إيران... إمبراطورية هشة

خبراء فرنسيون يستقصون تاريخها في كتاب جديد

إيران... إمبراطورية هشة
TT

إيران... إمبراطورية هشة

إيران... إمبراطورية هشة

يبدو أن إيران لا تزال مُصرة على المضي قُدما في سياساتها التي أصبحت تسبب إزعاجا ليس فقط في محيطها الإقليمي ولكن أيضا للأسرة الدولية، ما جعلها تتبوأ عن جدارة، وبحسب مراقبين تصنيف «دولة مارقة».
عن إيران وطموحاتها وأحلامها وأسباب تعب العالم منها صدر مؤخرا بالمكتبات الفرنسية كتاب يحمل اسم «إلى أين إيران ذاهبة؟» عن دار النشر الفرنسية (Autrement). يكتسب الكتاب أهمية خاصة لأنه خارج الإطار التقليدي، فهو يمثل جهدا جماعيا وفي إطار رؤية مختصة، تشبه ورشة عمل لمجموعة من الخبراء الأوروبيين والإيرانيين في مجالات المعرفة الإنسانية كافة، ما بين علم اجتماع وسياسة واقتصاد. وقد عملت هذه المجموعة تحت إدارة فرنسوا كولومبت، مدير مركز دراسات الشرق الأوسط بباريس.
يقع الكتاب في 314 صفحة من القطع المتوسط، وهو عن ملف حقوق الإنسان في إيران، وهو الملف الذي يمثل انشغالا كبيرا للغرب، لا سيما في ضوء ما تشهده إيران من انتهاك صارخ للمبادئ الأساسية لحقوق الإنسان خاصة في ظل الصورة التشريحية التي ساقها الكتاب للوضع الاجتماعي والديموغرافي للشعب الإيراني وما به من أقليات كثيرة.
يفتح الكتاب صفحة تاريخ إيران، من أجل ربط الحاضر بالماضي، ذاكراً أنها تمثل حقلاً واسع النطاق لثقافات وعقائد ولغات يتجاوز عددها عتبة السبعين لغة ولهجة، هذا بالإضافة إلى اللغة العربية التي يتحدثها معظم سكان خوزستان "الأحواز".
وانطلاقاً من هذا المشهد متعدد الثقافات والأجناس، نتجت حالة من التنقل والترحال المستمرة بين السكان، وهو وضع ينتج عنه ستة شعوب أساسية تعيش بشكل منفصل نسبياً على الأراضي الإيرانية ليمثلوا ثقافات وعقائد متنوعة، ويمكن رصدهم على النحو التالي:
الفرس: ويتقلدون المناصب السياسية والاقتصادية الرفيعة في البلد باسم النزعة الوطنية والقومية الإيرانية أحيانا، أو باسم الإسلام الشيعي في أحيان أخرى، ويمثلون 35 في المائة من إجمالي السكان.
الآذريون: ويقطنون بأغلبية كبيرة في أذربيجان وبعض المدن الكبرى الإيرانية ومنها بالطبع طهران. ويقدر عددهم بـ22 مليون نسمة ويتحدثون اللغة الأزيرية ويعتنقون المذهب الشيعي، ومن ثم يتمتعون بقرب شديد من دائرة صنع القرار وهو ما ينعكس إيجابا على وضعهم المميز سياسيا واقتصاديا.
كردستان إيران: ويمثلون أصل الأكراد ويقدر عددهم بـ8 ملايين نسمة يقطنون منطقة كردستان الإيرانية. ويضاف إليهم 3 ملايين كردي آخرين مهاجرين يعيشون في المدن الإيرانية الكبرى. وبالتالي يقدر عدد الأكراد الإيرانيين بـ11 مليونا، إلا أنهم يمثلون أقلية مقارنة بأكراد تركيا البالغ عددهم 18 مليون نسمة وهو عدد أكثر من أكراد العراق البالغ تعدادهم 6 ملايين، وأكراد سوريا البالغ عددهم 1.5 مليون. إلا أن هناك تميزا، لأكراد إيران يكمن في أن 75 في المائة منهم يعتنقون المذهب السني، في حين تعتنق النسبة المتبقية والتي تقدر بـ25 في المائة المذهب الشيعي.
البلوش: ويعيشون في محافظة بلوشستان على الحدود الإيرانية الباكستانية. ويقدر عددهم بـ4 ملايين نسمة يتحدثون اللغة البلوشيه وهي إحدى اللغات التي تنتمي إلى مجموعة اللغات الهندو أوروبية ويعتنق 90 في المائة منهم المذهب السني.
التركمان: ويقطنون الشمال الإيراني ويقدر عددهم بـ2.2 مليون نسمة في إيران فقط، إلا أنهم أكثر انتشاراً في تركمنستان (إحدى جمهوريات الاتحاد السوفياتي السابق) ويعتنقون في مجملهم المذهب السني.
