ما إن أعلن الأمير محمد بن سلمان بن عبد العزيز، ولي العهد السعودي نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الدفاع، عن مشروع «نيوم»، إلا وبدأت أنظار المستثمرين العالميين، وبيوت الخبرة الدولية، تتجه صوب هذا المشروع «الحلم»، الذي من المتوقع أن يحدث نقلة كبرى على صعيد خريطة الاستثمار العالمي في مجال الابتكار والتقنية.
ومن المرتقب أن تبحث كبرى الشركات الأميركية، خلال زيارة الأمير محمد بن سلمان الحالية للولايات المتحدة، فرصة الاستثمار في هذا المشروع العملاق. ويأتي ذلك في الوقت الذي كشفت فيه «سوفت بنك»، في وقت سابق، عن عزمها استثمار 25 مليار دولار في السعودية، منها 60 في المائة سيتم تخصيصها لمشروع «نيوم»، أي ما يوازي 15 مليار دولار.
ومن المتوقع أن تصدر عن زيارة ولي العهد إلى الولايات المتحدة حزمة من الاتفاقيات الاقتصادية النوعية الجديدة، منها ما يتعلق بالاستثمار في مشروع «نيوم»، الذي يُعد واحداً من أكثر المشاريع العالمية تقدماً.
وبالحديث عن «نيوم»، فإن هذا المشروع يعد منطقة خاصة ممتدة بين 3 دول، تشمل وجهة حيوية جديدة تقع شمال غربي السعودية، إضافة إلى أراض داخل الحدود المصرية والأردنية. ويسعى المشروع ليصبح محوراً يجمع أفضل العقول والشركات معاً لتخطي حدود الابتكار إلى أعلى مستويات الحضارة الإنسانية. وقد تم تصميم هذه المنطقة الخاصة لتتفوق على المدن العالمية الكبرى، من حيث القدرة التنافسية ونمط المعيشة، إذ من المتوقع أن تصبح مركزاً رائداً للعالم بأسره.
ويشكل «نيوم» منطقة تطوير حافلة بالفرص، حيث سيوفر كثيراً من فرص التطوير، بمساحة إجمالية تصل إلى 26.5 ألف كيلومتر مربع. كما يتمتع المشروع بعدد من المزايا الفريدة، من خلال المناخ الجيد والتضاريس المتنوعة، فيما يتم تطوير وإنشاء مشروع «نيوم» من الصفر، وهذا ما يمنح المنطقة فرصاً استثنائية تميزها عن بقية المشاريع والمدن العالمية التي نشأت وتطورت عبر مئات السنين، وذلك من خلال استهداف تقنيات الجيل المقبل كركيزة أساسية للبنية التحتية للمشروع.
ويقع مشروع «نيوم» في منطقة غنية بالرياح والطاقة الشمسية، إذ يشكل بيئة مثالية لتطوير مشاريع الطاقة المتجددة، مما يتيح للمشروع أن يتم تزويده بالطاقة وبأقل تكلفة، حيث ثروة شمسية مستمرة (20 ميغاغول / متر مربع يومياً)، وسرعة رياح مثالية (متوسط 10.3 متر / ثانية). كما تعد المنطقة غنية بالنفط والغاز، بالإضافة إلى المعادن الطبيعية. وسيسهم استغلال هذه الثروات في تعزيز معايير الاستدامة في مشروع «نيوم» بأقصى ما يمكن.
ويقدم المشروع مزايا قيمة للشركات والأفراد، بحيث يلبي احتياجات السعودية، ويستقطب أفضل الشركات وأصحاب الكفاءات من جميع أنحاء العالم، وتتضمن مزايا الشركات الوصول إلى السوق السعودية بشكل مباشر أولاً، والأسواق العالمية ثانياً، كون المنطقة مركزاً لربط القارات الثلاث، إلى جانب مزايا منظومة توريد وابتكار شاملة، والتمويل والحوافز المالية، وبيئة تنظيمية لقطاعات خاصة ومحددة، مع قوانين تجارية مشجعة على مستوى عالمي، وبنية تحتية تحاكي المستقبل. وفي ظل هذه المزايا الفريدة التي يتميز بها «نيوم»، فإن الشركات الأميركية أمام فرصة جاذبة جداً للاستثمار في هذا المشروع العملاق، خصوصاً أنه سيتم دعم «نيوم» بأكثر من 500 مليار دولار خلال الأعوام المقبلة من قبل المملكة العربية السعودية، وصندوق الاستثمارات العامة، بالإضافة إلى المستثمرين المحليين والعالميين. وقد تصل مساهمة المشروع في الناتج المحلي الإجمالي للمملكة إلى 100 مليار دولار بحلول عام 2030، بل قد تتجاوز ذلك، بالإضافة إلى أن الناتج المحلي للفرد في هذه المنطقة الخاصة سيكون الأعلى في العالم.
أيضاً من بين الفرص أن المشروع سيتم تشغيل وجهته بشكل كامل باستخدام الطاقة المتجددة، بما في ذلك جميع المباني، ومن دون استخدام الكربون على الإطلاق، فيما سيغدو مشروع «نيوم» بمثابة مختبر لأساليب ومواد البناء المبتكرة، مع مرونة كاملة لمواكبة احتياجات المستقبل.
وبتطلعات تتخطى اللحظة، يهدف المشروع إلى تطوير قطاعات اقتصادية رئيسية للمستقبل، إلى جانب القطاعات التي تعالج مسألة التسرب الاقتصادي في المملكة، والمنطقة عموماً، بحيث يتم دعم هذه الشركات من قبل صناديق تنموية.
وقد تم تحديد 9 قطاعات اقتصادية رئيسية لتعزيز الحضور الاقتصادي للمشروع، تتمثل في مستقبل الطاقة والمياه، الذي يشمل الاعتماد الكامل على الطاقة المتجددة، وحلول تخزين الطاقة، وحلول النقل، بالإضافة إلى التصنيع، والأبحاث والتطوير. وعلاوة على ذلك، استخدام التقنية الصديقة للبيئة لتعزيز آلية استخدام المياه بأكفأ الطرق وأمثلها.
وفيما يخص قطاع مستقبل التنقل، فإنه يشمل الموانئ البحرية، بالإضافة إلى المطارات، وحلول النقل الذاتي، كالمركبات ذاتية القيادة، والطائرات من دون طيار، وغيرها. في حين أنه في قطاع مستقبل التقنيات الحيوية، يشتمل هذا القطاع على التقنية الحيوية، والتقنية الحيوية البشرية، وصناعة الأدوية.
وفي قطاع مستقبل الغذاء، فإنه يشمل مركزاً عالمياً لابتكار التقنيات الغذائية، بما فيها الزراعة باستخدام مياه البحر، والزراعة المائية والهوائية، والزراعة الصحراوية.
وفيما يخص مستقبل التصنيع المتطور، يشمل القطاع المواد الجديدة، والطباعة ثلاثية الأبعاد، وصناعة الروبوتات، وصناعة المركبات، وغيرها، في حين أنه في قطاع مستقبل الإعلام والإنتاج الإعلامي، فإنه يشتمل هذا القطاع على تطوير صناعة الإنتاج التلفزيوني والسينمائي، وتطوير المحتوى الرقمي، وتطوير صناعة ألعاب الفيديو، وغيرها.
وفي قطاع مستقبل الترفيه، فإنه يشتمل على المنشآت والأنشطة والفعاليات الترفيهية الرياضية والثقافية، وفي قطاع مستقبل العلوم التقنية والرقمية، فإنه يشتمل على الذكاء الاصطناعي، وتقنيات الواقع الافتراضي والمعزز، ومراكز البيانات، وإنترنت الأشياء، والتجارة الإلكترونية. وفيما يخص قطاع مستقبل المعيشة، كركيزة أساسية لباقي القطاعات، فإن ذلك يشمل السكن والتعليم، والأمن والسلامة، والمساحات الخضراء، والرعاية الصحية، والضيافة والفندقة.
ومن المنتظر أن يقوم اقتصاد مشروع «نيوم» على مزيج من القطاعات التقليدية والمستقبلية، مع التركيز بصورة رئيسية على القطاعات المستقبلية، بهدف زيادة الصادرات إلى المنطقة والعالم.
وفي هذا الشأن، ستجد الشركات الأميركية محفزات اقتصادية قوية تدفعها للاستثمار في مشروع «نيوم»، بالإضافة إلى المزايا النوعية الخاصة بالمشروع، حيث يعتبر الاقتصاد السعودي واحداً من أقوى الاقتصادات العالمية، كما أن المملكة تُعد في الوقت ذاته عضواً فاعلاً في مجموعة دول العشرين.
ويجد المتتبع للشأن الاقتصادي حزمة من الأدلة والبراهين التي تؤكد عمق ومتانة الاقتصاد السعودي خلال العقود القليلة الماضية، إلا أن المؤشر الحديث هو الإعلان عن أضخم ميزانية سعودية في تاريخ البلاد خلال عام 2018، التي يتجاوز فيها حجم الإنفاق حاجز تريليون ريال (267 مليار دولار)، في دلالة واضحة على قدرة المملكة على المضي قدماً في تحقيق «رؤية 2030»، وتقليل الاعتماد على النفط كمصدر دخل رئيسي للبلاد. وبالحديث عن حوافز الاستثمار في السعودية، تستعرض وزارة التجارة والاستثمار، عبر موقعها الإلكتروني، حزمة من الأسباب الداعية للاستثمار في القطاعات الاستراتيجية التي تمتلك فيها السعودية مزايا نسبية عالية، والتي تعتبر القلب النابض في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، اللتين يبلغ عدد سكانهما 400 مليون نسمة.
جاذبية «نيوم» تصل مدار الاستثمارات الأميركية
زيارة ولي العهد تفتح الفرصة أمام الشركات الطامحة للاستثمار في السعودية
جاذبية «نيوم» تصل مدار الاستثمارات الأميركية
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة