قناة السويس تروي ملحمة 4 آلاف عام في معرض باريسي

حلم بها الفراعنة ونابليون وحفرها المصريون بسواعد فلاحيهم وأمموها وشقوا فرعاً لها

TT

قناة السويس تروي ملحمة 4 آلاف عام في معرض باريسي

إنّه معرض آخر من تلك الأحداث الكبرى، التي يجيد معهد العالم العربي في باريس تنظيمها واستضافتها. ولعل قناة السويس التي مضى قرن ونصف القرن على افتتاحها، لا تثير اهتمام الفرنسيين المعروف عنهم شغفهم بالتاريخ المصري، فحسب، بل تحرك فضول الجيل الثاني من المهاجرين المغاربيين الذين وصلتهم حكاية تأميم القناة وما تبعها من نزاع سياسي بلغ حد الحرب وتحريك الجيوش، وتابعوا من خلال الفضائيات، في فترة أحدث، وقائع شق فرع مواز لها.
لم يبالغ دليل المعرض الذي يفتتح غداً ويستمر حتى ربيع 2019، حين وصف قناة السويس بأنّها تخط ملحمة تاريخية، وتعدّ واحدة من أهم منشآت الإنسان. تاريخ يجري منذ 4 آلاف سنة ويستعيد شخصيات مهمة وقوية واجهت تحديات خارقة في مكان رمزي سمح بالاتصال بين ثلاث قارات: آسيا وأفريقيا وأوروبا. إنّ حكايتها هي إشارة لتاريخ العالم وحضاراته الكبيرة التي تعاونت وتواجهت في تلك النقطة الحساسة للتجارة بين الشعوب، بين الشمال والجنوب والشرق والغرب. كما أنّها تسلط النظر على نهضة كانت في وقت واحد، سياسية واقتصادية وثقافية لدولة ذات حضارة عريقة، تمخضت عن عالم عربي ينشد تحرراً وعيشاً أفضل.
من العبارات المأثورة لفردينان دليسبس، المهندس الفرنسي الذي درس ونفّذ مشروع توصيل البحر الأحمر بالبحر الأبيض المتوسط: «قليل من الخيال هو خميرة جيدة لأكبر المشاريع الإنسانية». أمّا الخديوي إسماعيل الذي حفرت القناة في عهده فقال: «لا يوجد مُشجّع لهذه الفكرة أكثر منّي لكنّني أريد أن تكون القناة لمصر لا أن تكون مصر للقناة». إنّها الفكرة الممتدة من عهد الفراعنة حتى دليسبس، ومن مشروع نابليون بونابرت لغاية التأميم على يد عبد الناصر، أي عبر عدة قرون. وعلى غرار السينما التي تغوص كاميرتها تحت الماء، ينقل المعرض الزائر إلى أعماق افتتاحية 1869، يوم تدشين قناة السويس، ثم يتجول به خلال الزمن ليستعيد قصة التطور التاريخي لتلك الملحمة، من خلال وثائق زمانها وتحفها الفنية. وهو شريط يكاد يُقدّم تاريخ مصر والعالم عبر معرض شامل يغطي الفترة ما بين عهد الفراعنة ولغاية آخر أعمال توسيع القناة.
