الحريري يواجه 8 لوائح في بيروت تهدد بتشتيت الصوت السنّي

بيضون يحذّر من دور سلاح «حزب الله»

حفلة أقامها مواطنون من بيروت على شرف رئيس الوزراء سعد الحريري الأسبوع الماضي (دالاتي ونهرا)
حفلة أقامها مواطنون من بيروت على شرف رئيس الوزراء سعد الحريري الأسبوع الماضي (دالاتي ونهرا)
TT

الحريري يواجه 8 لوائح في بيروت تهدد بتشتيت الصوت السنّي

حفلة أقامها مواطنون من بيروت على شرف رئيس الوزراء سعد الحريري الأسبوع الماضي (دالاتي ونهرا)
حفلة أقامها مواطنون من بيروت على شرف رئيس الوزراء سعد الحريري الأسبوع الماضي (دالاتي ونهرا)

يخوض تيار «المستقبل» معركة قاسية في دائرة بيروت الثانية، مرتكزاً إلى عاملين، الأول أنها دائرة رئيسه ورئيس الحكومة سعد الحريري، بحيث تشكّل نتائجها اختباراً حقيقياً لمدى ولاء العاصمة لخياراته السياسية والوطنية، والثاني إثبات أن الحريري هو الرقم الصعب، عبر تحجيم كلّ خصومه الذين تسابقوا على تشكيل لوائح لمنافسته وتقليص نفوذه، وبالتالي محاولة تحجيمه شعبياً وسياسياً، مستخدمين شعارات تتهمه بـ«تقديم مزيد من التنازلات السياسية التي تخدم مشروع (حزب الله) ومحور الممانعة».
وتتنافس في «بيروت الثانية» تسع لوائح هي لائحة «المستقبل» برئاسة الحريري، لائحة «وحدة بيروت» بقيادة الثنائي الشيعي (أمل و«حزب الله») المتحالف مع «جمعية المشاريع» (الأحباش) و«التيار الوطني الحر»، لائحة «لبنان حرزان» برئاسة رجل الأعمال فؤاد مخزومي، لائحة «صوت الناس» وتضمّ تحالف «حركة الشعب»: «المرابطون» وتجمّع «بدنا نحاسب»، لائحة «بيروت الوطن» برئاسة صلاح سلام (صاحب صحيفة «اللواء»: «لائحة المعارضة البيروتية» التي شكّلها الوزير السابق أشرف ريفي، لائحة «كلنا بيروت» وهي لائحة المجتمع المدني، ولائحة «كرامة بيروت» التي يرأسها القاضي المتقاعد خالد حمود.
ورغم ترجيح الكفّة لصالح لائحة الحريري والتي يتوقع أن تحصد أكثر من نصف مقاعد الدائرة (11 مقعداً نيابياً)، فإن قياديا في تيّار «المستقبل» اعترف لـ«الشرق الأوسط»، بأن «اللائحة الوحيدة المنافسة جزئياً للتيار، هي لائحة الثنائي الشيعي، المرجّح أن تحدث خرقاً بمقعدين أو ثلاثة، لكنّها ستحكم بسقوط أوراق اللوائح الأخرى في العدم»، مؤكداً أن اللوائح الأخرى «لم تتشكّل رغبة في تغيير مزعوم أو إنماء موعود للعاصمة، بقدر ما تهدف إلى إضعاف سعد الحريري، وإظهار تراجع تأييده في الشارع السنّي خصوصاً في العاصمة».
لكنّ ثمّة من يتخوّف من تزوير في الانتخابات يقلب النتائج رأساً على عقب، في غياب أي رقابة على الفريق الشيعي، وفق ما أكد لـ«الشرق الأوسط» النائب والوزير السابق محمد عبد الحميد بيضون، الذي نبّه إلى أن «مراكز الاقتراع التي يقترع فيها الناخبون الشيعة في بيروت، محكومة بسلاح الميليشيات، ولن يقدر أحد على دخولها ومراقبتها». وأعطى أمثلة على ذلك «مناطق وأحياء زقاق البلاط، خندق الغميق، البسطة، حي اللجأ ومار إلياس وغيرها».
