إيران تتحسس اتفاقها النووي مع زيارة ولي العهد السعودي لواشنطن

جولة الأمير محمد بن سلمان الخارجية أثارت قلق طهران

الرئيس الأميركي دونالد ترمب يستقبل ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان في البيت الأبيض (إ.ب.أ)
الرئيس الأميركي دونالد ترمب يستقبل ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان في البيت الأبيض (إ.ب.أ)
TT

إيران تتحسس اتفاقها النووي مع زيارة ولي العهد السعودي لواشنطن

الرئيس الأميركي دونالد ترمب يستقبل ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان في البيت الأبيض (إ.ب.أ)
الرئيس الأميركي دونالد ترمب يستقبل ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان في البيت الأبيض (إ.ب.أ)

أثارت زيارة الأمير محمد بن سلمان بن عبد العزيز ولي العهد نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الدفاع السعودي، لكل من مصر وبريطانيا، قلق النظام الإيراني الذي اعتبرها تستهدف المصالح الإيرانية.
إذ اعتبرت طهران تصريحات ولي العهد السعودي خلال زيارته لمصر، التي تناولت تنامي الخطر الذي تشكله إيران على أمن واستقرار المنطقة، استمراراً لهجوم متصاعد تقوده الرياض ضد طهران في عهد الأمير محمد بن سلمان، بينما أثارت نتائج زيارة ولي العهد السعودي للعاصمة البريطانية، غضب إيران، حيث قالت صحيفة (ابتكار) الإيرانية في مانشيت رئيسي خلال الزيارة «الملكة تفرش السجادة الحمراء احتفاءً بولي العهد.. عين على زيارة ولي العهد السعودي المثيرة للجدل إلى بريطانيا»، إلا أن البيان الرسمي المشترك الذي أصدره البلدان في نهاية الزيارة، والذي قالت عنه صحيفة (ابرار) الإيرانية «بيان الرياض ولندن مناهض لإيران»، كان بمثابة الصدمة بالنسبة للنظام الإيراني وإعلامه الذي توقع في بداية زيارة ولي العهد السعودي إلى لندن، أن تطالب بريطانيا السعودية التي تقود تحالف دعم الشرعية في اليمن، بوقف فوري لنشاط التحالف ضد الحوثيين في اليمن، غير أن البيان المشترك، تضمن إدانة سعودية بريطانية لإيران ودورها في زعزعة استقرار المنطقة، بما في ذلك دورها في اليمن وتزويدها الميليشيات الحوثية بالصواريخ البالستية. وبالإضافة إلى ذلك، أعلنت رئيسة الوزراء البريطانية عن تأييد بريطانيا لجهود قوات التحالف بقيادة السعودية في دعم الشرعية باليمن، مشيرة إلى أنها تحظى أيضاً بتأييد مجلس الأمن الدولي التابع للأمم المتحدة.
إلا أن زيارة ولي العهد السعودي للولايات المتحدة، تبقى الزيارة الأكثر إثارة للمخاوف الإيرانية، حيث كتبت صحيفة (آفتاب یزد) الإيرانية، «مساعي ولي العهد الطموح خلال زيارته الى بريطانيا وأميركا.. الى ماذا يصبو؟»، مشيرة إلى أن جولة ولي العهد السعودي الخارجية، قد تكون لها عواقب ضد ما وصفته بالمصالح الإيرانية.
وبالإضافة إلى تطابق وجهات النظر السعودية الأميركية حول دور إيران المزعزع لاستقرار المنطقة، بما في ذلك دورها في كل من سوريا واليمن والعراق ولبنان، تدرك كل من الرياض وواشنطن، خطورة التغاضي عن الأطماع الإيرانية التي لم تسلم منها دول خليجية مثل البحرين التي لا زالت طهران تسعى لإثارة الفتنة فيها، واكتشاف أجهزة الأمن في كل من الكويت والإمارات لخلايا مسلحة تابعة لـ«حزب الله» الذراع اللبناني لإيران.
ونجحت الأدلة التي قدمتها السعودية، حول استخدام الميليشيات الحوثية التي تدعمها طهران علناً، لصواريخ إيران البالستية لاستهداف السعودية، في إصدار إدانة دولية ضد طهران.
إذ رغم تعطيل الفيتو الروسي إصدار مجلس الأمن لقرار إدنة ضد إيران، تبنت دول معارضة للمساس بالاتفاق النووي الإيراني مثل فرنسا، مشروع قرار إدانة إيران بعد تأكيد خبراء الأمم المتحدة صحة الأدلة السعودية، كما طالبت الولايات المتحدة ودول أوروبية بعد ذلك، بفرض رقابة على أنظمة إيران الصاروخية.
ورغم تحذير طهران من المساس بأنظمتها الصاروخية، وتهديدها بزيادة مدى صواريخها البالستية، واتهامها السعودية، خصوصاً خلال جولة ولي العهد الخارجية، بتأجيج المجتمع الدولي ضدها، إلا أن المساس بالاتفاق النووي الذي أبرمته إيران عام 2015 في مدينة لوزان السويسرية، مع الصين وروسيا وأميركا وفرنسا وألمانيا وبريطانيا، أكثر ما تخشاه طهران خلال زيارة ولي العهد السعودي إلى واشنطن.
وانطلقت قبل زيارة الأمير محمد بن سلمان، التحذيرات من إلغاء الاتفاق النووي أو المساس به، حيث قال المرشد الإيراني الأعلى علي خامنئي، أن الاتفاق النووي الإيراني، أثبت أن «الأجنبي لا يمكن الوثوق به، وكشف خبث الأميركيين وازدواجية الأوروبيين»، حسب قوله.
بينما قال الرئيس الإيراني حسن روحاني خلال اجتماع للحكومة في السابع من مارس (آذار) الحالي: «أسلحتنا لترسيخ الأمن والسلام والاستقرار، وليست للاعتداء على الآخرين، ولذا لا ينبغي لأحد أن يقلق من صواريخ وأسلحة إيران الدفاعية»، مشيراً إلى أن إيران لم تحاول الاعتداء على أحد، «رغم الفرص الكثيرة التي أتيحت لها للسيطرة على باقي الدول».
وخلال استقباله لوزير الخارجية الفرنسي جان ايف لودريان، حذر روحاني من تقويض الاتفاق النووي، مؤكداً أن إيران مستعدة لجميع الاحتمالات، إلا أنه أضاف أن المساس بالاتفاق النووي، سيجلب الندم للجميع، وقال: «إن بقاء الاتفاق النووي سيبرهن للعالم أن المفاوضات والدبلوماسية هي أفضل الخيارات لتسوية المشاكل.. وانهياره يعني أن المفاوضات السياسية ما هي إلا مضيعة للوقت».
بدوره انتقد رئيس مجلس الشورى الإيراني علي لاريجاني، الهجوم الإعلامي الدولي الذي تتعرض له طهران، مشيراً إلى أن «الأميركيين الذين يتبنون أسلوب التحقير ضد إيران علناً، يتملكهم الخوف من القوة الإيرانية».
وقال لاريجاني في تصريحات نقلتها وكالة الأنباء الإيرانية: «بعض الدول التي تسببت بمشاكل، تسوق مزاعم واهية وغير متوقعة على الصعيد الدولي، وتطلق التهديدات»، لافتاً إلى أن الأمر بات بحاجة إلى رصد دقيق عقب مضاعفة الغرب من عدائه لإيران.
وكشف المتحدث باسم الحكومة الإيرانية محمد باقر نوبخت، أن الأوروبيين الذين أيدوا الاتفاق النووي، باتت لديهم مطالب بإدخال بعض التعديلات على الاتفاق، مشيراً إلى أن طهران ترفض أي مساس بالاتفاق، وقال: «قلنا للأميركيين، الاتفاق يجب تنفيذه كما هو حسب نصه الحالي.. وقلنا للفرنسيين وآخرين لا تتدخلوا في منطقة لا تعنيكم".
وفي كلمة ألقاها أمام المعهد الملكي للشؤون الدولية (تشاتام هاوس) في لندن، قال عباس عراقجي نائب وزير الخارجية الإيراني «إذا خسرنا الاتفاق فسنواجه أزمة نووية جديدة. بالنسبة إلى الأوروبيين أو المجتمع الدولي، عندما نتحدث عن الإبقاء على الاتفاق وإنقاذه، ليس ذلك اختياراً بين الإيرانيين والسوق الأميركية، ولا للتعاون الاقتصادي، بل اختيار بين الأمن وانعدامه".
وفور انتهاء زيارة ولي العهد السعودي إلى بريطانيا، أكد الرئيس الأميركي دونالد ترمب، أن الولايات المتحدة ستنسحب من الاتفاق النووي مع إيران ما لم يوافق حلفاؤها الأوروبيون على تعديله جذرياً، مشيراً إلى أن التعديلات التي يطلبها الأوروبيون، تبقى مجرد تغييرات تجميلية ترفضها الولايات المتحدة.
يذكر أن ترمب بحث في اتصال هاتفي مع ولي العهد السعودي قُبيل بدء جولته الخارجية، تنامي التهديد الإيراني لأمن المنطقة واستقرارها.
وكان الرئيس الأميركي قد مدد تعليق العقوبات الأميركية على إيران «للمرة الأخيرة"، على أن تتم إعادة فرض العقوبات الأميركية على طهران في 12 مايو (أيار) المقبل، ما لم تتم معالجة المآخذ الأميركية العديدة على الاتفاق، والذي وصفه ترمب بهدية إدارة الرئيس الأميركي السابق باراك أوباما للنظام الإيراني، كما فرضت إدارة ترمب، عقوبات جديدة تتعلق ببرنامج إيران للصواريخ البالستية وأوضاع حقوق الإنسان فيها.