وأخيرا، العرب ويمثلون أغلبية في مدينة خوزستان "الأحواز" الغنية بالنفط والواقعة على الخليج العربي الفارسي ويُطلق عليهم «عربستان» ويقدر عددهم بـ5 ملايين نسمة، ومن ثم فيمثلون أغلبية شيعية. بالإضافة إلى ذلك، فإن المجتمع الإيراني يضم أيضا أقليات صغيرة مسيحية مثل الأرمن والأسيروشالدين واليهود والبهائيين، أي أن الشعوب الإيرانية غير الفارسية تمثل 45 مليون نسمة، ومن ثم فنحن أمام إمبراطورية هشة بالمعنى الحقيقي للكلمة، خاصة أنهم يمثلون ضحايا لسلسلة غير منتهية من التمييزات العنصرية والقومية أو الطائفية في بعض الأحيان، تجتمع جميعها تحت راية ديكتاتورية إيرانية. ولذلك، فهم يطالبون بـ«إيران ديمقراطية علمانية فيدرالية» حتى يكسروا مذلة العيش تحت مظلة هذه الإمبراطورية.
وحول الاتفاق النووي الإيراني، يستعرض الكتاب موقف الرئيس الأميركي دونالد ترمب باعتباره معارضا شرسا للتقارب الأميركي الإيراني، وهو ما يعرض من شأنه الاتفاق النووي الإيراني للخطر، مشيرا إلى أن هذه المعارضة ستظل قائمة، حتى ولو سكنت، فرغبته حقيقية في فك ارتباط بلاده بما سماه «الاتفاق الكارثي» وهو الاتفاق المبرم مع طهران في يوليو (تموز) 2015. بل وصل الأمر لما هو أبعد من ذلك، فقد سبق وأن أعلنها ترمب المرشح صراحة «حال فوزي، سأمزق الاتفاق».
ويرى الكتاب أنه من وجهة النظر القانونية، فبمقدور الرئيس الأميركي الانسحاب من هذا الاتفاق بتصريح بسيط أو بالتصويت على عقوبات أميركية جديدة في الكونغرس ذات الأغلبية الجمهورية. لكن الكتاب يستبعد أن يسعى ترمب نحو عدم ضرب عشرة أعوام من التفاوض مع إيران عرض الحائط والقضاء تماما على الاتفاق النووي الإيراني بمضمونه الكلي الراهن، ولكنه سيسعى نحو إعادة فتح ملف التفاوض مع إيران حول بعض شروط الاتفاق النووي وخاصة أنه سبق وأن أعلن في أكثر من مناسبة عن أنه مفاوض أكثر براعة من سلفه أوباما.
ويلفت الكتاب هنا إلى مواقف بعض القوى العظمى التي تثمن كثيرا الاتفاق النووي الإيراني لأسباب وتوجهات كثيرة منها على سبيل المثال فرنسا وروسيا، وهما قوتان مؤثرتان على الساحة العالمية وبالتالي فليس من مصلحة ترمب خسارتهما، خاصة أنه ينفذ وبدقة تعهداته الانتخابية طمعاً في الحصول على فترة رئاسية ثانية على غرار أسلافه، خاصة أوباما الذي انتقده ترمب في مواقف كثيرة وبالتالي فهو ليس بأقل منه في السعي للفوز بفترة رئاسة ثانية.
وتخلص مجموعة الخبراء التي عكفت على هذا العمل الجاد إلى أن ترمب لن ينسف الاتفاق النووي الإيراني كلية، حفاظا على علاقته بفرنسا وروسيا، ولكنه سيتجه نحو إعادة فتح باب التفاوض مجددا مع إيران حول بعض شروط الاتفاق، خاصة فيما يتعلق بكميات اليورانيوم المخصب. وبالتالي، فترمب يكون بذلك قد حقق المعادلة الصعبة بالنسبة له والتي تكمن فيما يلي: عدم الموافقة على «الاتفاق الكارثي» بشكله وحالته الراهنة من جانب وعدم إحداث أي توتر مع القوى العظمى من جانب آخر، بالإضافة إلى ذلك فإن إيران تتمتع بعلاقات خاصة قديمة مع الصين (منذ ثمانينات القرن الماضي خاصة في ظل حربها مع صدام حسين) التي يحتاجها ترمب في ملفات أخرى كثيرة.
على ضوء هذا، وباستقراء الخريطة السياسية الإقليمية والدولية ورهاناتها المختلفة، فيمكن التأكيد على أن ترمب سيسعى جاهدا نحو عدم إقرار الاتفاق النووي الإيراني في مضمونه الراهن، وسيلجأ إلى تعديلات في شروط جوهرية بالاتفاق تتعلق بمعدلات وكميات تخصيب اليورانيوم.



