جايدة هاني مصممة مصرية ألهمت {بي ام دبليو} بأحذيتها المبتكرة

جايدة هاني على جسر امبابة الذي ألهم مجموعتها الأخيرة
جايدة هاني على جسر امبابة الذي ألهم مجموعتها الأخيرة
TT

جايدة هاني مصممة مصرية ألهمت {بي ام دبليو} بأحذيتها المبتكرة

جايدة هاني على جسر امبابة الذي ألهم مجموعتها الأخيرة
جايدة هاني على جسر امبابة الذي ألهم مجموعتها الأخيرة

بشغف خاص منذ الصغر بالتصاميم، أضافت إليه دراسة الهندسة والأزياء، تمكنت المصممة المصرية، جايدة هاني من ابتكار تصاميم أحذية خارجة عن المألوف والتقليدي. مزجت فيها بين الفن والعلم والخيال والواقع بشكل لفت إليها أنظار شركة BMW للسيارات التي طلبت استخدام إحدى أفكارها في تصميم سيارة ذات طابع مميز.
عن مسيرتها وعلاقتها بالتصميم، تحدثت جايدة إلى «الشرق الأوسط»، عن بداياتها ودراستها والخطوات التي تمر بها كلما فكرت في التصميم.
منذ الطفولة انتبه أفراد عائلتها بأنها تتمتع بموهبة خاصة، لكنهم كانوا يريدون تأمين مستقبلها بدراسة مجال يضمن لها حياة كريمة ومضمونة. لهذا توجهت لدراسة الهندسة أولا. لأن أهلها غرسوا فيها فكرة أن فتاة متفوقة مثلها يجب أن تتخصص في مجال علمي يضمن لها مهنة مرموقة بعد التخرج. ما زاد من قناعتها برأي الأهل أن صناعة الموضة في مصر لا تزال محدودة.
تخرجت جايدة في كلية الهندسة بالجامعة الأميركية بالقاهرة، بعد أن درست العمارة وتفوقت فيها، ولكن ظل حلمها القديم يداعبها بين الفينة والأخرى، إلى أن استجمعت شجاعتها وقررت دراسة تصميم الأزياء. سافرت إلى لندن لتلتحق بمعهد الموضة فيها، وهناك اكتشفت شغفها وقدرتها على تصميم الأحذية. اكتشفت سريعا أنه بإمكانها أن تمزج بين دراستها في فن العمارة وتصميم الأحذية بإطلاق العنان لخيالها. وباتت تؤمن بأن هناك تقاطعات مشتركة بين الهندسة وتصميم الأحذية وصناعة السيارات. تقول: «في طفولتي كنت أعشق تصميم الأزياء، ولم أنتبه أن لدي شغفا بالأحذية، ربما لأني كنت أعتقد أن دورها يقتصر على إكمال جمال الفستان. مع الوقت اكتشفت أن تركيزي عندما أصمم كان دائما عليه».
وتعود بذاكرتها للوراء لتقول إن «أول مهمة تكلفت بها من قبل الجامعة كانت تتطلب أن أقوم بتفكيك حذاء بالكامل وإعادة بنائه من جديد من دون أن أنسى تفاصيله الدقيقة. وقتذاك لم يكن لدي أي فكرة عن هذه الصناعة، فعلاقتي بالأحذية أنني أرتديها فحسب». وتتابع: «لاحظت مدى المتعة التي شعرت بها وأن أقوم بالعملية، وهنا أدركت أن دراسة الهندسة وضعت بداخلي أساسا علميا للتصميم والبناء، فها أنا أفكر بطريقة مختلفة للبناء، حتى وإن كان الموضوع مجرد حذاء بسيط».
