مفاوضات ماراثونية تسبق إعلان «الوطني الحر» تحالفاته الانتخابية اليوم

تخبّط في عكار وبعبدا والبقاع الغربي

لافتة انتخابية لأحد المرشحين على مبنى مدمر في بيروت
لافتة انتخابية لأحد المرشحين على مبنى مدمر في بيروت
TT

مفاوضات ماراثونية تسبق إعلان «الوطني الحر» تحالفاته الانتخابية اليوم

لافتة انتخابية لأحد المرشحين على مبنى مدمر في بيروت
لافتة انتخابية لأحد المرشحين على مبنى مدمر في بيروت

يُعد «التيار الوطني الحر» اليوم لمهرجان انتخابي كبير يُعلن خلاله تحالفاته ولوائحه الانتخابية النهائية قبل يومين من الموعد الذي حددته وزارة الداخلية لإقفال الباب أمام تشكيل اللوائح. وشهدت الساعات القليلة الماضية مفاوضات ونقاشات ماراثونية لحسم قيادة «التيار» قرارها في عدد من الدوائر، حيث بدا التخبط السمة المشتركة، خصوصاً في دوائر: عكار في الشمال، وبعبدا في جبل لبنان، والبقاع الغربي شرق البلاد.
وأفيد عن توجه القيادة العونية في بعبدا للإبقاء على مرشحيها الموارنة الـ3؛ النواب آلان عون وحكمت ديب وناجي غاريوس على اللائحة التي ستضمهم إلى مرشحي الثنائي الشيعي والحزب «الديمقراطي اللبناني» (طلال أرسلان)، بعدما كانت تبحث خيار التخلي عن أحدهم لضمان الفوز بمقعدين مارونيين، وتبني ترشيح رئيس حزب «الوعد» جو حبيقة. إلا أن التخبط الذي شهده الشارع العوني والتخوف من خسارة أصوات أهالي بلدة الحدث الأكبر مسيحياً في المنطقة في حال التخلي عن ترشيح ديب، أو خسارة أصوات آل غاريوس ومسيحيي الشياح في حال التخلي عن النائب ناجي غاريوس، جعل رئيس «التيار» يحسم أمره بالإبقاء على المرشحين الـ3، وفق ما أكده الخبير الانتخابي أنطوان مخيبر، لافتاً إلى أن مصلحة العونيين كانت تقتضي السير بحبيقة. وقال مخيبر لـ«الشرق الأوسط»: «لا شك أن قانون الانتخاب لم يصب لمصلحة (التيار) كما ظن في بادئ الأمر، أضف أن طريقة إدارة الانتخابات والمفاوضات لم تكن ناجحة». وإذ تحدث عن 13 مقعداً نيابياً مضمونين، أشار مخيبر إلى أنه لو نجحت القيادة العونية بإتمام تحالف انتخابي شامل مع «المستقبل» لكانت ضمنت نحو 25 مقعداً نيابياً.
وكما في بعبدا، كذلك في عكار التي تُعرف بدائرة «الشمال الأولى» حيث تواصلت المباحثات حتى ساعات متأخرة من مساء أمس الجمعة، في ظل طرح كان يقضي بإعادة النظر بتحالف «المستقبل» - «الوطني الحر» في الدائرة المذكورة. وأفادت معلومات «الشرق الأوسط» بوجود توجه لتشكيل لائحة خاصة بـ«التيار» بعد فشل التفاهم مع قوى «8 آذار» بالمنطقة، كما مع تيار «المستقبل». إلا أن خوض التيار المعركة وحده في المنطقة لا يضمن له إلا فوز مرشح وحيد على الأكثر، في ظل توجه لائحة «المستقبل» لكسب معظم المقاعد الـ7. أما في البقاع الغربي، فيبدو وضع العونيين هو الأصعب، فبعد تسجيل الوزير السابق عبد الرحيم مراد لائحته أمس في وزارة الداخلية، التي تضمه إلى مرشح الثنائي الشيعي والنائب السابق فيصل الداود، من دون ضم المرشح الحزبي لـ«الوطني الحر» إليها واقتصار الأمر على ضم حليف «التيار» عن المقعد الأرثوذكسي نائب رئيس المجلس النيابي السابق إيلي الفرزلي، سيكون على القيادة العونية إقناع تيار «المستقبل» بضم المرشح الماروني شربل مارون إلى لائحته في ظل عدم القدرة على تشكيل لائحة خاصة بـ«التيار»، وإلا سيكون العونيون خارج المنافسة في هذه المنطقة.
وفي مقابل التخبط في دوائر عكار والبقاع الغربي وبعبدا، كانت لوائح «الوطني الحر» تكتمل في دوائر أخرى، وبالتحديد في المتن وزحلة وكسروان - جبيل. وبعد انسحاب النائب نبيل نقولا من السباق الانتخابي في المتن، باتت لائحة «الوطني الحر» تضم إلى النواب إبراهيم كنعان وغسان مخيبر وهاغوب بقرادونيان، كلاً من إدغار معروف وإلياس بو صعب وكورين الأشقر وغسان الأشقر وسركيس سركيس.
أما في جبيل - كسروان، فقد اكتملت اللائحة، بحسب رئيسها العميد المتقاعد شامل روكز. وهي تضم إليه كلاً من النائب السابق منصور البون، والوزير السابق زياد بارود، ونعمة أفرام، وروجيه عازار، كما النائبين سيمون أبي رميا ووليد خوري، إضافة إلى مرشح شيعي لم يُعلن عن اسمه بعد.
وفي زحلة يخوض «الوطني الحر» المعركة إلى جانب تيار «المستقبل»، فقد تم الإعلان عن لائحة مكتملة تضم إلى جانب النائب السابق والقيادي العوني سليم عون كلاً من النائب عاصم عراجي، وأسعد نكد، وميشال الضاهر، وميشال السكاف، ونزار دلول وماري جان بيلازكجيان.
وفيما أكد نائب رئيس «التيار الوطني الحر» المرشح عن مقعد الروم الكاثوليك في دائرة بيروت الأولى الوزير السابق نقولا صحناوي، أن أسماء مرشحي «التيار» في بيروت قد حُسمت على أن يُعلن عنها اليوم السبت، واتضاح صورة التحالفات والمرشحين العونيين في دائرة الشمال الثالثة بعد الإعلان عن تفاهم انتخابي مع رئيس حركة «الاستقلال» ميشال معوض، يكون العونيون خرجوا من السباق الانتخابي في دائرة الشمال الثانية التي تضم طرابلس - المنية - الضنية بعد تعذر انضمامهم إلى إحدى اللوائح المتنافسة، وعدم قدرتهم على تشكيل لائحة خاصة بهم.



