تطمينات للسلطة بتأجيل «صفقة القرن»... وتحفظ أوروبي عن «خطة بديلة»

الرئاسة الفلسطينية هاجمت إدارة ترمب وقالت إنها تتورط بمواقف «ستضر بمصالح الجميع»

TT

تطمينات للسلطة بتأجيل «صفقة القرن»... وتحفظ أوروبي عن «خطة بديلة»

قال مستشار الرئيس الفلسطيني للعلاقات الخارجية، نبيل شعث، إن الرفض الفلسطيني لصفقة القرن الأميركي، قد يؤدي إلى تأجيلها عاماً آخر على الأقل، مؤكداً رفض الفلسطينيين جميع الضغوطات التي تمارس عليهم للقبول بالصفقة المرتقبة.
وكانت واشنطن أجلت خطة السلام المعروفة بـ«صفقة القرن» أكثر من مرة في الفترة الأخيرة، بسبب رفض الفلسطينيين التعاطي معها والقبول بالولايات المتحدة وسطياً منفرداً في العملية السياسية.
وقال شعث «نعتقد أن الإدارة الأميركية ستؤجل طرح ما يسمى (صفقة القرن) لمدة عام، بسبب الرفض الفلسطيني القاطع لهذه الصفقة».
ورفض شعث ما وصفه الضغوط الأميركية (الابتزاز السياسي والمالي)، مؤكداً «أننا لن نبيع قضيتنا، وهذه السياسة تمثل مزيداً من الانهيار للدور الأميركي في العالم».
وتقديرات شعث حول تأجيل طرح خطة السلام الأميركية، جاءت بعد يوم واحد من لقاء الرئيس الفلسطيني محمود عباس، وزيري خارجية ألمانيا، هيكو ماس، وفرنسا، جان إيف لودريان، في مقره برام الله.
وقالت مصادر لـ«الشرق الأوسط» إن العملية السياسية والدور الأميركي كانا مثار نقاش أساسي في المباحثات.
وبحسب المصادر، طلب الوزيران إعطاء بلديهما فرصة من أجل الوصول إلى حل وسط مقبول مع الإدارة الأميركية، وطرح خطة يمكن البناء عليها والتعامل معها.
وقالت المصادر إن الوزيرين أخبرا عباس بأن استبعاد واشنطن خيار غير عملي في هذا الوقت. لكن عباس أخبرهما أنه لا يتطلع إلى ذلك، وإنما لكسر الاحتكار الأميركي، وإطلاق مؤتمر سلام تتمخض عنه آلية دولية تشارك فيها الولايات المتحدة.
ورفض عباس بشدة أي إمكانية للتعاطي مع الطروحات الأميركية الحالية، لأنه لا يمكن التفاوض من دون أن تكون قضيتا القدس واللاجئين على الطاولة.
وأصر عباس على مشاركة فرنسا وألمانيا ودول أخرى في أي آلية متعددة، حتى لو طرحت الولايات المتحدة خطة سلام معدلة ومقبولة.
وقال عباس لضيفيه، إن عليهما دعم خطته للسلام لأنها المخرج العملي الوحيد للمأزق الحالي، لكن الطرفين تحفظا على بدء تحرك دولي مضاد للتحرك الأميركي في هذا الوقت.
وكان الوزير الألماني هيكو ماس، أعلن صراحة، أن بلاده تدعم حل الدولتين، لكنها لا ترى إمكانية للتقدم في عملية السلام من دون وجود الإدارة الأميركية، قائلاً: «نعتقد أن من الصعب وجود مثل هذا التقدم من دون وجود الإدارة الأميركية».
وعبَّر ماس عن أمل بلاده ألا تغلق الأبواب أمام أي حوار، منادياً الأطراف: «لا تكسروا الجسور».
لكن عباس يرفض رفضاً قاطعاً التعامل مع الإدارة الأميركية، من دون أن تجمد قرار نقل السفارة من تل أبيب إلى القدس. وانقطعت العلاقات بين رام الله وواشنطن مع القرار الأميركي الذي اتخذ العام الماضي، وشابها الكثير من التوتر والتهديد الأميركي الذي ترافق مع قرارات بتقليص المساعدات وقطعها.