تقدمت جايدة للحصول على درجة الماجستير، ولم تكن تعرف أنها ستكون الخطوة التي ستفتح أمامها الأبواب لتكون مصممة أحذية عالمية. فكرت في تقديم مجموعة من التصاميم المجنونة التي تقتصر على منصات العرض لأنها ضعيفة البنيان ومن الصعب المشي عليها لساعات، وأخرى تجارية يمكن استعمالها في الواقع، لكن من منظور مختلف. تشرح جايدة «شعرت بأن هذه القطع الفريدة لا بد أن تبقى وأن تُبنى على أسس أكثر عملية تسمح بتداولها واقتنائها بعد العروض».
قدمت مجموعة تخرجها للحصول على شهادة الماجستير في أسبوع فاشن تيك في نيويورك، ورغم أن حلمها لم يتعد أن تنال إعجاب عدد من مصممي الأحذية المحترفين في محفل عالمي، إلا أنها حققت أكثر من ذلك. فبعد انتهاء العروض تقدمت شركة السيارات العالمية BMW تطلب منها إرسال أحد تصاميمها برسوم ثلاثية الأبعاد وألوان واضحة حتى تكون مصدر إلهام سيارتهم الدعائية الجديدة. تعلق المصممة الشابة: «عندما رأيت السيارة التي نفذتها الشركة وقفت مذهولة لعدة دقائق لا أتكلم. لم أصدق كيف أن حلما صغيرا يضعني في دائرة أهم مصممي الأحذية في العالم رغم أن عهدي بالتصميم لا يزال في بداياته».
وتتابع جايدة «وضعتني تجربة بي إم دبليو في تحد كبير، فماذا بعد؟».
فالمصممون بالنسبة لها يشعرون بالملل سريعاً حتى مع النجاح الكبير، لذا قررت أن تكون مجموعتها الثانية مختلفة: بعيدة عن عروض الأزياء لكن قريبة من الهندسة التي أصبحت مصدر إلهام لها.
وهكذا تحت مسمى «ريف - إيت» riv - it جاءت المجموعة الثانية، بتصاميم تتسم بالعملية والبساطة على عكس مجموعتها الأولى. كان التغيير مهما بالنسبة لها حتى وإن كانت التكلفة عالية بسبب التقنيات التي استعملتها.
استوحت مجموعة riv - it من أحد الكباري (الجسور) القديمة في القاهرة وهو كُوبري (جسر) إمبابة الذي يتسم بتصميم خاص جعله مكانا مثاليا لتصوير الكثير من الأفلام والأغاني المصورة. عن العلاقة بين الكوبري وتصميم الأحذية تقول: «ربما لأنني مهندسة بالأساس أرى أي شيء من حولي على شكل خطوط، وهو ما يجعلني أبحث عن طريقة تكوينه لتتحول إلى مصدر إلهام لتصميم جديد لا علاقة له عن التصميم الأصلي».
وتحدد جايدة أن مجموعة riv - it استوحتها من المسامير الحديدية في الجسر، والتي زيّنت المجموعة. ولأن هدف الكوبري (الجسر) عادة هو تسيير الطرق كان لا بد أن تراعي عنصر العملية في التصميم، وهو ما تجسد في نعل مسطح مريح يجعله صالحا للاستعمال بشكل يومي ولساعات طويلة دون أن يسبب أي ألم.
وتفتخر المصممة أن كل هذه التصاميم المزودة بتقنيات جد متطورة مصنعة بالكامل في مصر، وتحديدا في منطقة شعبية تسمى «الحرفيين»، ما يجعل تصاميمها تحمل توقيع «صُنع في مصر».
وتعكف جايدة حاليا على التحضير للمجموعة جديدة تُشبه تلك التي قدمتها أول مرة في حفل التخرج في نيويورك، لكن بشكل مُبسط وتكلفة أقل نسبياً حتى تكون صالحة للبيع. فرغم أنها قد تكون غريبة بعض الشيء إلا أنها تعرف أنها ستجد هوى في نفوس عشاق التميز والتفرد.


مقالات ذات صلة

درجة العام الجديد «موكا موس»… ما لها وما عليها

لمسات الموضة «موكا موس» له تأثير حسي دافئ ولذيذ من دون بهرجة (برونيللو كوتشينيللي)

درجة العام الجديد «موكا موس»… ما لها وما عليها

الألوان مثل العطور لها تأثيرات نفسية وعاطفية وحسية كثيرة، و«موكا موس» له تأثير حسي دافئ نابع من نعومته وإيحاءاته اللذيذة.

جميلة حلفيشي (لندن)
لمسات الموضة ماثيو بلايزي مصمم «بوتيغا فينيتا» سابقاً (غيتي)

2024...عام الإقالات والتعيينات

تغييرات كثيرة شهدتها ساحة الموضة هذا العام، كانت من بينها إقالات واستقالات، وبالنتيجة تعيينات جديدة نذكر منها:

جميلة حلفيشي (لندن)
لمسات الموضة في معمل كوجيما تعكف عاملة على كي قماش الدنيم (أ.ف.ب)

الجينز الياباني... طرق تصنيعه تقليدية وأنواله هشة لكن تكلفته غالية

على الرغم من تعقيد الآلات المستعملة لصنعه، فإن نسيجه يستحق العناء، ويتحول إلى قماش ناعم جداً بمجرّد تحويله إلى سروال جينز.

«الشرق الأوسط» (لندن)
لمسات الموضة الجينز لا يزال يتصدر منصات الموضة العالمية مثل عرض «ليبرتين» خلال أسبوع نيويورك الأخير (إ.ب.أ)

5 قطع لن تخسري إذا استثمرتِ فيها حالياً

مهما تغيرت المواسم والأذواق، هناك قطع من الموضة تتحدى الزمن وتعتبر بمثابة استثمار سعره فيه.

جميلة حلفيشي (لندن)
لمسات الموضة اعتمد المصمم على التفاصيل الجريئة حتى يمنح كل زي ديناميكية خاصة (خاص)

فؤاد سركيس يرسم لوحة ملونة بالالوان والتفاصيل في مجموعته لـ 2025

في أحدث مجموعاته لموسم خريف وشتاء 2025، يعيد المصمم فؤاد سركيس رسم هوية جديدة لمعنى الجرأة في الموضة. جرأة اعتمد فيها على تفاصيل الجسم وتضاريسه. تتبعها من دون…

«الشرق الأوسط» (لندن)

الجينز الياباني... طرق تصنيعه تقليدية وأنواله هشة لكن تكلفته غالية

في معمل كوجيما تعكف عاملة على كي قماش الدنيم (أ.ف.ب)
في معمل كوجيما تعكف عاملة على كي قماش الدنيم (أ.ف.ب)
TT

الجينز الياباني... طرق تصنيعه تقليدية وأنواله هشة لكن تكلفته غالية

في معمل كوجيما تعكف عاملة على كي قماش الدنيم (أ.ف.ب)
في معمل كوجيما تعكف عاملة على كي قماش الدنيم (أ.ف.ب)

تحظى سراويل الجينز اليابانية المصبوغة يدوياً بلون نيلي طبيعي، والمنسوجة على أنوال قديمة، باهتمام عدد متزايد من عشاق الموضة، الذين لا يترددون في الاستثمار في قطع راقية بغض النظر عن سعرها ما دامت مصنوعةً باليد. وعلى هذا الأساس يتعامل كثير من صُنَّاع الموضة العالمية مع ورشات يابانية متخصصة في هذا المجال؛ فهم لا يزالون يحافظون على كثير من التقاليد اليدوية في صبغ قطنه وتصنيعه من الألف إلى الياء.

يوضع القطن في وعاء يحتوي على سائل أزرق داكن لا يلوّنها وحدها بل أيضاً أيدي العاملين (أ.ف.ب)

داخل مصنع «موموتارو جينز» الصغير في جنوب غربي اليابان، يغمس يوشيهارو أوكاموتو خيوط قطن في وعاء يحتوي على سائل أزرق داكن يلوّن يديه وأظافره في كل مرّة يكرر فيها العملية. يتم استيراد هذا القطن من زيمبابوي، لكنّ الصبغة النيلية الطبيعية المستخدَمة مُستخرجةٌ في اليابان، ويؤكد أوكاموتو أنّ لونها غني أكثر من الصبغات الاصطناعية. وكانت هذه الطريقة التي يشير إلى أنها «مكلفة» و«تستغرق وقتاً طويلاً»، شائعةً لصبغ الكيمونو في حقبة إيدو، من القرن السابع عشر إلى القرن التاسع عشر.

العمل في هذه المصانع صارم فيما يتعلق بمختلف جوانب التصنيع من صبغة إلى خياطة (أ.ف.ب)

وتشكِّل «موموتارو جينز» التي أسستها عام 2006 «جابان بلو»، إحدى عشرات الشركات المنتِجة لسراويل الجينز، ويقع مقرها في كوجيما، وهي منطقة ساحلية تشتهر بجودة سلعها الحرفية، بعيداً عن سراويل الجينز الأميركية المُنتَجة على نطاق صناعي واسع. ويقول رئيس «جابان بلو»، ماساتاكا سوزوكي، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «نحن صارمون جداً فيما يتعلق بمختلف جوانب التصنيع». ويشمل ذلك «جودة الخياطة والصبغة»، ما يجعل الاعتماد على مهارات التصنيع التقليدية للحرفيين المحليين، مسألة ضرورية.

