صحافة مصر الرياضية... أسسها جهينة و«شذّبها» المستكاوي ثم هددتها التكنولوجيا

اعتمدت في بداياتها على شرح التفاصيل ثم اتخذت منحى التحليل

كانت صياغة الأخبار الرياضية مختلفة إلى حد كبير عن المعروف الآن
كانت صياغة الأخبار الرياضية مختلفة إلى حد كبير عن المعروف الآن
TT

صحافة مصر الرياضية... أسسها جهينة و«شذّبها» المستكاوي ثم هددتها التكنولوجيا

كانت صياغة الأخبار الرياضية مختلفة إلى حد كبير عن المعروف الآن
كانت صياغة الأخبار الرياضية مختلفة إلى حد كبير عن المعروف الآن

«عقب المباراة دخل اللاعبون إلى غرفة الملابس لأخذ حمام ساخن للاغتسال ‏والراحة»، تفاصيل للأحداث الرياضية حرصت الصفحات الرياضية بالجرائد المصرية أن تغطيها عند انطلاقها في بدايات القرن العشرين، وسط غياب وسائل الإعلام الأخرى مثل الراديو والتلفزيون، والمواقع الإلكترونية ووسائل التواصل الاجتماعي - مؤخراً.
ومع الوقت، تطورت الصحافة الرياضية وأدخلت عليها بعض الصياغات الأدبية، ثم التحليلات لمواكبة التطور الحادث في صناعة الإعلام، إلا أنها لم تستطع مواجهة التطور الإلكتروني السريع، وأصبح وجودها، كباقي الفنون الصحافية، مهدداً من قبل مواقع التواصل الاجتماعي.
بدأت الصحافة الرياضية في مصر في بدايات القرن العشرين، وهناك من يمنح الفضل لجريدة «الأهرام» المصرية في نشأتها وتطورها، بينما يؤكد آخرون أنها بدأت قبل ذلك عبر صحافة متخصصة في بعض الرياضات الفردية، مثل الفروسية والملاكمة، إضافة إلى مجلات الأندية، حيث عرفت مصر الألعاب الرياضية مع دخول الإنجليز مصر عام 1882، وتم تأسيس أول فريق مصري لكرة القدم عام 1895.
يقول الناقد والصحافي الرياضي خالد توحيد لـ«الشرق الأوسط»: إنه «على غير الشائع والمعروف، فإن الصحافة الرياضية في مصر لم تبدأ في منتصف القرن العشرين، في جريدة (الأهرام)، بل بدأت قبل ذلك بكثير، حيث شهدت مصر صحافة رياضية متخصصة في الألعاب الفردية، فكانت هناك مجلة لسباقات الخيل، اسمها (السباق)، وكان هناك مجلات متخصصة في رياضة الملاكمة، وأخرى على مستوى الأندية»، مشيراً إلى أن «النادي الأهلي أصدر عام 1933 العدد الأول من النشرة الشهرية التي كانت توزع على أعضاء النادي».
بينما يرجع الكاتب الصحافي والناقد الرياضي حسن المستكاوي، الفضل في بداية الصحافة الرياضية في مصر إلى جريدة «الأهرام»، ويقول لـ«الشرق الأوسط»، إن «(الأهرام) هي أول صحيفة عربية تخصص مساحة للرياضة، حيث خصصت زاوية يومية في الصفحة الثانية تحت عنوان (الصحافة الرياضية) بدأتها في 4 نوفمبر (تشرين الثاني) 1922».
ورغم أن «الأهرام» هي من بدأت الاهتمام بها، فإنها كانت معارضة للرياضة في بداياتها واعتبرتها «بدعة إنجليزية»، ويقول المستكاوي إن «(الأهرام) نشرت في عددها الصادر يوم 26 يناير (كانون الثاني) عام 1898 مقالاً تحت عنوان (رياضة الأبدان ورياضة الأذهان)، اعتبرت فيه الرياضة (بدعة إنجليزية، ينشرها الاحتلال لتغيير طبائع الشعب)».
استمر هجوم الصحافة المصرية على الرياضة فترة طويلة حتى بدايات القرن العشرين. ويرجع الفضل في إنشاء مساحة للصحافة الرياضية في جريدة «الأهرام» إلى الصحافي الرياضي إبراهيم علام، الشهير باسم «جهينة»، حيث كتب في الصفحة الأولى بعدد جريدة «الأهرام» الصادر يوم 2 نوفمبر 1922، تحت عنوان «الرياضة البدنية والصحافة المصرية، يناشد الصحيفة تخصيص مساحة ثابتة للرياضة، وبالفعل وافق رئيس التحرير على طلبه، وبدأ علام زاوية «الألعاب الرياضية»، وكان يوقع فيها مستخدماً اسم «جهينة».
ويقول المستكاوي، إن «علام، الذي كان موظفاً في وزارة العدل، يعد رائد النقد الرياضي في مصر»، مشيراً إلى أن «الأخبار الرياضية كانت تنشر في مساحات صغيرة على استحياء». ويوضح الصحافي والناقد خالد توحيد، أن اللغة المستخدمة في ذلك الوقت كانت مختلفة إلى حد كبير، حيث كان الصحافيون يستخدمون كلمة «إصابة» للتعبير عن تسديد أهداف، كما أن المساحات المخصصة للرياضة صغيرة، وكانت تعتمد على الخبر بشكل أساسي.
ويضيف توحيد: إن «علام كتب جزءاً كبيراً من تاريخ الرياضة والكرة المصرية، ويعد مؤسس الصحافة الرياضية، في حين أدخل الناقد الراحل نجيب المستكاوي الطابع الأدبي على الصحافة الرياضية المصرية بعد ثورة يوليو (تموز) 1952، حيث كان أديباً، ويرجع الفضل للصحافي الرياضي محمود بدر الدين في تأسيس الدوري المصري لكرة القدم، وهو أول معلق رياضي في الإذاعة»..
اعتمدت الصحافة الرياضية في بداياتها على شرح تفاصيل الأحداث الرياضية، وشرح قوانين الألعاب المختلفة والتعريف بها، وخلق الوجود الأجنبي في مصر شكلاً من أشكال المنافسة بين الفرق المصرية والإنجليزية، ويقول المستكاوي، إن جريدة «الأهرام» حيث نشرت خبر فوز فريق المختلط لكرة القدم، (الزمالك حالياً)، على فريق الألسترز الإنجليزي في نوفمبر عام 1922، وقالت: «أمطر المصريون الفريق الإنجليزي بإصابة تلو الإصابة من جميل عثمان أفندي، ومن علي رياض أفندي ثانياً، والمدهش ثالثاً من محمد جبر أفندي، وهنا تبدد أمل الفريق الإنجليزي وخرج مجبراً على الاعتراف بتفوق حجازي بك وفرقته».
وحظيت مباريات القمة بين فريقي الأهلي والمختلط باهتمام الصحافة الرياضية منذ بدايتها، وكانت الصياغات مختلفة إلى حد كبير عن المعروف الآن، حيث جاءت نتيجة إحدى المباريات بالتعادل السلبي، فكتبت «الأهرام»: «كانت نتيجة المباراة تساوياً لفريقين دون أن يصيب أحدهما مرمى أخيه».
ولم يمنع الاهتمام بكرة القدم الصحافة الرياضية من الاهتمام بالرياضات الأخرى، فمثلاً كتبت جريدة «الأهرام» في عددها الصادر في 2 سبتمبر (أيلول) عام 1928 في صفحتها الأولى خبراً عن «أول سباح مصري يجتاز المانش»، وأطلقت عليه لقب «تمساح النيل»، كما اهتمت بدورة الألعاب الأولمبية في باريس عام 1924، وما تلاها من دورات.
ومع دخول الإذاعة والتلفزيون إلى الساحة بدأ التغيير يطرأ على التغطية الرياضية، ويقول المستكاوي: «في عام 1934 بدأت الإذاعة المصرية تنقل مباريات كرة القدم على الهواء مباشرة، وأصبح محمود بدر الدين صوتاً معروفاً، بينما جعل التلفزيون عام 1960 صوت محمد لطيف شهيراً ومعروفاً، بصفته معلقاً رياضياً على مباريات كرة القدم». ويضيف المستكاوي «مع دخول البث المباشر للمباريات أصبح الإخبار والوصف التفصيلي للمباريات غير ملائمين للصحافة الرياضية، وبدأ الاتجاه إلى التحليل وذكر أسباب الخبر».
واصلت الصحافة الرياضية في مصر نموها وتطورها بعد الثورة، وظهر نجيب المستكاوي الذي أعطاها الطابع الأدبي، حيث أسس قسماً رياضياً في جريدة «الأهرام»، ضم له الصحافيين كامل المنياوي، وإسماعيل البقري، وبدأ في عهده إطلاق المسميات على اللاعبين مثل المجري مصطفى عبده، والنفاثة ميمي الشربيني، وغيرهما. ويقول حسن المستكاوي، إن «أحد لاعبي فريق السكة الحديد، وكان يدعى خيشة، داعب والده نجيب لأنه لم يطلق عليه اسماً جديداً، فأجابه قائلاً: «وهل هناك أجدد من خيشة».
ومع ازدهار التلفزيون انتقل كثير من الصحافيين الرياضيين، وحتى الرياضيون أنفسهم إلى التلفزيون، وبدأت تظهر قنوات رياضية متخصصة تعرض المباريات وتقدم تحليلات للألعاب الرياضية يعلق عليها إما رياضيون معتزلون أو صحافيون رياضيون.
وشكل دخول الإنترنت والمواقع الإلكترونية ووسائل التواصل الاجتماعي، تحدياً جديداً للصحافة الرياضية، حيث أصبحت الأخبار الرياضية والتعليقات المصاحبة لها تنتشر فور حدوثها؛ مما زاد من العبء على الصحافة الرياضية التقليدية التي كانت تهتم بالخبر، ثم انتقلت إلى التحليل، الذي نافسها فيه التلفزيون، والآن تبحث عن طريق للخروج من الأزمة والحفاظ على بقائها. ويقول توحيد «هذه ليست أزمة صحافة رياضية فحسب، بل أزمة مهنة مهددة بالموت، بسبب منافسة المواقع الإلكترونية، فالصحافة الورقية تعاني أزمة حياة أو موت، لكن للأسف فإن كثيراً من الصحافيين لم يدركوا ذلك بعد، وما زالوا متمسكين بالصحافة الإخبارية».
ويضيف: «مفهوم الصحافة الخبرية انتهى منذ بدء البث المباشر في التلفزيون، ولم يعد مقبولاً أن تنشر الصحف نتيجة مباراة بعد 16 ساعة من حدوثها مثلا، بل يجب أن تتطور إلى التحليل العميق وكواليس المباريات حتى تجد جمهوراً يقرأها».
بينما يقول المستكاوي، إن «الجمهور لم يعد يقرأ وصف المباريات ربما من أكثر من 25 عاماً، فالدنيا تطورت، لكن للأسف العقل لم يتطور»، مطالباً بوضع آليات جديدة لتطوير الصحافة الرياضية والحفاظ على بقائها.
ورغم أن الصحافة الرياضية في مصر كانت وسيلة لظهور نجوم مثل «جهينة» و«بدر الدين» و«نجيب المستكاوي»، فإنها لم تعد كذلك الآن، ويقول حسن المستكاوي «لم تعد الصحافة الرياضية تصنع نجوماً؛ فالمواهب المبتكرة لم تعد موجودة»، بحسب رأيه.


مقالات ذات صلة

تونس والسنغال تتراجعان في تقرير «مراسلون بلا حدود» السنوي لحرية الصحافة

العالم العربي تونس والسنغال تتراجعان في تقرير «مراسلون بلا حدود» السنوي لحرية الصحافة

تونس والسنغال تتراجعان في تقرير «مراسلون بلا حدود» السنوي لحرية الصحافة

أظهر التقرير السنوي لحرية الصحافة لمنظمة «مراسلون بلا حدود»، اليوم الأربعاء، أن تونس والسنغال كانتا من بين الدول التي تراجعت في الترتيب، في حين بقيت النرويج في الصدارة، وحلّت كوريا الشمالية في المركز الأخير. وتقدّمت فرنسا من المركز 26 إلى المركز 24.

«الشرق الأوسط» (باريس)
العالم غوتيريش يندد باستهداف الصحافيين والهجوم على حرية الصحافة

غوتيريش يندد باستهداف الصحافيين والهجوم على حرية الصحافة

ندّد الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش اليوم (الثلاثاء)، باستهداف الصحافيين، مشيراً إلى أنّ «حرية الصحافة تتعرّض للهجوم في جميع أنحاء العالم». وقال في رسالة عبر الفيديو بُثّت عشية الذكرى الثلاثين لـ«اليوم العالمي لحرية الصحافة»، إن «كلّ حرياتنا تعتمد على حرية الصحافة... حرية الصحافة هي شريان الحياة لحقوق الإنسان»، وفقاً لما ذكرته وكالة الصحافة الفرنسية. وأضاف أن «حرية الصحافة تتعرّض للهجوم في جميع أنحاء العالم»، مشيراً إلى أنّه «يتمّ استهداف الصحافيين والعاملين في الإعلام بشكل مباشر عبر الإنترنت وخارجه، خلال قيامهم بعملهم الحيوي.

