غالبية في إسرائيل ترفض «صفقة» مع نتنياهو

يستقيل في مقابل استفادته من عفو عام

TT

غالبية في إسرائيل ترفض «صفقة» مع نتنياهو

في الوقت الذي يصر فيه رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، على أنه بريء من الفساد وأن كل ما يجري من تحقيقات ضده هو نتاج تحريض خصومه لدى الشرطة والنيابة، دلت نتائج استطلاع رأي جديد على أن الغالبية الساحقة من الجمهور لا تصدقه ولا تسامحه، وأن التأييد له يقتصر على النواة الصلبة في اليمين التي تقدر بـ30 في المائة من الجمهور لا أكثر.
وجاء في هذا الاستطلاع، الذي يجريه شهرياً «المعهد الإسرائيلي للديمقراطية» وجامعة تل أبيب، أن 70 في المائة من الجمهور يعارض الفكرة التي طرحها مؤخراً أكثر من طرف وتقضي بأن يتم منح نتنياهو عفواً عاماً من رئيس الدولة، رؤوبين رفلين، مقابل أن يعترف بالشبهات ضده في ملفات الفساد ويعتذر عنها ويستقيل. وقال 55 في المائة من المستطلعين إنه إذا رُفعت لائحة اتهام ضد نتنياهو فعليه أن يستقيل فوراً، لا أن يحصل على العفو. وقال 62.5 في المائة إنهم لا يصدقون قول نتنياهو إنه «لن يكون هناك شيء (في ملفات الفساد) لأنه لا يوجد شيء». وقال 50 في المائة من المستطلعين إنهم يثقون بمهنية الشرطة في التحقيقات في ملفات الفساد مع نتنياهو مقابل 45 في المائة لا يثقون بها. كما قال 45 في المائة من الذين استُطلعت آراؤهم إنهم يثقون بأن المستشار القانوني للحكومة سيحسم بشكل مهني في ملفات نتنياهو، فيما أكد 55 في المائة إنهم يثقون بمهنية الجهاز القضائي واستقامته.
وكان نتنياهو قد ألغى جلسات التحقيق معه، أمس الجمعة، بدعوى أنه مشغول في لقاءات مهمة مع وزير الخارجية القبرصي. واتفق مع الشرطة على أن تكون جلسة التحقيق القادمة، يوم الاثنين. وحسب مصادر مقربة من التحقيق فإن فريق الوحدة القطرية لمكافحة الجريمة الاقتصادية، برئاسة العميد ايلي اسيغ، سيعرض عليه أدلة وفرها الشاهد الملكي في قضية بيزك (الملف 4000) والذي يشتبه فيه نتنياهو بإعطاء امتيازات كبيرة لصديقه شاؤول الوفيتش، من مالكي بيزك، مقابل تغطية إيجابية لأخباره في موقع «واللا» الذي يملكه الوفيتش. وبين الأدلة: مراسلات، رسائل قصيرة وتسجيلات. كما أن عقيلة رئيس الوزراء، سارة نتنياهو، ستخضع هي الأخرى للتحقيق يوم الاثنين ويبدو أن ابنه يائير سيحقق معه أيضا.
ومساء أول من أمس، أي قبل أسبوع من ليل عيد الفصح العبري، وقف نتنياهو أمام أكثر من 2000 شخص من أعضاء حزبه (الليكود) ومؤيديه، بمن فيهم جميع وزراء الحزب ونوابه في الكنيست (البرلمان الإسرائيلي)، في اجتماع احتفالي لرفع نخب العيد في تل أبيب، وعاد لتكرار هجومه على خصومه في اليسار والوسط ووسائل الإعلام، والشكوى بأنه مظلوم.
وادعى نتنياهو، في خطابه، أن ما يجري ضده هو «صيد ساحرات» وأن معارضيه «يمارسون ضغطاً وحشياً لا يتوقف على محافل إنفاذ القانون» لأجل إسقاط حكمه. وقال، في ظل هتافات الجمهور «بيبي ملك إسرائيل»، إن «الإحساس بالعدل أو للدقة الإحساس بالظلم هو الذي يتعمق. كثيرون في الشعب، وليس فقط من مؤيدي الليكود، يسمعون ما يفعلونه لنا في وسائل الإعلام. ويشعرون بأنه توجد هنا لعبة مبيعة. هم يعرفون أنه لا يمكن الانتصار علينا في صندوق الاقتراع، لا يمكن الانتصار علينا بالديمقراطية، فيحاولون إسقاطنا بوسائل أخرى».
وذكر نتنياهو لسامعيه أنه في خطاب سابق تحدث عن 30 مقعداً لليكود في الانتخابات القادمة. أما الآن فهو يعد بأن يحصل الليكود على 40 مقعداً على الأقل. وقال: «تذكروا، سيكون أكثر. اليوم الكل يرى هذا – الليكود هو الحركة الأكبر والأقوى في إسرائيل. ومعاً سنواصل قيادة إسرائيل لسنوات طويلة أخرى».



«الجبهة الوطنية»... حزب مصري جديد يثير تساؤلات وانتقادات

مصريون بمحافظة القاهرة يشاركون في حملة جمع توكيلات لحزب «الجبهة الوطنية» الجديد (صفحة الحزب - فيسبوك)
مصريون بمحافظة القاهرة يشاركون في حملة جمع توكيلات لحزب «الجبهة الوطنية» الجديد (صفحة الحزب - فيسبوك)
TT

«الجبهة الوطنية»... حزب مصري جديد يثير تساؤلات وانتقادات

مصريون بمحافظة القاهرة يشاركون في حملة جمع توكيلات لحزب «الجبهة الوطنية» الجديد (صفحة الحزب - فيسبوك)
مصريون بمحافظة القاهرة يشاركون في حملة جمع توكيلات لحزب «الجبهة الوطنية» الجديد (صفحة الحزب - فيسبوك)

ما زال حزب «الجبهة الوطنية» المصري الجديد يثير انتقادات وتساؤلات بشأن برنامجه وأهدافه وطبيعة دوره السياسي في المرحلة المقبلة، خاصة مع تأكيد مؤسسيه أنهم «لن يكونوا في معسكر الموالاة أو في جانب المعارضة».

وكان حزب «الجبهة الوطنية» مثار جدل وتساؤلات في مصر، منذ الكشف عن اجتماعات تحضيرية بشأنه منتصف الشهر الماضي، انتهت بإعلان تدشينه في 30 ديسمبر (كانون الأول) الماضي.

وتمحورت التساؤلات حول أسباب ظهوره في هذه المرحلة، وهل سيكون بديلاً لحزب الأغلبية في البرلمان المصري (مستقبل وطن)، لا سيما أن مصر مقبلة على انتخابات برلمانية نهاية العام الجاري.

هذه التساؤلات حاول اثنان من مؤسسي الحزب الإجابة عنها في أول ظهور إعلامي مساء السبت، ضمن برنامج «الحكاية» المذاع على قناة «إم بي سي»، وقال وكيل مؤسسي حزب «الجبهة الوطنية» ووزير الإسكان المصري السابق عاصم الجزار، إن «الحزب هو بيت خبرة هدفه إثراء الفكر وإعادة بناء الوعي المصري المعاصر»، مؤكداً أن الحزب «لا يسعى للأغلبية أو المغالبة، بل يستهدف التأثير النوعي وليس الكمي».

وأضاف: «هدفنا تشكيل تحالف من الأحزاب الوطنية القائمة، إذ لن نعمل وحدنا»، معلناً استعداد الحزب الجديد، الذي لا يزال يستكمل إجراءات تأسيسه رسمياً، للتحالف مع «أحزاب الأغلبية مستقبل وطن وحماة وطن والمعارضة والمستقلين أيضاً بهدف خدمة المصلحة الوطنية»، مستطرداً: «لن نكون أداة لتمرير قرارات، بل أداة للإقناع بها».

وشدد الجزار على أن «الحزب لا ينتمي لمعسكر الموالاة أو للمعارضة»، وإنما «نعمل لمصلحة الوطن».

وهو ما أكده رئيس «الهيئة العامة للاستعلامات» بمصر وعضو الهيئة التأسيسية لحزب «الجبهة الوطنية»، ضياء رشوان، الذي قال: «سنشكر الحكومة عندما تصيب ونعارضها عندما تخطئ»، مشيراً إلى أن «مصر ليس لها حزب حاكم حتى يكون هناك حديث عن موالاة ومعارضة».

الانتقادات الموجهة للحزب ارتبطت بتساؤلات حول دوره في ظل وجود نحو 87 حزباً سياسياً، وفق «الهيئة العامة للاستعلامات»، منها 14 حزباً ممثلاً في البرلمان الحالي، يتصدرها حزب «مستقبل وطن» بأغلبية 320 مقعداً، يليه حزب «الشعب الجمهور» بـ50 مقعداً، ثم حزب «الوفد» بـ39 مقعداً، وحزب «حماة الوطن» بـ27 مقعداً، وحزب «النور» الإسلامي بـ11 مقعداً، وحزب «المؤتمر» بـ8 مقاعد.

ورداً على سؤال للإعلامي عمرو أديب، خلال برنامج «الحكاية»، بشأن ما إذا كان الحزب «طامحاً للحكم ويأتي بوصفه بديلاً لحزب الأغلبية»، قال رشوان: «أي حزب سياسي يسعى للحكم، لكن من السذاجة أن نقول إن حزباً يعمل على إجراءات تأسيسه اليوم سيحصد الأغلبية بعد 8 أو 10 أشهر»، مشيراً إلى أن «الحزب لن يعيد تجارب (الهابطين من السماء)». واستطرد: «لن نسعى للأغلبية غداً، لكن قد يكون بعد غد».