كريتي سانون تروي رحلتها من دروس شاروخان إلى شجاعة الاختيار

الفنانة الهندية تحدثت عن تجربتها في السينما (مهرجان البحر الأحمر)
الفنانة الهندية تحدثت عن تجربتها في السينما (مهرجان البحر الأحمر)
TT

كريتي سانون تروي رحلتها من دروس شاروخان إلى شجاعة الاختيار

الفنانة الهندية تحدثت عن تجربتها في السينما (مهرجان البحر الأحمر)
الفنانة الهندية تحدثت عن تجربتها في السينما (مهرجان البحر الأحمر)

في واحدة من أكثر الجلسات جماهيرية في مهرجان البحر الأحمر السينمائي هذا العام، حلّت الممثلة الهندية كريتي سانون في ندوة حوارية تحوّلت سريعاً من حوار تقليدي إلى عرض كامل تفاعل خلاله الجمهور بحماسة لافتة، حتى بدا المشهد وكأنه لقاء بين نجمة في ذروة تألقها وجمهور وجد فيها مزيجاً من الذكاء والعفوية والثقة.

منذ اللحظة الأولى، بدا واضحاً أن الجمهور جاء محملاً بأسئلته، فيما شجع التفاعل الجماهيري الممثلة الهندية على أن تجيب بصراحة عن كل ما يتعلق بمسيرتها، ومن بين كل أسماء الصناعة، لم يلمع في حديثها كما لمع اسم شاروخان. توقفت عند ذكره كما يتوقف شخص أمام لحظة صنعت في داخله تحولاً، وصفته بأنه «الأكثر ذكاءً وخفة ظل» ممن قابلتهم، ومثال حي على أن الفروسية والذوق الرفيع لا يزالان ممكنَين في صناعة صاخبة.

واستعادت كريتي كيف كان شاروخان ينظر إلى من يتحدث معه مباشرة، وكيف يمنح الجميع احتراماً متساوياً، حتى شعرت في بداياتها بأنها تلميذة تقع فجأة في حضرة أستاذ يعرف قواعد اللعبة من دون أن يستعرضها، ومع أن كثيرين يرون أن سانون دخلت عالم السينما من باب الجمال والأزياء، فإنها أكدت أن دراستها للهندسة لعبت دوراً في دخولها مجال الفن باعتبار أنها تعلمت منها أن كل شيء يجب أن يكون منطقياً وقائماً على أسئلة لماذا؟ وكيف؟

وأوضحت أن تحليل الأمور ومراجعتها منحتاها أدوات لم يمتلكها ممثلون آخرون، مروراً بتجارب وورشات تمثيل طويلة، فيما كانت هي تتعلم على أرض الواقع عبر طرح الأسئلة، حتى تلك التي قد يضيق منها البعض أو يعدها دليلاً على التردد.

الممثلة الهندية خلال جلستها الحوارية (مهرجان البحر الأحمر)

توقفت أيضاً في حديثها عند واحدة من أكثر محطاتها صعوبة، شخصية الروبوت «سيفرا» في فيلم «لقد وقعت في شرك كلامك»، شارحة أنها كانت لعبة توازن دقيقة بين أن تكون آلة بما يكفي ليصدّقها المشاهد، وإنسانة بما يكفي ليُصدّقها شريكها في الفيلم، مشيرة إلى أنها لم ترمش في أثناء الحوارات، وضبطت كل حركة لتكون دقيقة ومحسوبة، ورغم أنها معروفة بخفة الحركة و«العثرات الطريفة» كما وصفت نفسها، فإن أكثر ما أسعدها في الفيلم كان مشهد «الخلل» الذي ابتكرته بنفسها، لتمنح الشخصية ملمساً أكثر واقعية.

لكن اللحظة الأكثر دفئاً كانت عندما تحدثت عن الموسيقى، وعن دورها في مسيرتها؛ حيث روت كيف كانت غرف التسجيل التي تعمل فيها مع الملحّنين تشبه «متجر حلوى»، وكيف كان اللحن يُولد من جلسة ارتجال بسيطة تتحول بعد دقائق إلى أغنية جاهزة، ومع أن الجلسة كانت مليئة بالضحك واللحظات الخفيفة، فإنها لم تخفِ الجانب العميق من تجربتها، خصوصاً عندما تحدثت عن انتقالها من الإعلانات والصدفة إلى البطولة السينمائية.

وروت كيف أن فيلم «ميمي» منحها مساحة أكبر مما حصلت عليه في أي عمل سابق، وغيّر نظرتها إلى نفسها بوصفها ممثلة، مؤكدة أن ذلك العمل حرّرها من الحاجة الدائمة إلى إثبات ذاتها، وأعطاها الشجاعة لاختيار أدوار أكثر مجازفة. ومنذ ذلك الحين -كما تقول- لم تعد في سباق مع أحد، ولا تبحث عن لائحة إيرادات، بل عن أن تكون أفضل مما كانت عليه أمس.

وحين سُئلت عن فيلمها الجديد «تيري عشق مين» وعن موجة النقاشات التي أثارها على مواقع التواصل، أكدت أنها تتابع الآراء بشغف، لأن السينما تشبه اللوحة الفنية التي يراها كل شخص من زاوية مختلفة، مشيرة إلى أن الناس يتفاعلون مع قصة الفيلم، لأنهم قد عرفوا في حياتهم شخصاً مثل الممثلين.

وأكدت أن جزءاً من التفاعل يرجع إلى كون العمل يعرض الحب السام من جهة، لكنه يتيح للشخصية النسائية أن تُسمّيه وتواجهه، وهذا ما تعدّه تطوراً مهماً في كتابة الشخصيات النسائية، فلم تعد المرأة مجرد ضحية أو محبوبة مثالية، «فالمرأة المعاصرة على الشاشة يمكن أن تكون معقدة، متناقضة، واقعية، ومحبوبة رغم كل ذلك»، حسب تعبيرها.


