عراقية من تكريت ضمن أشجع 10 نساء في العالم

الخارجية الأميركية كرمتها لإنقاذها جنوداً من «داعش»

TT

عراقية من تكريت ضمن أشجع 10 نساء في العالم

صنفت وزارة الخارجية الأميركية، المواطنةَ العراقيةَ عليا خلف صالح، المعروفة بـ«أم قصي»، التي تسكن في تكريت شمال غربي بغداد، ضمن أشجع 10 نساء في العالم. وقالت الخارجية الأميركية، في بيان لها، إن أم قصي ستمنح جائزة الشجاعة والحفاظ على حقوق الإنسان والسلام والعدالة.
يذكر أن السيدة الأولى الأميركية كانت قد كرمت السيدة العراقية، التي تمكنت من حماية 25 شاباً من المتطوعين لجأوا إلى منزلها بعد أن هاجم «داعش» قاعدة سبايكر الجوية في محافظة صلاح الدين في 12 يونيو (حزيران) عام 2014. وقتل أكثر من 1700 جندي متطوع. وتمكن عدد من الجنود من الهروب من القاعدة لكن تمت محاصرة الكثيرين منهم وقتلهم من قبل أبناء العشائر ممن أيدوا «داعش» خلال الأيام الأولى بوصفهم «ثوار عشائر». أما الشبان الـ25 فقد لجأوا إلى منزل أم قصي، التي وفرت لهم على مدى 17 يوماً ملجأ آمناً قبل أن تتمكن بطرق مختلفة من نقلهم إلى محافظة كركوك التي لم تخضع سوى الحويجة فيها للتنظيم، ومن ثم نقلوا إلى المحافظات التي ينتمون إليها في الوسط والجنوب. وأثار ما حصل في سبايكر حفيظة العديد من المحافظات الجنوبية، متهمة أبناء قبيلة البوعجيل بارتكاب المجزرة، لكن الموقف الذي عبرت عنه أم قصي، بالإضافة إلى تمدد تنظيم داعش إلى مناطق واسعة، وصولاً إلى تخوم بغداد، أدى إلى تراجع عنصر الانتقام العشائري.
وكان رئيس الوزراء العراقي حيدر العبادي أمر أثناء استقباله أم قصي بمنحها «وسام الوطن»، وهو أعلى وسام يمنح لمواطنين. وفي هذا السياق، عدت وزارة الخارجية العراقية نبأ ‏تكريم أم قُصي من قبل الخارجية الأميركية تعبيراً عن الاهتمام بما قامت به هذه المرأة. وفي تصريح لـ«الشرق الأوسط» قال الناطق الرسمي باسم الخارجية، أحمد محجوب، إن «وحدة العراقيين وتكاتفهم هي الصانع الحقيقي للنصر، وأن العالم يحصد اليوم نتائج هذا النصر، وهو يتطلع إلى الاستقرار والأمن بعد التضحيات التي قدمها العراقيون»، مبيناً أن «صبر المرأة العراقية الذي مثلته أم قصي يعد تمثيلاً مشرفاً، حيث قدمت المرأة العراقية نماذج بطولية خالدة خلال الحرب ضد تنظيم داعش».
من جهته، أكد مروان الجبارة، المتحدث الرسمي باسم مجلس شيوخ عشائر صلاح الدين، لـ«الشرق الأوسط» أن «المثال الذي قدمته أم قصي التي تنتمي إلى محافظة صلاح الدين وإلى عشائر الجبور التي قاتلت تنظيم داعش بضراوة حتى هزيمته في المحافظة وفي كل العراق، إنما يجدد فينا الأمل بأن مثل هذه النماذج المضيئة هي الكفيلة بتعزيز الوحدة الوطنية والقضاء على كل الفتن التي طالما حاول الأعداء زرعها بين أبناء الوطن الواحد». وأضاف الجبارة أن «هناك نماذج أخرى قدمت تضحيات في المعركة ضد (داعش) وفي محافظتنا صلاح الدين من النساء، لعل في المقدمة منهم الشهيدة أمية الجبارة التي قاتلت التنظيم حتى قتلت، وهناك أيضا ندوة الخزرجي التي جلبت العتاد للمقاتلين الذين كادوا يحاصرون ويقتلون، لولا موقفها، بالإضافة إلى أم رياض وميعاد التي قتلت هي الأخرى في المعارك ضد التنظيم».
في السياق نفسه، أكدت رحاب العبودة، عضو لجنة المرأة والأسرة والطفل في البرلمان العراقي لـ«الشرق الأوسط»، أن «الدور الذي أدته السيدة أم قصي بإنقاذها عشرات من الشباب من أبناء الوسط والجنوب ممن كانوا ضمن متطوعي قاعدة سبايكر له أكبر الأثر في تجاوز فتنة كادت أن تحصل طبقاً لما كان قد خطط له تنظيم داعش الإرهابي، ومن تعاون وتواطأ معه من بعض العناصر والجهات». وأضافت العبودة، وهي نائبة عن محافظة البصرة، أن «ما قامت به أم قصي كان عاملاً مهماً في إطفاء فتنة عشائرية كادت أن تتطور إلى ما لا تحمد عقباه مما جعلها وبالفعل تسهم في تحقيق السلم المجتمعي».