مقالات ذات صلة

القيادة السعودية تهنئ سلطان عُمان بذكرى اليوم الوطني لبلاده

الخليج خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز وولي عهده الأمير محمد بن سلمان (الشرق الأوسط)

القيادة السعودية تهنئ سلطان عُمان بذكرى اليوم الوطني لبلاده

هنأ خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز، السلطان هيثم بن طارق، سلطان عُمان، بمناسبة ذكرى اليوم الوطني لبلاده.

«الشرق الأوسط» (الرياض)
الخليج ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان والرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون (الخارجية السعودية)

ولي العهد السعودي والرئيس الفرنسي يستعرضان التطورات هاتفياً

استعرض الأمير محمد بن سلمان ولي العهد رئيس مجلس الوزراء السعودي، الخميس، مع الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، تطورات الأوضاع الإقليمية.

«الشرق الأوسط» (الرياض)
الخليج ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان والرئيس الروسي فلاديمير بوتين (الخارجية السعودية)

محمد بن سلمان وبوتين يناقشان التطورات والأزمة الأوكرانية

أشاد الأمير محمد بن سلمان، ولي العهد رئيس مجلس الوزراء السعودي، والرئيس الروسي فلاديمير بوتين، الأربعاء، بالعلاقات المتميزة بين السعودية وروسيا.

«الشرق الأوسط» (الرياض)
الخليج الأمير محمد بن سلمان لدى ترؤسه جلسة مجلس الوزراء السعودي في الرياض (واس)

السعودية تجدد دعوتها دول العالم للانضمام لتحالف «حل الدولتين»

جدد مجلس الوزراء السعودي، الثلاثاء، التأكيد على وقوف بلاده إلى جانب الأشقاء في فلسطين ولبنان، لتجاوز التبعات الإنسانية الكارثية جراء العدوان الإسرائيلي.

«الشرق الأوسط» (الرياض)
الخليج صورة للقادة المشاركين في القمة العربية والإسلامية (د.ب.أ)

محمد بن سلمان: جرائم إسرائيل تقوّض السلام في المنطقة

الرياض: غازي الحارثي وعبد الهادي حبتور وجبير الأنصاري وإبراهيم أبو زايد

غازي الحارثي (الرياض) عبد الهادي حبتور (الرياض) جبير الأنصاري (الرياض) إبراهيم أبو زايد (الرياض)

تأكيد سعودي على التكامل الأمني الخليجي

وزراء الداخلية بدول الخليج ناقشوا خلال اجتماعهم في قطر تعزيز مسيرة التعاون الأمني المشترك (واس)
وزراء الداخلية بدول الخليج ناقشوا خلال اجتماعهم في قطر تعزيز مسيرة التعاون الأمني المشترك (واس)
TT

تأكيد سعودي على التكامل الأمني الخليجي

وزراء الداخلية بدول الخليج ناقشوا خلال اجتماعهم في قطر تعزيز مسيرة التعاون الأمني المشترك (واس)
وزراء الداخلية بدول الخليج ناقشوا خلال اجتماعهم في قطر تعزيز مسيرة التعاون الأمني المشترك (واس)

أكد الأمير عبد العزيز بن سعود وزير الداخلية السعودي، الأربعاء، موقف بلاده الراسخ في تعزيز التواصل والتنسيق والتكامل بين دول الخليج، خصوصاً في الشأن الأمني من أجل صون الحاضر الزاهر لدول الخليج وحماية مقدراتها وتنميتها من أجل مستقبل مشرق، وذلك خلال الاجتماع الـ41 لوزراء الداخلية بدول مجلس التعاون الخليجي في قطر.

وناقش وزراء الداخلية خلال الاجتماع الذي عقد برئاسة الشيخ خليفة بن حمد وزير الداخلية القطري (رئيس الدورة الحالية)، الموضوعات المدرجة على جدول الأعمال، التي من شأنها الإسهام في تعزيز مسيرة التعاون الأمني المشترك بين دول مجلس التعاون لدول الخليج العربية.

الأمير عبد العزيز بن سعود خلال مشاركته في الاجتماع الـ41 لوزراء الداخلية بدول الخليج في قطر (واس)

وأشار وزير الداخلية السعودي في كلمة خلال الاجتماع، إلى مواجهة الأجهزة الأمنية تحديات تتمثل في أنماط الجريمة المستجدة، خصوصاً المرتبطة بإساءة استخدام التقنية، وتطور أساليب تهريب وترويج المخدرات، وظهور أنواع متعددة من الجريمة المنظمة العابرة للحدود، ومنها تهريب وصناعة الأسلحة عبر تقنيات متقدمة أصبحت سهلة الاقتناء من قبل التنظيمات الإجرامية، التي ستساهم في انتشار الجريمة والتهديدات الإرهابية والتطرف في ظل عدم الاستقرار الذي تمر به الكثير من الدول، لافتاً إلى أهمية حشد الجهود المشتركة، والسعي إلى تطوير الخطط والاستراتيجيات وبناء القدرات لمواجهة ذلك.

وأوضح وزير الداخلية السعودي أن الاجتماع بما يصدر عنه من نتائج «يعزز العمل الأمني الخليجي المشترك، ويساهم في التعامل بنجاح مع المستجدات والتحديات التي تواجه الأجهزة الأمنية، بما يحقق التوجهات الحكيمة لقادة دول المجلس وتطلعات شعوبنا، ويرسخ منظومة الأمن والاستقرار، ويعزز فرص التنمية والازدهار، وأن يكلل أعمال الاجتماع بالنجاح».

وقال الأمير عبد العزيز بن سعود عبر حسابه الرسمي على منصة «إكس» إنه بتوجيه من القيادة السعودية أكد خلال الاجتماع موقف بلاده في «تعزيز التواصل والتنسيق والتكامل بين دولنا وخصوصاً في الشأن الأمني؛ لصون حاضرنا الزاهر، وحماية مقدراتنا وتنميتنا من أجل مستقبل مشرق».