«الحنش» فيلم مغربي ينتقد ظواهر اجتماعية في قالب كوميدي

المخرج إدريس المريني: مشروعي السينمائي المقبل يكتسي بعداً فلسفياً

ملصق فيلم الحنش
ملصق فيلم الحنش
TT

«الحنش» فيلم مغربي ينتقد ظواهر اجتماعية في قالب كوميدي

ملصق فيلم الحنش
ملصق فيلم الحنش

بحضور جمهور أغلبه من رجال ونساء الثقافة والفن والإعلام، شهدت المكتبة الوطنية بمدينة الرباط، أخيرا تقديم فيلم «الحنش» لمخرجه إدريس المريني، بمناسبة الإعلان عن انطلاق عرضه في قاعة «الفن السابع» للعاصمة السياسية للمملكة، وسط إقبال جماهيري ملحوظ.
وفي العادة يطلق لقب «الحنش» (الثعبان) بشكل رمزي في الدارجة المغربية تلميحا لكل من يشتغل في صفوف الأمن، ومن هنا جاء عنوان هذا الفيلم، وهو من سيناريو عبد الإله الحمدوشي.
وعلى امتداد عرضه، ظلت القاعة تهتز بالضحك بين لحظة وأخرى، نظرا للإطار الكوميدي الذي تجري فيه أحداث الفيلم، ويحكي قصة شاب مغربي عاطل ينتحل صفة شرطي كوسيلة لكسب رزقه بطريقة غير مشروعة، وانتقاما في نفس الوقت لمعاناة والدته البائعة المتجولة مع تعسف الشرطة، كما عايش ذلك وهو صغير السن، وظل ذلك راسخا في ذاكرته. وقام بالدور الرئيسي للفيلم الممثل المغربي عزيز دادس، بشكل أبان فيه عن تمكنه من استيعاب شخصية رجل الشرطة، مع بعض الإضافات أو المبالغات التي تروم إضفاء طابع السخرية على أدائه الفني.
تتطور الأحداث ليجد الشرطي المزيف نفسه وراء القضبان بتهمة النصب والاحتيال عقب الإيقاع به من طرف ضابطة شرطة، وهو الدور الذي جسدته بشكل مقنع الممثلة ماجدولين الإدريسي، في تلميح بارز إلى أهمية ورمزية الحضور المتزايد للمرأة المغربية في صفوف الأمن إلى جانب الرجل.
ومن خلال البناء الفني للشريط السينمائي «الحنش»، وما تحفل به من لقطات ومشاهد كوميدية، تبرز مجموعة من الظواهر السلبية التي تطفو فوق السطح في المجتمع المغربي، مثل الرشوة والفساد وغيرهما في كثير من المؤسسات.
تم تصوير الفيلم الذي يبدو واضحا أنه موجه إلى الجمهور بمختلف أطيافه الاجتماعية، في مدينتي الرباط وسلا، وقد ظهرت معالمهما ومآثرهما السياحية بصورة جد مشرقة بخلفية في منتهى الجمال.
شارك في الفيلم، إلى جانب عزيز داداس وماجدولين الإدريسي، عدد من الممثلين والممثلات الذين استطاعوا في إطار من التجانس والتناغم تقديم فرجة سينمائية ممتعة، ضمنهم فضيلة بنموسى وعبد الرحيم الصمدي ومحسن مالزي وزهور السليماني وعبد الغني الصناك.
وفي تصريح لـ«الشرق الأوسط»، قال المخرج إدريس المريني الذي بدا منتشيا بنجاح فيلمه على مستوى الرواج في القاعات، إن مشروعه السينمائي المقبل الذي سيشتغل عليه لاحقا، سيكون مخالفا تماما لشريط «الحنش».
وكشف أن مضمونه يكتسي بعدا فلسفيا، مشيرا إلى أن عنوانه هو «جبل موسى»، وهو في الأصل مأخوذ من رواية تحمل نفس العنوان للكاتب المغربي عبد الرحيم بهير، الذي سبق له أن أنجز مجموعة من الأعمال التلفزيونية والإبداعية.
من جهتها، عبرت إيمان المصباحي، موزعة الفيلم، عن إحساسها بالسعادة والحزن في نفس الوقت، موضحة أنها سعيدة بما حصل عليه الفيلم من إقبال من طرف الجمهور، لكونه موجه إلى الجميع، وخال من العبارات الخادشة للحياء، وحزينة لمحدودية عدد القاعات السينمائية في المغرب، مما يحول دون أن يأخذ أي فيلم جديد فرصته كاملة في العرض.
يشار إلى أن فيلم «الحنش» هو رابع عمل سينمائي للمخرج إدريس المريني، بعد فيلمه الأول «بامو» عن الكفاح في المغرب من أجل الحرية، و«العربي» عن أسطورة الكرة المغربية العربي بنمبارك، و«عائدة»، قصة دراما عاطفية تركت استحسانا في نفوس متذوقي الفن السابع.