لم تظهر القناة بلمسة من عصا سحرية، بل ذهبت أرواح كثيرة وسط أخدودها ورمالها. ومثلما رافقت المشروع حكايات مؤلمة ومآس وعقبات، فإن هناك قصصاً ونـوادر وأحداثاً بارزة دمغـت تاريخه. لذلك يقترح المعرض على الزائر أن يدخل مباشرة في الموضوع، ويضعه فوراً في غمرة وقائع الافتتاح، قبل أن يعود بالزمن إلى مراحل التطور التاريخي لهذه الملحمة، عبر القطع الأثرية والمجسمات والصور الفوتوغرافية وأفلام المرحلة.
استقبل الخديوي إسماعيل، بمناسـبة افتتاح قناة السويس، ممثلين عن مختلف العائلات المالكة في أوروبا، فضلاً عن ممثلين عن السـلطان العثماني وإمبراطور النمسـا. بينما حلت الإمبراطورة الفرنسية أوجيني ضيفة شرف على مصر. ومع تقدم الزائر وسط شواهد ذلك الافتتاح من صور ملونة وأفلام وآلة «ديوراما» جيء بها خصيصاً من بورسعيد، تكون أنغام أوبرا «عايدة» رفيقته التي تصاحبه في الرحلة، مضيفة على أجواء المعرض نوعاً من الوهم الجميل بالسفر في الأزمنة. وبتلك المناسبة، جرى تجديد العديد من معالم القاهرة على غرار عواصم أوروبا الكبرى، فخُططت الطرقات وشُيدت العمارات ونُسقّت الحدائق العامة بشكل يستوحي باريس وفيينا. وقد طلب الخديوي من الموسيقار الإيطالي فيردي تأليف أوبرا «عايدة» لتكون الصدى الصوتي الفني والتاريخي للحدث.
في الجولة، يعرف الزائر أنّ الفرعون سسوستيس الثالث كان أول من سعى لربط النيل بالبحر الأحمر، في القرن 18 قبل الميلاد، وهو ما أتاح، بالتالي، الملاحة بين البحر المتوسط وبحار الجنوب. كانت قناة قديمة تسدها الرمال، أحياناً، فيعاد حفرها وتأهيلها لتعيش أكثر من 20 قرناً. وحين غدت غير صالحة للملاحة، ظهرت مشـاريع حفـر مماثلة لها في القسـطنطينية وفي البندقيـة، غيـر أنّهـا مشـاريع لم تر النور. أمّا الشّق الذي أحدثه حفر القناة داخل الصحراء فيجسده المعرض عبر تخطيط ناتئ صمم أساساً من أجل المعرض الدولي لعام 1878، كما تجسـده مجسـمات مصغرة لآلات ومراكب تعود لتلـك الفترة، مع صـور فوتوغرافية لأعمال الحفر يتابعها الزائر بالتزامن مع أشـرطة مصـورة تعكس النظـرات المتباينة للمصريين والأوروبيين، حين لم يتوقف التاريخ عن صياغة فكرة حفر القناة.
يرى المصريون أنّ القناة مشروع مصري، لأنّه ولد في قلب مشروع النهضة المصرية، بعد مواجهتها الحداثة الأوروبية. وبعد حملة نابليون، عادت مصر للحياة في عهد محمد علي وورثته اعتباراً من عام 1806. هذه السلالة الجديدة التي استقلت، شيئاً فشيئاً، عن الدولة العثمانية، واستقدمت خبراء غربيين، فرنسيين بالأخص، لإجراءات تحديث الدولة. وكان دليسبس واحداً منهم. مهندس موهوب ودبلوماسي ومغامر غير عادي، أخذ على عاتقه مشروع القناة الذي كان قد درسه ووضع فكرته مهندسو بونابرت، ومن بعدهم أتباع القديس سيمون. هذا على الرّغم من تردد محمد علي إزاء قناة في البحر تعبر برزخ السويس. لكنّ المهندس الفرنسي ومعه سعيد باشا، حفيد محمد علي، هذا الحاكم المحدث الذي ورث السلطة، انطلقا وحيدين في المغامرة، واستمرا فيها حتى الافتتاح الكبير. وقد احتفظت جمعية إحياء ذكرى دليسبس بكافة وثائق حفر القناة وخرائطها وصورها وما تركته في مخيلات الرسامين من لوحات فنية.
فتحت القناة الجديدة أبواب التفاؤل بحيث بات بمستطاع إسماعيل باشا أن يقول إنّ مصر لم تعد بلداً في القارة الأفريقية، بل في أوروبا. لكنّ الواقع كشف عن مشكلات كثيرة منها الإفلاس الاقتصادي والسيطرة والاحتلال العسكري الإنجليزي ابتداء من 1882. وما كان يمثل للأوروبيين مكاناً أسطورياً أصبح يعني للمصريين رمزاً للتبعية. لكنّ الحياة استمرت وتوسعت المدن المحيطة واخضوضر الرّيف وتحوّلت منطقة القناة إلى موقع قائم بذاته. كأنّه بقعة خارج الدولة. لكنّه يختلف على ما كانت عليه الإسكندرية أو القاهرة من مدن كوسموبوليتية تجتذب جنسيات وأقواماً عديدة تتعايش فيها. ثم جاءت الحرب العالمية الأولى وأعقبتها اتفاقية «سايكس بيكو» التي قسمت الشرق الأوسط إلى مناطق نفوذ ما بين بريطانيا وفرنسا. وفي عام 1936، خلال معاهدة لندن، تمكنت مصر من الحصول على استقلال شـبه كامل، بينما بقيت قناة السـويس تحت سـيطرة بريطانية لمدة 20 عاماً، حتى أعلن الرئيس جمال عبد الناصر تأميمها في عام 1956. وهنا يجد زائر المعرض نفسـه منغمساً، هذه المرة، في قلب مشهد التأميم وخطاب عبد الناصر أمام تجمع متحمس مأخوذ بالعزة الوطنية والقومية. وكان الرّد عدواناً شاركت فيه بريطانيا وفرنسا وإسرائيل، وصمدت فيه مصر، وقدم شعبها التضحيات. كانت القناة في قلب الصراع العربي الإسرائيلي، وتعرضت للإغلاق عدة سنوات بعد حرب يونيو (حزيران) 1967. ثم كان العبور المصري في حرب عام 1973، وما سمح به تقدم الجيش المصري من إعادة افتتاح القناة للملاحة وتطهير مجراها.
إنّها اليوم توصف بـ«قناة المستقبل» وقد جرى توسـيعها وتعميقها وتحديثها بشكـل كبير، وتحوّلت إلى أحد أهم مصادر العملة الصّعبة في مصر. وشـهد العام 2015 إطلاق مشـروع جديـد للشق لجعلها قناة مزدوجة الاتجاه، وهو ما يساعد على نمو منطقة صناعية وأخرى سكانية يفترض أن تجذب إليها ملايين السكان.
بعـد اختتامه في معهد العالم العربي، من المقرّر أن ينتقل المعرض إلى متحف التاريخ في مدينة مرسيليا ثـم إلى متحف الحضارات في القاهرة للاحتفال بالذكرى 150 لافتتاح القناة.