وأضاف رشوان أن «الحزب يستهدف في الأساس إعادة بناء الحياة السياسية في مصر بعد فشل تجربة نظام الحزب الواحد في مصر منذ عام 1952»، مشيراً إلى أن «الحزب يستهدف إحياء تحالف 30 يونيو (حزيران)»، لافتاً إلى أن «التفكير فيه هو ثمرة للحوار الوطني الذي أثار زخماً سياسياً».

طوال ما يزيد على ساعة ونصف الساعة حاول الجزار ورشوان الإجابة عن التساؤلات المختلفة التي أثارها إعلان تدشين الحزب، والتأكيد على أنه «ليس سُلمة للوصول إلى البرلمان أو الوزارة»، وليس «بوابة للصعود»، كما شددا على أن «حزب الجبهة يضم أطيافاً متعددة وليس مقصوراً على لون سياسي واحد، وأنه يضم بين جنباته المعارضة».

وعقد حزب «الجبهة الوطنية» نحو 8 اجتماعات تحضيرية على مدار الأسابيع الماضي، وتعمل هيئته التأسيسية، التي تضم وزراء ونواباً ومسؤولين سابقين، حالياً على جمع التوكيلات الشعبية اللازمة لإطلاقه رسمياً.

ويستهدف الحزب، بحسب إفادة رسمية «تدشين أكبر تحالف سياسي لخوض الانتخابات البرلمانية المقبلة، عبر صياغة تفاهمات سياسية واسعة مع الأحزاب الموجودة»، إضافة إلى «لمّ الشمل السياسي في فترة لا تحتمل التشتت».

ومنذ إطلاق الحزب تم ربطه بـ«اتحاد القبائل والعائلات المصرية» ورئيسه رجل الأعمال إبراهيم العرجاني، حتى إن البعض قال إن «الحزب هو الأداة السياسية لاتحاد القبائل». وعزز هذه الأحاديث إعلان الهيئة التأسيسية التي ضمت رجل الأعمال عصام إبراهيم العرجاني.

وأرجع الجزار الربط بين الحزب والعرجاني إلى أن «الاجتماعات التحضيرية الأولى للحزب كانت تجري في مكتبه بمقر اتحاد القبائل؛ كونه أميناً عاماً للاتحاد»، مؤكداً أن «الحزب لا علاقة له باتحاد القبائل». وقال: «العرجاني واحد من عشرة رجال أعمال ساهموا في تمويل اللقاءات التحضيرية للحزب». وأضاف: «الحزب لا ينتمي لشخص أو لجهة بل لفكرة».

وحول انضمام عصام العرجاني للهيئة التأسيسية، قال رشوان إنه «موجود بصفته ممثلاً لسيناء، ووجوده جاء بترشيح من أهل سيناء أنفسهم».

وأكد رشوان أن «البعض قد يرى في الحزب اختراعاً لكتالوج جديد في الحياة السياسية، وهو كذلك»، مشيراً إلى أن «الحزب يستهدف إعادة بناء الحياة السياسية في مصر التي يقول الجميع إنها ليست على المستوى المأمول».

بينما قال الجزار: «نحن بيت خبرة يسعى لتقديم أفكار وحلول وكوادر للدولة، ونحتاج لكل من لديه القدرة على طرح حلول ولو جزئية لمشاكل المجتمع».

وأثارت تصريحات الجزار ورشوان ردود فعل متباينة، وسط تساؤلات مستمرة عن رؤية الحزب السياسية، التي أشار البعض إلى أنها «غير واضحة»، وهي تساؤلات يرى مراقبون أن حسمها مرتبط بالانتخابات البرلمانية المقبلة.

كما رأى آخرون أن الحزب لم يكن مستعداً بعد للظهور الإعلامي.

بينما أشار البعض إلى أن «الحزب ولد بمشاكل تتعلق بشعبية داعميه»، وأنه «لم يفلح في إقناع الناس بأنه ليس حزب موالاة».

وقال مستشار مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية الدكتور عمرو الشوبكي لـ«الشرق الأوسط» إن «الحزب قدم حتى الآن كلاماً عاماً دون تصور أو رؤية واضحة للإصلاح التدريجي»، موضحاً أنه «من حيث المبدأ من حق أي جماعة تأسيس حزب جديد».

وبينما أكد الشوبكي أن ما عرضه المسؤولون عن الحزب الجديد بشأن «عدم طموحه للحكم لا يختلف عن واقع الحياة السياسية في مصر الذي يترك للدولة تشكيل الحكومة»، مطالباً «بتفعيل دور الأحزاب في الحياة السياسية»، فالمشكلة على حد تعبيره «ليست في إنشاء حزب جديد، بل في المساحة المتاحة للأحزاب».