جيسيكا ألبا تكشف عن مشروع سينمائي مع هيفاء المنصور

جيسيكا ألبا خلال حضورها مهرجان البحر الأحمر (إدارة المهرجان)
جيسيكا ألبا خلال حضورها مهرجان البحر الأحمر (إدارة المهرجان)
TT

جيسيكا ألبا تكشف عن مشروع سينمائي مع هيفاء المنصور

جيسيكا ألبا خلال حضورها مهرجان البحر الأحمر (إدارة المهرجان)
جيسيكا ألبا خلال حضورها مهرجان البحر الأحمر (إدارة المهرجان)

كشفت الفنانة الأميركية جيسيكا ألبا عن ملامح مشروع سينمائي جديد يجمعها بالمخرجة السعودية هيفاء المنصور، مشيرة خلال ندوتها في «مهرجان البحر الأحمر السينمائي» إلى أن هذا التعاون لم يتشكل بين ليلة وضحاها، بل جاء نتيجة نقاشات طويلة امتدت على مدار سنوات.

وأوضحت في اللقاء الذي أقيم، الجمعة، أن الفكرة التي استقرتا عليها تدور حول قصة إنسانية عميقة تتناول علاقة ابنة بوالدها المتقدّم في العمر، ضمن سردية تقترب من تفاصيل العائلة وتحولاتها، وتسلّط الضوء على هشاشة العلاقات حين تواجه الزمن، وما يتركه ذلك من أسئلة مفتوحة حول الذاكرة والواجب العاطفي والمسؤولية المتبادلة.

وأضافت أن ما شدّها إلى المشروع ليس موضوعه فقط، بل الطريقة التي تقارب بها هيفاء المنصور هذه العلاقات الحسّاسة وتحولها إلى لغة بصرية تتسم بالهدوء والصدق، لافتة إلى أن «هذا التعاون يمثّل بالنسبة لي مرحلة جديدة في اختياراتي الفنية، خصوصاً أنني أصبحت أكثر ميلاً للأعمال التي تمنح الشخصيات النسائية مركزاً واضحاً داخل الحكاية، بعيداً عن الأنماط التقليدية التي سيطرت طويلاً على حضور المرأة في السينما التجارية».

وأشارت إلى أنها تبحث اليوم عن قصص تستطيع فيها المرأة أن تظهر بوصفها شخصية كاملة، تملك مساحتها في اتخاذ القرارات والتأثير في مسار الحكاية، وهو ما تراه في مشروعها مع المنصور، الذي وصفته بأنه «قريب من قلبها»؛ لأنه يعيد صياغة علاقة الأم والابنة من منظور مختلف.

وخلال الندوة، قدّمت ألبا قراءة موسّعة لتغيّر مسارها المهني خلال السنوات الأخيرة، فهي، كما أوضحت، لم تعد تنظر إلى التمثيل بوصفه مركز عملها الوحيد، بل بات اهتمامها الأكبر موجّهاً نحو الإنتاج وصناعة القرار داخل الكواليس.

وأكدت أن دخولها عالم الإنتاج لم يكن مجرد انتقال وظيفي، وإنما خطوة جاءت نتيجة إحساس عميق بأن القصص التي تُقدَّم على الشاشة ما زالت تعكس تمثيلاً ناقصاً للنساء وللأقليات العرقية، خصوصاً للمجتمع اللاتيني الذي تنتمي إليه.

وتحدثت ألبا عن تجربة تأسيس شركتها الإنتاجية الجديدة، معتبرة أن الهدف منها هو خلق مساحة لصناع المحتوى الذين لا يجدون غالباً فرصة لعرض رؤاهم، موضحة أن «غياب التنوّع في مواقع اتخاذ القرار داخل هوليوود جعل الكثير من القصص تُروى من زاوية واحدة، ما أدّى إلى تكريس صور نمطية ضيّقة، خصوصاً فيما يتعلّق بالجاليات اللاتينية التي غالباً ما تظهر في الأعمال ضمن أدوار مرتبطة بالعنف أو الجريمة أو الأعمال الهامشية».