«الشرق الأوسط» (نيويورك)
العالم صحافي ليبرالي في الصين يواجه تهمة «التجسس»

صحافي ليبرالي في الصين يواجه تهمة «التجسس»

ذكرت جمعية تعنى بالدفاع عن وسائل الإعلام أن تهمة التجسس وجهت رسمياً لصحافي صيني ليبرالي معتقل منذ عام 2022، في أحدث مثال على تراجع حرية الصحافة في الصين في السنوات الأخيرة، حسبما أفادت «وكالة الصحافة الفرنسية». كان دونغ يويو، البالغ 61 عاماً والمعروف بصراحته، يكتب افتتاحيات في صحيفة «كلارتي» المحافظة (غوانغمينغ ريباو) التي يملكها الحزب الشيوعي الحاكم. وقد أوقف في فبراير (شباط) 2022 أثناء تناوله الغداء في بكين مع دبلوماسي ياباني، وفق بيان نشرته عائلته الاثنين، اطلعت عليه لجنة حماية الصحافيين ومقرها في الولايات المتحدة. وقالت وزارة الخارجية اليابانية العام الماضي إنه أفرج عن الدبلوماسي بعد استجو

«الشرق الأوسط» (بكين)
العالم العربي المغرب: أربعة من وزراء الإعلام السابقين يرفضون لجنة مؤقتة لمجلس الصحافة

المغرب: أربعة من وزراء الإعلام السابقين يرفضون لجنة مؤقتة لمجلس الصحافة

بدا لافتاً خروج أربعة وزراء اتصال (إعلام) مغاربة سابقين ينتمون إلى أحزاب سياسية مختلفة عن صمتهم، معبرين عن رفضهم مشروع قانون صادقت عليه الحكومة المغربية الأسبوع الماضي، لإنشاء لجنة مؤقتة لمدة سنتين لتسيير «المجلس الوطني للصحافة» وممارسة اختصاصاته بعد انتهاء ولاية المجلس وتعذر إجراء انتخابات لاختيار أعضاء جدد فيه. الوزراء الأربعة الذين سبق لهم أن تولوا حقيبة الاتصال هم: محمد نبيل بن عبد الله، الأمين العام لحزب «التقدم والاشتراكية» المعارض، ومصطفى الخلفي، عضو الأمانة العامة لحزب «العدالة والتنمية» المعارض أيضاً، والحسن عبيابة، المنتمي لحزب «الاتحاد الدستوري» (معارضة برلمانية)، ومحمد الأعرج، عضو

«الشرق الأوسط» (الرباط)
المشرق العربي «الجامعة العربية» تنتقد «التضييق» على الإعلام الفلسطيني

«الجامعة العربية» تنتقد «التضييق» على الإعلام الفلسطيني

انتقدت جامعة الدول العربية ما وصفته بـ«التضييق» على الإعلام الفلسطيني. وقالت في إفادة رسمية اليوم (الأربعاء)، احتفالاً بـ«يوم الإعلام العربي»، إن هذه الممارسات من شأنها أن «تشوّه وتحجب الحقائق». تأتي هذه التصريحات في ظل شكوى متكررة من «تقييد» المنشورات الخاصة بالأحداث في فلسطين على مواقع التواصل الاجتماعي، لا سيما في فترات الاشتباكات مع القوات الإسرائيلية.

«الشرق الأوسط» (القاهرة)

الانتخابات الرئاسية الأميركية عزّزت وضع «بلوسكاي» منافساً لـ«إكس»

العلامة التجارية لتطبيق «بلوسكاي» (أ.ف.ب.)
العلامة التجارية لتطبيق «بلوسكاي» (أ.ف.ب.)
TT

الانتخابات الرئاسية الأميركية عزّزت وضع «بلوسكاي» منافساً لـ«إكس»

العلامة التجارية لتطبيق «بلوسكاي» (أ.ف.ب.)
العلامة التجارية لتطبيق «بلوسكاي» (أ.ف.ب.)

يبدو أن انتخابات الرئاسة الأميركية، التي أُجريت يوم 5 نوفمبر (تشرين الثاني) الحالي، عزّزت مكانة منصة «بلوسكاي» منافساً رئيساً لـ«إكس»، ما أثار تساؤلات بشأن مستقبل المنصتين، ولمَن ستكون الغلبة في سباق منصات التواصل الاجتماعي للتنافس على زيادة عدد المستخدمين. وفي حين عدّ خبراء حاورتهم «الشرق الأوسط» أن «بلوسكاي» قد تكون «بديلاً» لـ«إكس»، فإن هؤلاء توقّعوا أن هذا التغير قد يحتاج لسنوات.

من جهتها، أفادت وكالة «أسوشييتد برس» الأميركية بأن منصة «بلوسكاي» شهدت زيادة مليون مستخدم جديد خلال الأسبوع الذي أعقب الانتخابات الأميركية، وعلّقت قائلة «في الوقت الراهن يبحث بعض مستخدمي (إكس) عن منصة بديلة للتفاعل مع الآخرين ونشر أفكارهم». أما صحيفة «الغارديان» البريطانية، فأوردت في تقرير نشرته منتصف الشهر الحالي، أن كثيراً من المستخدمين «يسعون الآن للهروب من (إكس)، وسط تحذيرات من زيادة خطاب الكراهية والمعلومات المضلّلة على المنصة». وحقاً، وفق «بلوسكاي» ارتفع عدد مشتركيها «من 10 ملايين في منتصف سبتمبر (أيلول) الماضي، إلى 16 مليون مستخدم حالياً».

رائف الغوري، المدرّب والباحث المتخصّص في الذكاء الاصطناعي التوليدي، أرجع ازدياد الإقبال على منصة «بلوسكاي» إلى «فقدان منصة (إكس) مكانتها تدريجياً». وأردف أن جاك دورسي نقل الخبرات والتجارب الناضجة لـ«تويتر» سابقاً و«إكس» عند تأسيس «بلوسكاي»، ما منح المنصة «عناصر قوة تظهر في مزايا اللامركزية، والخوارزميات التي يستطيع المستخدم أن يعدلها وفق ما يناسبه». وتابع: «انتخابات الرئاسة الأميركية كانت من أهم التواريخ بالنسبة لبلوسكاي في ظل ازدياد الإقبال عليها».ولذا لا يستبعد الغوري أن تصبح «بلوسكاي» بديلاً لـ«إكس»، لكنه يرى أن «هذا الأمر سيحتاج إلى وقت ربما يصل إلى سنوات عدة، لا سيما أن بلوسكاي حديثة العهد مقارنة بـ(إكس) التي أُسِّست في مارس (آذار) 2006، ثم إن هناك بعض المزايا التي تتمتع بها (إكس)، على رأسها، تمتعها بوجود عدد كبير من صنّاع القرار الاقتصادي والسياسي والفنانين والمشاهير حول العالم الذين لديهم رصيد واسع من المتابعين، وهذا عامل يزيد من صعوبة التخلي عنها».

ويشار إلى أن «بلوسكاي» تتمتع بسمات «إكس» نفسها، ويعود تاريخها إلى عام 2019 عندما أعلن جاك دورسي - وكان حينئذٍ لا يزال يشغل منصب المدير التنفيذي لـ«تويتر» («إكس» حالياً) - عن تمويل الشركة تطوير منصة تواصل اجتماعي مفتوحة ولا مركزية تحمل اسم «بلوسكاي». وفي فبراير (شباط) 2022 تحوّلت إلى شركة مستقلة، لتطلق نسختها التجريبية مع نهاية العام.

من جانبه، قال محمد الصاوي، الصحافي المصري المتخصص في شؤون الإعلام الرقمي، إن «منصة (بلوسكاي) في طريقها بالفعل للاستفادة من التغيّرات الجذرية التي تشهدها منصات كبيرة مثل (إكس)». وأوضح أن «النموذج اللامركزي الذي تعتمده (بلوسكاي) يمنحها ميزةً تنافسيةً ملحوظةً، لا سيما مع ازدياد الوعي حول الخصوصية والتحكم في البيانات، أضف إلى ذلك أن المستخدمين اليوم يبحثون عن منصات توفر لهم الأمان، لا سيما بعد التحوّلات الكبيرة التي شهدتها (إكس) تحت قيادة ماسك... ومن هذا المنطلق يبدو أن لدى (بلوسكاي) فرصة حقيقية للنمو، إذا استمرت في تعزيز مبادئها المتعلقة بالشفافية وحرية التعبير».

الصاوي أشار أيضاً إلى أن عمل ماسك مع ترمب قد يكون له تأثير مزدوج على منصة (إكس)، بشأن الرقابة على المحتوى، وقال: «إن العلاقة الحالية بينهما قد تدفع نحو تغييرات دراماتيكية في إدارة (إكس) وتوجهاتها المستقبلية، ما يزيد ويبرّر الحاجة إلى منصات بديلة أكثر استقلالية مثل (بلوسكاي)».