الحوثيون يواجهون مخاوفهم من مصير الأسد بالقمع والتحشيد

طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
TT

الحوثيون يواجهون مخاوفهم من مصير الأسد بالقمع والتحشيد

طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)

ضمن مخاوف الجماعة الحوثية من ارتدادات تطورات الأوضاع في سوريا على قوتها وتراجع نفوذ محور إيران في منطقة الشرق الأوسط؛ صعّدت الجماعة من ممارساتها بغرض تطييف المجتمع واستقطاب أتباع جدد ومنع اليمنيين من الاحتفال بسقوط نظام بشار الأسد.

واستهدفت الجماعة، حديثاً، موظفي مؤسسات عمومية وأخرى خاصة وأولياء أمور الطلاب بالأنشطة والفعاليات ضمن حملات التعبئة التي تنفذها لاستقطاب أتباع جدد، واختبار ولاء منتسبي مختلف القطاعات الخاضعة لها، كما أجبرت أعياناً قبليين على الالتزام برفد جبهاتها بالمقاتلين، ولجأت إلى تصعيد عسكري في محافظة تعز.

وكانت قوات الحكومة اليمنية أكدت، الخميس، إحباطها ثلاث محاولات تسلل لمقاتلي الجماعة الحوثية في جبهات محافظة تعز (جنوب غربي)، قتل خلالها اثنان من مسلحي الجماعة، وتزامنت مع قصف مواقع للجيش ومناطق سكنية بالطيران المسير، ورد الجيش على تلك الهجمات باستهداف مواقع مدفعية الجماعة في مختلف الجبهات، وفق ما نقله الإعلام الرسمي.