وشددت على أنها تريد أن تساهم في معالجة هذا الخلل، ليس عبر الخطابات فقط، بل من خلال إنتاج أعمال تظهر فيها الشخصيات اللاتينية والعربية والنساء بصورة كاملة، إنسانية، متنوّعة، لافتة إلى أن تنوّع التجارب الحياتية هو العنصر الذي يجعل صناعة السينما أكثر ثراء، وأن غياب هذا التنوع يجعل الكثير من الكتّاب والمخرجين عاجزين عن تخيّل شخصيات خارج ما اعتادوا عليه.

وأضافت أن مهمتها اليوم، من موقعها الجديد، هي فتح المجال أمام أصوات غير مسموعة، سواء كانت نسائية أو تنتمي إلى أقليات ثقافية واجتماعية، لافتة إلى أنها تعمل على تطوير فيلم جديد مع المخرج روبرت رودريغيز، يعتمد على مزيج من الكوميديا العائلية وأجواء أفلام السرقة، مع طاقم تمثيل لاتيني بالكامل.

وأوضحت أن هذا العمل يأتي امتداداً لرغبتها في دعم المواهب اللاتينية، وفي الوقت نفسه تقديم أعمال جماهيرية لا تُختزل في سرديات العنف أو الهوامش الاجتماعية، واصفة المشروع بأنه خطوة مختلفة على مستوى بنية الحكاية؛ لأنه يجمع بين الترفيه والأسئلة العائلية، ويقدّم الشخصيات اللاتينية في إطار طبيعي وغير مصطنع.

وتوقفت جيسيكا عند مشاركتها المرتقبة في فيلم «الشجرة الزرقاء»، ويتناول علاقة أم بابنتها التي تبحث عن استقلاليتها رغم حساسية ظروفها موضحة أن ما جذبها لهذا العمل هو طبيعته الهادئة، واعتماده على بناء علاقة حميمة بين شخصيتين، بعيداً عن الصراعات المفتعلة، معتبرة أن هذا النوع من الحكايات يمثّل مرحلة أصبحت قريبة جداً منها في هذه الفترة من حياتها.


«الآثار المسترَدة»... محاولات مصرية لاستعادة التراث «المنهوب»

جهود مصرية متواصلة لاسترداد الآثار المهرَّبة إلى الخارج (وزارة السياحة والآثار)
جهود مصرية متواصلة لاسترداد الآثار المهرَّبة إلى الخارج (وزارة السياحة والآثار)
TT

«الآثار المسترَدة»... محاولات مصرية لاستعادة التراث «المنهوب»

جهود مصرية متواصلة لاسترداد الآثار المهرَّبة إلى الخارج (وزارة السياحة والآثار)
جهود مصرية متواصلة لاسترداد الآثار المهرَّبة إلى الخارج (وزارة السياحة والآثار)

في إطار الجهود المصرية المستمرة للحفاظ على التراث وحمايته واستعادة الآثار المصرية المنهوبة من الخارج وصيانتها، تعدَّدت الجهود الرسمية والأهلية والبحثية والأكاديمية للعمل على حفظ التراث واستعادة الآثار المُهرَّبة، واستضافت مكتبة الإسكندرية مؤتمراً علمياً، بالتعاون مع مؤسسة ألمانية، تناول استرداد الآثار المصرية من الخارج، وحفظ وصيانة التراث.

وركز المؤتمر على تجارب مصر في استرداد القطع الأثرية التي خرجت من البلاد بطرق غير قانونية، سواء عبر المتاحف الأجنبية أو الأسواق غير المشروعة. وشارك فيه عدد من المسؤولين والخبراء المصريين والدوليين، وتم عرض نماذج بارزة من الآثار المسترَدة حديثاً، مثل التوابيت المذهبة والقطع الخشبية النادرة، مع مناقشة الإجراءات القانونية والدبلوماسية التي اعتمدتها مصر لاستعادة هذه القطع الأثرية وحمايتها بوصفها جزءاً من التراث العالمي.