وقال بيضون وهو سياسي شيعي مناهض لـ«حزب الله»، إن «أي انتخابات تخضع لمنطق السلاح هي انتخابات مزورة بامتياز». وتوقع أن «تنجح لائحة الثنائي الشيعي بخرق لائحة «المستقبل» بثلاثة مقاعد بالحدّ الأدنى، شيعيان وسنّي واحد، أو شيعي وسنيان». وشدد على أن «هدف (حزب الله) منذ إقرار هذا القانون، هو الحصول على كتلة سنيّة وازنة، وتقسيم السنة إلى ثلاث فئات، فئة معه وفئة مع سعد الحريري والثالثة من المستقلين، مثل نجيب ميقاتي وأشرف ريفي وعبد الرحيم مراد وشخصيات أخرى»، مؤكداً أن «لا شرعية لانتخابات ما لم تجر بإشراف دولي فاعل».
وتضم بيروت الثانية 11 مقعداً نيابياً، 6 سنة، 2 شيعة، درزي واحد، أرثوذكسي واحد ونائب من الطائفة الإنجيلية (أقليات)، وأشار القيادي في تيار «المستقبل»، إلى أن «اللوائح السبع الأخرى، التي ترأسها شخصيات سنيّة، لن تحقق أي حاصل انتخابي، ومن المستبعد أن تفوز بأي معقد، وفق كلّ الاستطلاعات الرأي الأخيرة، لكنها ستحقق لأصحابها إنجازاً وحيداً، هو توزيع الأصوات السنية على هذه اللوائح وإن بنسب ضئيلة، لإظهار أن نواب (المستقبل) فازوا بحاصل أقلّ من المتوقع، أي ما بين 11 و12 ألف صوت للنائب الفائز، مقابل 15 ألف صوت للفائزين في لائحة الثنائي الشيعي، من أجل إعطاء هذه الأرقام تفسيرات في السياسة لا في النتائج»، متوقعاً أن تخرق لائحة حلفاء النظام السوري بمعقد سنّي واحد مع مقعد شيعي أو الاثنين معاً، لكن ذلك يتوقف على مزاج الناخب الشيعي في بيروت، الذي يترجم خياره ما إذا كان مع خيارات «حزب الله» وسلاحه وقتاله في الخارج، أو أنه مع مشروع الدولة ومؤسساتها الشرعية التي يمثلها سعد الحريري.
هذه الاستنتاجات خالفها الرأي رئيس لائحة «كرامة بيروت» القاضي خالد حمود، الذي ذكّر بأن «القانون النسبي أتاح لكل القوى إمكانية الوصول إلى الندوة البرلمانية، وألغى حتمية فوز لائحة بكاملها». وأكد لـ«الشرق الأوسط»، أن لائحته «تصنّف ثالث لائحة من حيث القوة بعد لائحتي السلطة (المستقبل والثنائي الشيعي)، وهي تتمتع بقاعدة شعبية، لأن مرشحيها يمثلون العائلات البيروتية العريقة، وقدّمت وجوهاً مقرّبة من الناس». وقال: «لائحتنا تضّم أكبر عدد من الشباب أمل المستقبل، بينهم أطباء ومحامون وسيدات مجتمع، من الأوفياء لمدينتهم وعاصمتهم».
وشدد القاضي حمود على أن اللائحة «لديها برنامج عمل واضح، ينطلق من تغيير النهج القائم الذي وضع لبنان على شفير الانهيار»، مذكراً بأن «أكبر مسؤول في الدولة (رئيس الجمهورية ميشال عون) أعلن قبل أيام قليلة، أن البلد ذاهب نحو الإفلاس، وللأسف يبدو أن هناك انهياراً مالياً واجتماعياً وحتى أخلاقياً لا بد من معالجته بشباب يحملون فكر التغيير الحقيقي».