الحوثيون يكثّفون حملة الاعتقالات في معقلهم الرئيسي

جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
TT

الحوثيون يكثّفون حملة الاعتقالات في معقلهم الرئيسي

جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)

أطلقت الجماعة الحوثية سراح خمسة من قيادات جناح حزب «المؤتمر الشعبي» في مناطق سيطرتها، بضمانة عدم المشاركة في أي نشاط احتجاجي أو الاحتفال بالمناسبات الوطنية، وفي المقابل كثّفت في معقلها الرئيسي، حيث محافظة صعدة، حملة الاعتقالات التي تنفّذها منذ انهيار النظام السوري؛ إذ تخشى تكرار هذه التجربة في مناطق سيطرتها.

وذكرت مصادر في جناح حزب «المؤتمر الشعبي» لـ«الشرق الأوسط»، أن الوساطة التي قادها عضو مجلس حكم الانقلاب الحوثي سلطان السامعي، ومحافظ محافظة إب عبد الواحد صلاح، أفضت، وبعد أربعة أشهر من الاعتقال، إلى إطلاق سراح خمسة من أعضاء اللجنة المركزية للحزب، بضمانة من الرجلين بعدم ممارستهم أي نشاط معارض لحكم الجماعة.

وعلى الرغم من الشراكة الصورية بين جناح حزب «المؤتمر» والجماعة الحوثية، أكدت المصادر أن كل المساعي التي بذلها زعيم الجناح صادق أبو راس، وهو عضو أيضاً في مجلس حكم الجماعة، فشلت في تأمين إطلاق سراح القادة الخمسة وغيرهم من الأعضاء؛ لأن قرار الاعتقال والإفراج مرتبط بمكتب عبد الملك الحوثي الذي يشرف بشكل مباشر على تلك الحملة التي طالت المئات من قيادات الحزب وكوادره بتهمة الدعوة إلى الاحتفال بالذكرى السنوية للإطاحة بأسلاف الحوثيين في شمال اليمن عام 1962.

قيادات جناح حزب «المؤتمر الشعبي» في صنعاء يتعرّضون لقمع حوثي رغم شراكتهم الصورية مع الجماعة (إكس)

في غضون ذلك، ذكرت وسائل إعلام محلية أن الجماعة الحوثية واصلت حملة الاعتقالات الواسعة التي تنفّذها منذ أسبوعين في محافظة صعدة، المعقل الرئيسي لها (شمال)، وأكدت أنها طالت المئات من المدنيين؛ حيث داهمت عناصر ما يُسمّى «جهاز الأمن والمخابرات»، الذين يقودهم عبد الرب جرفان منازلهم وأماكن عملهم، واقتادتهم إلى معتقلات سرية ومنعتهم من التواصل مع أسرهم أو محامين.

300 معتقل

مع حالة الاستنفار التي أعلنها الحوثيون وسط مخاوف من استهداف قادتهم من قبل إسرائيل، قدّرت المصادر عدد المعتقلين في الحملة الأخيرة بمحافظة صعدة بنحو 300 شخص، من بينهم 50 امرأة.

