حكايتي مع الإعلام قصة عشق وحب منذ البداية. وكما يقال العشق قاتل. أتذكر السنة الأولى لالتحاقي بالـ«بي بي سي» كانت حافلة بالمعاناة. أولها الغربة ومشاقها وضياعها، وكان هناك أيضاً الصراع لإثبات القدرة على أداء العمل الإذاعي. كان مميزاً لا شك، لكنه أيضاً كان جديداً عليّ في أجوائه وشاقاً في متطلباته. لكن شدة الحياة تعلمك في النهاية، وبتوفيق من الله أن تكون أشد منها.
وإذا كان لا بد من التطرق إلى رحلتي الإعلامية، فهناك السلبيات كما فيها الإيجابيات. ولقد حوربت في بلادي وخارجها حرباً ضارية شعواء. لكن بقدر ما حُوربت بقدر ما وفقني الله وأخذ بيدي؛ لأن عدالة الله هي في الأرض أيضاً كما هي في الآخرة. لكن عليّ نقل الصورة كاملة؛ فالإيجابيات خلال هذه الرحلة الطويلة أكثر من كثيرة.
قصتي مع الإعلام أعطتني الفرصة للقاء شخصيات لا تنسى وتغطيات لزيارات رؤساء دول إلى بريطانيا. أذكر أنني كلفت في إحداها تغطية غداء ملكي في قصر باكنغهام في لندن، وقبل أن أصل إلى القصر بمسافة قصيرة انكسر كعب حذائي، ودخلت القصر وأنا محرجة، لكن الجميع تفهم الأمر وأبدوا إعجابهم بتصميمي على أداء المهمة رغم حالة العرج المؤقت التي أصابتني.
ويبدو أنه عندما يبدأ شريط التذكر تتوالى الصور والمواقف، منها لقاء مع وزير الإعلام السعودي الأسبق الدكتور محمد عبده يماني. فقد قبل طلبي بإجراء مقابلة إذاعية، وبالفعل ذهبت وتم تسجيل لقاء سعدت به كثيرا لانفتاح وصراحة وزير الإعلام السعودي آنذاك. لكن عندما أردت التأكد من سلامة التسجيل اكتشفت أن الجهاز لم يسجل أي شيء. أصابني الذعر، لكني كنت في أيدٍ أمينة.
هوّن عليّ الدكتور يماني الأمر، وطلب مني الحضور لإعادة التسجيل في اليوم التالي في الثامنة صباحاً؛ لأنه سيغادر البلاد ظهراً. شكرته وشعرت بالقليل من الاطمئنان، وعدت في الثامنة صباحاً كما حدد لي وتم تسجيل اللقاء، وقمت بالتأكد بحضوره من إتمام التسجيل، لكني لاحظت ابتسامة تغطي وجهه. نظرت إليه باستغراب ولم أقل شيئاً فقصّ عليّ أن موقفاً كهذا حدث معه مع مذيع آخر في السعودية، لكنه أخبرني بأن ذلك المذيع عندما عاد لإعادة إجراء اللقاء أحضر معه ثلاثة من أجهزة التسجيل خوفاً من أن يفشل الأول أو الثاني في تسجيل اللقاء مرة ثانية. ونظرت إلى نفسي وكيف أنني لم أقم بإحضار إلا جهاز واحد، وعزوت ذلك إما لثقة شديدة أو غفلة لا تغتفر، لكن سلم الله وستر.
أما عن النصيحة التي أقدمها فهي ببساطة: لقد تعلمت الكثير بقولي «لا أعرف»، واعتبرتها في بداية طريقي - وما زلت - أنها وصفة سحرية لنجاح أي طامح مبتدئ وربما غير مبتدئ.
* أول مذيعة سعودية تعمل خارج العالم العربي
في محطة «بي بي سي» العربية بلندن
هنا لندن
قصتي مع الإعلام
هنا لندن
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة