«أبو زيد» قصة عائلة تصنع منابر المساجد منذ سبعين سنة

نفذ الجد منبر المركز الإسلامي في واشنطن... والأحفاد متمسكون بالمهنة

حسني يواصل صناعة المنابر داخل ورشته في القاهرة الفاطمية («الشرق الأوسط»)
حسني يواصل صناعة المنابر داخل ورشته في القاهرة الفاطمية («الشرق الأوسط»)
TT

«أبو زيد» قصة عائلة تصنع منابر المساجد منذ سبعين سنة

حسني يواصل صناعة المنابر داخل ورشته في القاهرة الفاطمية («الشرق الأوسط»)
حسني يواصل صناعة المنابر داخل ورشته في القاهرة الفاطمية («الشرق الأوسط»)

داخل ورشتهما العتيقة في حي السكرية بقلب القاهرة الفاطمية، كان الأخوان حسن وحسني أبو زيد يمسكان بأدوات النجارة لصناعة أحد المنابر الأثيرة، وهي مهنة ورثاها عن أجدادهما ليصبحا الآن وبلا منافس، شيوخ صناعتها في مصر. فبينما صنع الجد منبر المسجد الإسلامي في أميركا سنة 1950، سار الأب على دربه وشكل منبر مسجد الإمام الحسين بالقاهرة في ستينات القرن الماضي، وحالياً يعكف الأخوان على ممارسة هذا الإرث الفني النادر، على الرّغم من تقلبات الزمن.
على بعد خطوات من حمام السكرية القديم الذي تحول الآن إلى ورش لصناعة نعال الأحذية، توجد ورشة صناعة المنابر ذات السقف المرتفع وفيها يجلس حسن (65 سنة) الذي تخصص في خراطة الخشب، وتشكيل قطع الأرابيسك بمختلف أحجامها وأشكالها، ويعتبر أحد أمهر من صنع الأرابيسك في العقود الثلاثة الأخيرة. لا يهدأ له بال، مثلما يقول، قبل أن يفرغ من تجهيز احتياجات المنبر من الأرابيسك وخشب الموجنه والعزيزي تمهيدا للمهمة الأصعب التي يقوم بها شقيقه الأصغر حسني (59 سنة)، وهي تشكيل المنبر المقترح بعد رسمه وتصميمه على الورق.
يرمي حسن حمول الورشة وهمومها على أخيه الأصغر حسني، وهو من أطلق عليه لقب الفنان، وفي ذلك يقول حسن: «حسني فنان بالفطرة، يرسم المنبر في ذهنه وعقله، قبل أن يخطّه على الورق، مستخدما أدوات الهندسة مثل البرجل والمسطرة والمثلث والمنقلة ثم يشكله ويصنعه بالمنشار والشاكوش والإزميل والغراء والمسامير، كما أنّه متجدّد في فنون صناعة المنابر، ولا يضاهيه أحد في مصر ولا خارجها».
يلتقط حسني منه أطراف الحديث، ويضيف: «جدي أول من صنع المنابر الشاهقة ذات الأطوال المرتفعة في القاهرة الفاطمية في عشرينات وثلاثينات وأربعينات القرن الماضي في ورشته الرئيسة بدرب سعادة خلف مديرية أمن القاهرة، قبل أن تنتقل إلى مقرها الحالي في السكرية منذ خمسين عاما». ويتابع: «استمر جدّي في صناعة المنابر حتى وفاته عام 1965، وهو من صنع منبر المركز الإسلامي في واشنطن، قبل افتتاحه سنة 1957، بحضور الرئيس الأميركي أيزنهاور الذي أعجبه المنبر كثيراً، كما أنه صنع منبر مسجد الإمام الحسين الحالي، وتوفي قبل أن يكمله، فاستكمله والدي وعمي سعيد في نفس العام الذي توفي فيه جدي، ولا يزال اسمهما محفوراً في أعمدة المنبر الحسيني».
يؤكد حسني أنّ مصر هي أم صناعة المنابر في العالم، ونظراً لمهارة عمّالها فقد استعين بهم في تصنيع منبر المسجد الأقصى الذي جرى تشييده في الأردن قبل نقله وتركيبه في القدس الشريف». كما لفت إلى أن «متوسط أسعار المنابر التي يُصنّعها يبلغ 60 - 65 ألف جنيه مصري (الدولار الأميركي يعادل 6. 17 جنيه مصري).
«لا تصنع المنبر السهل، فهو متاح للجميع، وأمّا الصعب منه فيصنعه المهرة فقط، وأريدك أن تكون مثلي أنا وجدك»، كانت هذه وصية الأب إلى حسني وأخيه أثناء قيامهم جميعاً بعمل ترميم لمنبر مسجد السيد أحمد البدوي خلال الفترة من عام 1974، وحتى 1977، بعد سقوط قطعة كبيرة من الرخام عليه أثناء أعمال تجديد المسجد.
سار حسني أبو زيد هو الآخر على درب والده وجده في تصنيع منابر المساجد الكبرى على مدار العقود الأربعة الماضية، وقد صنع منبر مسجد الحصري الذي استغرق 7 أشهر، ومنبر مسجد السيدة نفيسة وسيدي إبراهيم الدسوقي بكفر الشيخ، ومقصورة مسجد الإمام الحسين، وأخيرا منبر مسجد السلطان بيبرس الجاشنكير في شارع الجمالية الذي لا يزال مستمراً في تصنيعه، مشيراً إلى أن الورشة التي يمتلكها هو وشقيقه لا يعمل فيها بشكل دائم معهما سوى الأسطى أحمد بهاء الدين.
لم يتوقف حسني وشقيقه حسن، عند حد تصنيع منابر المساجد، فقد امتد فنهما إلى صناعة أبواب المساجد الكبرى ومقصوراتها، مثل باب مسجد السلطان بيبرس ومقصورة مسجد الإمام الحسين، كذلك الفاصل الخشبي بين الرجال والنساء في حرم مسجد السيدة زينب ومسجد سيدي إبراهيم الدسوقي بكفر الشيخ، بالإضافة إلى تصنيعهما مدخل ونجارة كنيسة السيدة العذراء مريم، في كورنيش المعادي باعتبارها أحد محطات العائلة المقدسة في مصر.



بارود «النار بالنار» موهبة صاعدة لفتت المشاهد

عابد فهد وتيم عزيز في مشهد من «النار بالنار» (خاص تيم)
عابد فهد وتيم عزيز في مشهد من «النار بالنار» (خاص تيم)
TT

بارود «النار بالنار» موهبة صاعدة لفتت المشاهد

عابد فهد وتيم عزيز في مشهد من «النار بالنار» (خاص تيم)
عابد فهد وتيم عزيز في مشهد من «النار بالنار» (خاص تيم)

منذ الحلقة الأولى لمسلسل «النار بالنار» لفت تيم عزيز المشاهد في دور (بارود). فهو عرف كيف يتقمص شخصية بائع اليانصيب (اللوتو) بكل أبعادها. فألّف لها قالباً خاصاً، بدأ مع قَصة شعره ولغة جسده وصولاً إلى أدائه المرفق بمصطلحات حفظها متابع العمل تلقائياً.
البعض قال إن دخول تيم عزيز معترك التمثيل هو نتيجة واسطة قوية تلقاها من مخرج العمل والده محمد عبد العزيز، إلا أن هذا الأخير رفض بداية مشاركة ابنه في العمل وحتى دخوله هذا المجال. ولكن المخرج المساعد له حسام النصر سلامة هو من يقف وراء ذلك بالفعل. ويقول تيم عزيز لـ«الشرق الأوسط»: «حتى أنا لم أحبذ الفكرة بداية. لم يخطر ببالي يوماً أن أصبح ممثلاً. توترت كثيراً في البداية وكان همي أن أثبت موهبتي. وفي اليوم الخامس من التصوير بدأت ألمس تطوري».
يحدثك باختصار ابن الـ15 سنة ويرد على السؤال بجواب أقصر منه. فهو يشعر أن الإبحار في الكلام قد يربكه ويدخله في مواقف هو بغنى عنها. على بروفايل حسابه الإلكتروني «واتساب» دوّن عبارة «اخسر الجميع واربح نفسك»، ويؤكد أن على كل شخص الاهتمام بما عنده، فلا يضيع وقته بما قد لا يعود ربحاً عليه معنوياً وفي علاقاته بالناس. لا ينكر أنه بداية، شعر بضعف في أدائه ولكن «مو مهم، لأني عرفت كيف أطور نفسي».
مما دفعه للقيام بهذه التجربة كما يذكر لـ«الشرق الأوسط» هو مشاركة نجوم في الدراما أمثال عابد فهد وكاريس بشار وجورج خباز. «كنت أعرفهم فقط عبر أعمالهم المعروضة على الشاشات. فغرّني الالتقاء بهم والتعاون معهم، وبقيت أفكر في الموضوع نحو أسبوع، وبعدها قلت نعم لأن الدور لم يكن سهلاً».
بنى تيم عزيز خطوط شخصيته (بارود) التي لعبها في «النار بالنار» بدقة، فتعرف إلى باعة اليناصيب بالشارع وراقب تصرفاتهم وطريقة لبسهم وأسلوب كلامهم الشوارعي. «بنيت الشخصية طبعاً وفق النص المكتوب ولونتها بمصطلحات كـ(خالو) و(حظي لوتو). حتى اخترت قصة الشعر، التي تناسب شخصيتي، ورسمتها على الورق وقلت للحلاق هكذا أريدها».
واثق من نفسه يقول تيم عزيز إنه يتمنى يوماً ما أن يصبح ممثلاً ونجماً بمستوى تيم حسن. ولكنه في الوقت نفسه لا يخفي إعجابه الكبير بالممثل المصري محمد رمضان. «لا أفوت مشاهدة أي عمل له فعنده أسلوبه الخاص بالتمثيل وبدأ في عمر صغير مثلي. لم أتابع عمله الرمضاني (جعفر العمدة)، ولكني من دون شك سأشاهد فيلمه السينمائي (هارلي)».
لم يتوقع تيم عزيز أن يحقق كل هذه الشهرة منذ إطلالته التمثيلية الأولى. «توقعت أن أطبع عين المشاهد في مكان ما، ولكن ليس إلى هذا الحد. فالناس باتت تناديني باسم بارود وتردد المصطلحات التي اخترعتها للمسلسل».
بالنسبة له التجربة كانت رائعة، ودفعته لاختيار تخصصه الجامعي المستقبلي في التمثيل والإخراج. «لقد غيرت حياتي وطبيعة تفكيري، صرت أعرف ماذا أريد وأركّز على هدف أضعه نصب عيني. هذه التجربة أغنتني ونظمت حياتي، كنت محتاراً وضائعاً أي اختصاص سأدرسه مستقبلاً».
يرى تيم في مشهد الولادة، الذي قام به مع شريكته في العمل فيكتوريا عون (رؤى) وكأنه يحصل في الواقع. «لقد نسيت كل ما يدور من حولي وعشت اللحظة كأنها حقيقية. تأثرت وبكيت فكانت من أصعب المشاهد التي أديتها. وقد قمنا به على مدى يومين فبعد نحو 14 مشهداً سابقاً مثلناه في الرابعة صباحاً صورنا المشهد هذا، في التاسعة من صباح اليوم التالي».
أما في المشهد الذي يقتل فيه عمران (عابد فهد) فترك أيضاً أثره عنده، ولكن هذه المرة من ناحية الملاحظات التي زوده بها فهد نفسه. «لقد ساعدني كثيراً في كيفية تلقف المشهد وتقديمه على أفضل ما يرام. وكذلك الأمر بالنسبة لكاريس بشار فهي طبعتني بحرفيتها. كانت تسهّل علي الموضوع وتقول لي (انظر إلى عيني). وفي المشهد الذي يلي مقتلها عندما أرمي الأوراق النقدية في الشارع كي يأخذها المارة تأثرت كثيراً، وكنت أشعر كأنها في مقام والدتي لاهتمامها بي لآخر حد»
ورغم الشهرة التي حصدها، فإن تيم يؤكد أن شيئاً لم يتبدل في حياته «ما زلت كما أنا وكما يعرفني الجميع، بعض أصدقائي اعتقد أني سأتغير في علاقتي بهم، لا أعرف لماذا؟ فالإنسان ومهما بلغ من نجاحات لن يتغير، إذا كان معدنه صلباً، ويملك الثبات الداخلي. فحالات الغرور قد تصيب الممثل هذا صحيح، ولكنها لن تحصل إلا في حال رغب فيها».
يشكر تيم والده المخرج محمد عبد العزيز لأنه وضع كل ثقته به، رغم أنه لم يكن راغباً في دخوله هذه التجربة. ويعلق: «استفدت كثيراً من ملاحظاته حتى أني لم ألجأ إلا نادراً لإعادة مشهد ما. لقد أحببت هذه المهنة ولم أجدها صعبة في حال عرفنا كيف نعيش الدور. والمطلوب أن نعطيها الجهد الكبير والبحث الجدّي، كي نحوّل ما كتب على الورق إلى حقيقة».
ويشير صاحب شخصية بارود إلى أنه لم ينتقد نفسه إلا في مشاهد قليلة شعر أنه بالغ في إبراز مشاعره. «كان ذلك في بداية المسلسل، ولكن الناس أثنت عليها وأعجبت بها. وبعدما عشت الدور حقيقة في سيارة (فولسفاكن) قديمة أبيع اليانصيب في الشارع، استمتعت بالدور أكثر فأكثر، وصار جزءاً مني».
تيم عزيز، الذي يمثل نبض الشباب في الدراما اليوم، يقول إن ما ينقصها هو تناول موضوعات تحاكي المراهقين بعمره. «قد نجدها في أفلام أجنبية، ولكنها تغيب تماماً عن أعمالنا الدرامية العربية».