3 مقترحات يمنية أمام مجلس الشيوخ الأميركي لإسناد الشرعية

رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني يلتقي في الرياض الأحد مسؤولين أميركيين (سبأ)
رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني يلتقي في الرياض الأحد مسؤولين أميركيين (سبأ)
TT

3 مقترحات يمنية أمام مجلس الشيوخ الأميركي لإسناد الشرعية

رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني يلتقي في الرياض الأحد مسؤولين أميركيين (سبأ)
رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني يلتقي في الرياض الأحد مسؤولين أميركيين (سبأ)

قدمت الحكومة اليمنية عبر سفارتها في واشنطن 3 مقترحات أمام مجلس الشيوخ الأميركي لإسناد الشرعية في مواجهة الجماعة الحوثية المدعومة من إيران، في حين تحدثت الجماعة، الأحد، عن غارة ضربت موقعاً لها في جنوب محافظة الحديدة.

ووصف الإعلام الحوثي الغارة بـ«الأميركية - البريطانية»، وقال إنها استهدفت موقعاً في مديرية التحيتا الخاضعة للجماعة في جنوب محافظة الحديدة الساحلية على البحر الأحمر، دون إيراد تفاصيل عن آثار الضربة.

مقاتلات أميركية من طراز «إف 35» شاركت في ضرب الحوثيين باليمن (أ.ب)

وفي حين لم يتبنَّ الجيش الأميركي على الفور هذه الغارة، تراجعت خلال الشهر الأخير الضربات على مواقع الحوثيين، إذ لم تسجل سوى 3 غارات منذ 12 نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي.

وكانت واشنطن أنشأت تحالفاً بقيادتها سمّته «حارس الازدهار» وبدأت - ومعها بريطانيا في عدد من المرات - في شن ضربات على مواقع الجماعة الحوثية ابتداء من 12 يناير (كانون الثاني) 2024، في مسعى لإضعاف قدرة الجماعة على مهاجمة السفن.

وإذ بلغت الغارات أكثر من 800 غارة غربية استأثرت محافظة الحديدة الساحلية بأغلبها، كانت الجماعة تبنت مهاجمة نحو 215 سفينة منذ نوفمبر 2023، وأدت الهجمات إلى غرق سفينتين وإصابة أكثر من 35 سفينة ومقتل 3 بحارة.

وتزعم الجماعة الموالية لإيران أنها تشن هجماتها ضد السفن إلى جانب عشرات الهجمات باتجاه إسرائيل مساندة منها للفلسطينيين في غزة، في حين تقول الحكومة اليمنية إن الجماعة تنفذ أجندة طهران واستغلت الأحداث للهروب من استحقاقات السلام.

تصنيف ودعم وتفكيك

في وقت يعول فيه اليمنيون على تبدل السياسة الأميركية في عهد الرئيس المنتخب دونالد ترمب، لتصبح أكثر صرامة في مواجهة الحوثيين الذين باتوا الذراع الإيرانية الأقوى في المنطقة بعد انهيار «حزب الله» وسقوط نظام بشار الأسد، قدم السفير اليمني لدى واشنطن محمد الحضرمي 3 مقترحات أمام مجلس الشيوخ لدعم بلاده.

وتتضمن المقترحات الثلاثة إعادة تصنيف الحوثيين منظمة إرهابية أجنبية، ودعم الحكومة اليمنية لتحرير الحديدة وموانئها، واستهداف قيادات الجماعة لتفكيك هيكلهم القيادي.

محمد الحضرمي سفير اليمن لدى الولايات المتحدة ووزير الخارجية الأسبق (سبأ)

وقال السفير الحضرمي إن تصنيف الحوثيين منظمة إرهابية أجنبية على غرار تصنيف «حزب الله» و«الحرس الثوري» الإيراني، من شأنه أن يبعث برسالة قوية مفادها أن أفعال الحوثيين (ترويع المدنيين، واستهداف الأمن البحري، وزعزعة استقرار المنطقة) غير مقبولة.

وبخصوص دعم الحكومة اليمنية لتحرير ميناء الحديدة، أوضح الحضرمي في مداخلته أمام مجلس الشيوخ الأميركي أن تأمين هذا الميناء الحيوي على البحر الأحمر، من شأنه أن يمكن الحكومة من حماية البحر الأحمر وإجبار الحوثيين على الانخراط في السلام، وكذلك منع وصول الدعم الإيراني إليهم.

وأكد الحضرمي أن تحرير الحديدة لن يكلف الحكومة اليمنية الكثير، وقال: «كنا على مسافة قليلة جداً من تحرير الحديدة في 2018، وتم إيقافنا من قبل المجتمع الدولي. وأعتقد أنه حان الأوان لتحرير هذا الميناء».

وفيما يتعلق باستهداف قيادات الحوثيين لتفكيك هيكلهم القيادي، شدد السفير اليمني في واشنطن على أهمية هذه الخطوة، وقال إن «محاسبة قادة الميليشيات الحوثية على جرائمهم ستؤدي إلى إضعاف عملياتهم وتعطيل قدرتهم على الإفلات من العقاب».

وأضاف: «ستعمل هذه التدابير على تعزيز أمن البحر الأحمر، وحفظ دافعي الضرائب وهذا البلد (الولايات المتحدة) للكثير من المال، ومحاسبة الحوثيين على أفعالهم، وتوفير الضغط اللازم لإجبار الجماعة على الانخراط في المفاوضات، مما يمهد الطريق لسلام دائم في اليمن».

ورأى السفير اليمني أن الدبلوماسية وحدها لا تجدي نفعاً مع النظام الإيراني ووكلائه، وقال: «حاولنا ذلك معهم لسنوات عديدة. (السلام من خلال القوة) هو المجدي! وأنا واثق بأن الشعب اليمني والإيراني سيتمكنون يوماً ما من تحرير أنفسهم من طغيان النظام الإيراني ووكلائه».

اتهام إيران

أشار السفير الحضرمي في مداخلته إلى أن معاناة بلاده كانت النتيجة المتعمدة لدعم إيران للفوضى وعدم الاستقرار في المنطق، وقال: «منذ أكثر من 10 سنوات، قامت إيران بتمويل وتسليح جماعة الحوثي الإرهابية، وتزويدها بالأسلحة الفتاكة لزعزعة استقرار اليمن وتهديد خطوط الملاحة الدولية في البحر الأحمر».

وأوضح أنه من المأساوي أن الدعم الإيراني مكّن الحوثيين من أن يصبحوا خطراً ليس فقط على اليمن، بل على المنطقة والعالم، إذ يعدّ البحر الأحمر ممراً مهماً للشحن التجاري، حيث يمر منه أكثر من 10 في المائة من التجارة العالمية و30 في المائة من شحن البضائع السنوي، لافتاً إلى أن الولايات المتحدة وحدها تنفق مليارات الدولارات للتصدي لهجمات لا تكلف إيران إلا القليل.

صاروخ وهمي من صنع الحوثيين خلال تجمع في صنعاء دعا له زعيم الجماعة (إ.ب.أ)

وخاطب الحضرمي أعضاء مجلس الشيوخ الأميركي بالقول: «يجب إيقاف الحوثيين، ويمكن لليمنيين إيقافهم! فنحن نمتلك العزيمة والقوة البشرية لمواجهة الحوثيين والتهديد الإيراني في اليمن والبحر الأحمر. ولكننا لا نستطيع أن نفعل ذلك بمفردنا؛ نحن بحاجة لدعمكم».

وأشار السفير اليمني إلى أن الحوثيين يحصلون على النفط والغاز مجاناً من إيران، وباستخدام الأسلحة الإيرانية يمنعون اليمن من تصدير موارده الطبيعية، مما أعاق قدرة الحكومة على دفع الرواتب، أو تقديم الخدمات، أو شن هجوم مضاد فعال ضد الجماعة. وقال: «يمكن أن يتغير ذلك بدعم الولايات المتحدة».

وأكد الحضرمي أن اليمنيين لديهم العزيمة والقدرة على هزيمة الحوثيين واستعادة مؤسسات الدولة وإحلال السلام، واستدرك بالقول إن «وجود استراتيجية أميركية جديدة حول اليمن يعدّ أمراً بالغ الأهمية لمساعدتنا في تحقيق هذا الهدف».

ومع تشديد السفير اليمني على وجود «حاجة ماسة إلى نهج جديد لمعالجة التهديد الحوثي»، أكد أن الحوثيين «ليسوا أقوياء بطبيعتهم، وأن قوتهم تأتي فقط من إيران وحرسها الثوري، وأنه بوجود الاستراتيجية الصحيحة، يمكن تحييد هذا الدعم».