الجيش اليمني في تعز يتصدى لأعمال تصعيد حوثية متكررة خلال الأسابيع الماضية (الجيش اليمني)

وخلال الأيام الماضية اختطفت الجماعة الحوثية في عدد من المحافظات الخاضعة لسيطرتها ناشطين وشباناً على خلفية احتفالهم بسقوط نظام الأسد في سوريا، وبلغ عدد المختطفين في صنعاء 17 شخصاً، قالت شبكة حقوقية يمنية إنهم اقتيدوا إلى سجون سرية، في حين تم اختطاف آخرين في محافظتي إب وتعز للأسباب نفسها.

وأدانت الشبكة اليمنية للحقوق والحريات حملة الاختطافات التي رصدتها في العاصمة المختطفة صنعاء، مشيرة إلى أنها تعكس قلق الجماعة الحوثية من انعكاسات الوضع في سوريا على سيطرتها في صنعاء، وخوفها من اندلاع انتفاضة شعبية مماثلة تنهي وجودها، ما اضطرها إلى تكثيف انتشار عناصرها الأمنية والعسكرية في شوارع وأحياء المدينة خلال الأيام الماضية.

وطالبت الشبكة في بيان لها المجتمع الدولي والأمم المتحدة والمنظمات الحقوقية بإدانة هذه الممارسات بشكل واضح، بوصفها خطوة أساسية نحو محاسبة مرتكبيها، والضغط على الجماعة الحوثية للإفراج عن جميع المختطفين والمخفيين قسراً في معتقلاتها، والتحرك الفوري لتصنيفها منظمة إرهابية بسبب تهديدها للأمن والسلم الإقليميين والدوليين.

تطييف القطاع الطبي

في محافظة تعز، كشفت مصادر محلية لـ«الشرق الأوسط» عن أن الجماعة الحوثية اختطفت عدداً من الشبان في منطقة الحوبان على خلفية إبداء آرائهم بسقوط نظام الأسد، ولم يعرف عدد من جرى اختطافهم.

تكدس في نقطة تفتيش حوثية في تعز حيث اختطفت الجماعة ناشطين بتهمة الاحتفال بسقوط الأسد (إكس)

وأوقفت الجماعة، بحسب المصادر، عدداً كبيراً من الشبان والناشطين القادمين من مناطق سيطرة الحكومة اليمنية، وأخضعتهم للاستجواب وتفتيش متعلقاتهم الشخصية وجوالاتهم بحثاً عمّا يدل على احتفالهم بتطورات الأحداث في سوريا، أو ربط ما يجري هناك بالوضع في اليمن.

وشهدت محافظة إب (193 كيلومتراً جنوب صنعاء) اختطاف عدد من السكان للأسباب نفسها في عدد من المديريات، مترافقاً مع إجراءات أمنية مشددة في مركز المحافظة ومدنها الأخرى، وتكثيف أعمال التحري في الطرقات ونقاط التفتيش.

إلى ذلك، أجبرت الجماعة عاملين في القطاع الطبي، بشقيه العام والخاص، على حضور فعاليات تعبوية تتضمن محاضرات واستماع لخطابات زعيمها عبد الملك الحوثي، وشروحات لملازم المؤسس حسين الحوثي، وأتبعت ذلك بإجبارهم على المشاركة في تدريبات عسكرية على استخدام مختلف الأسلحة الخفيفة والمتوسطة والقنابل اليدوية وزراعة الألغام والتعامل مع المتفجرات.

وذكرت مصادر طبية في صنعاء أن هذه الإجراءات استهدفت العاملين في المستشفيات الخاصعة لسيطرة الجماعة بشكل مباشر، سواء العمومية منها، أو المستشفيات الخاصة التي استولت عليها الجماعة بواسطة ما يعرف بالحارس القضائي المكلف بالاستحواذ على أموال وممتلكات معارضيها ومناهضي نفوذها من الأحزاب والأفراد.