بيد أن كل ما هو منسوج يدويا ومصنوع بهذا الكم من الحرفية له تكلفته، إذ يبلغ سعر النموذج الرئيسي من الجينز الذي تنتجه «موموتارو» نحو 193 دولاراً. أما النموذج الأغلى والمنسوج يدوياً على آلة خشبية محوّلة من آلة نسج كيمونو فاخرة، فيتخطى سعره 1250 دولاراً.

يعمل أحد الحرفيين على تنفيذ بنطلون جينز باليد بصبر رغم ما يستغرقه من وقت (أ.ف.ب)

ومع ذلك، ازداد الاهتمام بما تنتجه «جابان بلو» على أساس أنها إحدى ماركات الجينز الراقية على غرار «إيفيسو»، و«شوغر كين». وتمثل الصادرات حالياً 40 في المائة من مبيعات التجزئة، كما افتتحت الشركة أخيراً متجرها السادس في كيوتو، ويستهدف السياح الأثرياء بشكل خاص. يشار إلى أن صناعة الجينز ازدهرت في كوجيما بدءاً من ستينات القرن العشرين لما تتمتع به المنطقة من باع طويل في زراعة القطن وصناعة المنسوجات. وخلال حقبة إيدو، أنتجت المدينة حبالاً منسوجة للساموراي لربط مقابض السيوف. ثم تحوّلت بعد ذلك إلى صناعة «تابي»، وهي جوارب يابانية تعزل إصبع القدم الكبير عن الأصابع الأخرى، وانتقلت فيما بعد إلى إنتاج الأزياء المدرسية.

تعدّ سراويل الجينز الياباني من بين أغلى الماركات كونها مصنوعة ومصبوغة باليد (أ.ف.ب)

ويقول مايكل بندلبيري، وهو خيّاط يدير مشغل «ذي دينيم دكتور» لتصليح الملابس في بريطانيا، إنّ سوق سراويل الجينز اليابانية «نمت خلال السنوات الـ10 إلى الـ15 الماضية». ومع أنّ محبي الجينز في الدول الغربية يبدون اهتماماً كبيراً بهذه السراويل، «لا يمكن للكثيرين تحمل تكاليفها»، بحسب بندلبيري. ويتابع قائلاً: «إن ماركات الجينز ذات الإنتاج الضخم مثل (ليفايس) و(ديزل) و(رانغلر) لا تزال الأكثر شعبية، لكن في رأيي تبقى الجودة الأفضل يابانية». ويرى في ضعف الين وازدهار السياحة فرصةً إضافيةً لانتعاش سوق هذه السراويل.

رغم هشاشتها والضجيج الذي ينبعث منها فإن الأنوال القديمة لا تزال هي المستعملة احتراماً للتقاليد (أ.ف.ب)

يعزز استخدام آلات النسيج القديمة رغم هشاشتها والضجيج الذي ينبعث منها، وبالتالي لا تملك سوى رُبع قدرة أنوال المصانع الحديثة، من سمعة «موموتارو جينز» التي تعود تسميتها إلى اسم بطل شعبي محلي. وغالباً ما تتعطَّل هذه الأنوال المصنوعة في الثمانينات، في حين أنّ الأشخاص الوحيدين الذين يعرفون كيفية تصليحها تزيد أعمارهم على 70 عاماً، بحسب شيغيرو أوشيدا، وهو حائك حرفي في موموتارو.

يقول أوشيدا (78 عاماً)، وهو يمشي بين الآلات لرصد أي صوت يشير إلى خلل ما: «لم يبقَ منها سوى قليل في اليابان» لأنها لم تعد تُصنَّع. وعلى الرغم من تعقيد هذه الآلات، فإنه يؤكد أنّ نسيجها يستحق العناء، فـ«ملمس القماش ناعم جداً... وبمجرّد تحويله إلى سروال جينز، يدوم طويلاً».