رحيل إيلي شويري عاشق لبنان و«أبو الأناشيد الوطنية»

عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
TT

رحيل إيلي شويري عاشق لبنان و«أبو الأناشيد الوطنية»

عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»

إنه «فضلو» في «بياع الخواتم»، و«أبو الأناشيد الوطنية» في مشواره الفني، وأحد عباقرة لبنان الموسيقيين، الذي رحل أول من أمس (الأربعاء) عن عمر ناهز 84 عاماً.
فبعد تعرضه لأزمة صحية نقل على إثرها إلى المستشفى، ودّع الموسيقي إيلي شويري الحياة. وفي حديث لـ«الشرق الأوسط» أكدت ابنته كارول أنها تفاجأت بانتشار الخبر عبر وسائل التواصل الاجتماعي قبل أن تعلم به عائلته. وتتابع: «كنت في المستشفى معه عندما وافاه الأجل. وتوجهت إلى منزلي في ساعة متأخرة لأبدأ بالتدابير اللازمة ومراسم وداعه. وكان الخبر قد ذاع قبل أن أصدر بياناً رسمياً أعلن فيه وفاته».
آخر تكريم رسمي حظي به شويري كان في عام 2017، حين قلده رئيس الجمهورية يومها ميشال عون وسام الأرز الوطني. وكانت له كلمة بالمناسبة أكد فيها أن حياته وعطاءاته ومواهبه الفنية بأجمعها هي كرمى لهذا الوطن.
ولد إيلي شويري عام 1939 في بيروت، وبالتحديد في أحد أحياء منطقة الأشرفية. والده نقولا كان يحضنه وهو يدندن أغنية لمحمد عبد الوهاب. ووالدته تلبسه ثياب المدرسة على صوت الفونوغراف الذي تنساب منه أغاني أم كلثوم مع بزوغ الفجر. أما أقرباؤه وأبناء الجيران والحي الذي يعيش فيه، فكانوا من متذوقي الفن الأصيل، ولذلك اكتمل المشوار، حتى قبل أن تطأ خطواته أول طريق الفن.
- عاشق لبنان
غرق إيلي شويري منذ نعومة أظافره في حبه لوطنه وترجم عشقه لأرضه بأناشيد وطنية نثرها على جبين لبنان، ونبتت في نفوس مواطنيه الذين رددوها في كل زمان ومكان، فصارت لسان حالهم في أيام الحرب والسلم. «بكتب اسمك يا بلادي»، و«صف العسكر» و«تعلا وتتعمر يا دار» و«يا أهل الأرض»... جميعها أغنيات شكلت علامة فارقة في مسيرة شويري الفنية، فميزته عن سواه من أبناء جيله، وذاع صيته في لبنان والعالم العربي وصار مرجعاً معتمداً في قاموس الأغاني الوطنية. اختاره ملك المغرب وأمير قطر ورئيس جمهورية تونس وغيرهم من مختلف أقطار العالم العربي ليضع لهم أجمل معاني الوطن في قالب ملحن لا مثيل له. فإيلي شويري الذي عُرف بـ«أبي الأناشيد الوطنية» كان الفن بالنسبة إليه منذ صغره هَوَساً يعيشه وإحساساً يتلمسه في شكل غير مباشر.
عمل شويري مع الرحابنة لفترة من الزمن حصد منها صداقة وطيدة مع الراحل منصور الرحباني. فكان يسميه «أستاذي» ويستشيره في أي عمل يرغب في القيام به كي يدله على الصح من الخطأ.
حبه للوطن استحوذ على مجمل كتاباته الشعرية حتى لو تناول فيها العشق، «حتى لو رغبت في الكتابة عن أعز الناس عندي، أنطلق من وطني لبنان»، هكذا كان يقول. وإلى هذا الحد كان إيلي شويري عاشقاً للبنان، وهو الذي اعتبر حسه الوطني «قدري وجبلة التراب التي امتزج بها دمي منذ ولادتي».
تعاون مع إيلي شويري أهم نجوم الفن في لبنان، بدءاً بفيروز وسميرة توفيق والراحلين وديع الصافي وصباح، وصولاً إلى ماجدة الرومي. فكان يعدّها من الفنانين اللبنانيين القلائل الملتزمين بالفن الحقيقي. فكتب ولحن لها 9 أغنيات، من بينها «مين إلنا غيرك» و«قوم تحدى» و«كل يغني على ليلاه» و«سقط القناع» و«أنت وأنا» وغيرها. كما غنى له كل من نجوى كرم وراغب علامة وداليدا رحمة.
مشواره مع الأخوين الرحباني بدأ في عام 1962 في مهرجانات بعلبك. وكانت أول أدواره معهم صامتة بحيث يجلس على الدرج ولا ينطق إلا بكلمة واحدة. بعدها انتسب إلى كورس «إذاعة الشرق الأدنى» و«الإذاعة اللبنانية» وتعرّف إلى إلياس الرحباني الذي كان يعمل في الإذاعة، فعرّفه على أخوَيه عاصي ومنصور.