زيارات إجبارية للموظفين العموميين إلى معارض صور قتلى الجماعة الحوثية ومقابرهم (إعلام حوثي)

وتتزامن هذه الأنشطة مع أنشطة أخرى شبيهة تستهدف منتسبي الجامعات الخاصة من المدرسين والأكاديميين والموظفين، يضاف إليها إجبارهم على زيارة مقابر قتلى الجماعة في الحرب، وأضرحة عدد من قادتها، بما فيها ضريح حسين الحوثي في محافظة صعدة (233 كيلومتراً شمال صنعاء)، وفق ما كانت أوردته «الشرق الأوسط» في وقت سابق.

وكانت الجماعة أخضعت أكثر من 250 من العاملين في الهيئة العليا للأدوية خلال سبتمبر (أيلول) الماضي، وأخضعت قبلهم مدرسي وأكاديميي جامعة صنعاء (أغلبهم تجاوزوا الستين من العمر) في مايو (أيار) الماضي، لتدريبات عسكرية مكثفة، ضمن ما تعلن الجماعة أنه استعداد لمواجهة الغرب وإسرائيل.

استهداف أولياء الأمور

في ضوء المخاوف الحوثية، ألزمت الجماعة المدعومة من إيران أعياناً قبليين في محافظة الضالع (243 كيلومتراً جنوب صنعاء) بتوقيع اتفاقية لجمع الأموال وحشد المقاتلين إلى الجبهات.

موظفون في القطاع الطبي يخضعون لدورات قتالية إجبارية في صنعاء (إعلام حوثي)

وبينما أعلنت الجماعة ما وصفته بالنفير العام في المناطق الخاضعة لسيطرتها من المحافظة، برعاية أسماء «السلطة المحلية» و«جهاز التعبئة العامة» و«مكتب هيئة شؤون القبائل» التابعة لها، أبدت أوساط اجتماعية استياءها من إجبار الأعيان والمشايخ في تلك المناطق على التوقيع على وثيقة لإلزام السكان بدفع إتاوات مالية لصالح المجهود الحربي وتجنيد أبنائهم للقتال خلال الأشهر المقبلة.

في السياق نفسه، أقدمت الجماعة الانقلابية على خصم 10 درجات من طلاب المرحلة الأساسية في عدد من مدارس صنعاء، بحة عدم حضور أولياء الأمور محاضرات زعيمها المسجلة داخل المدارس.

ونقلت المصادر عن عدد من الطلاب وأولياء أمورهم أن المشرفين الحوثيين على تلك المدارس هددوا الطلاب بعواقب مضاعفة في حال استمرار تغيب آبائهم عن حضور تلك المحاضرات، ومن ذلك طردهم من المدارس أو إسقاطهم في عدد من المواد الدراسية.

وأوضح مصدر تربوي في صنعاء لـ«الشرق الأوسط» أن تعميماً صدر من قيادات عليا في الجماعة إلى القادة الحوثيين المشرفين على قطاع التربية والتعليم باتباع جميع الوسائل للتعبئة العامة في أوساط أولياء الأمور.

مقاتلون حوثيون جدد جرى تدريبهم وإعدادهم أخيراً بمزاعم مناصرة قطاع غزة (إعلام حوثي)

ونبه المصدر إلى أن طلب أولياء الأمور للحضور إلى المدارس بشكل أسبوعي للاستماع إلى محاضرات مسجلة لزعيم الجماعة هو أول إجراء لتنفيذ هذه التعبئة، متوقعاً إجراءات أخرى قد تصل إلى إلزامهم بحضور فعاليات تعبوية أخرى تستمر لأيام، وزيارة المقابر والأضرحة والمشاركة في تدريبات قتالية.

وبحسب المصدر؛ فإن الجماعة لا تقبل أي أعذار لتغيب أولياء الأمور، كالسفر أو الانشغال بالعمل، بل إنها تأمر كل طالب يتحجج بعدم قدرة والده على حضور المحاضرات بإقناع أي فرد آخر في العائلة بالحضور نيابة عن ولي الأمر المتغيب.