وهاجم الناطق الرسمي باسم الرئاسة الفلسطينية نبيل أبو ردينة، أمس، الإدارة الأميركية قائلاً: «إن القرارات الأميركية الأخيرة، خصوصاً قرار الكونغرس، الذي يدعو إلى وقف المساعدات المباشرة للسلطة الفلسطينية، وإضافة 700 مليون دولار لصالح جيش الاحتلال الإسرائيلي، والتهديد المستمر بقطع المساعدات عن الشعب الفلسطيني، هي بمثابة إعلان حرب على الشعب الفلسطيني، ودعم لسياسة الاحتلال والعدوان». وأضاف أبو ردينة: «إن إعلان الرئيس الأميركي ترمب الاعتراف بالقدس عاصمة لإسرائيل، وإعلان نقل سفارة بلاده إليها، واعتبار بحث موضوع اللاجئين خارج الطاولة، ودعم الاستيطان، يؤكد بما لا يدع مجالاً للشك، أن الولايات المتحدة الأميركية لا تستطيع أن تكون وسيطاً نزيهاً لصنع السلام».
وتابع أن قيام الولايات المتحدة الأميركية بقطع المساعدات عن «الأونروا»، وتهديدها بوقف المساعدات المقدمة إلى السلطة الفلسطينية، وربطها بوقف دفع رواتب أسر الشهداء والأسرى، لن تزيد الشعب الفلسطيني إلا إصراراً وتمسكاً بحقوقه الوطنية، والتفافاً حول قيادته المتمسكة بالثوابت الوطنية. وأكد أبو ردينة «أن القيادة الفلسطينية، وعلى رأسها الرئيس محمود عباس، ومن خلفها الشعب الفلسطيني، ستواجه هذه التحديات بكل صلابة وقوة، ولن تسمح بتمرير أي مشاريع مشبوهة هدفها تصفية القضية الفلسطينية، مؤكدة أن القدس بمقدساتها أو أي حق من حقوق شعبنا ليست للبيع أو المساومة، وأن السلام الحقيقي لن يتحقق إلا بقيام دولة فلسطينية مستقلة، وعاصمتها القدس الشرقية، على حدود العام 1967».
وأشار الناطق الرسمي باسم الرئاسة، إلى أن تعهد الولايات المتحدة الأميركية بتقديم دعم بقيمة 705 ملايين دولار لجيش الاحتلال الإسرائيلي، في حين تقطع المساعدات عن أبناء شعبنا، إلى جانب تصريحات مندوبيها في إسرائيل والأمم المتحدة، «ستساهم في توتير الأجواء، وتوريط الإدارة الأميركية في مواقف ستضر بمصالحها ومصالح الجميع».
وعد أبو ردينة المواقف الأميركية مواقف منحازة، و«تشكل انتهاكاً واضحاً للقوانين والشرائع الدولية، وستخلق مناخات سلبية ستؤثر على المنطقة والعالم».
كما رفض صائب عريقات، أمين سر اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية، قيام الإدارة الأميركية بمكافأة سلطة الاحتلال، إسرائيل، بالمزيد من المساعدات المالية والعسكرية، في الوقت الذي تقوم فيه بتهديد الدول المساندة للقانون الدولي بشأن القضية الفلسطينية، بقطع المساعدات عنها، وقطع المساعدات عن الشعب الفلسطيني لتمسكه بالقانون الدولي وحقوقه الوطنية المشروعة، بما فيها الحق في تجسيد استقلال دولة فلسطين بعاصمتها القدس الشرقية على حدود 1967، وحل قضايا الوضع النهائي كافة، وعلى رأسها قضية اللاجئين والأسرى، استناداً لقرارات الشرعية الدولية ذات العلاقة، قائلاً إن ذلك «يعتبر خروجاً فاضحاً عن القانون الدولي والشرعية الدولية».
وقال عريقات «إن جميع الإجراءات الأميركية الخارجة عن القانون الدولي لن تخلق حقاً ولن تنشئ التزاماً، حيث إن الغالبية العظمى من دول العالم ترفض قرارات إدارة الرئيس ترمب اعتبار القدس عاصمة لإسرائيل، وتؤكد أيضاً رفضها للتهديدات الأميركية».