مع أفراد عائلته عند تقلده وسام الأرز الوطني عام 2017

ويروي عن هذه المرحلة: «الدخول على عاصي ومنصور الرحباني يختلف عن كلّ الاختبارات التي يمكن أن تعيشها في حياتك. أذكر أن منصور جلس خلف البيانو وسألني ماذا تحفظ. فغنيت موالاً بيزنطياً. قال لي عاصي حينها؛ من اليوم ممنوع عليك الخروج من هنا. وهكذا كان».
أسندا إليه دور «فضلو» في مسرحية «بياع الخواتم» عام 1964. وفي الشريط السينمائي الذي وقّعه يوسف شاهين في العام التالي. وكرّت السبحة، فعمل في كلّ المسرحيات التي وقعها الرحابنة، من «دواليب الهوا» إلى «أيام فخر الدين»، و«هالة والملك»، و«الشخص»، وصولاً إلى «ميس الريم».
أغنية «بكتب اسمك يا بلادي» التي ألفها ولحنها تعد أنشودة الأناشيد الوطنية. ويقول شويري إنه كتب هذه الأغنية عندما كان في رحلة سفر مع الراحل نصري شمس الدين. «كانت الساعة تقارب الخامسة والنصف بعد الظهر فلفتني منظر الشمس التي بقيت ساطعة في عز وقت الغروب. وعرفت أن الشمس لا تغيب في السماء ولكننا نعتقد ذلك نحن الذين نراها على الأرض. فولدت كلمات الأغنية (بكتب اسمك يا بلادي عالشمس الما بتغيب)».
- مع جوزيف عازار
غنى «بكتب اسمك يا بلادي» المطرب المخضرم جوزيف عازار. ويخبر «الشرق الأوسط» عنها: «ولدت هذه الأغنية في عام 1974 وعند انتهائنا من تسجيلها توجهت وإيلي إلى وزارة الدفاع، وسلمناها كأمانة لمكتب التوجيه والتعاون»، وتابع: «وفوراً اتصلوا بنا من قناة 11 في تلفزيون لبنان، وتولى هذا الاتصال الراحل رياض شرارة، وسلمناه شريط الأغنية فحضروا لها كليباً مصوراً عن الجيش ومعداته، وعرضت في مناسبة عيد الاستقلال من العام نفسه».
يؤكد عازار أنه لا يستطيع اختصار سيرة حياة إيلي شويري ومشواره الفني معه بكلمات قليلة. ويتابع لـ«الشرق الأوسط»: «لقد خسر لبنان برحيله مبدعاً من بلادي كان رفيق درب وعمر بالنسبة لي. أتذكره بشوشاً وطريفاً ومحباً للناس وشفافاً، صادقاً إلى أبعد حدود. آخر مرة التقيته كان في حفل تكريم عبد الحليم كركلا في الجامعة العربية، بعدها انقطعنا عن الاتصال، إذ تدهورت صحته، وأجرى عملية قلب مفتوح. كما فقد نعمة البصر في إحدى عينيه من جراء ضربة تلقاها بالغلط من أحد أحفاده. فضعف نظره وتراجعت صحته، وما عاد يمارس عمله بالشكل الديناميكي المعروف به».
ويتذكر عازار الشهرة الواسعة التي حققتها أغنية «بكتب اسمك يا بلادي»: «كنت أقفل معها أي حفل أنظّمه في لبنان وخارجه. ذاع صيت هذه الأغنية، في بقاع الأرض، وترجمها البرازيليون إلى البرتغالية تحت عنوان (أومينا تيرا)، وأحتفظ بنصّها هذا عندي في المنزل».
- مع غسان صليبا
مع الفنان غسان صليبا أبدع شويري مرة جديدة على الساحة الفنية العربية. وكانت «يا أهل الأرض» واحدة من الأغاني الوطنية التي لا تزال تردد حتى الساعة. ويروي صليبا لـ«الشرق الأوسط»: «كان يعد هذه الأغنية لتصبح شارة لمسلسل فأصررت عليه أن آخذها. وهكذا صار، وحققت نجاحاً منقطع النظير. تعاونت معه في أكثر من عمل. من بينها (كل شيء تغير) و(من يوم ما حبيتك)». ويختم صليبا: «العمالقة كإيلي شويري يغادرونا فقط بالجسد. ولكن بصمتهم الفنية تبقى أبداً ودائماً. لقد كانت تجتمع عنده مواهب مختلفة كملحن وكاتب ومغنٍ وممثل. نادراً ما نشاهدها تحضر عند شخص واحد. مع رحيله خسر لبنان واحداً من عمالقة الفن ومبدعيه. إننا نخسرهم على التوالي، ولكننا واثقون من وجودهم بيننا بأعمالهم الفذة».
لكل أغنية كتبها ولحنها إيلي شويري قصة، إذ كان يستمد موضوعاتها من مواقف ومشاهد حقيقية يعيشها كما كان يردد. لاقت أعماله الانتقادية التي برزت في مسرحية «قاووش الأفراح» و«سهرة شرعية» وغيرهما نجاحاً كبيراً. وفي المقابل، كان يعدها من الأعمال التي ينفذها بقلق. «كنت أخاف أن تخدش الذوق العام بشكل أو بآخر. فكنت ألجأ إلى أستاذي ومعلمي منصور الرحباني كي يرشدني إلى الصح والخطأ فيها».
أما حلم شويري فكان تمنيه أن تحمل له السنوات الباقية من عمره الفرح. فهو كما كان يقول أمضى القسم الأول منها مليئة بالأحزان والدموع. «وبالقليل الذي تبقى لي من سنوات عمري أتمنى أن تحمل لي الابتسامة».