بإزالة اسم ما، فسترفع العقوبات بعد عملية قد تستغرق ما يصل إلى 9 أشهر، ما لم توافق اللجنة في وقت أسبق بالإجماع على اتخاذ إجراء أو الإحالة إلى المجلس لتصويت محتمل.

هل هناك استثناءات من العقوبات؟

يستطيع الأشخاص الخاضعون لعقوبات الأمم المتحدة التقدم بطلب للحصول على إعفاءات فيما يتعلق بالسفر، وهو ما تقرره اللجنة بالإجماع.

ويقول المجلس إن عقوباته «لا تستهدف إحداث عواقب إنسانية تضر بالسكان المدنيين».

وهناك استثناء إنساني للأمم المتحدة ومنظمات الإغاثة يسمح «بتوفير أو معالجة أو دفع الأموال أو الأصول المالية الأخرى أو الموارد الاقتصادية، أو توفير السلع والخدمات اللازمة لضمان تقديم المساعدات الإنسانية في الوقت المناسب، أو لمساندة الأنشطة الأخرى التي تدعم الاحتياجات الإنسانية الأساسية».