وأكد عالم الآثار المصرية، الدكتور حسين عبد البصير، أن هذه الجهود تمثل رسالةً قويةً للعالم حول أهمية حماية التراث الثقافي المصري والعربي والعالمي، وأن استعادة كل قطعة أثرية هي خطوة نحو الحفاظ على الهوية الوطنية وإعادة حق الأجيال القادمة في التراث الحضاري لمصر، والعالم العربي، والعالم.

وأضاف لـ«الشرق الأوسط» أن دور المجتمع المدني والجمعيات الأثرية مهم في دعم هذه الجهود، من خلال التوعية، والبحث العلمي، والتعاون مع المنظمات الدولية؛ لتقوية موقف مصر القانوني في مواجهة التجارة غير المشروعة بالآثار.

جانب من المؤتمر الذي ناقش الآثار المسترَدة وحفظ التراث (الشرق الأوسط)

وتحت عنوان «الاتجار بالآثار سرقة للتاريخ وطمس للهوية»، تحدَّث الدكتور شعبان الأمير، أستاذ ترميم الآثار ومواد التراث بكلية الآثار بجامعة الفيوم، وتناول التنقيب والاتجار بالآثار وتقارير اليونيسكو حول هذه العمليات، التي تُقدَّر بنحو 10 مليارات دولار سنوياً، وهي ثالث أكبر عملية تجارية بعد المخدرات والسلاح على مستوى العالم.

وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «حماية التراث واجب وطني ومجتمعي، والاتجار بالآثار يعدّ سرقةً للتاريخ وطمساً ومحواً وفقداناً للهوية». وأشار إلى أن المؤتمر تناول أبحاثاً حول تطبيقات الذكاء الاصطناعي، والهندسة، والكيمياء، والوعي المجتمعي، وغيرها من الموضوعات التي اهتمت بكيفية حماية التراث والآثار، والحد من عمليات التنقيب غير الشرعي، وعمليات التسجيل والتوثيق والفحص والتحليل تمهيداً لعمليات الترميم والصيانة والحفظ والعرض المتحفي أو بالمواقع الأثرية.

وفي ورقة بحثية بالمؤتمر، تناولت الدكتورة منى لملوم، قوة الميديا ووسائل الإعلام المختلفة في المطالبة باسترداد الآثار، مشيرة إلى الحملات التي تقوم بها وسائل الإعلام من أجل الضغط لاسترداد الآثار المُهرَّبة من مصر بطرق غير مشروعة. وأضافت لـ«الشرق الأوسط» أنها «تناولت كثيراً من النماذج، منها استعادة تمثال من أميركا عام 2019 بجهود رسمية كبيرة، بالإضافة إلى قوة الإعلام، وكذلك الضغط من خلال حملات صحافية وأهلية، إلى جانب الجهود الحكومية لاستعادة آثار مصرية مهمة مثل رأس نفرتيتي من ألمانيا، وجدارية (الزودياك) أو الأبراج السماوية من متحف اللوفر، فضلاً عن استعادة حجر رشيد من المتحف البريطاني».

ولفتت د. منى إلى دور الدراما والسينما في التعامل مع الآثار والتاريخ مثل فيلم «المومياء» من إخراج شادي عبد السلام الذي لعب دوراً إيجابياً وصُنِّف من أهم 100 فيلم مصري في القرن الـ20، وهناك نماذج سلبية مثل مسلسل «كليوباترا» الذي أنتجته «نتفليكس» وقوبل بهجوم شديد لتجسيد الملكة المصرية بممثلة سوداء، و«اضطرت الشبكة إلى تغيير تصنيف الفيلم من (وثائقي) إلى (درامي) تحت ضغط (الميديا)» على حد تعبيرها.