وذكرت المصادر أن المعتقلين يواجهون تهمة التجسس لصالح الولايات المتحدة وإسرائيل ودول أخرى؛ حيث تخشى الجماعة من تحديد مواقع زعيمها وقادة الجناح العسكري، على غرار ما حصل مع «حزب الله» اللبناني، الذي أشرف على تشكيل جماعة الحوثي وقاد جناحيها العسكري والمخابراتي.

عناصر من الحوثيين خلال حشد للجماعة في صنعاء (إ.ب.أ)

ونفت المصادر صحة التهم الموجهة إلى المعتقلين المدنيين، وقالت إن الجماعة تسعى لبث حالة من الرعب وسط السكان، خصوصاً في محافظة صعدة، التي تستخدم بصفتها مقراً أساسياً لاختباء زعيم الجماعة وقادة الجناح العسكري والأمني.

وحسب المصادر، تتزايد مخاوف قادة الجماعة من قيام تل أبيب بجمع معلومات عن أماكن اختبائهم في المرتفعات الجبلية بالمحافظة التي شهدت ولادة هذه الجماعة وانطلاق حركة التمرد ضد السلطة المركزية منذ منتصف عام 2004، والتي تحولت إلى مركز لتخزين الصواريخ والطائرات المسيّرة ومقر لقيادة العمليات والتدريب وتخزين الأموال.

ومنذ سقوط نظام الرئيس السوري بشار الأسد وانهيار المحور الإيراني، استنفرت الجماعة الحوثية أمنياً وعسكرياً بشكل غير مسبوق، خشية تكرار التجربة السورية في المناطق التي تسيطر عليها؛ حيث نفّذت حملة تجنيد شاملة وألزمت الموظفين العموميين بحمل السلاح، ودفعت بتعزيزات كبيرة إلى مناطق التماس مع القوات الحكومية خشية هجوم مباغت.

خلق حالة رعب

بالتزامن مع ذلك، شنّ الحوثيون حملة اعتقالات شملت كل من يُشتبه بمعارضته لسلطتهم، وبررت منذ أيام تلك الحملة بالقبض على ثلاثة أفراد قالت إنهم كانوا يعملون لصالح المخابرات البريطانية، وإن مهمتهم كانت مراقبة أماكن وجود قادتها ومواقع تخزين الأسلحة في صنعاء.

وشككت مصادر سياسية وحقوقية في صحة الرواية الحوثية، وقالت إنه ومن خلال تجربة عشرة أعوام تبيّن أن الحوثيين يعلنون مثل هذه العمليات فقط لخلق حالة من الرعب بين السكان، ومنع أي محاولة لرصد تحركات قادتهم أو مواقع تخزين الصواريخ والمسيرات.

انقلاب الحوثيين وحربهم على اليمنيين تسببا في معاناة ملايين السكان (أ.ف.ب)

ووفق هذه المصادر، فإن قادة الحوثيين اعتادوا توجيه مثل هذه التهم إلى أشخاص يعارضون سلطتهم وممارساتهم، أو أشخاص لديهم ممتلكات يسعى قادة الجماعة للاستيلاء عليها، ولهذا يعمدون إلى ترويج مثل هذه التهم التي تصل عقوبتها إلى الإعدام لمساومة هؤلاء على السكوت والتنازل عن ممتلكاتهم مقابل إسقاط تلك التهم.

وبيّنت المصادر أن المئات من المعارضين أو الناشطين قد وُجهت إليهم مثل هذه التهم منذ بداية الحرب التي أشعلتها الجماعة الحوثية بانقلابها على السلطة الشرعية في 21 سبتمبر (أيلول) عام 2014، وهي تهم ثبت زيفها، ولم تتمكن مخابرات الجماعة من تقديم أدلة تؤيد تلك الاتهامات.

وكان آخرهم المعتقلون على ذمة الاحتفال بذكرى الإطاحة بنظام حكم أسلافهم في شمال اليمن، وكذلك مالك شركة «برودجي» التي كانت تعمل لصالح الأمم المتحدة، للتأكد من هوية المستفيدين من المساعدات الإغاثية ومتابعة تسلمهم تلك المساعدات؛ حيث حُكم على مدير الشركة بالإعدام بتهمة التخابر؛ لأنه استخدم نظام تحديد المواقع في عملية المسح، التي تمت بموافقة سلطة الحوثيين أنفسهم