بارود «النار بالنار» موهبة صاعدة لفتت المشاهد

عابد فهد وتيم عزيز في مشهد من «النار بالنار» (خاص تيم)
عابد فهد وتيم عزيز في مشهد من «النار بالنار» (خاص تيم)
TT

بارود «النار بالنار» موهبة صاعدة لفتت المشاهد

عابد فهد وتيم عزيز في مشهد من «النار بالنار» (خاص تيم)
عابد فهد وتيم عزيز في مشهد من «النار بالنار» (خاص تيم)

منذ الحلقة الأولى لمسلسل «النار بالنار» لفت تيم عزيز المشاهد في دور (بارود). فهو عرف كيف يتقمص شخصية بائع اليانصيب (اللوتو) بكل أبعادها. فألّف لها قالباً خاصاً، بدأ مع قَصة شعره ولغة جسده وصولاً إلى أدائه المرفق بمصطلحات حفظها متابع العمل تلقائياً.
البعض قال إن دخول تيم عزيز معترك التمثيل هو نتيجة واسطة قوية تلقاها من مخرج العمل والده محمد عبد العزيز، إلا أن هذا الأخير رفض بداية مشاركة ابنه في العمل وحتى دخوله هذا المجال. ولكن المخرج المساعد له حسام النصر سلامة هو من يقف وراء ذلك بالفعل. ويقول تيم عزيز لـ«الشرق الأوسط»: «حتى أنا لم أحبذ الفكرة بداية. لم يخطر ببالي يوماً أن أصبح ممثلاً. توترت كثيراً في البداية وكان همي أن أثبت موهبتي. وفي اليوم الخامس من التصوير بدأت ألمس تطوري».
يحدثك باختصار ابن الـ15 سنة ويرد على السؤال بجواب أقصر منه. فهو يشعر أن الإبحار في الكلام قد يربكه ويدخله في مواقف هو بغنى عنها. على بروفايل حسابه الإلكتروني «واتساب» دوّن عبارة «اخسر الجميع واربح نفسك»، ويؤكد أن على كل شخص الاهتمام بما عنده، فلا يضيع وقته بما قد لا يعود ربحاً عليه معنوياً وفي علاقاته بالناس. لا ينكر أنه بداية، شعر بضعف في أدائه ولكن «مو مهم، لأني عرفت كيف أطور نفسي».
مما دفعه للقيام بهذه التجربة كما يذكر لـ«الشرق الأوسط» هو مشاركة نجوم في الدراما أمثال عابد فهد وكاريس بشار وجورج خباز. «كنت أعرفهم فقط عبر أعمالهم المعروضة على الشاشات. فغرّني الالتقاء بهم والتعاون معهم، وبقيت أفكر في الموضوع نحو أسبوع، وبعدها قلت نعم لأن الدور لم يكن سهلاً».
بنى تيم عزيز خطوط شخصيته (بارود) التي لعبها في «النار بالنار» بدقة، فتعرف إلى باعة اليناصيب بالشارع وراقب تصرفاتهم وطريقة لبسهم وأسلوب كلامهم الشوارعي. «بنيت الشخصية طبعاً وفق النص المكتوب ولونتها بمصطلحات كـ(خالو) و(حظي لوتو). حتى اخترت قصة الشعر، التي تناسب شخصيتي، ورسمتها على الورق وقلت للحلاق هكذا أريدها».
واثق من نفسه يقول تيم عزيز إنه يتمنى يوماً ما أن يصبح ممثلاً ونجماً بمستوى تيم حسن. ولكنه في الوقت نفسه لا يخفي إعجابه الكبير بالممثل المصري محمد رمضان. «لا أفوت مشاهدة أي عمل له فعنده أسلوبه الخاص بالتمثيل وبدأ في عمر صغير مثلي. لم أتابع عمله الرمضاني (جعفر العمدة)، ولكني من دون شك سأشاهد فيلمه السينمائي (هارلي)».
لم يتوقع تيم عزيز أن يحقق كل هذه الشهرة منذ إطلالته التمثيلية الأولى. «توقعت أن أطبع عين المشاهد في مكان ما، ولكن ليس إلى هذا الحد. فالناس باتت تناديني باسم بارود وتردد المصطلحات التي اخترعتها للمسلسل».
بالنسبة له التجربة كانت رائعة، ودفعته لاختيار تخصصه الجامعي المستقبلي في التمثيل والإخراج. «لقد غيرت حياتي وطبيعة تفكيري، صرت أعرف ماذا أريد وأركّز على هدف أضعه نصب عيني. هذه التجربة أغنتني ونظمت حياتي، كنت محتاراً وضائعاً أي اختصاص سأدرسه مستقبلاً».
يرى تيم في مشهد الولادة، الذي قام به مع شريكته في العمل فيكتوريا عون (رؤى) وكأنه يحصل في الواقع. «لقد نسيت كل ما يدور من حولي وعشت اللحظة كأنها حقيقية. تأثرت وبكيت فكانت من أصعب المشاهد التي أديتها. وقد قمنا به على مدى يومين فبعد نحو 14 مشهداً سابقاً مثلناه في الرابعة صباحاً صورنا المشهد هذا، في التاسعة من صباح اليوم التالي».
أما في المشهد الذي يقتل فيه عمران (عابد فهد) فترك أيضاً أثره عنده، ولكن هذه المرة من ناحية الملاحظات التي زوده بها فهد نفسه. «لقد ساعدني كثيراً في كيفية تلقف المشهد وتقديمه على أفضل ما يرام. وكذلك الأمر بالنسبة لكاريس بشار فهي طبعتني بحرفيتها. كانت تسهّل علي الموضوع وتقول لي (انظر إلى عيني). وفي المشهد الذي يلي مقتلها عندما أرمي الأوراق النقدية في الشارع كي يأخذها المارة تأثرت كثيراً، وكنت أشعر كأنها في مقام والدتي لاهتمامها بي لآخر حد»
ورغم الشهرة التي حصدها، فإن تيم يؤكد أن شيئاً لم يتبدل في حياته «ما زلت كما أنا وكما يعرفني الجميع، بعض أصدقائي اعتقد أني سأتغير في علاقتي بهم، لا أعرف لماذا؟ فالإنسان ومهما بلغ من نجاحات لن يتغير، إذا كان معدنه صلباً، ويملك الثبات الداخلي. فحالات الغرور قد تصيب الممثل هذا صحيح، ولكنها لن تحصل إلا في حال رغب فيها».
يشكر تيم والده المخرج محمد عبد العزيز لأنه وضع كل ثقته به، رغم أنه لم يكن راغباً في دخوله هذه التجربة. ويعلق: «استفدت كثيراً من ملاحظاته حتى أني لم ألجأ إلا نادراً لإعادة مشهد ما. لقد أحببت هذه المهنة ولم أجدها صعبة في حال عرفنا كيف نعيش الدور. والمطلوب أن نعطيها الجهد الكبير والبحث الجدّي، كي نحوّل ما كتب على الورق إلى حقيقة».
ويشير صاحب شخصية بارود إلى أنه لم ينتقد نفسه إلا في مشاهد قليلة شعر أنه بالغ في إبراز مشاعره. «كان ذلك في بداية المسلسل، ولكن الناس أثنت عليها وأعجبت بها. وبعدما عشت الدور حقيقة في سيارة (فولسفاكن) قديمة أبيع اليانصيب في الشارع، استمتعت بالدور أكثر فأكثر، وصار جزءاً مني».
تيم عزيز، الذي يمثل نبض الشباب في الدراما اليوم، يقول إن ما ينقصها هو تناول موضوعات تحاكي المراهقين بعمره. «قد نجدها في أفلام أجنبية، ولكنها تغيب تماماً عن أعمالنا الدرامية العربية».