انقلابيو اليمن ينزفون جراء تصعيدهم الميداني

سور مستشفى حكومي في صنعاء حوّله الحوثيون إلى معرض لصور قتلاهم (الشرق الأوسط)
سور مستشفى حكومي في صنعاء حوّله الحوثيون إلى معرض لصور قتلاهم (الشرق الأوسط)
TT

انقلابيو اليمن ينزفون جراء تصعيدهم الميداني

سور مستشفى حكومي في صنعاء حوّله الحوثيون إلى معرض لصور قتلاهم (الشرق الأوسط)
سور مستشفى حكومي في صنعاء حوّله الحوثيون إلى معرض لصور قتلاهم (الشرق الأوسط)

شيّعت جماعة الحوثيين خلال الأسبوع الماضي 17 قتيلاً من عناصرها العسكريين، الذين سقطوا على خطوط التماس مع القوات الحكومية في جبهات الساحل الغربي ومأرب وتعز والضالع، منهم 8 عناصر سقطوا خلال 3 أيام، دون الكشف عن مكان وزمان مقتلهم.

وفقاً للنسخة الحوثية من وكالة «سبأ»، شيّعت الجماعة في العاصمة اليمنية المختطفة صنعاء كلاً من: ملازم أول رشاد محمد الرشيدي، وملازم ثانٍ هاشم الهجوه، وملازم ثانٍ محمد الحاكم.

تشييع قتلى حوثيين في ضواحي صنعاء (إعلام حوثي)

وسبق ذلك تشييع الجماعة 5 من عناصرها، وهم العقيد صالح محمد مطر، والنقيب هيمان سعيد الدرين، والمساعد أحمد علي العدار، والرائد هلال الحداد، وملازم أول ناجي دورم.

تأتي هذه الخسائر متوازية مع إقرار الجماعة خلال الشهر الماضي بخسائر كبيرة في صفوف عناصرها، ينتحل أغلبهم رتباً عسكرية مختلفة، وذلك جراء خروقها الميدانية وهجماتها المتكررة ضد مواقع القوات الحكومية في عدة جبهات.

وطبقاً لإحصائية يمنية أعدّها ونشرها موقع «يمن فيوتشر»، فقد خسرت الجماعة خلال نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، 31 من مقاتليها، أغلبهم ضباط، سقطوا في مواجهات مع القوات الحكومية.

وشيّع الانقلابيون الحوثيون جثامين هؤلاء المقاتلين في صنعاء ومحافظة حجة، دون تحديد مكان وزمان مصرعهم.

وأكدت الإحصائية أن قتلى الجماعة خلال نوفمبر يُمثل انخفاضاً بنسبة 6 في المائة، مقارنة بالشهر السابق الذي شهد سقوط 33 مقاتلاً، ولفتت إلى أن ما نسبته 94 في المائة من إجمالي قتلى الجماعة الذين سقطوا خلال الشهر ذاته هم من القيادات الميدانية، ويحملون رتباً رفيعة، بينهم ضابط برتبة عميد، وآخر برتبة مقدم، و6 برتبة رائد، و3 برتبة نقيب، و 13 برتبة ملازم، و5 مساعدين، واثنان بلا رتب.

وكشفت الإحصائية عن أن إجمالي عدد قتلى الجماعة في 11 شهراً ماضياً بلغ 539 مقاتلاً، بينهم 494 سقطوا في مواجهات مباشرة مع القوات الحكومية، بينما قضى 45 آخرون في غارات جوية غربية.

152 قتيلاً

وتقدر مصادر عسكرية يمنية أن أكثر من 152 مقاتلاً حوثياً لقوا مصرعهم على أيدي القوات الحكومية بمختلف الجبهات خلال سبتمبر (أيلول) وأكتوبر (تشرين الأول) الماضيين، منهم 85 قيادياً وعنصراً قُتلوا بضربات أميركية.

وشهد سبتمبر المنصرم تسجيل رابع أعلى معدل لقتلى الجماعة في الجبهات منذ بداية العام الحالي، إذ بلغ عددهم، وفق إحصائية محلية، نحو 46 عنصراً، معظمهم من حاملي الرتب العالية.

الحوثيون استغلوا الحرب في غزة لتجنيد عشرات الآلاف من المقاتلين (إكس)

وبحسب المصادر، تُحِيط الجماعة الحوثية خسائرها البشرية بمزيد من التكتم، خشية أن يؤدي إشاعة ذلك إلى إحجام المجندين الجدد عن الالتحاق بصفوفها.

ونتيجة سقوط مزيد من عناصر الجماعة، تشير المصادر إلى مواصلة الجماعة تعزيز جبهاتها بمقاتلين جُدد جرى استقطابهم عبر برامج التعبئة الأخيرة ذات المنحى الطائفي والدورات العسكرية، تحت مزاعم مناصرة «القضية الفلسطينية».

وكان زعيم الجماعة الحوثية أقرّ في وقت سابق بسقوط ما يزيد عن 73 قتيلاً، وإصابة 181 آخرين، بجروح منذ بدء الهجمات التي تزعم الجماعة أنها داعمة للشعب الفلسطيني.

وسبق أن رصدت تقارير يمنية مقتل نحو 917 عنصراً حوثياً في عدة جبهات خلال العام المنصرم، أغلبهم ينتحلون رتباً عسكرية متنوعة، في مواجهات مع القوات الحكومية.